❊التكامل بين دول القارة يسرّع من وتيرة تحويل الموارد محليا ❊تنشيط المبادلات التجارية وتحديد القطاعات ذات الأولوية ❊الرفع التدريجي للحواجز الجمركية وغير الجمركية بين دول القارة أكد خبراء أن الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، المزمع تنظيمها بالجزائر من 4 إلى 10 سبتمبر المقبل، تشكّل محطة مفصلية في مسار الاندماج الإفريقي تتجاوز الطابع التجاري التقليدي، داعين إلى تسريع ربط اقتصادات القارة، باعتباره شرطا أساسيا لتثمين مواردها وإبراز صناعات محلية قادرة على تكريس السيادة الاقتصادية الإفريقية. أمام التحديات الاجتماعية والاقتصادية المتعدّدة (ارتفاع البطالة في وسط الشباب، الأمن الغذائي، هشاشة القارة أمام الصدمات الخارجية، والعجز في البنى التحتية)، أجمع هؤلاء الخبراء أن إفريقيا لن تتمكن من رفع هذه التحديات إلا بالاعتماد على مبدأ التكامل بين دولها. في هذا الإطار، أوضح أستاذ الاقتصاد، إبراهيم قندوزي، أنّ "تنوّع الموارد الطبيعية، الزراعية، الصناعية والبشرية بين الدول الإفريقية يمثل ميزة كبيرة، شريطة استغلالها في إطار تكاملي أفضل"، ويعد بالتالي الترابط بين الاقتصادات مسارا لا محيد عنه لتعزيز القدرة على الصمود، خلق قيمة مضافة داخل القارة، وتلبية حاجيات ساكنة يفوق عددها 1,4 مليار نسمة. وقال البروفيسور إنّ معرض التجارة البينية الإفريقية يمثل منصّة مميزة للتقدّم بخطوات عملية نحو ربط الاقتصادات الإفريقية، إذ لا يقتصر دوره على تنشيط المبادلات التجارية فحسب، بل يسمح أيضا بتحديد القطاعات ذات الأولوية، حيث يمكن للتكامل بين الدول أن يسرع من وتيرة تحويل الموارد محليا. وحسب الخبير، يأتي هذا المعرض في سياق الديناميكية التي تشهدها منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (زليكاف)، التي تهدف إلى الرفع التدريجي للحواجز الجمركية وغير الجمركية بين دول القارة، حيث ذكر بأن الهدف من المنطقة هو رفع نسبة التجارة البينية الإفريقية إلى 25% بحلول 2030، مقابل نحو 15% حاليا. كما شدّد الخبير قندوزي على أن هذه التظاهرة الكبرى تلعب دورا بارزا في تسليط الضوء على إمكانات الجالية والطاقات الشبابية الإفريقية التي تعد "العقل المفكر" للقارة، من خلال منح الشركات الناشئة والمواهب المبتكرة والباحثين فضاء داخل المعرض للتعريف بأنشطتهم وتسهيل تواصلهم مع المستثمرين وصناديق رأس المال المخاطر. من جهته، اعتبر الخبير الفلاحي والأستاذ الباحث بالمدرسة الوطنية العليا للفلاحة بالجزائر، علي داودي، أنّ القطاع الفلاحي من أهم الميادين الواعدة التي تسمح بتجسيد الاندماج الإفريقي، معتبرا أنّ تثمين التكامل بين الدول المنتجة والدول المصدّرة أو المحوّلة، يعد أساسيا للتقليل من التبعية الغذائية للقارة وتعزيز سيادتها، مستشهدا بمثال الكاكاو المنتج في إفريقيا الغربية، والذي يمكن تحويله عبر شراكات مع صناعات غذائية قائمة بالجزائر، بما يخلق قيمة مضافة على المستوى الإقليمي ويستجيب في الوقت ذاته لاحتياجات سكان في تزايد متسارع. كما يمثل معرض التجارة البينية الإفريقية 2025 موعدا استراتيجيا لإعادة التفكير في النموذج الاقتصادي الإفريقي، حسب الخبير، الذي شدد على أن القارة الإفريقية أصبحت مطالبة اليوم بعدم الاكتفاء بتصدير موادها الأولية في شكلها الخام حتى لا تبقى رهينة لتبعيتها للأسواق العالمية.