مريم بن مولود : المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية سيساهم في تعزيز السيادة الرقمية    الجزائر-جمهورية كوريا : أهمية تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والصيد البحري    وزير الداخلية يؤكد من خنشلة: الرئيس يعمل على تغيير الأوضاع وتحصين البلاد    أوامر بتجهيز مرافق أخرى: برمجة فتح 26 هيكلا تربويا في الدخول المدرسي    تكليف منتخب لتسيير بلدية عنابة مؤقتا    زيدان يحدد موقفه النهائي من تدريب بايرن ميونخ    الجزائر شريك استراتيجي لقطر    "حماس" تبلغ الوسطاء القطريين والمصريين بالموافقة على مقترحهم بشأن وقف إطلاق النار في غزة    التقارب بين الأفارقة.. جدار يُحبط المؤامرات    سريع الحروش ثالث النازلين: نجم هنشير تومغني رسميا في جهوي قسنطينة الأول    توقيع بروتوكول إطار للتعاون البرلماني    اتفاقية لتسويق منتجات كيمياوية جزائرية بموريتانيا    تعزيز المرافقة النفسية لذوي الاحتياجات الخاصة    ضبط كل الإجراءات لضمان التكفل الأمثل بالحجاج    شرطة قسنطينة تسترجع كوابل مسروقة    سطيف: الوالي يعاين مشروع التحويلات الكبرى انطلاقا من سد"تيشي حاف"    قال بالتضحيات الجسام في سبيل استقلال الوطن،محمد لعقاب: الصحافة كانت مرافقة للثورة في المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي    الحماية المدنية..عيون ساهرة وآذان صاغية لمواجهة أيّ طارئ    تنظيم احتفالية الخميس المقبل لإحياء ذكرى تأميم المناجم وتأسيس شركة سونارام    وزير السكن والعمران والمدينة،طارق بلعريبي: سنطلق قريبا برنامج جديد للسكن الترقوي العمومي    الإطاحة بشبكة إجرامية وطنية من 3 أشخاص    النخبة الوطنية تنهي المنافسة في المركز الثالث    وفاة المدرب سيزار لويس مينوتي    المعركة ضد التّطبيع متواصلة بالمغرب    العدوان الصهيوني على غزة: الإحتلال يشن سلسلة غارات على مناطق متفرقة من رفح    "الجزائر شريك استراتيجي في التعاون الإفريقي: الفرص وآفاق التعزيز" محور ملتقى بالجزائر العاصمة    50 مصمّمة تعرضن الأزياء الجزائرية.. هذا الخميس    بلعابد يستقبل رئيس الاتحاد الدولي للرياضة المدرسية : إنجازات الرياضة المدرسية في الجزائر "استراتيجية وقوية"    "الطيارة الصفراء".. إحياء لذاكرة المرأة الجزائرية    الإتحاد الافريقي يؤكّد دعمه للمصالحة اللّيبية    سيدي بلعباس.. رهان على إنجاح الإحصاء العام للفلاحة    المرصد العربي لحقوق الإنسان: إجتياح جيش الإحتلال الصهيوني لرفح "جريمة بحق الإنسانية"    الأسرى بين جحيم المعتقلات وانبلاج الأمل    الصناعات الصيدلانية : الإنتاج المحلي يلبي أزيد من 70 بالمائة من الاحتياجات الوطنية    وزير الصحة يشرف على آخر لقاء لفائدة بعثة حج موسم 2024    دراجات/طواف الجزائر-2024/: عودة نادي مولودية الجزائر للمشاركة في المنافسة بعد غياب طويل    المغرب : بعد ازيد من 4 أشهر من الاحتجاجات, طلبة الطب يتخذون خطوات نضالية تصعيدية جديدة    500 موقع للترويج لدعاية المخزن    وهران : افتتاح صالون التجارة الالكترونية والاقتصاد الرقمي    ندوة تاريخية إحياءً لرموز الكفاح الوطني    بلمهدي يحثّ على الالتزام بالمرجعية الدينية    بأوبرا الجزائر بوعلام بسايح..المهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السيمفونية من 16 إلى 22 ماي الجاري    في دورته التاسعة.. "الفن موروث ثقافي حافظ للذاكرة" شعار الرواق الوطني للفنون التشكيلية    قدمها الدكتور جليد قادة بالمكتبة الوطنية..ندوة "سؤال العقل والتاريخ" ضمن منتدى الكتاب    في دورة تكوينية للمرشدين الدينيين ضمن بعثة الحج: بلمهدي يدعو للالتزام بالمرجعية الدينية الوطنية    ثبات وقوة موقف الرئيس تبون حيال القضية الفلسطينية    إشادة وعرفان بنصرة الرئيس تبون للقضية الفلسطينية    يقرّر التكفل بالوضع الصحي للفنانة بهية راشدي    الجزائر تدفع إلى تجريم الإسلاموفوبيا    دليل جديد على بقاء محرز في الدوري السعودي    "الكناري" من أجل مغادرة المنطقة الحمراء    تعريفات حول النقطة.. الألف.. والباء    عمورة في طريقه لمزاملة شايبي في فرانكفورت    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طمار ورث تركة ثقيلة في قطاع هجرت كفاءاته
نشر في الحوار يوم 30 - 08 - 2017

عبد الوحيد طمار سيعيد بعث قطاع السكن عبر مصالحة وطنية
تحديات كبيرة تنتظر الوافد الجديد على قطاع السكن
إعادة بناء جسور الثقة بين الشركاء أولوية للوزير
لو استلمنا المسجد الأعظم حاليا سيكون مستودعا حسب دراسة المكتب الألماني
الاستثمار في الإطارات الجزائرية حتمية لتدارك التأخر وإعطاء نفس جديد للقطاع
قال رئيس المجلس العربي الأعلى للمعمار والعمران وتطوير المدن، والخبير لدى هيئات النقد الدولية، جمال شرفي، إن الوافد الجديد على وزارة السكن والعمران والمدينة، عبد الوحيد طمار، سيضيف لمسة خاصة في القطاع، كونه أول مهندس معماري يعتلي منصب وزير السكن منذ الاستقلال، مؤكدا أن المصالحة الوطنية في قطاع السكن ستكون أولى خطوات طمار للنهوض بالقطاع لإعادة ربط جسور الثقة التي فقدت بين جميع الشركاء سابقا.

* عرفنا أكثر بوزير السكن عبد الوحيد طمار
– طمار صديق وزميل اشتغلنا مع بعض جيدا لفترة كبيرة قرابة ثلاث سنوات، كان مدير التعمير وبعدها مدير الهندسة المعمارية والتعمير، اشتغلنا على عدة ملفات في المجلس الوطني، جد متفائل بقدومه على رأس وزارة السكن والعمران والمدينة، كان تصريحه قويا في الأيام القليلة الماضية، وتأكيده على أنه ليس وزيرا لمشاريع عدل فقط، بل وزيرا للسكن والعمران والمدينة، اشتغلنا أيضا على مجموعة من الملفات ومن بينها إعادة مراجعة قانون التعمير 29.90، كونه اشتغل منصب مدير تعمير سابقا في مدينة وهران وتخصصه في مجال الهندسة المعمارية حافز كبير سيضمن نجاح تجربته في تسيير هذا القطاع، كما كانت له تجربة ناجحة في ولاية مستغانم أين ترأس جهازها التنفيدي من أوت 2015 إلى أوت 2017 تاريخ تعيينه وزيرا على القطاع.

* ماذا يميز الوافد الجديد إلى وزارة السكن والعمران والمدينة عن سابقيه؟
– مايميز طمار أنه مهندس معماري، وهو أول معماري يعين وزيرا لقطاع السكن منذ 1962، أعطى تصريحات قوية خاصة فيما تعلق الأمر باهتمامه بقطاع السكن والمدينة والعمران كثلاثية متكاملة، دون تفضيل السكن عن العناصر الأخرى المهمة، بالإضافة إلى تصريحه بضرورة رقمنة رخص البناء للقضاء على البيروقراطية. له خلفية كبيرة أكثر من سابقيه، لأن التخصص يلعب دورا كبيرا في اعتلاء مناصب الدولة، جميع الوزراء لديهم شهادة المدرسة العليا للإدارة لكن الآن تجربة وزير مهندس ستضيف للحنكة الإدارية لمسة تقنية خاصة، تمكنه من معرفة خبايا القطاع بزواياه المظلمة، بالإضافة إلى تقربه من الانشغالات المطروحة والتعرف على حقائق الأرقام.

* ما هي التحديات التي تواجه عبد الوحيد طمار في الوقت الحالي ؟
– أكيد أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الجزائر ستجعل الوزير أمام تحديات كبيرة، فالفترة الحالية بعيدة كل البعد عن فترة تبون وسلال، هذا الأخير جاء في فترة البحبوحة المالية، حيث كانت كل المشاريع مصادق عليها من طرف رئيس الجمهورية، لم تكن هناك معوقات وتحفظ في انجاز المشاريع، قطاع البناء من أكبر القطاعات المستهلكة لأظرفة مالية جد ضخمة حيث استهلك القطاع في العشر سنوات الأخيرة 51 مليار دولار.
ما تم إنجازه من برامج الرئيس منذ سنة 1999 إلى يومنا هذا هي برامج المليونيات، برامج تتعدى 3 ملايين وحدة سكنية بمختلف الصيغ بين السكن الريفي والاجتماعي والتساهمي وصولا إلى سكنات عدل وسكنات LPP، كانت ثورة كبيرة في الإنجاز، اللمسة التي سيضيفها وحيد طمار باعتباره مارس مهمة مدير التعمير والبناء في ولاية وهران ثم مارس مهمة رقابية أخرى في مفتشية التعمير كان لها دور رقابي في الإطار المبني وكان ذلك في مدينة وهران، كنا ننادي سويا بضرورة عدم اختزال وزارة السكن والعمران والمدينة في عدل فقط، لأن السكن هو جزء بسيط جدا ضمن هذا الإطار المبني، كما اشتغلنا على إشكاليات التعمير في الجزائر عندما كان يشغل منصب مدير عام للهندسة المعمارية والعمران في الوزارة، ملف آخر ضخم وهو مراجعة قانون التعمير، الذي من خلاله ستتم مراجعة أدوات التعمير المتمثلة في المخطط العام للتهيئة والتعمير ومخطط شغل الأراضي، لأن أدوات التعمير لم تراجع منذ سنة 1990، وبعد مرور 26 سنة تقرر أنه يجب تحديث هذا القانون لإعطاء منظور آخر لهذه الأدوات على غرار التنمية المستدامة والتعمير الأخضر، بدأنا ورشة عمل مهمة جدا مع خبراء ولجان، أين قمنا بدعوة العديد من الخبراء والإطارات الجزائرية، ولكن للأسف لم تكن هناك متابعة لأنه عين واليا على ولاية مستغانم.
كنا ننوي إحداث تغيير في منظور الإطار المبني، خاصة ما يخص فوضى العمران التي تشهده الجزائر نتيجة فقر الترسانة القانونية وغياب القوانين المنظمة للإطار المبني، من ضمن الورشات أيضا المرسوم التنفيدي 15-19، والذي يخص عقود التعمير، أين تم آنذاك بطلب من رئيس الجمهورية تخفيض مدة رخصة البناء إلى 21 يوما وهذا ما جعل الجزائر تصنف من طرف البنك العالمي ما أكسبها نقاطا في التصنيف في تحسين مناخ الأعمال في الجزائر. للأسف الزميل طمار لم يستمر معنا وانتقل إلى مستغانم، أعطى لولاية مستغانم لمسة خاصة لأنها كانت تتميز بطابع فلاحي سياحي، حيث كانت له نظرة لتطوير السياحة بمفهومها العميق، كما ساهم في خلق ديناميكية كبيرة على مستوى الولاية.
الوزير طمار اليوم، أمام تحديات عديدة، لإعادة هيكلة قطاع عدل واستعادة جميع الكفاءات الجزائرية التي تم إقصاؤها في عهد تبون، من المؤكد أن الوافد الجديد سيعيد إعطاء البعد الشمولي للقطاع من خلال التسيير التشاركي الذي تم إهماله من طرف الوزراء السابقين.

* ماذا يعاب في قطاع السكن حاليا؟
– الدولة سخرت إمكانات ضخمة للنهوض بالقطاع، لكن لم نصل إلى نتائج إيجابية، كانت النتيجة سلبية على جميع الأصعدة، هناك فراغ قانوني كبير من حيث القوانين التي تضبط وتعطي النوعية حقها، تم اختزال دور المهندس المعماري في البرامج السكنية، حيث جعلوه مجرد متناول ثانوي مع المقاولة. القاعدة تقول إن المهندس المعماري دائما هو القاطرة، ومعيار تقدم الشعوب يقاس بمعمارها كما هو موجود في دبي ودول أخرى، فبدون أن تعرف أن هذا الشعب متقدم أو متخلف العمارة هي الصورة الحقيقية التي تعكس هوية الشعوب ومستواها.
لما ننزع العمارة الاستعمارية من الجزائر العاصمة والمدن الكبرى، سنتساءل حينها ماذا قدمنا نحن في جيل الاستقلال، غرقنا في مصطلح الاستعجالية التي جعلتنا نهمل فنون العمارة، ودائما نطبق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة.

* تحدثت عن العمارة والهوية، أين هي العمارة الجزائرية من هذه الهوية؟
– أنجزنا عمارات بدون روح ودون هوية معمارية، أشعر بالحرج عندما أكون في الخارج ويسألونني كمهندس معماري هل تستطيع أن تعرفنا بخصائص العمارة في الجزائر؟ أهملنا هذه الهوية في الوقت التي نجحت فيه البلدان المجاورة كالمغرب وتونس من بصم هويتها في صورتها العمرانية.
كان هناك المرسوم التشريعي 94-07 المتعلق بشروط النتاج المعماري وممارسة مهنة مهندس معماري في مادته الثانية والثالثة والرابعة يشدد على ضرورة تثمين المنتوج المعماري، دور السلطات المحلية هو إعداد دفاتر شروط لكل منطقة بخصائصها المعمارية الواجب اتخاذها بعين الاعتبار، غير أن هذا الأمر لم يتم لأن هناك ضعف كبير لدى المسؤولين الذين يشرفون على القطاع، أصبحت هناك شعبوية وفوضى في العمران لدرجة أننا البلد الوحيد في العالم الذي سن قانون يسوي الفوضى. يجب أن يكون هناك ردع لأن الخطأ في الإطار المبني لا يصلح، عظمة الشعوب التي مرت عرفناها من عمارتها والقصبة عبارة عن درس من دروس العمارة، غرداية أيضا دروس في الهندسة المعمارية، هندسة بيئية ذات طابع صحراوي بالرغم من أنها بنيت من دون معمارييين.
أخشي أن يأتي علينا يوم، إما أن نطوى في سجل هذا التاريخ أم سيذكروننا وينعتوننا بعيوب كبيرة نتيجة هذه العمارات التي تشيد حاليا، هي عبارة عن علب كبريت عمارة نمطية بدون هوية، غريبة على المجتمع الجزائري.

* ماذا كان يجدر بنا فعله لتفادي الوقوع في هذه الأخطاء ؟
– كان الأجدر بنا أن نضيف نوعا من دفاتر الشروط وإعطاء الاهتمام الأكثر بالجوانب المعمارية، لإنتاج عمارة تعكس لنا روحا وهوية وثقافة وتحل أزمة السكن، للأسف نحن خسرنا الرهان من الجهتين كانت هناك استعجالية لكسب الوقت، لم نكسب وقتا والدليل على ذلك لم ننته من مشاريع عدل 1 وعدل 2، حيث كانت عبارة عن مواعيد زائفة.
من الضروري الآن، البدء في إعطاء الاهتمام الكبير للدراسة قبل الإنجاز، لكي نكسب الوقت في الإنجاز، الدراسة المتأنية والدقيقة بدون أخطاء سيكون نتاجها جانب جمالي دائم، في الجزائر نمارس العكس نعطي اهتماما ووقتا لمرحلة التشييد على حساب الدراسة.

* أين يكمن المشكل؟
– للأسف مسؤولينا ليس لهم ثقافة العمارة والعمران، رخصة البناء هي مجرد إجراء إداري للحصول على الورقة، كل هذا في ظل غياب تام للرقابة وللنصوص القانونية لأنها أصبحت اليوم ضرورة حتمية للقضاء على هذه الفوضى التي قضت على الصورة الجمالية للجزائر.
يجب أن نشتغل لملء الفراغ القانوني الذي يعيشه القطاع، يجب إلزام المواطن حتى في بناء سكنه الخاص بضرورة المرور على مهندس معماري في الدراسة والمتابعة وأن تكون النتيجة مطابقة للتصميم الأول، حيث يكون التصميم وفق الخصائص المعمارية لكل منطقة، وذلك من خلال إعداد دفاتر شروط تحترم خصوصيات كل منطقة، فأن تبني في الصحراء بالخرسانة المسلحة اغتصاب للطبيعة.

* تركة تبون، هل هي ثقيلة على عبد الوحيد طمار ؟
– طبعا هي حمل ثقيل على عاتق الوافد الجديد على وزارة السكن والعمران والمدينة، وأنا أقول طمار ورث قنابل موقوتة. ترييف المدن الجزائرية والتطور العشوائي الأفقي الذي قضى على الاحتياطات العقارية، مشاريع سادتها الكثير من الضبابية يجب أن تكون لهذه المشاريع نظرة شمولية ذات بعد بيئي وجمالي وعمراني، فيما سبق كنا لا نخطط، ففي مشاريع عدل الأرضية كانت تختار جزافا، لأن توفير السكن كان الهدف الأساسي على حساب البيئة والعمران والمظهر العام للمدينة لكسب السلم الاجتماعي.
العديد من الولايات الداخلية تعيش وسط تعتيم الحقائق، والكثير منها لم يزرها وزير السكن منذ عشرات السنين، مشاريع عدل ليست للعاصمة فقط و48 ولاية الكثير منها همشت، يجب حاليا إعادة بناء جسور الثقة بين المواطن والإدارة الحالية.
تبون اعتبر نفسه وزيرا للعدل والمسجد الأعظم فقط، وأهمل جميع الجوانب الأخرى المهمة، تناسى جميع المشاريع الأخرى والتي من ضمنها ما تعاني منه المدن الجزائرية في التراث المبني وإعادة تأهيل المدن مع وضع اعتبار وأهمية للهوية المعمارية وعمليات الترميم. تركة ثقيلة في قطاع هجرت كفاءاته، تبون قام بعملية جزأرة للقطاع قام بتهجير إطارات القطاع، فمثلا كانت الانطلاقة جيدة لمشاريع عدل مع المدير الأول لهذه المشاريع إلياس بن إدير، بعد ذلك تمت إقالته مع العديد من الإطارات على المستوى المركزي، شيء مؤسف، إطارات ذات كفاءات عالية تم تهجيرها قصرا، الزميل طمار ورث قطاعا منهكا ومفرغا من كفاءاته، تمثيلية الوعود أثبتت فشلها لأنها أخلفت في جميع المحطات.

* كيف ترى خطوة طمار بفتح باب الحوار ورد الاعتبار للكفاءات الجزائرية للإقلاع بالقطاع ؟
– طمار فتح باب الحوار مع كل المتداخلين دون احتكار، يولي اهتماما كبيرا بالجانب الجزائري وبالإطارات الجزائرية، معركته كانت رفع النوعية وتحسين المنتوج المعماري والإطار المبني الجزائري، وإعطاء لكل دوره وحجمه الطبيعي، في اعتقادي الوزير يجب أن يركز على اختيار مستشاريه، النقطة السوداء في سجل سابقيه أنهم لم يستعينوا بمستشارين أكفاء، هناك كفاءات جزائرية همشت وأقصيت ولديها بنك معلومات كبير، الوزير ملزم باختيار طاقم استشاري بجانبه، خطوة لم يعمل بها سابقوه ما أدى إلى تغليط الوزراء في بعض المعلومات، وهذا ما عجل بإطاحة العديد منهم. نستطيع الاستفادة من الخبرة الجزائرية لإعادة رفع التحدي في هذا القطاع، ما يميز عبد الوحيد طمار أنه منفتح على كل ما هو وطني، إنسان عملي علمي في تفكيره قابل للحوار يؤمن بالكفاءات الوطنية التي يجب استعادتها لإعادة بعث القطاع من جديد. الجزائريون ذوي كفاءة أكثر من الأجانب، أدعوه إلى ضرورة استعادة كل الإطارات الجزائرية التي هجرت، والاستثمار في العنصر البشري ضرورة حتمية لتدارك التأخر وإعطاء نفس جديد للقطاع.

* على ذكر الكفاءة الجزائرية، تم تكريمك في محطات سابقة وشرفت الجزائر بعد نيلك للذرع الذهبي، كيف كانت التجربة ؟
– شاركت في المؤتمر العالمي للإسكان بالقاهرة، ونلت الذرع الذهبي بعد المداخلة التي قدمتها حول سياسة الجزائر في مجال الإسكان، تشرفت بتمثيل الجزائر وحصد المرتبة الأولى بين 38 دولة مشاركة، كانت تجربة جد مهمة لنقل التجربة الجزائرية في مجال الإسكان إلى الدول الأجنبية. سياسات الجزائر في مجال الإسكان ناجحة خاصة السكن الاجتماعي ورهان القضاء على السكنات الهشة، ما يخصنا اليوم هو إعادة بعث الروح داخل هذه السياسات من جديد للوصول إلى الأهداف المسطرة للقضاء على النقائص الموجودة في مختلف الصيغ السكنية، وهذا بغية تحقيق ما تم تقديمه من طرف الإطارات الجزائرية في المحطات الدولية.

* كل المشاريع الضخمة تكفلت بها شركات أجنبية بما فيها المسجد الأعظم لماذا ؟
– أغلبية المسؤولين لهم عقدة مع كل ما هو جزائري، ومنبطحين لكل ما هو أجنبي، أهملنا المقاولة الجزائرية والإطارات الجزائرية بحجة توفير الوقت، سياسة استعجالية خلقت لنا لوبيات موازية لها تأثير حتى في القرارات السياسية، الجزائر تمتلك مقاولات جزائرية مهمة وبإمكانات معتبرة، تمت الاستعانة بالأجانب بحجة أن المشاريع ضخمة وتتطلب تكنولوجيات جديدة لتدارك التأخير، غير أننا اكتشفنا أن ما بني كنا نتحكم فيه في سنوات السبعينات لأن النظام التقليدي الذي يستعمله الصينيون والأجانب هو بناء متحكم فيه سابقا.

* ماذا أضافت التجربة الأجنبية في هذه المشاريع ؟
في الحقيقة لم تضف شيئا، كان الأجدر بنا أن نستثمر في الوسائل الوطنية للإنجاز سواء العمومية أو الخاصة والدليل حسب التقديرات الأولية أن أكثر من 57 بالمائة من ما أنجز في الجزائر في قطاع السكن أنجز بمقاولات جزائرية، كان باستطاعتنا تطوير الوسائل الوطنية وإنشاء مؤسسات عملاقة بالشراكة بين الخواص والشركات العمومية لربح أدوات جزائرية مطورة للإنتاج، خسرنا الكثير في كل الحالات أصبحنا رهينة لدى المقاولات الأجنبية، زيادة على ذلك العملة الصعبة التي تستنزف في ظل الأزمة المالية التي تمر بها الجزائر، كان الأجدر أن نستثمر هذه الأموال الضخمة في تطوير المنظومة ونقل التكنولوجيا بالإضافة إلى تطوير المراقبة والتكوين. تقديم المشاريع للمقاولات الأجنبية من ضمن الأخطاء الكبيرة التي تم الوقوع فيها على حساب الكفاءات الجزائرية التي تم إقصاؤها.
أنا مع فكرة إعادة هيكلة وبعث المقاولة الجزائرية الخاصة والعامة ومرافقتها وتكوينها، وإعادة تأسيس قطاع جديد مبني على أسس متينة يتميز بانفتاح شامل، بالإضافة إلى تثمين كل ما هو جزائري وتحديد الأولويات وإعادة استرجاع الكفاءات الجزائرية التي هجرت وأقصيت.

* بماذا تنصح الوزير الجديد ؟
– على الوافد الجديد على وزارة السكن إعادة تعريف كل متدخل في القطاع وتحديد حيز الأدوار وتعريفها بدقة وهذا ما كان ينقص الوزراء السابقين.
عبد الوحيد طمار لديه نظرة استشرافية جيدة بمنظور يعطي ويبعث الأمل في مختلف الحلقات التي تخص عمليات البناء، السكن والعمران. أنا متأكد أنه سيكرس تجربته في إعادة بعث القطاع بمنظور جدي وشامل معتمدا على إعطاء الحقائق وتشخيص وضع الجزائر الحالي في هذا المجال، تصحيح الحقائق ومصارحة جميع المتدخلين ضرورة حتمية للانطلاق من جديد، وتدارك التأخر في المشاريع بما فيها مشاريع عدل 1 وعدل 2 التي لم تنته بعد، على الوزير أيضا إعادة النظر في هذه المشاريع بنظرة شمولية، تم التصريح سابقا أن 330 ألف وحدة سكنية لم تنطلق أشغالها بعد، ما ينتظره تحدٍ أكبر خاصة أن مكتتبي عدل قاموا بتسديد جزء من المستحقات، أنصحه أيضا كصديق وزميل بتفادي تقديم مواعيد وهمية تجنبا للوقوع في أخطاء سابقيه الذين قدموا العديد من المواعيد الزائفة والتي تسببت في فقدان الثقة بين المواطن والسلطة، إعادة بناء هذه الثقة التي انهارت نتيجة الوعود الكاذبة تحدٍ آخر ينتظر طمار.

* ماذا عن الأرقام والمواعيد التي قدمت في تقارير إلى رئيس الجمهورية؟
– التقارير التي كانت تصل إلى الرئيس كانت مزيفة، أرقام لم تكن تعكس الحقائق، وتقارير الولاة ساهمت في كشف حقائق وقائع القطاع. ما يبعث الأمل اليوم هي تصريحات طمار التي اتسمت بالانفتاح وهذا ما يعطيه امتياز التموقع، أؤكد أن الانطلاق بحقائق حتى وإن كانت مرة أفضل بكثير من الانطلاق بالكذب، عبد الوحيد طمار له فكر تحليلي عملي وعلمي، من المؤكد أنه لن يعطي مواعيد خيالية كغيره وهي سياسة اتبعها سابقوه لكسب رهانات أخرى، سيجتهد على حلحلة الوضعية التي ورثها بخبرته المهنية.

* جمعتك مع الوزير طمار علاقة زمالة، حدثنا عنها؟
– عملنا مع بعض كثيرا، اشتغلنا على إيجاد نص قانوني لخلق الوكالة الوطنية لترميم وإعادة تأهيل البنايات القديمة غير المصنفة كما هو موجود في الدول المجاورة، بالإضافة إلى نص آخر يخص ما يسمى بمجلس المدينة، وذلك من خلال إنشاء سلطة للفضاء المعماري للمحافظة عليه وتجنب اغتصاب المساحات الخضراء، وهي سلطة تنفيذية تستطيع أن تعلو فوق سلطة الوالي، قمنا أيضا بمراجعة مراقبة قانون التعمير الذي لم يراجع منذ 1999، أطالب الوزير بإعادة تفعيل اللجنة الوطنية لمراقبة هذا القانون والذي سيكون لبنة أساسية للقضاء على فوضى العمران، بالإضافة إلى تنظيم دفاتر الشروط ورخص البناء في حاضنة أساسية وفق إطار لائق يعنى بالهوية والتراث.

* المستفيدون من سكنات عدل و LPP متخوفون على سكناتهم، هل سيلتزم طمار بالآجال المحددة ؟
– طمار ورث أرقاما خاطئة في جميع المشاريع الكبرى على غرار مشاريع عدل ومشروع المسجد الأعظم، أمامه تحديات كبيرة للوفاء بالعهود، أكيد أنه لن يعطي وعودا كاذبة كسابقيه، وسيكون أمام حقيقة كبيرة وهي حقيقة الأرقام والوعود، إستراتيجية عمله ستتضح بعد التقارير الدقيقة التي ستصله لاحقا.
الأرقام والمواعيد التي قدمت سابقا كاذبة على جميع الأصعدة لأن هناك ولايات منسية ومشاريع لم تنطلق أصلا، الاعتراف بالخطأ وبمن أخطأ ضرورة حتمية للنهوض بقطاع السكن، أعيد وأثمن خطوة الوزير بتسليط الاهتمام على الكوادر الجزائرية، وإصراره على إعادة بناء جسور الثقة عبر مصالحة وطنية داخل هذا القطاع.

* ماذا عن المسجد الأعظم، هل يمكن استلامه في نهاية 2017؟
– في الحقيقة أنا متشائم جدا لأنه اتضح بأن مكتب الدراسات الألماني تلاعب بنا، ولم يكن هناك ملف للهندسة الداخلية للمسجد، باختصار بالملف القديم الذي تركه المكتب الألماني سنستلم مستودعا مع بعض الروتوشات الخارجية، هندسة المساجد ليست كعمارة المساكن، فهندسة المسجد الداخلية هي عبارة عن 50 إلى 90 بالمائة كتابات ومنمنمات وزخرفة، أؤكد أن هذا المشروع مستحيل أن يستلم بهذا "الريتم" وهذه النقائص المسجلة في نهاية 2017. صحيح يوجد تقدم في المشروع لكن ليس بإمكاننا القول أنه سيكون جاهزا في الآجال التي برمجت سابقا. كما أننا لا نستطيع استلامه جزئيا لأنه مشروع متكامل، الأشغال الثانوية المتبقية هي أشغال ضخمة، وهناك نقائص كثيرة خاصة في الدراسة الداخلية للمسجد.

* كيف سيتعامل الوزير مع هذه النقائص المسجلة؟
– الوزير الحالي سيضع خطة لمرافقة وكيفية تدارك النقص الذي تم تسجيله في دراسة المسجد، لم يفصح عن إستراتيجيته بدقة لكن متأكد أنه يملك إستراتيجية مهمة جدا كمعماري وتقني لتدارك هذه التأخرات والأخطاء، من المؤكد أنه سيخرج العديد من المشاريع من الضبابية التي سادتها سابقا، وسيكون أكثر انفتاحا على الخبرات الجزائرية.

* ماهي إذن النقائص الواجب تداركها؟
– لا تزال العديد من الأشغال الثانوية التي تتطلب وقتا كبيرا، فعملية الديكور الداخلي للمسجد قد تستهلك سنتين أو ثلاث سنوات، بالإضافة إلى محطة توليد الكهرباء التي لم يتم الانطلاق في أشغالها بعد، زد على ذلك مشروع الجسر الذي يربط المسجد بالصابلات، وحفر الآبار لتزويد المسجد بالمياه، إذا هناك العديد من الأشغال المتبقية والتي تتطلب وقتا كبيرا للإنجاز، عملية الديكور الداخلي فقط تستهلك الكثير، وتتطلب يد عاملة حرفية معتبرة.
تغليف منارة المسجد بالحجارة فيه خلل تقني أيضا يجب تداركه، قلت في تصريحات سابقة إننا لا نستطيع تغليف المنارة بحجارة، بين الحائط الخرساني للمنارة وحجارة التغليف هناك فراغ يقدر ب5 سنتيمتر، سيتم تغليف المنارة بكتل حجرية يصل حجمها إلى 3 قناطر، والمعروف أن الجزائر بلد زلزالي، إذا سيكون هناك خطر كبير في طريقة تغليف المنارة.
طرحنا خيارات أخرى، لتدارك الأخطاء التي ارتكبها مكتب الدراسات الألماني، لدى يجب الحفاظ على المنارة بطابعها المعماري الخارجي وإعادة مراجعة طريقة التغليف والأخذ بعين الاعتبار كل المتغيرات المكانية كون الجزائر منطقة زلزالية.

* كلمة أخيرة
– أجدد تفاؤلي بتعيين الزميل عبد الوحيد طمار على رأس وزارة السكن والعمران والمدينة، وأنا متأكد بأن الوافد الجديد سيضع بصمة خاصة على القطاع، وسيعمل على رد الاعتبار للمؤهلات والطاقات الشبابية التي تم تهجيرها، متفائل لحرصه الشديد على إعادة بناء جسور الثقة من جديد بمصارحة شاملة، بغية إصلاح الصورة الضبابية التي اتسمت بها أغلبية المشاريع والبرامج لإعادة دفع القطاع من جديد. تخصصه في الهندسة المعمارية سيضيف لمسة تقنية وفنية وجمالية جديدة لم تضف من قبل على وزارة السكن والمدينة والعمران.

حاورته سمية شبيطة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.