لم يتوغل فيلم ”فاطمة نسومر”، في الشخصية الأسطورية فاطمة المقاتلة، كما وُصفت في عديد الروايات بأنها قائدة عسكرية شعبية. بل اختزل شخصية نسومر في الجانب الروحي، وركز على توحيدها للعروش. وفسّر المخرج هذا الاختيار بقلة المراجع التاريخية، فيما بدا اهتمامه كبير جدا بجانب المشاعر في تفسير سلوك المقاومة لديها، سواء برفض نسومر زوجها الذي لم تحبه، أو كسرها لطابو حضور المرأة مجالس الرجال، لكنه لم يتوغل في مساحة السبع سنوات التي تعتبر أطول فترة في حياة فاطمة نسومر التي قضتها في المعتقل قبل وفاتها سنة 1863 عن عمر 33 سنة. أعطى الفيلم بالمقابل مساحة أكبر لتاريخ ”الشريف بوبغلة”، وركّز على بعض الجوانب التاريخية في شخصية ”بوبغلة”، مما أسقط المخرج أثناء عملية السرد ”الموضوعي” لتاريخ قائد المقاومة الشعبية ”بوبغلة” في فخ تشويه صورته، كما تعكس عديد المواقف التي رسمها الفيلم تجاه شخصية بوبغلة التي أوردها في صورة ”المتعطش للدم”، كما يأمر في إحدى المشاهد أتباعه قائلا: ”انهبوا القرية، ارقصوا نساءهم”، ويتحدى الجنود الفرنسيين قائلا ”الانكسار ولا للانحناء”، كما ألبسه عباءة ”زير النساء” المتعطش للزواج. يورد المخرج عديد المشاهد التي تعكس سخط القبائل منه وتصفه ب”الخائن”، ويضعه في بعض الصور ”الخرافية”، على غرار أنه لا يموت رغم إصابته بالرصاص، وارتبط بما يعرف شعبيا ب”الحرز” الذي وإن كان اعتقادا شعبيا شائعا لدى القبائل، إلا أن تركيز عدسة المخرج عليه أعطى انطباعا بأن الفيلم ”خرافيا”، عندما يختفي الجيش في ميدان المعركة بطريقة تشبه السحر. كتب سيناريو الفيلم كل من بلقاسم حجاج والسيناريست الفرنسي مرسال بوليو، كما استندت مهمة المراجعة التاريخية للمركز الوطني للبحث والحركة الوطنية بمعية الأستاذ سي يوسف من جامعة تيزي وزو. وقدّم الفيلم طيلة 96 دقيقة بانوراما خلابة لمنطقة القبائل عبر الفصول، وقصائد أمازيغية مميزة، بفضل مدير التصوير الذي أعطى مشاهد متقنة، ميّزها أداء الممثلة أتيتيا عيدو في دور ” فاطمة نسومر” والممثل إسعد بواب في دور ”بوبغلة” والممثل علي عمران ”أنزار” ومناد مبارك ”مولاي ابراهيم” واللغة الأمازيغية التي ضبطها الكاتب محمد بن حمدوش والفنان صافي بوتلة الذي أشرف على موسيقى الفيلم الأصلية.