يعتقد الأستاذ في القانون الدستوري عمار رخيلة، أن التعديلات المتعلقة بمسودة الدستور، التي تم الإعلان عنها من قبل الرئيس في رسالته للأمة بمناسبة الذكرى ال61 لاندلاع الثورة التحريرية، هي بمثابة رسالة لجس نبض الشارع قبل الذهاب إلى الصياغة النهائية له، ويرى أن الفصل بين السلطات يعني وقف التشريع بأوامر، آملا أن يكون منح البرلمان حق إخطار المجلس الدستوري غير مرتبط بشروط تعجيزية. ما قراءتكم لرسالة الرئيس بشأن الدستور؟ خطاب الرئيس تناول عدة رسائل منها وثيقة تعديل الدستور التي تضمنت عدة إيحاءات، وأعتقد أنها رسالة لجس النبض قبل الصياغة النهائية لمشروع الدستور، وقد ضمنها الفصل بين السلطات، إخطار المجلس الدستوري وإنشاء آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات وتعزيز دور المعارضة في النشاط السياسي. ماذا يمكن أن يضيف إخطار المجلس الدستوري لممارس المعارضة؟ إخطار المجلس الدستوري يدخل في إطار توسيع مجموعة الإخطارات التي كانت تقتصر على رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة، وهذا وإن تم فهو نظام جديد يعود بعد أن كان معمولا به في 1963، وهو يطور ممارسة نواب البرلمان، وموجه بشكل خاص لنواب المعارضة، نأمل أن لا يكون الإخطار مرتبطا بشروط تعجيزية وأن يعتبر اجتماع مجموعة برلمانية شرعيا لإخطار المجلس الدستوري، هناك مقترح سابق يقول بضرورة جمع 70 نائبا كشرط لذلك، وهذا شرط يعد في نظري غير مقبول إن تم الاعتداد به، لأنه وفي دول العالم يعد اجتماع 30 نائبا كافيا لرفع إخطار للمجلس الدستوري.
وما الذي يمكن أن يخطر به المجلس الدستوري؟ الإشعار يخص النصوص القانونية التي تكون قد تم المصادقة عليها من طرف غرفتي البرلمان، وقبل توقيعها من قبل الرئيس، حيث يمكن توقيف القانون ومراجعته، ويمكن أن يستجيب المجلس الدستوري لمطلب القائمين بالإخطار بإلغاء المادة القانونية أو المواد المعنية بذلك.
وماذا يعني الحديث عن الفصل بين السلطات؟ من الناحية الدستورية، يعد دستور 1989 الدستور الوحيد المميز، لأنه صريح في قوله أن ما تحكمه السلطة تحده السلطة، والتصريح بالفصل يعني إلغاء التشريع بأوامر الممنوح حاليا دستوريا للرئيس، ويمكن ذكر وعلى سبيل المثال قانون الأسرة الذي تم تمريره بأمرية رئاسية، أو تلك القوانين التي يتم تمريرها بين دورتي البرلمان، إذ أن هذه القوانين حتى وإن تم تمريرها عبر البرلمان، فذلك لا يعني العدة بالمجلس بغرفتيه، لأن الأمر يتم على سبيل التزكية فقط.
ما هو الجديد بشأن اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات؟ نعم، هي في اعتقادي استجابة لطلب المعارضة، يبقى السؤال المطروح هو كيف ستكون هذه الهيئة، وهل حقيقة ستكون مستقلة معنويا وماليا، ومستقلة عن وزارتي الداخلية والعدل، أم أنها ستكون مشابهة للجنة السابق العمل بها، وإن كانت ستكون مستقلة فذلك يتطلب وقتا طويلا، وهيئات وكوادر، ويبدو لي أن المعارضة لا تمانع هذا المقترح.
أثيرت نقطة تعزيز الهوية، ماذا قصد الرئيس بذلك؟ هو تلميح في نظري إلى ترسيم اللغة الأمازيغية، وهذا يطرح إشكالية ما لم يحل على الاستفتاء، لأن هناك مادة في الدستور تضع خطا أحمر أمام التعرض للغة العربية، وبالتالي فإن تم ذلك وجب العودة إلى البرلمان بغرفتيه أو الاستفتاء الشعبي.
هل يمكن اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي بناء على الخطوط العريضة المعلن عنها؟
هناك ثلاث صيغ في التعديل الدستوري، الأولى إن كانت التعديلات طفيفة ولا تمس بالبناء العام للدستور، وهنا يتم الاكتفاء بغرفتي البرلمان، والثانية وفيها يتم الذهاب مباشرة إلى البرلمان، ثم المجلس الدستوري، الذي يقرر الاستفتاء من عدمه قبل تحويل الأمر على الرئيس الذي يوقع القرار، والثالثة وتخص الذهاب مباشرة إلى الاستفتاء الشعبي عندما يتعلق الأمر بتعديلات عميقة تخص البناء العام، وفي اعتقادي التعديلات المعلن عنها لا تمس بالمبادئ الأساسية للدستور، وبالتالي فهي لا تحتاج إلى استفتاء شعبي.