الرئيس يتلقى مكالمة من ملك الأردن    عطّاف يشارك في اجتماع تنسيقي    الجزائر تُعزّز حضورها على الساحة الدولية    عدل تُوضّح كيفيات دفع الأشطر    ملتقى حول التوطين والمناولة    الحكومة تقف على احتياجات المستثمرين    دفاع مستميت عن القضية الفلسطينية.. أولوية الأولويات    فوز مثير لبلوزداد    منشآت صحية جديدة بالعاصمة    مهرجان المسرح المحترف ينطلق اليوم    شايب يشرف على مراسم الاحتفاء    وزير الاتصال يُبرز المسعى الرئاسي    صحيح البخاري بمساجد الجزائر    صناعة صيدلانية: تسهيلات جديدة للمتعاملين    لا لتسييس مقترح تعديل قانون الجنسية    سيغولان روايال على رأس جمعية فرنسا – الجزائر    الاستجابة لتطلعات الجالية في شقيها التعليمي والثقافي    سحب 200 ألف دينار يوميا من بريد الجزائر أصبح ممكنا    دراسة التعديلات المقترحة على مشروع قانون المرور    وصفات الجدات في التصبير..حضور في الأسواق والمنازل    تحسيس الفاعلين بمخاطر تبييض الأموال    صدمة قوية لسفيان فيغولي في البطولة العراقية    تاهرات متفائل بمشوار "الخضر" في كأس إفريقيا    سمير شرقي جاهز وبيتكوفيتش يضبط خطة "الكان"    تحضيرات مكثفة بتندوف لتدشين خط السكة الحديدية    احتفاء بالأديب أحمد شريبط    تأكيد على أهمية تعريب العلوم الطبية    استحضار للملك أوفا الذي طمسه التاريخ    الإطاحة بعصابة سرقة الدراجات النارية    توزيع مفاتيح 921 مسكن اجتماعي    أنباء عن قتيلين في عملية إنزال جوي للتحالف الدولي : تفكيك خلية ل "داعش" بريف دمشق    البليدة : بعث أشغال إنجاز محطتين جديدتين لتصفية المياه المستعملة قريبا    بومرداس..اجتماع لمتابعة وضعية مشاريع الاستثمار العمومي    انتشال جثماني طفلتين من أنقاض مبنى في غزة..اتفاق يترنح وإبادة تتواصل في غزة    وزير الاتصال : "الوحدة الوطنية أقوى من مناورات الحاقدين"    جيجل..تخصيص 2،5 مليار دج لحماية الموانئ الثلاثة    وكالة "عدل" توضّح آليات الدفع الإلكتروني لأشطر سكنات "عدل 3"    كأس إفريقيا كل 4 سنوات مستقبلاً    دور الجمعيات هامّ في ترقية العمل التطوعي والخيري    مشروع متكامل لرسم ملامح حاضرة نموذجية بالجنوب    غرة رجب 1447ه هذا الأحد والشروع في قراءة صحيح البخاري بالمساجد ابتداءً من الاثنين    "عش رجبا تر عجبا".. فضل رجب وأهميته في الإسلام    فتاوى : حكم قطع صوم النافلة    غزّة تحت الشتاء القاسي والدمار    عطاف يشارك في اجتماع تنسيقي لآلية دول جوار ليبيا ويؤكد ضرورة توحيد الجهود لدعم الاستقرار    إطلاق أول مسابقة وطنية لطلبة الطب في الجزائر لتعزيز التميز العلمي والابتكار الشبابي    المذكرات الورقية تنسحب من يوميات الأفراد    مجلس الأمن يدين بشدة الهجمات على قاعدة بجنوب    "حماية المعطيات الشخصية" محور نقاش قانوني وأكاديمي    بلمهدي يشرف على اللقاء الدوري    أوّل هزيمة للعميد هذا الموسم    الرُضّع يموتون يومياً من البرد في غزّة    انطلاق المرحلة الثانية للأيام الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال    شبيبة القبائل توقع عقد شراكة مع مستثمر جديد    كرة القدم / الرابطة الثانية /الجولة ال13 : مواجهات حاسمة على مستوى الصدارة وتنافس كبير في ذيل الترتيب    تمكين الطلبة للاستفادة من العلوم والتكنولوجيات الحديثة    دعم السيادة الصحية بتبادل المعطيات الوبائية والاقتصادية    أبو يوسف القاضي.. العالم الفقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبر الحمل بطفل معوق.. بين التقبل والرفض
أحلام تتبعثر وآمال تتفجر
نشر في الاتحاد يوم 19 - 01 - 2014


حاضر مرير ومستقبل مجهول
غريزة الإنجاب وتكوين الأسرة التي هي خلية من خلايا المجتمع غريزة فطرية ، حيث خلق الله الذكر والأنثى وجعل بينهما مودة ورحمة ليكملا معا مشوار الحياة... وتبدأ أحلامهما بالمولود القادم وتلفهما الحيرة في تسميته.. كل واحد منهما يشد اللحاف إلى طرفه وينتقي له اسما حسبما يكون جنس المولود ، ويرسمان له صورا مختلفة تناسب أحلامها وأذواقهما، ولكن الصاعقة تكون عند اكتشافهما خبر مولودهما المعوق. حيث يتأثر كثير من الأولياء بخبر كهذا، والذي يكون وقعه أشد بالنسبة على أفرادها جميعا وخصوصا الأم، وهو ما يتجلى في تلك التصرفات المضطربة التي تصدر عنها ما يطلب تكفلا نفسيا خاصا بالأم لمساعدتها على تجاوز الصدمة وتوفير كامل الرعاية لطفل الاحتياجات الخاصة. كما ستقع على كاهلهم الأعباء المادية التي تترتب على هذه الإعاقة، وتقع إضافة إلى رحلتهما الطويلة بين البرامج التربوية والعلاجية التي ينصح بها الاختصاصيين، و يمران بجملة من الضغوط النفسية والانفعالية مما قد ينعكس على العلاقة بين الوالدين ودور كل منهما فيها، ويؤثر بالتالي على مستوى تفاعل الأسرة وتكيفها مع المحيط الاجتماعي.عادة ما يبني الأبوان أمالا كبيرة حول طفلهم المنتظر، خاصة الأم، فهي من تحمله في أحشاءها وتنتظره تسعة أشهر على أحر من الجمر، ليكون مصدر سعادتها، وهذا الشعور الطبيعي الذي تحمله كل أم، ولكن الموازين تنقلب والمشاعر تتغير بالنسبة لبعض الأمهات ممن فجعن بخبر إعاقة الجنين في أحشاءهن، حيث يجدن أنفسهن في دوامة من الصراعات النفسية التي تعكس صعوبة تقبلهن لتلك الإعاقة.
صدمة.. شعور بالذنب وهروب من الحقيقة
وفي هذا الصدد، انتقلت يومية الاتحاد إلى عيادة الدكتور محمد.م أخصائي في طب الأطفال الذي قال "نلاحظ أن ردود فعل الأسرة نحو طفلها المعاق تبدأ من فترة الحمل وقبل خروج الطفل إلى النور، حيث تسيطر على الأم المخاوف والشكوك بمجرد إخبارها أن ابنها التي تحمل به معاقا، فتتحسب لمواجهة مشكلات أثناء الولادة، وتتخوف فيما إذا ستكون الولادة طبيعية أم لا، وتزداد مخاوف الأم إذا كانت قد تعرضت لخبرات سابقة، وبشكل عام تمر ردود فعل الأسرة تجاه طفلها المعاق بعدة مراحل أهمها :صدمة الوالدين من جراء وجود طفل معاق في الأسرة حيث الإرباك والقلق، والتعبير عن الصدمة بعبارات عدم التصديق وعدم معرفة كيفية التصرف في مثل هذا الموقف،و حتى هناك من ينكرون وجود إعاقة عند ابنهم حيث يرجعون الأمر لخلل في عملية التشخيص ويبحثون خلال هذه الفترة عن مصادر أخرى تثلج صدورهم وتنفي لهم حقيقة أن ابنهم معاق، وذلك كنوع من الهروب من حقيقة إعاقة ابنهم، وهناك من يشعر بالذنب تجاه طفله لأنه لم يتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع حدوث الإعاقة، وقد يلوم كل طرف الآخر ويحمله مسؤولية التسبب في هذه الإعاقة الغضب أو إسقاط اللوم على الأطباء أو على الأجهزة الطبية المستخدمة أو الأدوية الخاطئة التي وصفها الطبيب والتي تسببت بالإعاقة. ويسترسل الدكتور "كلما شخصت حالة مماثلة لطفل معاق، أتلقى نفس ردود الأفعال في تبني الآمال والآمال غير القابلة للتحقيق وتجريب علاجات ليس لها أي أساس علمي" ، وبالتالي العزلة عن المحيط الاجتماعي وعدم الرغبة في التفاعل معه من أجل تجنب أسئلة الآخرين المحرجة، وكتمان وجود طفل معاق في الأسرة أحيانا، تكون الخطوة الأولى للآباء التي تزيد من حدة الإصابة".
"اللي خلق ما يضيع"
حليم.ز أربعيني من سيدي موسى، أب لطفلة في الخامسة،رغبة منهما هو وزوجته، تكرر الحمل ثانية مصحوبا بدعوات الجميع بأن يكون المولود ذكرا. يقول حليم :" وما إن يأذن الله بالفرج، ومع أول صرخة من صرخات المولود تتعالى في البيت زغاريد النسوة من الأقارب والأصحاب معلنة ولادة طفل ذكر إذ كما هو معروف غالبا فإن الزغاريد لا تسمع إلا عند ولادة الصبي، لم يكن أحد يعلم ما ينتظر هذا الصبي وما ينتظرنا نحن كأسرة! ولأن لا أحد منا يعرف شيئا عن ظاهرة الإعاقة فلم نلحظ أي شيء على طفلنا سوى أنه صغير نسبيا، حتى أن الطبيبة التي أشرفت على عملية الولادة لم تلحظ شيئا غير عادي! وعندما بلغ الطفل من العمر حولا كاملا، أصيب بنزلة برد فأخذناه إلى الطبيب لمعالجته، الذي كان يفحصه باستغراب وبدقة ويقيس محيط رأسه ووزنه و.. و.. الخ. وبما أنني جاهل يضيف حليم بعينين مغرورقتين بالدموع آسفتان على حال فلذة كبده لم أفهم ما الذي يحدث وكل التحاليل التي يجب أن أجريها له، والتي ما لم ألبث أقدمه حتى حلت بسمعي صاعقة القدر،صاعقة قاسية ترجمها لسان الطبيب قائلا بعد تقديم وتأخير في الكلام.. "إن طفلك عنده حالة من حالات صغر حجم الرأس تسمى طبيا Micro Ciphaly. " ورغم أنه قالها بأرق الكلمات لكن وقعها علي كالصاعقة أو أشد قسوة، خاصة عندما علم من الطبيب وبعد استفسارات طويلة أن لا علاج لهذه الحالة اللهم إلا عناية الله.ولكن ما عساي أفعل وهو قضاء وقدر الله، سوى تقبل الوضع واعترافي للأهل بالحقيقة، والتعامل مع الموضوع بلا خجل والإقبال على البرامج التربوية والعلاجية والمشاركة فيها، حيث بدأت ألاحظ تغيرات ايجابية في تصرفاته والحمد لله على كل شيء.
الحماية المفرطة تدهور حالة الصبي
وفي تدخل للدكتورة النفسانية فضيلة مهني، التي قالت: لا شك أن هذه المراحل تترك آثارها السلبية بعيدة المدى على الزوجين قد تصل إلى التوتر المزمن في العلاقة بينهما، ما يؤثر على قدرتهما في مواجهة التحديات القادمة، ويزداد تأثير الضغوط التي يفرضها وجود المعاق على الأسرة مع تقدمه في العمر ومع زيادة متطلباته الحياتية، واقترابه من سن الزواج وبحثه عن فرصة عمل ملائمة. وقد تتخبط الأسرة في كيفية التعامل مع هذا الطفل خاصة عندما تواجهه مشكلات سلوكية لم تمر عليهما من قبل كالنشاط الزائد والعدوان وإتلاف الممتلكات، وقد يتبعون أساليب متذبذبة في المعاملة تتراوح بين الحماية الزائدة التي تقيد حركة الطفل، وبين القسوة التي تفاقم من حدة هذه المشكلات. والشيء المحزن الذي يحدث مرارا وتكرارا في هذه الحالات عدم تحمل الأب عبء الضغوط النفسية والاقتصادية على كاهله فيلجأ إلى الهروب من البيت، أو الانفصال عن زوجته.
دعم المحيط ضروري في هذه الحالات
وفي جولة ل"الاتحاد" بين أروقة مستشفى مصطفى باشا التقينا ب " لاميا" التي عانت كثيرا من إنجابها لطفل معوق، تقول عن هذا " في الشهر الخامس من الحمل، أجريت فحصا للتأكد من وضع الجنين،هنا كانت المفاجأة، حيث علمت أن الطفل الذي أنتظره سيكون معاقا، لم أتمالك نفسي حينها شعرت كأنها نهاية العالم، حيث راودتني أفكارا كثيرة عن مستقبل الطفل، وكنت أطرح أسئلة لا أجد أجوبة عنها، كيف سأربيه؟ كيف ستكون نظرة المجتمع إليه؟ خاصة وأن إعاقته كلية" تضيف عن تعاملها مع الوضع".. لكن وبمساعدة زوجي والمحيطين بي ودعمهم لي على تجاوز الأمر، استطعت تخطي ذلك، وأنا الآن أربي طفلي وأحاول أن أحيطه بكامل الرعاية والحب والحنان"
أطفال أبرياء ضحايا أمهات مهملات
سيدة أخرى عاشت الوضع، ولكن هذه المرة ليست والدة الطفل وإنما عمته التي تكفلت به بعدما لاحظت إهمال والدته له، حيث كانت تقتصر على إطعامه وتنظيفه فقط، في حين أخذت العمة الرعاية النفسية والفيزيولوجية، من خلال إخضاعه لجلسات التقويم العضلي، حدثتنا العمة عن كيفية تعامل زوجة أخيها مع خبر حملها بطفل معوق، حيث حاولت مرارا الإجهاض ولكن الله قدر لهذا الطفل أن يعيش، وبعد الولادة، أكد لها الأطباء أن محاولاتها للإجهاض زاد وضع الطفل سوءا، وبمجرد مغادرتها المستشفى بدأت ألاحظ عليها لا مبالاتها حيث عملها كان مقتصرا على إطعامه وتغيير حفاضه فقط، فلا حنان ولا صبر كان يتلقاه منها، فطلبت منها تولي رعايته فلم تمانع بل رحبت بالفكرة، وها انا أهتم به وأحاول إدماجه في المجتمع قدر المستطاع".وبمجرد أن هممنا بمغادرة المكان حتى سمعنا صوت بكاء ونواح سيدة في مقتبل العمر كانت قد أجرت فحصا "موموغرافيا" و اتضح لها حملها بطفل معاق، بمجرد سماعها الخبر حتى طالبت الطبيبة المشرفة عليها أن تجهضها ولكن الطبيبة أكدت استحالت ذلك لأنه ممنوع شرعا وقانونا،إلا إذا في حالة ما إذا توفي الجنين في بطن أمه. ولكن الأم لم تستطع تقبل تلك الإجابة فخرجت مسرعة وهي تقول "سأتدبر الأمر بنفسي ".وخلال تحدثنا مع ذات الطبيبة التي أشرفت على الحالة السالف ذكرها قالت أن وقع الصدمة بالغ الأثر على الأم لدرجة أن تصدر عنها ردود أفعال قاسية تنعكس سلبا على الطفل، فهناك أمهات يرفضن تقبل الأمر ويقررن التخلي عن الطفل فور ولادته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.