النشاطات الطلابية.. خبرة.. مهارة.. اتصال وتعاون    غزة: احتجاجات في جامعات أوروبية تنديدا بالعدوان الصهيوني    الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات: مضمار الرياضات الحضرية يستقطب الشباب في باب الزوار    استثمار: البنوك ستخفض قريبا معدلات الفائدة    اتفاقيات شراكة في إطار الرعاية الصحية: 50 منصب تكوين لنيل الدكتوراه بجامعة خنشلة    بوغالي يتوجه إلى القاهرة للمشاركة في أشغال المؤتمر ال6 للبرلمان العربي    وفاة صديقة الثورة الجزائرية "بريود أندري آليس جان"    الجزائر كندا.. 60 عاماً من العلاقات المميّزة    نحو إعادة مسح الأراضي عبر الوطن    بهدف تخفيف حدة الطلب على السكن: مشروع قانون جديد لتنظيم وترقية سوق الإيجار    42 ألف مسجل للحصول على بطاقة المقاول الذاتي    الولاية تؤكد قُرب الفصل في ملفاتهم : 22 مستثمرا تأخروا في تجسيد مشاريعهم بسكيكدة    القوة العسكرية الخيار الرئيس للدّفاع عن الأرض    تجاوز عددها 140 مقبرة : جيش الاحتلال دفن مئات الشهداء في مقابر جماعية بغزة    نسرين مقداد تثني على المواقف الثابتة للجزائر    استعان بخمسة محامين للطعن في قرار الكاف: رئيس الفاف حلّ بلوزان وأودع شكوى لدى "التاس"    بطولة الرابطة الثانية: كوكبة المهدّدين بالسقوط على صفيح ساخن    إنجاز قيس مدثر مفاجأة بطولة إفريقيا للجيدو: ذهبيتا دريس وبلقاضي تضعان الجزائر في الصدارة    لقاء تونس ليس موجهاً ضد أيّ طرف    خنشلة: توقيف متهم في قضية تشهير عبر مواقع التواصل    توقيف 3 أشخاص بصدد إضرام النيران    لتموين بلديات الجهة الشمالية بالبرج: استغلال محطة الضخ وخزان جديد بمجمع المياه بالماين    الكشافة الإسلامية الجزائرية تنظم اللقاء الوطني الأول لصناع المحتوى الكشفي    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن مرافقة الدولة لفئة كبار السن    تفاعل كبير مع ضيوف مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة : بن مهيدي يصنع الحدث و غزة حاضرة    ندوة ثقافية إيطالية بعنوان : "130 سنة من السينما الإيطالية بعيون النقاد"    مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة: الفيلم الفلسطيني القصير "سوكرانيا 59" يثير مشاعر الجمهور    شهد إقبالا واسعا من مختلف الفئات العمرية: فلسطين ضيفة شرف المهرجان الوطني للفلك الجماهيري بقسنطينة    رئيس لجنة "ذاكرة العالم" في منظمة اليونسكو أحمد بن زليخة: رقمنة التراث ضرورية لمواجهة هيمنة الغرب التكنولوجية    مدرب مولودية الجزائر يعتنق الإسلام    منظمة الصحة العالمية ترصد إفراطا في استخدام المضادات الحيوية بين مرضى "كوفيد-19"    الرابطة الأولى: وفاق سطيف يتعثر في بسكرة وفوز ثمين للبيض وعريض للساورة    "اتصالات الجزائر" الراعي الرسمي لدورة المبارزة المؤهلة للألعاب الأولمبية 2024 بباريس    الحفاظ على الذاكرة الوطنية وإيصالها للأجيال مرهون باستخدام وسائل الاتصال والتكنولوجيات الحديثة    السيد بلمهدي يلتقي ممثلي المجلس الوطني المستقل للأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية والأوقاف    المغرب: أساتذة متعاقدون يحتجون تزامنا مع عرض زملائهم الموقوفين على المجالس التأديبية    حج 2024 : استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    على السوريين تجاوز خلافاتهم والشروع في مسار سياسي بنّاء    تحسين الخدمات البريدية وتقوية شبكة الأنترنيت في المناطق المعزولة    استغلال المرجان الأحمر بداية من السداسي الثاني    نتائج مشجعة في الخدمات المالية والتغطية البنكية    اللقاء الثلاثي المغاربي كان ناجحا    4 أندية أوروبية مهتمة بالتعاقد مع عمورة    ميلان يفتح رسميا أبواب الرحيل أمام بن ناصر    مطالبات بتحقيقات مستقلّة في المقابر الجماعية بغزّة    بن سماعين يطالب بالتفكير في مباريات البطولة قبل نهائي الكأس    استفادة جميع ولايات الوطن من هياكل صحية جديدة    ضرورة وضع مخطط لإخلاء التحف أمام الكوارث الطبيعية    حجز 27 ألف قرص "إكستازي"    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    توقيف 48 شخصا كانوا محل أوامر بالقبض    قصص إنسانية ملهمة    "توقفوا عن قتل الأطفال في غزة"    هذا آخر أجل لاستصدار تأشيرات الحج    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما تنقلب الأدوار.. نساء يسلبن الرجال عصمتهم..

ونادى في الجمع منادٍ أن قوموا واعتدلوا أنتم في حضرة القضاء، ويلج القاعة رجل وقور، زادته جبته السوداء مهابة ووجاهة..يقف الكاتب ويصدح بأعلى صوته حتى يصغي الجميع ..القضية رقم كذا والمدعية السيدة فلانة ابنة فلان والمدعى عليه فلان ابن فلان..يملي قاضي الجلسة على الطرفين بياناتهما الشخصية ويقرأ عليهما عريضة الدعوى..السيدة فلانة تودين خلع زوجك فلان ابن فلان، ترد من دون تردد ..نعم؛ يعود القاضي للمدعى عليه و يستفسره عن رده فيما تقول زوجته..بعد سجال غير طويل يرفع القاضي الجلسة ويعلن أن الحكم بعد المداولات..تعود السيدة إلى كرسيها من جهة الشمال، بينما يتوارى السيد فلان عن الأنظار ويغادر قاعة المحكمة إلى حين ..بعد ساعات يدخل القاضي بنفس الوقار والجدية ويطفق في الكلام ..حكمت المحكمة حضوريا بخلع السيدة فلانة عن السيد فلان..تقفز السيدة فرحا ويتمتم السيد بعبارات غير مفهومة ويغادر القاعة وكأن كل هموم الدنيا ألقيت فوق ظهره..
الخلع..مجرد نطق هذه الكلمة لا يترك انطباعا حسنا في نفوس كل الرجال، فهي في أحسن الأحوال ثورة مخملية من قبل النساء على أهم وأخطر معاقل سلطتهم وهي العلاقة الزوجية ، لكنها تمثل تجربة مؤلمة وأحيانا مذلة لبعض الرجال ممن خبروا هكذا موقف..لكن السؤال المربك المؤلم..لماذا تخلع بعض النسوة رجالهن وقد جمعن ميثاق غليظ..؟
تحدث اليوم في محاكمنا وبالضبط في قسم شؤون الأسرة، الذي بات يعج بطلبات الخلع، جلسات علنية في الصباح وأخرى في المساء على مدار يومين في الأسبوع، كثيرة هي قضايا الخلع حتى أنك تحسب أن لا قضايا غيرها في المحاكم، وفي هذا السياق يفسر المختصون الاجتماعيون إلى أن أسباب تخلف الأزواج عن مسؤولياتهم الزوجية تنجم عن عدم قدرتهم لمواجهة مشاكلهم المادية، فغلاء المعيشة ومتطلبات الحياة العصرية والرفاهية أمران لا ينطبقان أبدا، ويحدث في أكثر العائلات أن يستنفذ الزوج مرتب زوجت،ه في حين تفكر هي في استخدامه لأغراضها الخاصة، وقد يشكل أمر تصرف الرجل في مرتب زوجته الشهري خللا واضحا يتسبب في انزلاقات ومساومات تنتهي في آخر المطاف بعنف لفظي.. ثم عنف منزلي.. فطلاق..
وبدورهم علماء الدين أجمعوا على أن الخلع هو افتداء المرأة من زوجها الكارهة له بمال تدفعه إليه ليتخلى عنها، وهو جائز إن استوفى شروطه لقوله عليه الصلاة والسلام لامرأة ثابت بن قيس، وقد جاءته تقول عن زوجها: يا رسول الله ،ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر بعد الإسلام، فقال لها :" أتردين عليه حديقته ؟" قالت نعم، فقال رسول الله لزوجها :"اقبل الحديقة وطبقها تطليقة"
تكثر ظاهرة خلع النساء لأزواجهن في ولاية سطيف، حيث تعتبر هذه الأخيرة الأولى وطنيا في عدد الحالات أين سجل بها 39 حالة في سنة 2010، وذلك حسب آخر الإحصائيات التي قدمها مجلس قضاء الولاية، أما الجزائر العاصمة فقد سجلت 13 حالة حسب نفس المصدر، هذه النتائج اعتبرها الكثير مثيرة للدهشة، ورغم تعدد الأسباب فإن النتيجة واحدة، وهي أن نساء ولاية سطيف متفوقات على باقي نساء ولايات الوطن في خلع أزواجهن.
..وللمرأة قانون يحميها
التقينا بالسيدة "فوزية. ص" محامية معتمدة لدى مجلس قضاء ولاية سطيف، والتي قالت لنا أن المشرع الجزائري أنصف المرأة ومكنها من خلع زوجها، وذلك بعد التعديلات التي شملت على وجه الخصوص فصل الزواج عن الطلاق وتطبيقاتهما، كانت وراء هذه التعديلات جمعيات نسائية جزائرية ضقن ذرعا من تعسف الرجل، فقمن بشن حملة واسعة في كامل التراب الوطني ولسنين عديدة، إلى أن جاء تعديل قانون الأسرة، وهذا لوحده يعتبر إنجازا كبيرا يضمن للزوجة كرامتها وإنصافا لها، كونها أساس البيت الزوجي وليس جزءا منه، وفي هذا السياق تم إدراج في كتاب الطلاق ما يعرف شرعا بالتطليق والخلع، والذي تنص فيه المادة 54 على أنه ''يجوز للزوجة دون موافقة الزوج خلع نفسها مقابل تعويض مالي''.
ويعني هذا أن للزوجة حق طلب فك الرابطة الزوجية أو الطلاق دون مشاورة زوجها مقابل الصداق، أو ما يعادله نقدا أو ما يعرف بصداق المثل، والقاضي لا يمكنه رفض خلعها إذا أصرت عليه، بهذا تكون عقدة الطلاق قد حلت وفي هذا الشأن، يؤكد القانون أن المرأة من حقها أيضا حضانة الأبناء ونفقتهم على حساب الزوج التي قد تصل إلى 10 آلاف دينار شهريا، مع طلب موثق لإيجار بيت قد يصل أيضا إلى ما فوق 30 ألف دينار وهو ما قد يضمن لهم العيش الكريم، واليوم أصبح من حق المرأة خلع نفسها للضرورة القصوى، قضية ترفعها لدى مجالس القضاء حينما تشاء ووقت ما تشاء ولا يمكن للزوج ردعها ولا منعها ولا التدخل فيها، وهذا في حدود القانون والشرع، ما يمكن للزوج فعله سوى طلب الصلح، حق وحيد يضمنه له القانون دون ذلك، في ثلاث جلسات يحضرها القاضي الذي من جهته سيعمل على إيجاد حل يرضي الطرفين، قبل الفصل في الأمر بطريقة تضمن سلامة الأسرة أولا وثانيا وثالثا وأخيرا.
لأنها أحبته ... خلعته
سكينة من بجاية في العقد الثالث من العمر، تزوجت منذ 10 سنوات، تروي لنا مأساتها في زواجها تقول ليتني تعرضت للخيانة أو الضرب أو الإهانة من طرف زوجي كبقية النسوة، كان ذلك أرحم وأفضل عذر قد أتحجج به لأكرهه وأطلب الطلاق منه وأنا على قناعة تامة بالأمر، لكن مأساتي تكمن في أنني لم أتلق منه سوى الحب، الصبر، الحنان والدعم المادي والمعنوي لكن قدري العثر هو السبب، لأنني لم أستطع أن أمنحه زينة الحياة الدنيا.. الأطفال هم من كان ينقصنا، كنت أرى ذلك في عيني زوجي.. يقبل أطفال الغير يلاعبهم يشتري لهم الهدايا، كنت أبتسم لكن في قرارة نفسي أبكي بدل الدمع دما، ثم أستغفر الله وأصبر لقضائه، تمنعها دموعها من الكلام تتوقف سكينة قليلا، طلبنا منها التوقف لكنها رفضت قائلة قصتي حياتي، سألناها إن كانت تحبه بهذا الشكل فلماذا طلبت الطلاق منه إذا؟ لم أرغب حرمانه من الأطفال وفي نفس الوقت لم أطق رؤيته يتزوج من أخرى، رغم أنها كانت فكرتي في أن يتزوج ثانية، فكان أن منحته حريته.
سألناها مرة أخرى إن كانت قد زارت الأطباء قبل أن تطلب الطلاق؟ أجابت أن الأطباء هم من أفقدني الأمل في الإنجاب، كما أن زوجي قام بالتحاليل سرا ولما علم أن العيب مني لم يخبرني وعارض أن أقوم أنا بذلك، خوفا علي من أن أصدم بالنتائج، سألناها عن ردة فعل زوجها لما طلبت منه الطلاق رفض الأمر بشدة، بقينا على هذا الحال لمدة حوالي سنة، في كل يوم أفتعل مشكلة لكي ننفصل، وفعلا حصل ذلك إذ حملت نفسي وغادرت بيت الزوجية دون إذن من زوجي، رأيت خلالها دموعه تنهمر كأنه في جنازة، تأكدت من محبته لي أكثر وتأكدت بدوري من صواب قراري في الطلاق، تمالكت نفسي ولم أشأ إظهار حزني، ضربت له موعدا في المحكمة لم يحضر في المرة الأولى، معتقدا أنني قد أعدل عن الأمر، لكن استسلم في النهاية، صدقيني عندما دخلنا قاعة المحكمة لم أر غيره، سألنا القاضي عن إمكانية الصلح قاطعته على الفور، عندما رويت له القصة قام وحياني، سأل زوجي عن التعويض الذي يطلبه، فأجابه أنه إن لم أرجع إليه فلاشيء يعوضه عني، وأنا تخليت عن كل حقوقي، كل هذا العذاب وهذا الألم عشناه والآن أنا سعيدة لأن الله قدرني على نفسي، وأسعدت هذا الزوج الذي أحبني من أعماق قلبه.
عندما تعصف الخيانة بعش الزوجية
السيدة نادية من ولاية الجزائر العاصمة، آية في الجمال يشهد لها كل من يعرفها بالشرف والنزاهة وكذا حسن التربية والمنشأ والأخلاق، تقول السيدة نادية:" لا أريد تذكر ما عانيته لكن إن أنا أروي حكايتي لا لشيء إلا لأنني لا أتمنى أن تعيش معاناتي أي امرأة أخرى حتى ولو كانت من ألد أعدائي".
السيدة نادية تبلغ من العمر 42سنة مهندسة في الإعلام الآلي أم لولدين، تزوجت في سن28 مع شخص يماثلها علما وأخلاقا، على الأقل هذا ما كانت تعتقده في البداية، عاشت قصة حب رائعة لأن هذا الزوج غمرها بحبه وحنانه، توجت بزواج أقل ما يمكن القول عنه أنه رائع، تقول .. " سعادتنا دامت لمدة 4 سنوات قضيتها بين السفر والعمل مع زوجي في مكتب للمحاسبة والإعلام قمنا بتأسيسه معا "، لقد كنت الساعد الأيمن له والمرأة العظيمة خلف نجاحاته، كما خططا للسفر إلى الخارج والاستقرار بكندا فأودعا ملفهما، وفي انتظار الرد طرأت أحداث كثيرة قلبت موازين حياتها، إذ أن قلب هذا الرجل لم يرض بهذا الحظ الوافر الذي منحه الله إياه، فسعى للبحث عن الحب في أحضان امرأة أخرى غارقا وإياها في غياهب الحرام والرذيلة، كانت هذه المرأة موظفة لديهما أقل جمالا وأخلاقا من هذه الزوجة المجروحة في كرامتها، إذ لو أنها كذلك لما بنت سعادتها على حساب الآخرين على حد تعبير السيدة نادية، التي قالت أنها ضحت بالكثير من أجل الحفاظ على بيتها، وتواصل سرد تفاصيل حكايتها، فتقول ".. القهر الذي عشته يهد الجبال لولا صبري وثباتي، لأنها طعنت في ظهري ومن امرأة عطفت عليها وعلى عائلتها، وأنقذت شرفها لأنها هي أيضا كانت ضحية رجل تخلى عنها عند أول فرصة أتيحت له للسفر إلى الخارج، وقدمت لها يد العون لكن هذه الناكرة للجميل عضت اليد التي مدت لها عند الحاجة .."، وتضيف السيدة "نادية" أن الأسوأ من كل ذلك الأذى الجسدي الذي تعرضت له، إذ عند وضع مولدوها الثاني بعملية قيصرية وبعد خروجها من المستشفى، قام زوجها بضربها ضربا مبرحا مما كاد يتسبب في موتها لولا التدخل السريع للأطباء أين تلقت العلاج اللازم، وتم منحها شهادة طبية لمدة 21 يوما تلزمها بالراحة التامة وإمكانية مقاضاة الزوج إن أرادت ذلك، والسبب في كل هذا أنها أخبرته أن عشيقته التي لم تعرف من تكون في البداية، اتصلت بها لتضايقها.. واجهته بحقيقة أفعاله.. أنكر وأبدى غضبه الشديد.. أقدم على ضربها بوحشية دون أن يراعي مرضها ووجود ولده البكر، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل طفح الكيل وصار يخونها علنا، وأصبحت مغامرته على كل لسان، وكلما احتجت عن الوضع يوسعها ضربا ويكسر كل ما يصادفه من أثاث، احتارت في إيجاد حل مناسب لهذا الوضع الذي أصبح مصدر قلق لها، ليستقر رأيها على ضرورة خلعه فلجأت إلى القضاء، وبعد إثباتها للضرر الذي ألحقه بها هذا الزوج الظالم، تقول السيدة نادية " فوجئت بالتعويضات الخيالية التي تقدم بطلبها والمتمثلة في البيت والسيارة المقدرتين بحوالي 450 مليون سنتيم اللذين هما ملك لي، متناسيا أن لنا أولادا يحتاجون إلى مأوى ووسيلة للنقل". تضيف السيدة نادية أن هذا الطلب أدهش حتى القاضي نفسه الذي صرح بحكم مفاده تعويض بقيمة 50000دج لصالح الزوج، مع احتفاظ الزوجة بحق النفقة المقدرة ب المقدر3000دج لكل طفل لأنهما قاصرين، وبدل الإيجار المقدر ب4000دج، أما قيمة العدة فقد كانت 30000 دج، فكان مبلغ التعويض عند المقاصة 20000 دج. تقول تركت كل شيء خلفي وطرت بأولادي إلى الخارج، بقي هذا الزوج المخلوع يقض مضاجع هذه المرأة خصوصا بعد قبول ملف الهجرة، إذ طالبها بحضانة الأولاد ليس حبا لهم وإنما ابتزازا لها، لكنه لم يفلح في ذلك وبعد سفرها واستقرارها هناك لحق بها وصار يترجاها بالعودة إليه وأنه نادم على كل أفعاله..
المراهقة المتأخرة وراء خلع عجوز لزوجها
السيدة فطيمة من ولاية سطيف عجوز في الستين من العمر، خلعت زوجها في هذا السن الذي يعد سن الترابط والتكافل بين الأزواج، لأنهم سيبقون وحيدين بعد زواج الأبناء وانفصالهم عنهم، تقول السيدة فطيمة أن زوجها صار يغيب عن البيت لشهور دون سبب، خصوصا وأنه متقاعد ولا يوجد سبب لكل هذه الغيابات، كما أنه كان يتركها دون إنفاق، دون مراعاة منه لحالتها الصحية خصوصا وأنها تعاني من عدة أمراض مزمنة، فأصبحت لا تعرف إن كانت متزوجة أم مطلقة لتكتشف فيما بعد أن زوجها يعيش مغامرات عاطفية مع أخريات وكأنه في سن العشرين، فلجأت إلى القضاء للفصل في الأمر ولم تمنح الزوج أي فرصة للصلح، لينطق القاضي بالحكم لصالحها مع تعويض هذا الأخير بمبلغ 20 ألف دينار، دون أن تطالبه بتعويض الإهمال أو النفقة كون أولادها كلهم بالغون.
هاجس الهجرة هزم عاطفة الحب
الرغبة في الهجرة خارج الوطن هو الآخر من مسببات ظاهرة الخلع، وهذا ما ترويه لنا السيدة "نسرين" من تيزي وزو، تقول" ارتبطت بزوجي بعد قصة حب وردية لا مثيل لها علي الإطلاق، فكان الرجل المثالي الذي لطالما أعزني وأحبني وتودد إلي ومنحني كل ما يملك، دامت قصة زواجنا أربع سنوات كانت كلها سعادة وهناء ومنحني إثرها فتاة جميلة كانت ثمرة حبنا الكبير، إلى ذلك اليوم المشئوم أين دخل فيه إلى المنزل قائلا عزيزتي سأخبرك بأمر أمل أن ترضين به فأجبته طلبك أمر فقال" تعرفت على امرأة فرنسية الجنسية منذ ثلاثة أسابيع وأنا على اتفاق معها وسأطلب منها الارتباط من أجل أن تمنحنا الجنسية الفرنسية، وذلك إن منحت لي الطلاق لمدة معينة وطبعا لن أتخلى عنك، وعندما أستقر في فرنسا أطلقها وسأعود للزواج بك ثانية، وتأتين معي للعيش في فرنسا وتواصل روايتها قائلة لما انتهى ابتسمت اعتقادا مني أنه يمزح معي، لكنه لم يشاركني البسمة بل أصر على كلامه وأدركت أنه يقول الحقيقة فبدون وعي مني طلبت منه الخلع، قائلة له أنا لست من النساء اللواتي يسلمن أزواجهن على طبق من ذهب، فحاول الرجوع في كلامه وطلب مني السماح ولم أفعل لأنه فضل الإقامة في فرنسا على زوجته وابنته، وأعطاه القانون الحق في رؤية ابنته كلما رغب في ذلك.
الانتقام دمر حياتي وسلبني حقي في الأمومة
الصراع بين الأزواج يبقي قائما وهذا ما تؤكده لنا السيدة "مريم" من ولاية سطيف، التي تروي لنا تفاصيل قصتها وتقول "أنا سيدة متزوجة منذ عامين وبدأت مأساتي في اليوم الذي دخلت فيه عشي الزوجي، أين اعتقدت أنني سأعيش أيامي الوردية، وأني وجدت الفارس الذي سيعوض علي حنان الوالدين الذي لم أعرفه يوما، لكن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن، فالزوج الذي اعتقدت أنه تزوجني ليحميني ويرعاني تزوجني فقط للانتقام من أخته التي تزوجت بعمي وطلقها، فكنت مجرد رهينة للماضي الأليم، فمنذ اليوم الأول أخبرني أنه سيحول حياتي إلى جحيم لا يطاق بل سأحلم بأن يطلب الطلاق مني لأنه سينتقم مني يوما بعد يوم حتى أكره اليوم الذي قبلت أن أكون زوجة له، وهكذا مرت السنة الأولي من زواجي في مأساة مليئة بالضرب والإهانات دون أن أحرك ساكنا، حتي أني لم أجد شخصا ألجا إليه خاصة بعد وفاة جدتي التي ربتني بعد وفاة والدي، وفي السنة الثانية من زواجنا حملت وفرحت لأنني ضننت أنه سيتغير وسيسعد بمجرد سماعه خبر أنه سيصير أبا لكن الصدمة كانت لما أخبرته، فبدأ يشتمني قائلا "إنه لا يريد ابنا مني لأنه من أم ذات أصل مر ولن يسمح لهذا الجنين أن يري النور طالبا مني الإجهاض في أسرع وقت ممكن، وحتي أنه اعتدى عليا بالضرب ناويا إسقاط الطفل، وظل يطاردني ويشتمني بأسوأ العبارات قائلا "إن كنت لا تريدين لابنك أن يعيش يتيما مثلك عليك بإجهاضه"، فلجأت إلى إعشاب طبيعية قيل لي أنها تساعد على الإجهاض فتناولتها فأصبت بنزيف وانتقلت إلى المستشفي وعملت عملية جراحية نزعت إثرها الرحم، ولما استعدت وعيي أجرت الطبيبة تحقيقا معي وسألتني عن السبب الذي دفعني لحرمان نفسي من الإنجاب نهائيا، إن كان أزواج آخرون يبحثون عنه في كل مكان، فرويت لها القصة كاملة وهو ما جعلها تأسفت كثيرا لحالي وطلبت لي طبيبة نفسانية، وبفضلها خرجت من الأزمة ومنحتني الشجاعة لطلب الخلع، لكني أعيش في دوامة الحياة المأساوية لأني حرمت من أروع حق يهبه الله للمرأة وهو حق الأمومة.
كرامة أهلها أكبر من أن تُدنس بإهانات زوجها
السيدة "خلود" واحدة من النساء اللواتي رفضن الاستمرار في العيش تحت وطأة الظلم والإهانة، تقول :"لقد دافعت عن نسوة كثيرات في المحاكم ومكنتهن من استرجاع حقوقهن، لكن لم أتصور يوما أن أكون في مكانهن، أطالب بالخلع من زوج اعتقدت أنه سندي في السراء والضراء، لكن اعتقادي كان مجرد وهم عشته في مخيلتي، إذ تبخرت أحلامي بعد سنة فقط من زواجنا، حيث رزقنا بطفل ولادته لم تكن طبيعية بل قيصرية، ليتخلى عني هو وعائلته مناقضين العرف لدينا بأن أمكث لديهم مدة 15يوما وأخرى لدى عائلتي، فاضطرني الأمر إلى أن أقضي مدة في بيت أهلي الذين أرسلوا له إنذارا عن طريق المحضر القضائي لإرجاعي، ولكن تدهور حالتي الصحية منعني من الرجوع في تلك الفترة، ليستغل الظرف ويغير مفاتيح الشقة التي تعود إلى أحد أقاربي وكل أثاثه ملك لي، اكتشفت الأمر لما تعافيت وذهبت إلى هناك وأجبرت على كسر الباب واسترجاع أثاثي بمساعدة صاحب البيت، وعدت أدراجي إلى بيت أهلي، لأفاجئ بأنه قدم شكوى أمام السيد وكيل الجمهورية ضدنا يتهمنا فيها بانتهاك حرمة المنزل.
لم يسلك زوجي سلوك الرجل العادي الذي يريد المحافظة على أسرته، بدليل أنه لم ير ابنه منذ ولادته، كما صار يهين والدي علنا، لم أتحمل ذلك مما دفعني لطلب الطلاق أمام قسم شؤون الأسرة، لأكتشف طمعه وجشعه من خلال التعويض الذي طلبه مني، وقدر بثلاثين مليون وبمداخلة من القاضي دفعت له عشرة ملايين مع احتساب قيمة النفقة التي قدرت بثلاثة مائة دينار، وقيمة بدل الإيجار بأربعة آلاف وفي النهاية تزوج بزبونة لدي؟؟
وللقاضيات نصيب في قضايا الخلع
تابعنا سير الجلسات في المحكمة لاحظنا أن جل القضايا تحكمها قاضيات لأنهن في مثل هذه الحالات هن أكثر دراية بشؤون الأسرة، فغالبا ما يحاول الرجل رمي لومه وفشل العلاقة الزوجية على المرأة، ومن يعرف أكثر أوجاع المرأة من المرأة، الهدوء يعم قاعة المحكمة المنقسمة إلى قسمين، إذا جلست الزوجة بجانب يجلس الزوج بالجانب الآخر والعكس صحيح، وهناك يخطر ببالك سؤال: هل المعركة تبدأ بقاعة المحكمة أم أنها تنتهي هناك؟
تجد شرطيان على الجانب يحرسان على تطبيق القانون الداخلي، والذي ينص إجمالا على عدم إزعاج القاضية، تقوم هي بقراءة أحكام القضاء على عجل، فيما يقوم المحامون بتسجيل كل حرف على ورق أبيض صغير الوجوه منقبضة، عابسة والأنفاس كاتمة، لم يجرأ أحد على الحركة حتى الهواتف النقالة أطفئت، الجميع ينتظر دوره بقلق بعد دقائق، وفي عجلة ينصرف المحامون وتبدأ القاضية بالمناداة، يتقدم شاب وتلحقه شابة في العشرين تطلب منهما الوثائق الشخصية، وتكلمهما بصوت منخفض حتى لا يتسنى لأحد السماع لما تقوله، كل القضايا كانت تسير بهذا الشكل، حفاظا على أسرار العائلات وحرصا على كرامتها.
الجلسات بدت طويلة لكنها عادية، لا حدث يذكر.. انخفض التوتر وبدأت الوجوه بالاسترخاء، فالجميع هنا سواسية والجميع هنا لنفس السبب، وصدق من قال'' إذا عمت خفت''، فجأة تمر من أمامنا شابة تكاد أن تطير من الفرحة وتجلس إلى جانب والدها، وتبشره بطلاقها قائلة '' الحمد لله تخلصت منه''، تسلم على والدها وتعانقه مرة أخرى وكأنها تتشبث به خوفا من شيء، الموقف حساس لم نجرأ على السؤال استغربنا فعلا لردة فعلها، كيف لشابة في مثل سنها ولو أننا لم نسألها عن سنها ولكن حسب ملامحها فهي لم تتعدى الخامسة والعشرين من العمر، ولم يمضي على زواجها الحول حسب ما فهمنا كيف لها أن تفرح بطلاقها؟
ندمه وراء تراجعي عن خلعه
كانت تبدو هادئة لا يهمها ما يجري بقاعة المحكمة، وإلى جانبها رجل يقبل ابنه ويحتضنه، بدا الطفل سعيدا غير مبال لما يحدث.. سألنا المرأة وهي شابة في الأربعين ماذا تنتظر؟ قالت'' جلسة الصلح، تصالحت مع زوجي. راحت تسترسل في الكلام وتقص مأساتها كونها تعمل امرأة نظافة، والعمل ينهكها وبدلا من مساعدتها، يقوم زوجها العاطل عن العمل بضربها ضربا مبرحا كل يوم لأتفه الأسباب، تقول: هددته مرات عديدة بتركه إن تجرأ على ضربي مرة أخرى، لكنه لم يفي بوعده طفح الكيل اتخذت قراري، رفعت عليه دعوى طلاق لكنه رفض تطليقي، وتعهد أمام القاضي بعدم ضربي مرة أخرى، كما أنه بات يحدثني صباحا ومساء، ويترجاني بالعدول عن الخلع فقبلت اعتذاراته.
فجأة بدأ الطفل بالبكاء وسألناها إن كان سبب تراجعها.. طفلها؟ رفعت رأسها قائلة أنه ليس لها أطفال بل تبنته بطريقة غير قانونية، وأن القاضية نصحتها بالبدء في إجراءات التبني، تحسرنا لوضعها وتصورنا للحظة لو أنها أصرت على الطلاق، ماذا يكون مصير هذا الولد المسكين، المهم أنها غيرت رأيها وتمنينا لو أن الرجل بدوره يفي بوعوده وإن كنا في قرارات أنفسنا نشك في ذلك.
''ما كان علي أن أفعل.. ''تقول صفية" شابة أخرى موظفة بشركة وطنية، ''طلب الطلاق في الشهر الأول من زواجي هذا ما أعتبره جنونا، لأن المجتمع أول من يلوم هي أنا وليس هو، كان علي أن اصبر إلى أن اكتشف الجميع حقيقة زوجي فساندني الجميع على هجره''.
بيت الزوجية ليس فندقا من خمسة نجوم..
من جهتها "حسيبة" أكدت أنها لم تعد تتحمل زوجها، فهو يعاملها كنكرة لا وجود لها، لا يحدثها ولا يسألها ولا يشاورها ولا يغازلها، كل ما يفعله الجلوس أمام الكمبيوتر وتصفح مواقع الإنترنت، وإن تجرأت على الحديث يقاطعها بعنف أين يصرخ في وجهها أنه متعب وأنه لا يمكنه الاسترخاء في بيته'' حيث قالت هل يعتبرني خادمته وهل يعتبر نفسه أنه في منتجع ؟ البيت الزوجي ليس فندقا من خمسة نجوم.. يفكر إلا في نفسه.. هل يعرف ما أريده أنا؟ أريد زوجا وأطفالا.. هذا ما كنت أريد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.