الاجتماع التشاوري الأول بين قادة الجزائر وتونس وليبيا: تأكيد على ضرورة توحيد المواقف وتكثيف التشاور والتنسيق    في إطار متابعة تنفيذ برنامج التحضير القتالي لسنة 2023/2024: الفريق أول لسعيد شنڤريحة في زيارة عمل إلى الناحية العسكرية الثالثة    محمد عرقاب : نحو استحداث 4 معاهد تكوينية متخصصة في مجال المناجم    يعقد هذا الجمعة بتركيا.. مجلس الأمة يشارك في مؤتمر "رابطة برلمانيون من أجل القدس"    عطاف يؤكد:الوضع المأساوي في قطاع غزة سيبقى على رأس أولويات الجزائر في مجلس الأمن    تكفل الدولة بالمواطن متواصل..!?    وزير الداخلية: استلام 134 منطقة نشاط مصغرة مع نهاية 2024    أفراد الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بجسر قسنطينة بالعاصمة: وضع حد لنشاط عصابة إجرامية تحترف سرقة السيارات    المجمع الجزائري للغة العربية : الإعلان عن تأسيس الجائزة الوطنية في علوم اللغة العربية    وهران: إيفاد لجنة من وزارة التربية الوطنية للنظر في أسباب سقوط سقف لقسم بمدرسة ابتدائية    طاقة ومناجم: "نسعى الى استغلال الأملاح الناتجة عن تحلية مياه البحر"    لا بديل عن الرقمنة في جرد وأرشفة الملفات القضائية    80٪ من الجزائريين يستفيدون من الانترنت    استعراض آفاق قطاعات النقل والرقمنة في الجزائر    ضرورة توفر وسائل إعلام قوية لرفع التحديات    الشفافية والصرامة في إعداد دفتر شروط التجهيزات الطبية    تطوير المنصة الرقمية للمستثمرين في الصناعة الصيدلانية    تم معالجة 40 ألف شكوى تلقاها وسيط الجمهورية وطنيا    لا تزال الأزمة تصنع الحدث في الساحة الرياضية: بيان رسمي .. اتحاد العاصمة يعلّق على عدم إجراء مباراته أمام نهضة بركان    لا مفر من الرحيل عن ليل: بعد إهانة ليل.. صديق آدم وناس يكشف "المؤامرة "الفرنسية    «داربي» عاصمي واعد من أجل مكان في النّهائي    تضاعفت قيمة عمورة السوقية 4 مرات: سانت جيلواز.. عمورة للبيع لمن يدفع أكثر من 20 مليون يورو    الخطوط الجوية تعلن عن عرض جديد    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    العاصمة.. إحصاء 248 مشروع تنموي في مختلف القطاعات    برج بوعريريج.. مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 76 يرى النور قريبا    مطالب بحماية الشعب الصحراوي من الاضطهاد المغربي    المنتخب الوطني يتعادل أمام نظيره التونسي    توظيف التراث في الأدب.. عنوان المقاومة..    البنك الوطني الجزائري: رقم الأعمال يرتفع بأكثر من 27 بالمائة في 2023    المدرسة العليا للدّفاع الجوي..صرح علمي بكفاءات عالية    قصف ومجازر وسط القطاع واقتحامات للمسجد الأقصى    فلسطين: انتشار مكثف لجنود الاحتلال في القدس وغلق كافة الممرات المؤدية للمدينة    الإحصاء للعام للفلاحة : تحضيرات حثيثة بولايات جنوب الوطن    مسؤول أممي: نشعر بالذعر من تقارير عن وجود مقابر جماعية في غزة    فرصة جديدة لحياة صحية    رأس الحمراء و"الفنار".. استمتاع بالطبيعة من عل    دعوة لإنشاء جيل واع ومحب للقراءة    بطولات رمز المقاومة بالطاسيلي ناجر..تقديم العرض الشرفي الأول للفيلم الوثائقي الطويل "آق ابكدة .. شمس آزجر"    القضاء على إرهابي واسترجاع مسدس رشاش من نوع كلاشنيكوف بمنطقة الثنية الكحلة بالمدية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    القرار سينفذ هذا الصيف: منع كراء عتاد الاستجمام و زوارق النزهة بشواطئ عنابة    ساهم في فوز فينورد بكأس هولندا: راميز زروقي يتذوّق أول لقب في مشواره    استدعاءات الباك والبيام تُسحب بداية من 9 ماي    وزارة الفلاحة تنظّم ورشات لإعداد دفاتر أعباء نموذجية    مؤشرات اقتصادية هامة حقّقتها الجزائر    منصّة رقمية لتسيير الصيدليات الخاصة    90 % من الجوعى محاصرون في مناطق الاشتباكات    بن ناصر يُفضل الانتقال إلى الدوري السعودي    الشباب السعودي يقدم عرضا ب12 مليون يورو لبونجاح    مصادر وأرشيف لتوثيق الذاكرة بجهود إفريقية    الدورة 14 مرفوعة إلى الفنان الراحل "الرازي"    رفع مستوى التكوين والاعتماد على أهل الاختصاص    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس: الاستثناء الذي يؤكد القاعدة
نشر في الخبر يوم 25 - 12 - 2014

إن الحراك الشعبي الذي صنعته بعض الشعوب العربية تحت شعار إسقاط صنم الديكتاتورية حمل آمالا وآلاما، آمال هذه الشعوب في رسم معالم ثورة تُمكّنّها من حياة أفضل ووضع أحسن يرقى إلى مستوى تطلعاتها في تجسيد التغيير المنشود من وراء حراكها وآلامها في الدّماء الزّكيّة التي أُرهقت، والأرواح البريئة التي أُزهقت والأعراض العفيفة التي ثُلمت، والأموال المحرّمة التي نُهبت والنعرات والفتن التي أُثيرت في ظلّ مشاهد الحراك، ومكاسب الثورة التي لم تُثمّن فذهبت أدراج المصالح والحسابات الضيقة.
لكن.. أمام ذلك كله قد يُقال: إن مجرّد استشعار أن التغيير عن طريق الثورة والحراك الشعبيين هو مسلك خطير لكنه يبقى محفوفا بأضرب التضحية، يجعل من أمة الثورة وهي تنشد الألم ثمنا للأمل، تتعافى من آلامها وتقترب من تحقيق آمالها. طبعا هذا كله مع الجزم بأن أيّة عملية تغيير تقوم به أمة من أمم عالمنا الإسلامي تحت أيّ عنوان نحو ثورة شعبية، حراك شعبي، ربيع عربي. مع تحفظّي الشديد على هذا الوصف الأخير كما سأشير قريبا، أقول: إن هذا التغيير مطلوب في كل مكان وزمان لكنه يبقى مضبوطا بضوابط ومشروط بشرائط (شروط) ترعى المصلحة العامة حتى لا يكون التغيير باسم الثورة والحراك عنوانا للاضطراب والقلاقل، وسببا لفتح باب شرّ عظيم على أمة الثورة والحراك قد تطول السنون لغلقه.
على كل حال، لست بصدد بحث موضوع الثورات العربية وتشريحها، أو استذكار أسبابها واسترجاع مشاهدها، بقدر ما أريد وضع هذه الثورات في سياق ما حققته من أهداف وأنتجته من آثار، وما أبانت عنه من حقائق مثيرة تكشف في عديدها عن حقيقة الأهداف الاستراتيجية للغرب المرعية من افتعال الثورة.
نعم، الشعوب العربية صنعت ثورتها، تحرّكت بكلّ عفوية نحو إلغاء ملامح الأوليغاركية أو الأوليغارشية (بالإنجليزية: Oligarchy، وبالفرنسية: oligarchie) ؛ أي حكم الفرد الواحد، والأوتوقراطية (بالإنجليزية: Autocracy، وبالفرنسية: autocratie)؛ أي حكم الأقليّة. لكن أين هي أهداف الثورة؟ هل عالمنا العربي الإسلامي يعيش اليوم ثورات أم نعرات ؟ هل الهدف من حراك دول الثورة هو الثورة أم الثروة ؟ هل هي ثورات بالنسبة للعرب وثروات بالنسبة للغرب؟
هي تساؤلات مهمة. ربما إذا استثنينا دولة تونس التي صنعت الفارق، وقطعت شوطا مهما نحو بناء ديمقرطية نرجوها نزيهة وخالصة من آثار الاستبدادية المنتهية الصلاحية. وليس ببعيد عن تونس نجد جمهورية مصر العربية التي تتنفّس عبقا من حرية لم تكتمل بعد. لا زالت مصر تتجرّع آلام الثورة والثورة المضادة، وتنتظر آمالها مع الرئيس السيسي بعد تمثيلية الثورة المضادة أو دعونا نقول الانقلاب على الشرعية كما يراه كثير من السياسيين والقانونيين والحقوقيين.
بين تونس ومصر ترزأُ ليبيا تحت رحمة ثورة لم تكتمل، جعلت من الشعب الليبي ضحية للثورة ومكّنت الغرب من الثروة، هذا الغرب الذي لا يزال في طريق البحث عن أيّ مخرج لتثمين تدخله العسكري في الشأن الداخلي للثورة الليبية، وتعزيز بسط نفوذه ووضع يده على ثروة ليبيا (النفط). وهنا أتساءل: هل ما يجري اليوم في ليبيا ثورة أم صراع داخلي؟ يحقّ لنا التساؤل مستنكرين.
كذلك ما يشهده اليمن اليوم من اقتتال طائفي، هل هذه هي الثورة أم أنها نعرة من نعرات الجاهلية الأولى التي ذهبت بمصداقية الثورة؟ أيضا سوريا تتجرّع آلام حراكها، وثورتها عمّقت الصراع المحتدم بين طيف النظام وطيف المعارضة (الجيش الحرّ) وأطياف أخرى وجدت في سوريا مناخا مناسبا للتفريخ، هل هذه ثورة أم نعرة؟
هل ما يقع في أغلب هذه الأقطار العربية الشقيقة ربيع عربي. طبعا إذا ما استثنيت تونس ونسبيا مصر؟ والجواب لا أعتقد أن هذا بربيع عربي أبدا، إن الثورات وإن كانت عفوية في انطلاقتها الأولى إلا أنني لا أستبعد أن الغرب قد ساهم من بعيد في صناعة بعض مشاهدها وافتعال بعض أحداثها المرحلية، إما بتأييده للحكومات المتمسّكة بالسلطة أو تأييد الثوار المعارضين لها. وهو (أي الغرب) ليس بريئا في تأييده لهذه الثورات أو معارضته لها. وفي انتظار ما ستُسفر عنه هذه الثورات من سيناريوهات ومشاهد، نتمنى السلامة لكلّ بلد عربي حرّ ولبلدنا الجزائر قبل أي شئ.
أستاذ بكلية الحقوق- جامعة الجزائر 1.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.