الحماية المدنية تسيطر على معظم حرائق الغابات في عشر ولايات والسلطات تواكب العائلات المتضررة    الرئيس يعزّي أردوغان    بوجمعة يلتقي نظيره الموريتاني    تشييع المجاهد محمد عبد القادر طواهير بمقبرة الرويسات بورقلة    جمعيات تاريخية وثقافية... جهود متواصلة لحماية الذاكرة الوطنية وترسيخ قيم الثورة    إنتاج الجزائر من النفط يرتفع    اتصالات الجزائر تُنبّه أصحاب الفواتير    منظمات دولية تدين تصاعد القمع في المغرب    فوز معنوي.. ومكاسب بالجملة    تتويج كينيا بالمراتب الأولى للسباق    بوغالي يستقبل وفدا من تندوف    الشرطة تواصل تدخّلاتها    دعوة إلى تعزيز حملات التوعية والكشف المبكر    منح 23 وسم "مشروع مبتكر" لطلبة من مختلف جامعات الوطن    تدابير عاجلة لمواجهة حرائق تيبازة الغربية وتنصيب خلية أزمة لمتابعة الوضع    السيطرة على حرائق غابات تيبازة بعد جهود مكثفة استمرت 36 ساعة    20 صحفيا في البرلمان الأوروبي لإسماع صوت الصحراء الغربية    المسؤولية التاريخية لإسبانيا تشمل منطقة شمال إفريقيا بكاملها    دعم العلاقات الاقتصادية وتثمين التوافقات السياسية    الجزائر تدعّم الجهود الأممية وترفض التدخّلات الأجنبية    النخبة الوطنية تواصل تألقها في الألعاب الإسلامية    "الجوية الجزائرية" تستلم طائرة "إيرباص أي 330 نيو"    تشخيص دقيق للوحدات الصناعية التي تواجه صعوبات    تفعيل شبكة المنصّات الصحية ذات الأولوية في أقرب الآجال    تفعيل لجنة البت في طلبات العضوية من صلاحيات منظمة المجاهدين    تسرب مياه الصرف الصحي يعمّق معاناة السكان    يوم دراسي حول الامتيازات الممنوحة للحرفيّين    كشف 27 طنّا من المواد الاستهلاكية الفاسدة خلال شهر    إعلان قيام دولة فلسطين في الجزائر تتويج لنضال شعبها    إبراز قدرات الجزائر ودورها في تعزيز الإنتاج الصيدلاني قاريا    بيتكوفيتش يحدد إيجابيات ودية زيمبابوي    اللاعبون المحليون يرفعون سقف طموحاتهم في كأس العرب    غلق مؤقت وجزئي لحركة المرور بالعاصمة    اجتماع تقني لرفع مستوى المبادلات التجارية    العرابي: الشعب الصحراوي هو من سيقرّر مصيره    بن دودة: الجزائر شريك فاعل    بلمهدي يزور معرض الحج    خنشلة : توقيف فتاة نشرت فيديو مخل بالحياء    وزير الأشغال العمومية ينصب لجنة مرافقة ومتابعة تمويل المشاريع الهيكلية للقطاع    تفتك جائزة "لجدار الكبرى " للمهرجان الثقافي الوطني للأغنية الملتزمة    الأوضاع الإنسانية بغزة ما زالت مروعة    الجامعة العربية تعقد جلسة حول "التجويع كسلاح حرب"    ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 69182 شهيدا و170694 مصابا    بحث سبل تعزيز التعاون الجزائري-الأردني    نحو تجسيد شعار: "القراءة.. وعي يصنع التغيير"    مساحة للإبداع المشترك    ندوة دولية كبرى حول الشاعر سي محند أومحند    بونعامة يبرز أهمية اعتماد معايير الجودة    بلمهدي يُوقّع اتفاقية الحج للموسم المقبل    أسبوع القافلة السينمائية للأفلام الثورية " من 9 إلى 13 نوفمبر الجاري    إنطلاق "الملتقى الدولي للمبدعين الشباب" بالجزائر العاصمة    الطبعة الرابعة لنصف مراطون "الزعاطشة" ببسكرة    عبد الرحمان بن عوف .. الغني الشاكر    غنى النفس .. تاج على رؤوس المتعففين    فتاوى : واجب من وقع في الغيبة دون انتباه وإرادة    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حافلات الموت تتسابق على حصد أرواح الجزائريين
نشر في الهداف يوم 16 - 11 - 2014

وفاة 133 طفل في 686 حادث بحافلات النقل الجماعي خسائر مادية تتجاوز 2 مليار دولار في السنة ولا حل في الأفق ألقت الكارثة التي تسببت فيها إحدى الحافلات بمدينة آفلو في الأغواط، بظلالها على المشهد اليومي لمحطات نقل المسافرين عبر الوطن، حيث باتت أعداد الضحايا التي تعدت 20 في هذا الحادث حديث العام والخاص، وصار
كل من يركب حافلة مجبرا على قراءة أدعية السفر والنطق بالشهادتين بعد أن يودع أهله، بل ومنهم من يتلو القرآن بصوت مسموع في الحافلة مخافة تكرار سيناريوهات القتل في الطرقات.
لكن ومع هذا فالقلة القليلة من المسافرين من ينتقي حافلته التي يريد أن يسافر على متنها من خلال معايير معينة قد تقيه شر الحوادث المميتة، ويجمع الكل على أن المسافر لا حول له ولا قوة، فهو مجبر على السفر مهما كان الأمر.
وتشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة النقل والمركز الوطني للأمن عبر الطرق، بأن السفر عبر الطرقات بواسطة الحافلات تبقى الوسيلة الأكثر أمانا في الجزائر، حيث تحصي الحظيرة الوطنية للحافلات أكثر من 70 ألف حافلة تنقل 50 مليون مسافر سنويا وتجوب مختلف طرقات الوطن بمعدل 7 إلى 9 ساعات يوميا.
ولكن حوادث المرور التي تتسبب فيها مركبات النقل الجماعي لا تتجاوز 2.5 إلى 4% من مجموع حوادث المرور، في وقت تعدت السيارات السياحية 4 ملايين مركبة حسب إحصائيات سنة 2013، وتتواجد في الطريق بمعدل 2 إلى 4 ساعات يوميا، لكنها تتسبب في 73% من حوادث المرور بمعدل 12 قتيلا و4 جرحى يوميا، فضلا عن خسائر مادية تتجاوز 2 مليار دولار سنويا، فمجرد التفكير في الاستغناء عن الحافلات يجب تعويضه ب4 ملايين سيارة، في حين الاستغناء عن مجمل سيارات الحظيرة الوطنية يوجب توفير 100 ألف حافلة.
غير أن السؤال الذي يبقى مطروحا بشدة هو عدد الوفيات التي تخلفها حوادث مرور الحافلات الذي يبقى مخيفا ومقلقا للغاية، حيث تؤكد الإحصائيات الرسمية الصادرة عن مختلف المصالح الأمنية والحماية المدنية، أن عدد ضحايا حافلات النقل يتجاوز خلال 9 أشهر الماضية 236 قتيل، منهم 133 طفل تقل أعمارهم عن 9 سنوات، بمجموع 686 حادث مرور متعلق بحافلات النقل الجماعي، ولو حاولنا عبثا التمعن في مآسي الطرقات التي وقعت منذ سنة تقريبا، لوجدنا أن ما تسببت فيه حافلات نقل المسافرين صار كابوسا حقيقيا حطمت من خلاله أرقام قياسية من حيث عدد الموتى والمصابين، لأنها ببساطة تمثل الموت الجماعي الذي تؤول إليه أرواح الأبرياء في لحظة تهور.
اتحاد الناقلين ينبه
"تكوين السائقين ليس حكرا على التونسيين"
أرجع نائب رئيس نقابة الناقلين خرشي نزيم السبب الرئيسي للحوادث المميتة إلى نقص التكوين وعدم احترافية الناقلين، بدليل أن 80% من حوادث المرور تقع نتيجة أسباب بشرية، منها 55% يتسبب فيها سائقون لم تمر سنتان على منحهم رخص السياقة، وهو ما جاء به قانون 2001 الذي يؤكد وجوب امتلاك كل سائق حافلة أو سائق نقل جماعي لدبلوم، وتعتبر عملية منح الدبلوم مسؤولية الدولة، غير أن هذا الاختصاص لم يفتح لحد الآن. وأضاف خرشي "الدولة عاجزة عن منح التكوين للسائقين الذين يتجاوز عددهم مليون سائق، لذا لابد من تكوين مديري مدارس السياقة، وهم من ينوب عن عملية تكوين السائقين". من جهة أخرى يستغرب الناقلون موقف وزارة النقل التي تركت مجال التكوين في الجزائر لصالح الناقلين والسائقين في تونس، حيث يربط وزارة النقل التونسية عقد طويل المدى مع المدرسة الوطنية لتطبيق تقنيات النقل البري بباتنة التي لديها سمعة عالمية، وهذا من أجل تكوين مدارس السياقة التونسية منذ سنة 2008، حيث كان هؤلاء يدرسون في الأردن قبل أن يتراجعوا عن ذلك بسبب ارتفاع تكاليف التكوين، وهو دليل واعتراف كبير على أهلية المدارس الوطنية لتكوين الناقلين بغرض تقليل حوادث المرور.
نظام السياقة الافتراضي.. هل هو الحل؟
طالب الناقلون بتجهيز مدارس التعليم بنظام السياقة الافتراضية الذي يحسن مهارات السائق المتربص، وينمي قوة الإدراك أثناء السياقة، حيث اعتمده الاتحاد الأوربي منذ سنة 2007، ما ساعد على التقليل من حوادث المرور، ويمكن الجهاز من تنقيط المتربص بشكل دقيق ومهني إلى أبعد الحدود، ويمنح له أرضا افتراضية شبيهة بالواقع ب98% ، زيادة على قياس معدلات نبض القلب والانفعال وضغط الدم وغيره، وهي الأمور التي ستسمح بتقييم السائق وتوجيهه قبل أن يدخل الواقع الحقيقي، ويؤكد الناطق الرسمي لمنظمة الناقلين على أن منظمته طالبت بتركيب الجهاز لدى كل مدارس السياقة عبر الوطن واعتماده رسميا، لا يتعدى ثمنه 100 مليون سنتيم، ويمكن للدولة المساعدة على جلبه وتقسيط أثمانه لمدارس السياقة، زيادة على أن العديد من العلامات التجارية للسيارات الموجودة في الجزائر يمكن أن تهدي الجهاز مجانا كترويج للعلامة التجارية.
السعيد دريدي.. 16 ألف كم للحج وسجل خال من الحوادث
ونحن نقوم بهذا التحقيق عن حوادث المرور والكوارث التي تتسبب فيها الحافلات، تفاجأنا بخبر حادث أليم وقع بالطريق الوطني رقم 5 الرابط بين باتنة وسطيف، إذ أدى اصطدام حافلة مع شاحنة إلى وفاة 4 أشخاص وجرح 20 في حصيلة أولية، ما جعلنا نسلط الضوء على سائق حافلات يقال إن سجله خال تماما من أي حادث، منذ أن بدأ يجلس خلف عجلة القيادة في عام 1968 وهو في سن ال17.
عمي السعيد دريدي، أب ل10 أبناء، كان ولا يزال من أشهر سائقي الحافلات خاصة الخط الرابط بين قسنطينة وسطيف، كان ينقل الطلبة إلى جامعة قسنطينة، ورغم ذلك كان الجميع يسافر بكل أمان مع عمي السعيد، حج إلى البيت الحرام برا بحافلة على متنها 45 حاجا على طول 16 ألف كم.
ورغم ذلك عاد مع الحجاج بعد رحلة دامت شهرين وهم في قمة السعادة، استضفناه بمكتبنا الولائي بسطيف وفتح لنا قلبه. ويتألم عمي السعيد وهو يرى في كل يوم مشاهد ضحايا الحافلات بالعشرات، وأرجع كل ذلك إلى نقص الرقابة سواء من طرف صاحب العمل أو الحافلة، ومن جهة أخرى المصالح المعنية بتطبيق قانون النقل وحركة المرور، مستغربا "كيف لشاب ذي 24 سنة قيادة حافلة على متنها 50 مسافرا، يضع سماعات الأذن ويدردش مع صديقه ويلبس نعلا صيفيا"، كل هذه الأمور قادت عمي السعيد لاستعادة ذاكرته مع مشواره الطويل "صدقوني أخاف كل يوم أستقل فيه الحافلة عندما أنظر من خلفي، وأزداد خوفا عندما أشاهد أطفالا صغارا نائمين وأقول في نفسي: ربي يقدرني".
,يروي عمي السعيد كيف نظم رحلة إلى الحج رفقة 90 مسافرا على متن حافلتين، حيث وجد نفسه دون سائق معاون بعد أن تم حرمانه من دفتر الحج، فاضطر للسير لوحده رفقة سائقين للحافلة المرافقة، غير أن العجيب في الأمر هو التعامل الفريد من نوعه مع الحجاج المسافرين، إذ كانوا لا يفارقونه: يجهزون له الطعام ويقومون بتحضير الفراش له عند النوم، وكأنه في إقامة 5 نجوم، وهذا إدراكا منهم بأهمية راحته تفاديا لأي حادث مرور، خاصة بعد أن شاهدوا بأعينهم حادث مرور وقع بين الأردن والسعودية، توفي فيه أكثر من 20 طالبا كانوا على متن رحلة إلى الحج، وكانت الرحلة هدية من السلطات المصرية نظير تفوقهم الدراسي.
الخبير في التحليل النفسي والسلوك عبد الرحمن الوافي ل"الخبر"
"يجب إخضاع المترشح لرخصة السياقة إلى اختبار نفساني"
تناول الدكتور عبد الرحمن الوافي المتخصص في التحليل النفسي بجامعة الجزائر 2، أسباب حوادث المرور والوقاية منها في العديد من الدراسات العلمية والمقالات التحليلية، خاصة من الجانب النفساني للسائق الجزائري. وفي هذا الحوار، يطرح الدكتور جملة من الأسباب والحلول لاحتواء الظاهرة.
أجريت دراسة حول أسباب الحوادث، ما هي النتائج التي توصلت إليها؟
نحن اليوم بحاجة إلى تحليل الظاهرة علميا لأن الإجراءات الحكومية، على غرار اعتماد رخصة السياقة بالتنقيط، لم تغير شيئا، ومازال المواطنون يموتون يوميا بأعداد كبيرة في حوادث مروعة، والحملات التحسيسية هي الأخرى لم تعد مجدية، وقانون المرور الحالي فرض عقوبات صارمة وغرامات مالية، غير أنها لم تغير شيئا شأنها شأن إجراء سحب الرخصة. نحن أمام مشكلة إنسانية، نفسية واجتماعية كبيرة.
ما هي الحلول الممكنة في نظرك كباحث؟
الحل يتمثل في تعليم الفرد السياقة الصحيحة، بمعنى توعية السائق على القيادة المثالية، لأن 90% من الحوادث سببها السائق. وللتوضيح، فإن الفرد الجزائري يتميز بسلوك عدواني في السياقة، وهذا ما يتطلب مروره عبر اختبار نفسي عند تسجيله في مدرسة تعليم السياقة، لتحديد قدرته على القيادة من عدمه. أما على مستوى القوانين، فإن من الضروري إصدار قانون على الأقل يمنع منعا باتا تدخل أشخاص آخرين للدفاع عن السائقين الذين ارتكبوا مخالفات، إلى جانب تكثيف المراقبة الرادارية واستخدام الملصقات التحسيسية من أجل إثارة الاهتمام النفسي للسائقين من خلال الصور المرعبة للحوادث.
من هي الجهات المسؤولة عن الحد منها؟
مدرسة السياقة هي المحطة الأولى المسؤولة عن هذه الحوادث، لأنها لا تكون الفرد للسياقة الصحيحة، ولا تحترم الحجم الساعي الكافي لتعلم السياقة، في وقت من المفروض أن تعمل هذه المحطة على زرع ثقافة احترام قانون المرور والالتزام به، فهناك ضرورة حتمية لمراجعة ومراقبة نشاطها، لأن الأمر يتعلق بسائقين لديهم تفاوت في المستويات المادية والفكرية وفي الآراء والاتجاهات والنظرة إلى الحياة مع باقي أفراد المجتمع، علما أن عوامل السن والجنس والخبرة والحالة الجسمانية والنفسية وغيرها تؤثر في عدم احترامه لقانون المرور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.