شدّ البطل الجديد توفيق مخلوفي انتباه كل العالم وهو يهدي الجزائر ذهبيتها الأولى في الأولمبياد منذ 21 سنة، فشهدت لندن ميلاد بطل جزائري جديد من العدم ليصنع فرحة افتقدناها منذ سنوات، ويمنح أيضا طوق نجاة لمن افتقدوا البوصلة في تسيير القطاع الرياضي في الجزائر. بقدر ما أثلجت ذهبية بطل الجزائر صدورنا وفرحنا بها واستعدنا من خلالها مجد مرسلي وبولمرقة ومراح والمرحوم سلطاني، وتذكرنا أيضا ميداليات قرني وبراهمي وحدّاد وحمّاد وعلالو وزاوي وموسى، بقدر ما منحت المسؤولين غطاء لستر عورات التسيير العشوائي والاختلاسات والمتاجرة باسم الشباب والرياضة دون النظر فعلا في عمق الأزمة الرياضية الجزائرية ومحاسبة من جعلها مصدر رزق ووسيلة اغتناء. اليوم، ستغطي ذهبية البطل الأولمبي كل العيوب وسيتسابق الوزير والسفير والمير والغفير للاستثمار في نجاح ابن سوق أهراس، وسيتم كتابة حلقات جديدة من مسلسل توقف بثه في الألفين مع آخر ذهبية جزائرية في الأولمبياد، فيتحوّل إنجاز بطل رياضي إلى مشروع سياسي يلفه خطاب شعبوي ديماغوجي مملّ مليء بالأكاذيب. نجاح مخلوفي لا يعني بالضرورة نجاح السياسة الرياضية الجزائرية، وإنجازه الرياضي لا يعكس احترافية مسؤولينا، بدليل أن خطأ كاد يكلّف البطل خسارة ما هو عليه الآن من نشوة ومكانة وتقدير. إنّ تبنّي الوزارة والاتحادات الرياضية إنجاز منقذ المشاركة الجزائرية في الأولمبياد هو سطو على جهد الآخرين وتستّر على سياسة رياضية مفلسة تستعمل الشباب والرياضة وسيلة وليس غاية، وفضائح أموال الشباب التي هزت قطاع جيّار دون أن تسقطه أرضا دليل على أن ما نحتاجه اليوم، حملة تطهير رياضي حتى نغلق في وجه الانتهازيين باب المتاجرة بجهد وعرق وأفراح وأموال الشباب. ليس غريبا أن يقول جيّار إنه توقّع تتويج مخلوفي، ولا عجب أن يتبنّاه المدير العام للحماية المدنية لهبيري ويفتخر بانتمائه إلى سلكه، ومن العادي جدا أن يطلّ علينا الوزير الأسبق سيد علي لبّيب ويربط، دون حياء، بين فتحه لمركز تيكجدة وبين بروز البطل وتتويجه بالذهب. يمكنكم اليوم سماع قصص غريبة عن مسبّبات نجاح بطل اليوم ولن تسمعوا إطلاقا عن مشاريع نجاح أبطال المستقبل.. هكذا هو تقليد المسؤولين السابقين والحاليين والقادمين، فهوايتهم السطو على إنجازات الآخرين والمتاجرة بأبطال صنعوا أنفسهم بأنفسهم وليس تطوير القطاع وتطهيره ومحاربة المفسدين ودعم الطاقات الشبانية.. فيمكن لكم أن تسمعوا أي شيء وكل شيء ممن ألحقوا عاهة مستديمة بالرياضة الجزائرية منها ما يضحك ومنها ما يبكي ومنها حتى ما يسبّب الغثيان.. وعلى بطل الجزائر أن يدافع عن إنجازه ويبقيه رياضيا خالصا وألاّ يتقاسم جهده مع سماسرة الرياضة، حتى ننزع من قاموسنا وأذهاننا ''مشروعية'' الرداءة والفساد الرياضي.