الجيش الوطني الشعبي: تخرج 10 دفعات بالمدرسة العليا للعتاد بالحراش    وهران: ندوة تاريخية بمناسبة إحياء الذكرى ال69 لاستشهاد البطل أحمد زبانة    لجنة صحراوية تناشد المنتظم الدولي الضغط على المغرب لاحترام حقوق الإنسان    إيران تواصل ردها الحازم على عدوان الكيان الصهيوني وانتهاك سيادتها وسلامة أراضيها    قسنطينة: الطبعة ال11 للمهرجان الدولي للإنشاد من 25 إلى 30 يونيو    الجيش الوطني الشعبي: توقيف 9 عناصر دعم للجماعات الإرهابية خلال أسبوع    مسراتي تشارك بفيينا في دورتين حول تنفيذ الإتفاقية الأممية لمكافحة الفساد ومنعه    الشلف: تسجيل أزيد من 300 مشروع على مستوى الشباك الوحيد اللامركزي للاستثمار    كأس إفريقيا سيدات 2024: المنتخب الجزائري يواصل تحضيراته بوهران    الرئيس يستقبل سفير بريطانيا    نحو إدراج 40 تخصصا جديدا    الأمم المتحدة تحذر من تأثير الذكاء الاصطناعي على تزايد خطاب الكراهية عالميا    رُعب في قلب تل أبيب    زوالها مسألة وقت... واسألوا نتنياهو    محكمة بريكة بباتنة: إدانة عدة أشخاص بالحبس بتهمة المساس بنزاهة امتحان شهادة البكالوريا    الخضر يتوّجون    خطّة عمل لتوفير أفضل ظروف الاصطياف    أين حقّ الملايين في الاستجمام؟    المصادقة على حصيلة سوناطراك    عُمان ضيف شرف الطبعة ال56    تعارف الحضارات محور ملتقى دولي بالجزائر    مرّاد يستقبل المخرج السعيد عولمي    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة لا تكسره المؤامرات    تدشين مصنع لإنتاج الأدوية القابلة للحقن    رهان على الرقمنة لتتبُّع المفقودين    تكذب خبر إجراء رئيس الجمهورية لأي لقاء إعلامي مع صحف أجنبية    تتويجا للإصلاحات الهيكلية العميقة التي بادرت بها الدولة    فلسطين : 50 شهيدا في قصف صهيوني بخان يونس    يرتقي بالقطاع ويؤكد حق المواطن في التمتع المجاني بالشواطئ    بومرداس : توقيف سائق شاحنة قام بمناورات خطيرة    موجة حر وأمطار رعدية    الوقاية من الأمراض المتنقلة أمر بالغ الأهمية    الاستفادة من التظاهرة للترويج للمنتج الوطني    لا حلول لأزمة الشرق الأوسط إلا بالدبلوماسية والتزام حسن الجوار    تسخير البحث العلمي لتحقيق الأمن الغذائي وترشيد النّفقات    خطّة ب3 محاور لتفعيل المجمّعات الصناعية العمومية الكبرى    الرابطة الاولى "موبيليس": شباب بلوزداد يفتك الوصافة من شبيبة القبائل, و الصراع متواصل على البقاء بين ترجي مستغانم و نجم مقرة    تنظيم دخول اجتماعي موحد وإعداد منصة لتسيير المؤسسات الشبانية    حين تتحوّل المنمنمات إلى مرآة للروح القسنطينية    "فترة من الزمن"....عن الصمود والأمل    نادي "سوسطارة" يعود إلى سكة الانتصارات    التعاون السعودي يسعى إلى التعاقد مع نور الدين زكري    مدرب نادي ليل الفرنسي يصر على بقاء نبيل بن طالب    دعوة لمرافقة الشباب نفسيا في زمن التحولات    تجديد وحدة حقن الدم بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا    السيد سايحي يشرف على تنصيب اللجنة الوطنية لأخلاقيات الصحة    الجزائر/الأردن: تدشين مصنع لإنتاج الأدوية القابلة للحقن تابع ل "حكمة فارما الجزائر"    تعارف الحضارات محور ملتقى دولي السبت المقبل    مرتبة ثانية لسجاتي    الفاف تحدّد شروط الصعود والنزول    إطلاق موجة جديدة من الهجمات الصاروخية    احياء التظاهرات المرتبطة بالثورة التحريرية المجيدة    دعم تربوي ونفساني للأطفال المصابين بالتوحد    الحماية الاجتماعية مبدأ مكفول قانونا لكل جزائري    لماذا تتضاعف أسباب الهم والغم هذه الأيام؟    كيف يقضي المريض الصلوات الكثيرة الفائتة؟    "واللَّه يعصمك من الناس"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوجع الكبير أخيرا وجدتٍ من ينصفك يا " مي "
ليالي إيزيس كوبيا
نشر في الجمهورية يوم 09 - 04 - 2018

أخرج من رواية ليالي إيزيس كوبيا بصعوبة. الصفحات الأخيرة كانت قاسية، وصعبة التحمل. لم أر اختناق مي. لم أسمع صراخها. ولم أتأمل جسمها الضئيل المتعب. كنت مي. صرخت بصوتها. واختنقت بغصتها و تألمت بجسدها... أعتقد أني لست الوحيدة في هذه الحالة. الروايات المدهشة هي تلك التي تجعلنا نستعيض الحياة باللغة. أن تسكنك شخصية بهذا العمق قد تخرج من النص مهووسا، مصابا بامرأة لم تعرفها إلا من خلال الكتب. تتحسس جسدك و تسترجع صوتك، فقط لتتأكد بأنك ما زلت أنت هو أنت وفي مدارات الأرض التي جعلتك تتمازج مثل الأمواج مع شخصيتك، أو تشبهها. خطر الكتابة الروائية هي أنها تسرق منك أناك باتجاه أنا أخرى أصبحتها وأنت تقرأها
. بدأت ليالي العصفورية لواسيني الأعرج، كقارئة شغفها الوحيد هو أن تعرف حقيقة ما حدث لمي، لامرأة مثقفة جميلة وساحرة، لا سلاح لها إلا سلاح الغوايات اللغوية. برزت في عصرها. ما سر مأساتها؟ .من وراءها؟ ولمَ تمنت أن يأتي بعد موتها من ينصفها. من أين جاءها هذا الإحساس إذا لم تكن العزلة هي من سرق منها إحساسها بالحياة؟ وجدتني بعد صفحات من الرواية، اتبع غيمة الناصرة, أطارد مخطوطة ليالي العصفورية .أصاب بلعنتها و اقتفي أثرها، وخطاها المرتبكة، رفقة باحث في قسم المخطوطات ومرافقته روز خليل .بعد رحلة شاقة وممتعة بين مختلف أماكن مي، والعديد من الشخصيات التي لها صلة بها. اتضحت الطريق نحو المخطوطة وتم العثور عليها أخيرا. "لم أكن مجنونة. كنت مصابة فقط بآلام الفقدان التي لا دواء لها سوى الإنصات لها بهدوء ومحاولة لمسها كما نلمس الضوء..." لا شيء سوى أن مي عادت للحياة. سحبتني من يدي و أدخلتني دوامة ليالي الوجع. أي لغة كانت تشبه لغة مي؟ أنفاسها، حركاتها وصوتها الذي بدأ يحكي خافتا خجولا إلى أن استقر وسكنني. كانت مي تتشكل في الصفحات الأولى من بداية المخطوطة، شيئا فشيئا لأجدني في عمق قسوة يومياتها أو بشكل أدق ليلياتها .أخرجت من بيتها في القاهرة وتم الاحتيال على أموالها و جل ممتلكاتها وأخذها ابن عمها جوزيف إلى بيروت بحجة الراحة. كانت ضحية لعبة عائلية مركبة ومقصودة. تسألت وأنا في عمق الرواية كيف لم يسجن القضاء، بعد أن ثبتت التهمة، الذين كانوا من وراء هذا النصب والاحتيال. ما مرت به مي من وجع الفقدان بعد رحيل والدها و أمها و جبران الذي كانت ترى فيه صورة الكاتب الكبير الروحي والصديق الذي أحبته. رفيق لغتها و مَصب عواطفها، ما دام واسيني أخرجنا من لعبة التخييل الجمعي حول قصة الحب المفترضة، صوب الحقيقة الأبسط، الصداقة، كل هذه الخسارات ادخلها في حالة نفسية صعبة. بقيت في بيت جوزيف قرابة الشهرين و هي تترجاه بإرجاعها لبيتها. كان يعدها بوعود كاذبة ليسكتها. تساءلت لما لم تهرب؟. لما علقت أملا على كلام جوزيف؟ تبين لي بعدها بأن مي كانت عاشقة لجوزيف زيادة و أن ما كانت تمر به جعلها في حالة ضعف حقيقية. كانت بحاجة لسند حقيقي لم يكن جوزيف أهلا له. جرى خلف أطماعه و أهوائه واستغلها بطريقة لا إنسانية. فقد كان يجهزها لدخول العصفورية بحجة الراحة و الخوف على صحتها و مارس ضدها العنف ببشاعة وأرغمها على دخول مستشفى الإمراض العقلية. اعتداء موصوف غير بعيد عن فعل الاغتصاب. اغتصاب عقل يفكر وتحويله إلا لا شيء.
" أكتب فقط، أعاود الكتابة، لكي لا أموت اختناقا بالجنون و الجحود... لا خيار لي سوى أن أكتب. سوى أن أكتب. أكتب..." هناك كانت بداية المأساة الحقيقية، حيث أضربت عن الطعام خوفا من أن يدس لها سم في الوجبات التي كانت تقدم لها .فنحفت كثيرا، وتدهورت صحتها. العصفورية أجهزت عليها حتى أصبحت تزن حوالي عشرين ولنا أن نتخيل درجة الضعف والوهن. كانت جحيما لها, حين تصبح كاتبة بثقافة مي وثقلها فكرها تصرخ أنا لست مجنونة و تعامل بقسوة وسخرية. فتضطر في وحدتها، إلى مواجهة الوجع والظلم بالكتابة والألم الذي ظلت تعاني منه حتى قتلها. قاومت بكل ما تبقى لها من طاقة. غيرها كان استسلم ومات. . "أن تموت وأنت تعرف لماذا ، لا مشكلة و لا ندم، لكن أن يصنع لك الآخرون النهاية التي يشتهون، و قدرا مليئا بالضغائن. فتلك قسوة ما بعدها قسوة. أسوأ موت يمكن أن يصيب حياة الإنسان." أو يتخيله مرتبط بالحياة بجنون...يتبع
.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.