آليات جديدة للتبليغ عن الآثار الجانبية لما بعد التلقيح    وزير العدل يشرف على تنصيب رئيس مجلس قضاء قسنطينة والنائب العام لدى ذات المجلس    العدوان الصهيوني على غزة: أصبح من المعتاد إسكات الأصوات التي تتحدث عن الفظائع التي ترتكب في القطاع    فلاحة: السيد شرفة يبحث مع سفير اليابان آفاق توسيع التعاون الثنائي    الجزائر تتألق في المسابقة العالمية الجامعية للرياضيات    العدوان الصهيوني: استشهاد 70 فلسطينيا وإصابة العشرات منذ فجر اليوم    موجة حر وأمطار وزوابع رملية يومي الاحد والاثنين على عدة ولايات من الوطن    الصحراء الغربية : الإعلام الإسباني يفضح زيف الادعاءات المغربية و يؤكد الطابع الاستعماري للاحتلال    البنك الوطني الجزائري: تسجيل ناتج صافي يفوق 48 مليار دج سنة 2024    السيد ناصري يستقبل سفير جمهورية كوت ديفوار بالجزائر    أوبك+ : الجزائر وسبع دول أخرى تقرر زيادة في إنتاج النفط ب 547 ألف برميل يوميا ابتداء من سبتمبر المقبل    كرة القدم/البطولة الإفريقية للمحليين-2024 : المنتخب الوطني يجري أول حصة تدريبية بكمبالا    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر2025)/الفروسية: المنتخب الوطني يحصد 5 ميداليات منها 4 ذهبية    وزير النقل يكشف عن قرب تدعيم الرحلات الجوية الداخلية وإنشاء شركة وطنية جديدة    مشاريع تنموية جديدة تعيد الأمل لسكان بلدية مروانة بباتنة    ورشة إفريقية عبر التحاضر المرئي لتعزيز ملفات ترشيح التراث العالمي    شايب سفيان يشيد بمساهمة كفاءات الجالية في الجامعة الصيفية بعين تموشنت    اليوم الوطني للجيش : رابطة مقدسة مع الشعب وعقيدة دفاعية راسخة    الألعاب الإفريقية المدرسية /الجزائر2025/ : الجزائر حاضرة في أربعة اختصاصات في اليوم الثامن للدورة    تترجم نجاح سياسة الدولة في مجال إعادة التربية والتأهيل    معاينة مكثفة لمدى التزام التجار بمعايير النظافة والصحة    طالبنا بموقف أوروبي برلماني لوقف جرائم الاحتلال في غزة    الجزائر تنضم إلى شبكة نظام الدفع والتسوية الإفريقي الموحد    وفاة 13 أشخاصا و إصابة 503 آخرين بجروح    ناصري وبوغالي يهنئان المنتخب الوطني لكرة السلة    اليونيسف : أطفال غزة يحتاجون إيقافاً مستداماً لإطلاق النار    وزارة الثقافة والفنون تنظم ورشة تكوينية دولية حول التراث العالمي بالاشتراك مع صندوق التراث العالمي الإفريقي    شباك موحد خاص ب"قرض الرفيق"    كأس افريقيا للمحليين : أشبال بوقرة بأوغندا للمنافسة على اللقب القاري    "فنار" عنابة.. الحارس الملازم لمكانه منذ قرن ونصف القرن    التقشف ضرورة.. الفاف يهدد وقرارات تاريخية منتظرة    الجزائر تعود إلى مصاف الكبار في قطاع الطاقة    اختتام التظاهرة الثقافية بانوراما مسرح بومرداس..تقديم 55 عرضًا مسرحيًا على مدار أسبوع كامل    تصعيد الضغط على المخزن يتواصل    سحب فوري للترخيص ومنع الوكالات من تنظيم العمرة في هذه الحالات    تكريم المتفوقين في شهادتي "البيام" و"الباك"    المحامي سعيد موهوب... المعاق الذي يرافع من أجل الأصحاء    المنتخب الوطني يتوج باللقب العربي    الجلفة تنزل بزخمها ضيفة على عروس الشرق عنابة    أمواج دوّاس تعرض "الفتنة القرمزية"    سؤال واحد أعادني إلى رسم تراث منطقة القبائل    شركة إسمنت عين التوتة تْشيد بنتائج النوابغ    عمار طاطاي مربي الأفاعي والتماسيح يُبهر زوار "نوميديا لاند"    بوغالي يتمنّى مزيداً من النجاحات    فنلندا تستعد للاعتراف بفلسطين    تصعيد الضغط على المخزن    ضبط 600 قرص مهلوس بالسوقر    تجارة : تكثيف الرقابة على المواد الغذائية وشروط السلامة الصحية عبر الوطن    إبداعات تشكيلية تضيء جدران المتحف الوطني للفنون الجميلة    دعم التعاون بين الجزائر وزيمبابوي في صناعة الأدوية    تمديد أجل إيداع وثائق استيراد وسائل التجهيز والتسيير إلى غاية 15 أغسطس الجاري    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذي النورين
السيرة المضيئة ل "عثمان بن عفان"
نشر في الاتحاد يوم 26 - 07 - 2013


"...ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة"حديث شريف
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ، يجتمع نسبه مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في عبد مناف ، ولد في السنة السادسة بعد عام الفيل ، نشأ في بيت كريم ذي مال وجاه ، وشب على حسن السيرة والعفة والحياء فكان محبوبا في قومه أثيرا لديهم.
إسلامه
كان -رضي الله عنه- من السابقين الى الاسلام اذ أسلم بدعوة من أبي بكر الصديق وتحمل في سبيل ذلك أذى كثيرا وظل ثابتا على عقيدته ، فقد أخذه عمّه الحكم بن أبي العاص بن أمية فأوثقه رباطاً وقال : ( أترغب عن ملّة آبائك إلى دين محدث ؟ والله لا أحلّكَ أبداً حتى تدَعَ ما أنت عليه من هذا الدين فقال عثمان ( والله لا أدعه أبداً ولا أفارقه )فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه فكان عثمان بن عفان ممن صلى إلى القبلتين ، و هاجر الهجرتين : الأولى إلى الحبشة والثانية إلى المدينة المنورة ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة واختصه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بكتابة الوحي.
حياءه
قالت السيدة عائشة : استأذن أبو بكر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مضطجع على فراش عليه مِرْطٌ لي ، فأذن له وهو على حاله ، فقضى الله حاجته ثم انصرف ، ثم استأذن عمر ، فأذن له وهو على تلك الحال ، فقضى الله حاجته ثم انصرف ، ثم استأذن عثمان ، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصلح عليه ثيابه وقال : ( اجمعي عليك ثيابك ) فأذن له ، فقضى الله حاجته ثم انصرفقالت : فقلت : ( يا رسول الله ، لم أرك فزِعْتُ لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان !) فقال : ( يا عائشة إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يُبَلّغ إليّ حاجته ) وقد قال فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ).
ذو النورين
تزوج عثمان -رضي الله عنه- من رقية بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما توفيت تزوج أختها أم كلثوم ولذلك سمي (ذي النورين) ، وعندما ماتت أم كلثوم تأسّف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على مصاهرته وقال : ( والذي نفسي بيده لو كان عندي ثالثة لزوَّجتُكَها يا عثمان ).
مناقبه
رويَ عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحاديث عدّة في ذِكْر مناقب عثمان منها (إن عثمان لأول من هاجر الى الله بأهله بعد لوط) ( إن الله عز وجل أوحى إليّ أن أزوج كريمتي من عثمان ) ( من يُبغضُ عثمان أبغضه الله ) دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على ابنته وهي تغسل رأس عثمان فقال : ( يا بنيّة أحْسِني إلى أبي عبد الله فإنه أشبه أصحابي بي خُلُقاً )
كان من الأوائل
كان -رضي الله عنه- أوّل من هاجر إلى الحبشة مع زوجته رقيّة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأول من شيَّد المسجد ، وأول من خطَّ المفصَّل .
بئر رومة
أنفق الكثير من ماله الوفير لخدمة الإسلام والمسلمين ومن ذلك شرائه لبئر رومة ، فقد كانت هذه البئر لرجل يهودي في المدينة وكان يبيع ماءها ، فلما هاجر المسلمون إلى المدينة تمنى الرسول -صلى الله عليه وسلم- لو يجد من بين أصحابه من يشتريها ليفيض ماؤها على المسلمين بغير ثمن وله الجنة ، فسارع عثمان -رضي الله عنه- إلى اليهودي فاشتراها منه ووهبها للمسلمين.
خلافته
لقد كان عثمان بن عفان أحد الستة الذين رشحهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لخلافته000 فقد أوصى بأن يتم اختيار أحد ستة : (علي بن أبي طالب ، عثمان بن عفان ، طلحة بن عبيد الله ، الزبير بن العوام ، سعد بن أبي وقاص ، عبد الرحمن بن عوف ) في مدة أقصاها ثلاثة أيام من وفاته حرصا على وحدة المسلمين ، فتشاور الصحابة فيما بينهم ثم أجمعوا على اختيار عثمان -رضي الله عنه- وبايعه المسلمون في المسجد بيعة عامة سنة ( 23 ه ) ، فأصبح ثالث الخلفاء الراشدين.
انجازاته
استمرت خلافته نحو اثني عشر عاما تم خلالها الكثير من الأعمال نَسْخ القرآن الكريم وتوزيعه على الأمصار توسيع المسجد الحرام وقد انبسطت الأموال في زمنه حتى بيعت جارية بوزنها ، وفرس بمائة ألف ، ونخلة بألف درهم ، وحجّ بالناس عشر حجج متوالية.
الفتوحات
فتح الله في أيام خلافة عثمان -رضي الله عنه- الإسكندرية ثم سابور ثم إفريقية ثم قبرص ، ثم إصطخر الآخرة وفارس الأولى ، ثم خو وفارس الآخرة ثم طبرستان ودرُبُجرْد وكرمان وسجستان ثم الأساور في البحر ثم ساحل الآردن وقد أنشأ أول أسطول إسلامي لحماية الشواطيء الإسلامية من هجمات البيزنطيين.
سهم بدر
ولقد شهد عثمان رضي الله عنه المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعدا غزوة بدر فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى بدر خلفه على ابنته رقية يمرضها – فقد كانت مريضة ولم يكن معها أحد – ولما عاد الحبيب صلى الله عليه وسلم من الغزوة علم أن ابنته رقية قد لحقت بجوار ربها فحزن حرناً شديداً ... وواسى عثمان فضرب له بسهمه وأجره , فكان كمن شهد بدراً , ثم زوجه ابنته الثانية أم كلثوم وقال وبعد وفاتها قال : والذي نفسي بيده لو كان عندي ثالثة لزوجنكها يا عثمان... وسمى ذا النورين لجمعه بين بنتى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
غزوة تبوك ... جيش العسرة
جاءت غزوة تبوك, والناس فى عسرة شديدة , وحين طابت الثمار وأحبت الظلال, والناس يحبون المقام ويكرهون الخروج،وحض رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين على الجهاد ورغبتهم فيه وأمرهم بالصدقة, فحملوا صدقات كثيرة , وكان أبو بكر رضي الله عنه أول من حمل بماله كله ...أربعة اَلاف درهم،وقام عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بنفسه وماله في واجب النصرة فجهّز جيش العُسْرَة بتسعمائةٍ وخمسين بعيراً وخمسين فرساً ، واستغرق الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الدعاء له يومها ، ورفع يديه حتى أُريَ بياض إبطيه....فقد جاء عثمان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بألف دينار حين جهّز جيش العسرة فنثرها في حجره ، فجعل -صلى الله عليه وسلم- يقلبها ويقول ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم )....مرتين
عثمان و العتق
وما كان البذل الذي يبذله – رضي الله عنه – ليقف أبداً عنه تجهيز جيش العسرة أو حفر بئر رومة , بل لقد كان دوماً وأبداً مواسياً لكل مسلم في كربته ومعينه في منته ومعيناً له في فقره وحاجته،يمضى- رضي الله عنه – مع نفسه موثقاً لا يخلفه طوال حياته : هو أن يعتق كل جمعة عبدً , ويحرر رقبة...يشترى العبد من سيده بأى ثمن , ثم يهبه حريته مبتغياً وجه ربه الأعلى.
خلافته الراشدة والفتنة
حمل عثمان عثمان الرحيم الذي تشع الرحمة في حياته أمر المسلمين بعد الخليفة عمر فكان هو الخليفة الراشدي الثالث حيث قال رسول الله في حقهم (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي )،وفتح الله على يديه "أرمينية" و "القوقاز"....ونصر المسلمين وسودهم على " خراسان" و "كرمان"و"سجستان" و "قبرص" وطرف غير قليل من إفريقية،و لقي الناس في عهده من الثراء ما لم يحظ به شعب على ظهر الأرض.واستمرت عملية الفتح ما يزيد على عشر سنوات من مدة خلافته التي دامت اثنا عشر عاماً ثم توقفت هذه الفتوحات بسبب الفتنة التي أجهضت الجهاد و أشغلت الناس وأوقعت الخلاف ،ودبت الفوضى وتعد هذه الفتوحات تتمة للفتوحات الكبرى التي كانت أيام الفاروق رضي الله عنه،لكن بعض الناس إذا شبعوا بطروا...و إذا أنعم عليهم كفروا...فعتب هؤلاء على عثمان أمورا, لو فعلها غيره ماعتبوها عليه....ولم يكتف هؤلاء بالعتب, ول أنهم اكتفوا به لهان الأمر،فلقد ظل الشيطان ينفخ في أرواحهم من روحه, ويبث فى نفوسهم شره حتى تألبت عليه طائفة كبيرة من أوباش الأمصار, فحصروه فى داره نحوا من أربعين ليلة, ومنعوا عنه الماء العذب.
وحان وقت الرحيل
ولما اشتد على عثمان الكرب, وتفاقم عليه الشر نفر إلى حمايته نحو سبعمائة من الصحابة وأبنائهم. وفيهم عبد الله بن عمر بن الخطاب, وعبد الله بن الزبير بن العوام, والحسن والحسين ابنا على بن ابى طالب, وأبو هريرة, وغيرهم،لكن ذا النورين, وصاحب الهجرتين, وباذل المعروف, اَثر أن يراق دمه على أن تراق دماء المسلمين دفاعا عنه،فأقسم على الذين نفروا إلى حمايته أن يتركوه لقضاء الله،و لقد غفت عين خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لحظات قبيل مصرعه فرأى النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ومعه صاحباه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب...وسمع الرسول صلى الله عليه وسلم يقول له :"أفطر عندنا الليلة يا عثمان", فأيقن عثمان أنه لاحق بربه...مقبل على لقاء نبيه،أصبح عثمان رضوان الله عليه صائما...ودعا بسراويل طويلة فلبسها خشية أن تكشف عورته, إذا قتله الأثمة السفاحون،واستسلم عثمان لأمر الله رجاء موعوده, وشوقا إلى رسوله صلى الله عليه وسلم, ومصدقاً لكلماته حين قال : " يا عثمان, إن الله مقمصك قميصاً, فإن أرادك المنافقون على خلعه, فلا تخلعه حتى تلقانى"، وفى يوم الجمعة لثمانى عشرة ليلة خلت من ذى الحجة, قتل العباد , الزاهد , الصوام , القوام , جماع القراَن , صهر رسول الله فلحق بجوار ربه وهو ظمآن صائم, وكتاب الله منشور بين يديه... وسال الدم على قوله تعالى : "فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم " البقرة 137،ورحل عثمان عن دنيا الناس بعد حياة طويلة مليئة بالبذل والتضحية والجهاد والعدل والسماحة والتواضع،و رحل بعد أن سالت دماؤه التى طالما امتزجت بحب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم... سالت دماؤه الشريفة التي انصهرت مع كل اَيات القراَن الكريم،رحل بعد أن قدم للإسلام الكثير والكثير.وها نحن بعد هذا الزمان الطويل نذكره ونذكر أعماله الجليلة, ولن ننساه أبداً ما دامت أرواحنا في جسدنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.