أكد الوزير الأول السيد أحمد أويحيى أول أمس أن احتياطي الصرف الذي بلغ 138 مليار دولار نهاية نوفمبر الماضي في مأمن في الخارج وأن ما يقابله بالدينار موجود داخل البلاد ولا خطر عليه "لأن بنك الجزائر تبنى سياسة حذرة ولم يغامر ولو بدينار واحد". وطمأن السيد أويحيى نواب المجلس الشعبي الوطني الذين عبروا عن تخوفهم من انعكاسات الأزمة المالية العالمية على احتياطي الصرف قائلا أن جزءا من احتياطي الصرف تم توظيفه في شكل سندات خزينة بالولاياتالمتحدة وفي أمان تام دون المغامرة. وفي سياق متصل؛ أكد المتحدث على ضرورة تحرير الاقتصاد الوطني من التبعية للنفط والاعتماد على اقتصاد خارج المحروقات بتطوير الإنتاج من خلال استغلال الإمكانيات التي وفرتها الدولة "التي خلقت إطارا مستقرا للاقتصاد" . وأشار الوزير الأول الذي وقف ثلاث ساعات أمام نواب المجلس الشعبي الوطني إلى أن الخطر ليس في انخفاض أسعار النفط وإنما في انتهاء هذا الأخير الذي سيقل بعد22 سنة أي في عام2030 مهما كان الحل الذي يقترح لأن النفط سيعرف تراجعا معتبرا. واعتبر في هذا الصدد أن أول خطر على السيادة الوطنية هو فقدان الوقاية الاقتصادية وأن الحل هو في بناء اقتصاد قوي ومتنوع. وأبدى السيد أويحيى امتعاضه من الوضعية الحالية للاقتصاد الوطني الذي يعتمد على مداخيل النفط، مشيرا إلى انه من غير المعقول أن ترتفع قيمة الواردات من12مليار دولار سنة 2003 الى35 مليار دولار السنة الجارية لاستيراد سلع مختلفة في وقت تملك فيه الجزائر إمكانيات هائلة للإنتاج وتقدم دعما معتبرا للفلاحة. وأشار إلى أن البديل يكمن في وجود جدية أكثر في الاستثمار الداخلي الذي تحول-حسبه- إلى استيراد، مؤكدا أنه حان الوقت لاتخاذ إجراءات لتصويب مثل هذه التصرفات ورفع الصادرات خارج المحروقات التي"تشهد عجزا سببه النقص في النوعية والجودة وعدم قدرتها على منافسة السلع الأجنبية في الأسواق الدولية وذلك رغم توفر الشروط للرفع من مستوى المنتوج الوطني" . ورفض المتحدث التراجع عن الشراكة مع الإتحاد الأوروبي كما طالب نواب حزب العمال "لأن الجزائر لايمكنها أن تبقى جزيرة منعزلة عن العالم بل هي في حاجة إلى الدخول في شراكة مع باقي الدول" . ووجه السيد أويحيى من على منبر المجلس الشعبي الوطني نداء للمقاولين الجزائريين من اجل البحث عن سوق للتصدير وعدم التستر وراء الشكاوى وتسليم المشاريع القاعدية التي تم البدء في انجازها في مواعيدها وآجالها المحددة، مؤكدا أن "الدولة الجزائرية لن تتوان في معاقبة الشركات التي لا تلتزم بهذه المواعيد"، كما وجه نداء للعمال لاستخلاص الدروس من السنوات العجاف "عندما وصلت الباخرة للغرق" وتم إغلاق ألف مؤسسة حاثا إياهم على العمل و"التخلص من ثقافة الريع وأن كل شيء يأتي بالمجان" . من جهة أخرى؛ أكد المتحدث على تعزيز دولة الحق والقانون وتحسين الرقابة وتحيين الإدارة، مشيرا إلى أن التحايل على القانون أصبح نوعا من الثقافة الجديدة وأن الدولة عازمة على محاربة كل الآفات بمختلف أشكالها. وفي هذا الصدد كشف المتحدث ان2700 حكم متعلق بالرشوة صدر بين2006 - 2007 كما صدر4400حكم خاص بالاختلاسات والسرقة خلال نفس الفترة، بالإضافة إلى تقديم 2600 قضية مساس بالأراضي الفلاحية على مستوى 34 ولاية تم الفصل بأحكام نهائية في 1100 قضية ولاتزال 906 منها لدى القضاء إضافة إلى 600 قضية قيد التحقيق. كما أكد أن الحكومة تكفلت بقضايا الأراضي الفلاحية التي خصصت للفلاحين في إطار الامتياز وتمت المتاجرة بها وبيعها معلنا عن تنظيم ندوة وطنية للفلاحة قريبا. وفي مجال النقل؛ شدد الوزير الأول على أن "شهر جويلية 2009 هو آخر أجل للولايات التي لم تحترم القرار الذي صدر في 2001 والخاص بتنظيم الحافلات الصغيرة على مستوى المدن" منبها إلى أن" استيراد الجزائر للسيارات بلغ 7،2 دولار هذه السنة" . وبخصوص التباطؤ في إبرام الصفقات العمومية، أكد السيد أويحيى أن تسيير الأموال العمومية يتطلب إجراءات خاصة تشرف عليها حاليا لجنة لدراسة الملفات وأخرى للهياكل القاعدية وأن اللجنتين درستا الآلاف من الملفات منذ الصائفة الماضية ويبقى لحد الآن 147 ملفا فقط. وعن التزام الحكومة بتجسيد المشاريع القاعدية التي هي في طور الانجاز واستفادة كل الولايات من برامج التنمية الذي أقرها برنامج رئيس الجمهورية، أوضح أن الحكومة خصصت 900 مليار دج للتنمية في مناطق الجنوب وأن هذا الأخير لم يهمش. وكشف أن مجموعة من الإنجازات على مستوى الوطن ستتم قبل مارس المقبل منها توزيع 150 ألف سكن على المستفيدين وربط 000 23 بيت ريفي بشبكة الكهرباء و180 ألف بيت ريفي بشبكة الغاز وربط 320 مجمعا سكنيا بشبكة توزيع مياه الشرب، كما يستفيد 100 مجمع سكني من شبكات التطهير وانطلاق نشاط 12 مؤسسة نقل حضري عبر الوطن كما سيسلم 80 بالمائة من الطريق السيار شرق غرب قبل نهاية سنة 2009 . وأعلن الوزير الأول الذي رد على 200 متدخل يمثلون14حزبا سياسيا وكتلة الأحرار أن الحكومة تسهر حاليا على إعداد برنامج تنموي خماسي آخر تقدر تكلفته مابين 100 و 150 مليار دولار. وأوضح أن الجزائر ستستمر في دفع عجلة التنمية والتعمير في مختلف المجالات وأن هناك عدة مشاريع سيتم تسليمها في نهاية شهر مارس القادم وتتمثل على وجه الخصوص في 120 ثانوية و305 متوسطة و320 مدرسة ابتدائية و644 مطعم مدرسي و105 ألف مقعد بيداغوجي و8 ألاف سرير جامعي و7 مستشفيات و100 مجمع سكني و150 ألف سكن و112 مؤسسة للنقل الحضري بالإضافة إلى عدة مشاريع سيتم إنجازها خلال السنوات القليلة القادمة خاصة بالنقل بواسطة السكة الحديدية التي ستربط عدة مدن بالشمال وبالجنوب إلى جانب سدود أخرى. وعاد المتحدث إلى تأخر مشروع منطقة بلارة، مشيرا إلى تقدم المفاوضات لإقامة عدة مشاريع استثمارية بالمنطقة هدفها ضمان أغلبية نسب الرأسمال الجزائري.