نجحت السلطة في تشكيل شبه إجماع لدى كافة أطياف المعارضة، حول شخص عبد الوهاب دربال الذي يرغب الرئيس بوتفليقة تنصيبه على رأس الهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات، حيث اعتبروا أن الرجل محترم جدا و يملك من الكفاءة و المصداقية والقدرة كذلك على الاطلاع بالمهام الملقاة على عاتقه، إلا أنهم اصطفوا في النقيض المقابل معتبرين أن المشكلة ليست في الشخص ولكن تتعلق بالهيئة وقوانينها وصلاحياتها، ومقدرتها على تحقيق انتخابات شفافة و نزيهة. في السياق، قال، أمس، رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، ل"الحوار" بخصوص تعيين عبد الوهاب دربال على رأس هيئة مراقبة الانتخابات، إن الحركة تعتبر عبد الوهاب دربال رجلا محترما جدا، لكن المشكلة بحسبه ليست في شخصه و لكن في الهيئة نفسها. وعلق مقري عن هذا التعيين قائلا: "ليس لنا أن نبدي رأينا في عبد الوهاب دربال كرئيس لهيئة مراقبة الانتخابات فهو شخص محترم وليس لنا أي تحفظ عليه كشخص، ولكن العلاقة لا تتعلق بالشخص ولكن تتعلق بالهيئة وقوانينها وصلاحياتها، لقد سبق لنا أن عبرنا عن رفضنا لهذه الهيئة ورفضها نوابنا في البرلمان وكون رئيسها هو عبد الوهاب دربال أو حتى لو كان صحابيا مرضيا عنه لا يغير من الأمر شيئا"، معتبرا: "هذه الوسائل قديمة ومملة، فقد كانوا يختارون شخصيات تاريخية ذات مصداقية لمثل هذه المهمات للتغطية على مخططات معدة مسبقا فيشوهوا مصداقيتهم ثم ورطوهم للدفاع عن التزوير، ويبدو أن الخزينة القديمة قد فرغت من هذه الشخصيات فبدؤوا باستعمال شخصيات جديدة من نوع آخر لنفس الغرض، الشيء الوحيد الذي يمنع التزوير هو أن تقرر عدم التزوير، أما غير ذلك فلا معنى له، ونحن إذا قررنا المشاركة في الانتخابات رغم هذه الألاعيب فلكي نمتحن الإرادة السياسية للسلطة ولكي نمعنها من التمتع بانتخابات غير مزورة بسبب عدم التنافس".
* وجب التكلم عن السياسيات و ليس الأشخاص الأمين العام لحركة النهضة محمد ذويبي، اصطف في نفس تيار مقري، حيث أوضح ل"الحوار"، أن تشكيلته لا تشكك في نزاهة ووطنية عبد الوهاب دربال، معتبرا: "اليوم نتكلم عن السياسيات و ليس الأشخاص، الأحزاب تطالب بشروط نزاهة الانتخابات وتوفير الحياد في الجهة التي تشرف و تنظم الانتخابات، تمسك السلطة بالهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات يبقي الادارة المشرف المباشر على تنظيم الاستحقاقات، التي لم تكن يوما حيادية و لكن كانت الادارة متحيزة الى أحزاب السلطة".
وشدد محدثنا أن الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات تراجع عن المكتسبات المحققة، كون الأحزاب غير ممثلة و تركيبتها البشرية تنصب بالتعيين ، مؤكدا أنها لا تستطيع أن تراقب كل العملية الانتخابية، على اعتبر أن أكثر من 60 ألف مكتب اقتراع تتشكل عبر 48 ولاية في كل عملية انتخابية".
بدوره، الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني، فيلالي غويني ، أوضح ل"الحوار"، أن تشكيلته تلقت استشارة من مدير الرئاسة باعتزام الرئيس بوتفليقة تعيين عبد الوهاب دربال على رأس الهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات: "في حقيقة الأمر نحن لا نملك أي تحفظ على الشخص و لا في كفاءته و قدرته على الاطلاع بهذه المهمة، ولكن مطلبنا واضح و هو الذهاب إلى هيئة عليا للإشراف و تنظيم الانتخابات من بدايتها إلى نهايتها، و حتى هذه المهمة التي أوكلت لهذه الهيئة بعددها المحدود فإنها لا يمكنها أن تطلع بهذه المهمة، كون مكاتب التصويت بعشرات الآلاف، عبر الوطن، 420 عضو المشكل للهيئة لا يمكنهم أن يلاحظوا و يراقبوا العملية الانتخابية عبر 48 ولاية"، مشددا: "نعتبر في حركة الإصلاح الوطني أن الهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات في مهمة مستحيلة ، ما لا يحفظ العملية الانتخابية مصداقيتها، و بالتالي فإن تحييد الادارة و مؤسسات الدولة في تقديم الدعم لطرف دون آخر واجب، لترك الأحزاب تمارس مهامها".
* خيار يعبر عن الخروج من الرؤية النمطية إلى شخصية تحقق الرضا وعن موقف حركة البناء الوطني من رغبة الرئيس بوتفليقة تنصيب عبد الوهاب دربال على رأس الهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات، رد الأمين العام أحمد الدان، في تصريح ل"الحوار" قائلا: "الأستاذ عبد الوهاب من الإطارات المعروفة بالتزامها الوطني والصراحة والجرأة، وأعتقد انه من الاختيارات التي تعبر عن الخروج من الرؤية النمطية إلى شخصية تحقق الرضا من العديد من الجهات، ونحن أيضا نثمن خطوة التشاور مع الأحزاب السياسية التي بادرت بها الرئاسة". وحول طعن المعارضة في الهيئة نفسها و ليس في شخص دربال، شدد محدثنا: "التجارب الماضية كانت اللجنة فيها غير حيادية منذ 1995، ولكن هذا لا يعني أن ندعو إلى إلغائها، ووجود الأستاذ دربال على رأس اللجنة سيضعه أمام مسؤولية تاريخية في إعطاء هذه اللجنة نقلة نوعية في الشهادة بالحق على العملية الانتخابية و نتائجها".