حذرت منظمة الصحة العالمية، في تقرير لها، من الأورام والسرطانات الجلدية الناجمة عن التعرض الطويل لأشعة الشمس فوق البنفسجية، هذه المعضلة الصحية التي لا يعيرها أغلب الناس بالا رغم عواقبها الوخيمة على الصحة العمومية. فالشمس المرادفة للبهجة ولألوان الصيف التي تمنح البشرة اسمرارا وحيوية هي في الحقيقة تمنحنا جمالا زائفا محفوفا بجملة من الأخطار الصحية. كل شخص معرّض لأشعة الشمس فوق البنفسجية خلال الصيف، لكن التعرض لكم قليل من تلك الأشعة مفيد للصحة ويؤدي دوراً أساسياً في إنتاج الفيتامين ''دال''، غير أنّ الإفراط في التعرّض لها يؤدي إلى حدوث مشاكل صحية مختلفة، ولاسيما سرطان الجلد وأنواع ''الكاتاراكت''، حسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية التي قامت في الآونة الأخيرة بتقييم عبء المرض العالمي الناجم عن أشعة الشمس فوق البنفسجية. وتوفّر هذه المعلومات يعتبر أساساً هاماً يمكّن برامج الصحة العمومية وبرامج حماية الصحة على الصعيدين الوطني والدولي من مساعدة الناس على تجنّب التعرّض لأشعة الشمس بشكل غير مناسب. وأفاد التقرير أن الورم الميلانيني الخبيث، وهو ورم جلدي خبيث شديد الوخامة وينطوي على مخاطر صحية كبيرة، غالبا ما يصيب من يتعرضون لأشعة الشمس دون حماية، حيث تشير التقديرات الواردة في تقرير منظمة الصحة العالمية إلى أنّ التعرّض للأشعة فوق البنفسجية يتسبّب في 50 بالمائة إلى 90 بالمائة من الأمراض الجلدية الناجمة عن الورم الميلانيني. سرطان الخلايا الجلدية هو نوع آخر من أنواع السرطان الخبيثة التي تصيب الجلد وتتطوّر، عموماً، بسرعة أقلّ من سرعة تطوّر الورم الميلانيني، كما أنّ احتمال تسبّب هذا المرض في الوفاة والعجز أقلّ وروداً. والجدير بالذكر أنّ 50 بالمائة إلى 70 بالمائة من العبء العالمي الإجمالي الناجم عن سرطان الخلايا الجلدية مردّه التعرّض للأشعة فوق البنفسجية. وتظهر السرطانات الجلدية، أساساً، لدى المسنين وتتطوّر ببطء عن طريق الانتشار الموضعي. وتشير التقديرات إلى أنّ 50 إلى 90 بالمائة من معدلات وقوع المرض والوفيات الناجمة عنه مردّها التعرّض للأشعة فوق البنفسجية. كما حذرت المنظمة من الأضرار الأخرى الناجمة عن التعرض لأشعة الشمس على غرار تجعّد البشرة وتشققها، حيث تظهر عمر صاحبها بسنوات إضافية. سرطان الجلد يستهدف ذوي البشرة الفاتحة السرطانات الجلدية هي أكثر أنواع السرطانات التي تصيب الإنسان، وتظهر غالباً في الأماكن المكشوفة من الجسم والمعرضة لتأثير أشعة الشمس وخاصة في مناطق الوجه والعنق واليدين، كما تستهدف أصحاب المهن التي تتطلب من أصحابها البقاء في الفلاة لوقت طويل كالفلاحين والبحارة، وتظهر غالباً على الأشخاص ذوي البشرة الفاتحة أكثر من ذوي البشرة الداكنة، إذ تحمي المادة الصباغية الموجودة بصورة طبيعية في الجلد الأسمر ''الميلانين'' السمر من الخلايا السرطانية، وتلعب دوراً واقياً من التأثير المؤذي لأشعة الشمس. وتتميز السرطانات الجلدية بأنها ظاهرة للعيان ومن السهل رؤيتها والوصول إليها لمعالجتها، وهي بطيئة النمو وتبدو بشكل عقدة أو قرحة غير مؤلمة تنمو على مدى عدة سنين، غير أنها إذا ما أهملت فإنها تؤدي إلى إتلاف النسج بانتشارها إلى الأعضاء المجاورة، لذا فإن كل قرحة في الجلد لا تندمل بالمعالجة العادية خلال أسبوعين يجب معها مراجعة الطبيب. كما أن هناك نوعا نادرا من سرطانات الجلد ينشأ عن الخلايا الصباغية هي الوحمة أو الشامة، وهو أحد أخبث أنواع السرطانات في الإنسان وهو السبب في ثلاثة أرباع الوفيات من سرطانات الجلد، وتعد منطقة الرأس والعنق من أكثر الأماكن تعرضاً لحدوثه، على أنه قد يظهر في أي مكان من البدن حتى تحت الأظافر، ومع أنه قد يظهر في أي سن إلا أن أكثر أوقات حدوثه تقع في العقدين الخامس والسادس، والإناث أكثر عرضة للإصابة إلا أن إمكانية الشفاء لديهن أكبر منها لدى الذكور. وينتشر الورم غالباً في الأشخاص ذوي البشرة الفاتحة وفي الأماكن المعرضة لأشعة الشمس، كما في أنواع سرطانات الجلد الأخرى. خطوات بسيطة للاحتماء من أشعة الشمس أوصت منظمة الصحة بضرورة استخدام المظلات والنظّارات والألبسة والقبّعات لتوفير أفضل حماية ولابد من وضع كريم حاجب لأشعة الشمس على أطراف الجسم التي تبقى معرّضة لها، مثل الوجه واليدين. ولا ينبغي على الإطلاق، استخدامه لتمديد فترة التعرّض لأشعة الشمس. الحد من فترة التعرّض لأشعة الشمس في منتصف النهار، حين تبلغ قوة أشعة الشمس فوق البنفسجية ذروتها بين الساعة العاشرة صباحاً والساعة الثانية بعد الظهر، وبالتالي يتعيّن الحد من التعرّض لأشعة الشمس خلال تلك الفترة. بالإضافة إلى ارتداء ملابس وقائية كالقبّعات الواسعة الحافة لحماية جيدة من أشعة الشمس للعينين والأذنين والوجه وظهر العنق وكذا النظّارات التي تسهم في الحماية من الأشعة فوق البنفسجية ''ألف'' و''باء'' بنسبة 99 بالمائة إلى 100 بالمائة وبالتالي الحد بشكل كبير من الأضرار التي تصيب العين جرّاء التعرّض لأشعة الشمس. مع توفّر الملابس الفضفاضة المنسوجة بشكل جيد، التي تغطي أكبر مساحة ممكنة من الجسم، وتعطيها حماية إضافية من أشعة الشمس. وينبغي تكرار استخدام الكريم الواقي من الشمس، حسب ذات التقرير، كل ساعتين أو بعد العمل أو السباحة أو اللعب أو ممارسة أنشطة في الهواء الطلق، مع تلافي أجهزة اسمرار البشرة والمصابيح الشمسية التي تزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الجلد وبإمكانها إلحاق أضرار بالأعين غير المحمية، وعليه لا بد من تجنّبها كلياً. وحذر خبراء الصحة من تعريض الأطفال لأشعة الشمس، لأنهم أكثر عرضة من البالغين للأخطار البيئية، لذا ينبغي حمايتهم من أشعة الشمس فوق البنفسجية أثناء قيامهم بأنشطة في الهواء الطلق، كما يجب الحرص دوماً، على إبقاء الرضّع تحت الظلّ.