دخل الحراك الشعبي هذا الأسبوع جمعته الثالثة والعشرين على وقع تطورات مهمة تتمثل في تعيين أعضاء الهيئة التي ستشرف على انطلاق الحوار والمشاورات السياسية للخروج من الأزمة الراهنة، عبر التوصل إلى حلول توافقية تفضي إلى تنظيم انتخابات رئاسية تمهيدا لعودة الأوضاع إلى طبيعتها في الجزائر التي تعيش منذ 22 فبراير الماضي يوميات الحراك وما ترتب عنه من تغيرات جذرية في المشهد السياسي ألقت بظلالها على الجانب الاقتصادي بعدما مثل رجال الأعمال ومسيري المؤسسات العمومية الكبرى أمام العدالة على خلفية تهم الفساد وتبديد المال العام. فالعلاقة بين السياسة والاقتصاد جد وثيقة في الجزائر نتيجة تحالف رجال السياسة من رؤساء وزراء، ووزراء سابقين، وإطارات ومدراء مؤسسات وولاة ورؤساء بلديات ونواب مع رجال الأعمال وتورطهم في قضايا الفساد الكبرى والفضائح المالية. إن الجزائر تعيش حملة واسعة لمكافحة الفساد السياسي والاقتصادي، ومحاكمة جماعية المتورطين فيه استجابة لمطالب الحراك، ودخلت بذلك مرحلة من ترقب ما هو مقبل حيث انعكس هذا سلبيا على عجلة التنمية والاقتصاد منذ بداية السنة كما تأثر النمو الاقتصادي بمستجدات الساحة السياسية، لكن حان الوقت اليوم بعد مرور خمسة أشهر لتسترجع الجزائر توازنها الاقتصادي وتستجمع قواها باتجاه دفع عجلة التنمية إلى الأمام وتحريك المشاريع المجمدة هنا وهناك، والإفراج عن البضائع المستوردة للإسراع في إنجاز المشاريع، ويمكن لهذا أن يحدث بالتوازي مع انطلاق مشاورات البحث عن حلول تستجيب لمطالب الحراك الشعبي ، وتخرج الجزائر من منطقة الانسداد السياسي نحو مخرج توافقي يوصل إلى محطة الانتخابات الرئاسية التي ستسمح لبلادنا بالعودة إلى مسار الاستقرار والشرعية ، وفي انتظار أن يتحقق ذلك فإن المطلوب اليوم ممن يملكون زمام الأمور في البلاد توجيه الجهود نحو إنعاش الاقتصاد لتحقيق انطلاقة تتجاوز متاعب الأشهر الماضية وجلب رؤوس الأموال الأجنبية والنهوض بالمشاريع الكبرى لتتدارك الجزائر ما فاتها من فرص التقدم والتطور، وإعادة ترتيب الأوراق وفق التغيرات السياسية الجديدة، وهو ما لا يتحقق إلا بالعودة إلى الاستقرار السياسي.