محكمة بريكة تدين عدة أشخاص بالحبس    الجامعات الجزائرية تحتل المراتب الأولى مغاربيا    الجزائر تشارك في دورتين حول تنفيذ الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد    توثيق الذّاكرة المشتركة للشعبين الجزائري والإيطالي    بكالوريا 2025: إدانة عدة أشخاص بالحبس لتورطهم في الغش ونشر مواضيع وأجوبة الامتحانات    الجزائر ترغب في الانضمام للتحالف الإفريقي للهيدروجين    تلغي رحلات خطوطها من وإلى العاصمة الأردنية    الجزائر تعتمد استراتيجية سيادية في الأمن السيبراني    دفع 800 مليار تعويضات خلال 5 سنوات    ما يرتكبه الكيان الصهيوني جريمة حرب يجب توثيقها    خامنئي يرد على ترامب ويحذّره من عواقب التدخل    وفاة 3 أشخاص وإصابة 211 آخرين بجروح    حديقة التسلية "حبيباس لاند" إضافة نوعية ل"الباهية"    توتنهام الإنجليزي وأنتويرب البلجيكي يتنافسان على زرقان    مانشستر يونايتد الإنجليزي يخطّط لضم هشام بوداوي    وهران: تخرج الدفعة ال 55 للطلبة الضباط والضباط المتربصين بالمدرسة العليا للطيران بطفراوي    نادي سطاوالي يجرّد اتحاد الجزائر من اللقب ويحقق الثنائية    موهبة تعطي "عديم القيمة" نبضا جديدا    وكالات السياحة والسفر تضبط برامج عطلة الصيف    عنابة تحتفي بالطفولة والهوية    بجاية تحتضن ملتقى وطنيا حول المسرح الأمازيغي للهواة    متيجة من عل تسبي العالم    "تارزيفت"... تعبير عن حفاوة الاستقبال    الرابطة الأولى موبيليس : الرابطة تكشف عن توقيت اجراء مقابلات الجولة ال 30 والاخيرة    تعديل قانون استغلال الشواطئ يرمي إلى جعل السياحة رافعة للتنوع الاقتصادي    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    فتاوى : الهبة لبعض الأولاد دون البعض    وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ    في الذكرى ال69 لاستشهاده..تسيط الضوء على بطولات الشهيد الرمز أحمد زبانة    جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة..استشهاد 144 فلسطينيا وإصابة 560 خلال 24 ساعة    لتثمين البحث العلمي وحماية ذاكرة المؤسسات والأمة ..تأكيد على أهمية التعاون بين الجامعات والمديرية العامة للأرشيف الوطني    لجنة صحراوية تناشد المنتظم الدولي الضغط على المغرب لاحترام حقوق الإنسان    قسنطينة: الطبعة ال11 للمهرجان الدولي للإنشاد من 25 إلى 30 يونيو    إيران: ما يرتكبه الكيان الصهيوني جريمة حرب يجب توثيقها    كأس إفريقيا سيدات 2024: المنتخب الجزائري يواصل تحضيراته بوهران    المصادقة على حصيلة سوناطراك    الأمم المتحدة تحذر من تأثير الذكاء الاصطناعي على تزايد خطاب الكراهية عالميا    رُعب في قلب تل أبيب    تعارف الحضارات محور ملتقى دولي بالجزائر    مرّاد يستقبل المخرج السعيد عولمي    خطّة عمل لتوفير أفضل ظروف الاصطياف    الخضر يتوّجون    عُمان ضيف شرف الطبعة ال56    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة لا تكسره المؤامرات    الرئيس يستقبل سفير بريطانيا    تدشين مصنع لإنتاج الأدوية القابلة للحقن    تتويجا للإصلاحات الهيكلية العميقة التي بادرت بها الدولة    رهان على الرقمنة لتتبُّع المفقودين    تكذب خبر إجراء رئيس الجمهورية لأي لقاء إعلامي مع صحف أجنبية    بومرداس : توقيف سائق شاحنة قام بمناورات خطيرة    موجة حر وأمطار رعدية    الرابطة الاولى "موبيليس": شباب بلوزداد يفتك الوصافة من شبيبة القبائل, و الصراع متواصل على البقاء بين ترجي مستغانم و نجم مقرة    لا حلول لأزمة الشرق الأوسط إلا بالدبلوماسية والتزام حسن الجوار    السيد سايحي يشرف على تنصيب اللجنة الوطنية لأخلاقيات الصحة    الجزائر/الأردن: تدشين مصنع لإنتاج الأدوية القابلة للحقن تابع ل "حكمة فارما الجزائر"    مرتبة ثانية لسجاتي    الحماية الاجتماعية مبدأ مكفول قانونا لكل جزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ رشيد وقاص يحاضر ب''الجاحظية'':‏
فكر المدينة في الحضارة الإسلامية
نشر في المساء يوم 25 - 12 - 2011

كان أوّل أمس ''الفكر والمدينة في الحضارة الإسلامية''، موضوع المحاضرة التي ألقاها الأستاذ رشيد وقاص بالجاحظية، محاولا من خلالها الحفر في الموضوع، مستندا على بعض الشواهد التي يرى فيها دليلا على ما ذهب إليه خلافا لابن خلدون ومالك بن نبي وأركون.
استهل المحاضر مداخلته بالتأكيد على أن فكرة المدينة في تاريخ الحضارة الإسلامية فكرة أملتها الظروف التي يعيشها العالم العربي والإسلامي، بحيث أننا أمام منعرج حاسم في بناء الأمة الإسلامية وبناء دولنا بناء حديثا يقتضي معرفة الدولة بمفهومها الحديث، لأن هذا الفهم هو الذي يؤسس للمستقبل، سيما وأنّ الأجانب كل يوم يعقدون اتفاقا في شراكة أو تحالفا جديدا، بينما دولنا تشهد تمزقا يوحي بأن المجتمع العربي يفتقد لمفهوم الدولة.
ويضيف وقاص في مداخلته، أننا نفتقد للدولة في سياقها التاريخي وهذا لأسباب فكرية، نسأل هل منظومتنا الفكرية التي تبنّاها مجتمعنا تعي مفهوم الدولة؟ ويضيف في تحليله لمفهوم الدولة، أنه يحاول معالجة ما هو مترسب في التاريخ من خلال عالمي الاجتماع ابن خلدون ومالك بن نبي في شروط الحضارة وبناء مجتمع، حيث لم يهتما أو يشيرا إلى هذا الجانب، ولنعرف مفهوم الدولة ينبغي لنا العودة إلى نقطة مضيئة في التاريخ العربي وهي الهجرة النبوية، حيث أن كتاب السيرة والتاريخ لم يشيروا إلى شيء مهم جدا وهو معنى الهجرة، هل كانت من مكان إلى مكان؟ هل كانت نتيجة ضعف وطلبا للحماية؟ ويشير المحاضر إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم من المفترض أن يكون محميا بالعناية الإلهية. ويقول الأستاذ وقاص في ما يخص الهجرة أنه يرى أن الرسول لم ينتقل من مكة إلى المدينة انتقالا من مكان إلى مكان، أو أنه كان خائبا يطلب اللجوء؛ بل انتقل من فكرة إلى فكرة، من فكرة القبيلة إلى فكرة المدينة إلى فكرة الدولة. متسائلا في نفس الوقت » هل بوسع طالب اللجوء تغيير اسم حاضرة القوم من اسم يثرب إلى اسم ''المدينة''؟«. ويضيف الأستاذ وقاص قائلا، تبرز عبقرية الرسول صلى الله عليه وسلم في اختياره ليثرب اسما ومصطلحا ''المدينة'' قائلا : » لا تثريب عليكم اليوم«. وينتقد المحاضر كتاب الحديث ومفسريه انتقادا لاذعا، وكأنهم في رأيه افتقدوا اللغة العربية حينما شرحوا مفهوم التثريب باللوم، لم ينتبهوا لما ينطوي عليه التثريب أنه »لا قبلية بعد اليوم«. ويضيف المحاضر عدم التفكير بالقبيلة، بل بمفهوم المدينة، وهو الانتقال من القبيلة إلى المدينة عندما غير اسم الحاضرة، يأمر بإبرام عقد اجتماعي وذلك من خلال مؤاخاته بين المهاجرين والأنصار، كما يعقد مواثيق بين المسلمين واليهود. ويرى المحاضر وقاص أن في فكرة المدينة تذوب القبيلة، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أدرك أن الاجتماع هو وليد المدينة لأنها هي التي تصنع الأفكار.
ويذهب الأستاذ وقاص في تحليله، إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعدما أقام العقد الاجتماعي، أضاف إليه لمسة أخرى تتمثل في بناء الجامع، لأن الجامع ليس هو المسجد كما يعتقد البعض، فالمسجد هو موضع للسجود، وأن الأرض كلها مسجد، بينما الجامع هو للتلاقي للسلوك والتعامل بين المسلمين، وحينما غيرنا المفاهيم »وأبدلنا الجامع بالمسجد أصبح الجار لا يكلم جاره«.
ويقول المحاضر أن » الرسول جمع كل هذه المفاهيم ليؤسس دولة حديثة لينتقل بالفكر العربي من القبلي إلى المدني، لأن الفكر القبلي يقوم على النسب وعلى الأنا وعلى القوة وعنصر المقارنة، بينما الفكر المدني يقوم على عنصر المشاركة والإيثار والمحبة«.
ورأى وقاص أن ابن خلدون ومالك بن نبي وشكيب أرسلان لم ينتبهوا إلى نقطة مهمة، وهي » لماذا أصبح المسلمون بهذا الضعف الآن وأين محور هذا التحول؟«. مرجحا أنهم » لم يكتشفوا تيارين متصارعين في مكان واحد، الفكر العربي والفكر الإسلامي، والرسول صلى الله عليه وسلم اهتم ببناء مجتمع المحبة والإيثار وأن يعيش الإنسان من أجل الآخر، من أجل الإنسان أن يتواضع له أن يشاركه في الحياة«.
وينتقل المحاضر إلى الخلفاء بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم والصراع الذي قام بعده بما يعرف في كتب التاريخ بالفتنة الكبرى والتي ما تزال إفرازاتها إلى يومنا هذا، حيث بدأ الصراع بين الفكر الإسلامي والفكر العربي في عهد الرسول من خلال دعاة النبوة مثل مسيلمة الكذاب وسجاح، (حيث أراد مسيلمة المشاركة في النبوة التي لم ينكرها وجاء هذا بدافع الحس القبلي) وحروب الردة حيث امتنعت بعض القبائل على أداء فريضة الزكاة واعتبرتها إتاوة لقريش، وأن الخليفة الصديق لم يقاتل المرتدين من أجل فريضة من فرائض الإسلام، بل أراد أن يحافظ على مدينة الرسول وحمايتها من الفكر القبلي، كما كان اختياره لعمر بن الخطاب لما من فيه قوة اندفاع خليفة من بعده، فقد تميز العهد العمري بالرخاء مع صرامة عمر، ليأتي بعده عثمان بن عفان الذي اتسعت في عهده الرقعة الإسلامية وكثرت الخيرات وكانت له خبرة اقتصادية، لأنه كان تاجرا، لكن منطق القبيلة يعود ليتهم فيما هو له، يتهمه بتبذير الأموال وانعدام العدالة وهو المعروف عنه بتجهيز الجيش.
ويرى المحاضر بين المدينة والحضارة، أن الحضارة سلوك عملي وسياسي، لكن هناك فرق بين الحضارة والعمران، الحضارة في التصرف الأحسن المثالي الأخلاقي في القضايا، عثمان استسلم لمنطق القبيلة وأدرك أن فكر القبيلة قد نما وأصبح يشكل خطرا وأدرك أن الموت هو السلوك المتحضر فلم يجابه حتى استشهد.
ثم ينتقل المحاضر بنا إلى الخليفة علي بن أبي طالب، ويرى أن قوته في الصبر وتحمل الشدائد، بينما قوة عمر كانت قوة اندفاع، علي رجل قضاء، نجده يحاجج ويصبر على خصومه لكن أمام قوة القبيلة رأى أن يتنازل، وبعد علي يأتي منطق القبيلة مع معاوية والخلافة الأموية ثم من بعدها العباسية التي انشطرت إلى دويلات. ولم يهتم مالك بن نبي بعنصرين مهمين في بناء الدولة، هما الجانب الروحاني والإرث الذي وجدناه في تأسيس الدولة النبوية كسلوكات متحضرة، الفكرة - الفكرة المشتركة - أهملنا رصيدنا التاريخي في العودة إلى فكر المدينة، الأوربيون لم يعرفوا الفكر المدني إلا عن طريق الاتحاد الأوربي من خلال إلغاء فكرة الأنا، القومية والنسب.
فتح بعد المحاضرة المجال للنقاش، وقد أوخذت على الأستاذ المحاضر عدة أشياء، منها عدم قدرته على التحكم في الموضوع لاتساعه حيث يتطلب كتابا، إضافة إلى إلغائه النسب في المدينة الإسلامية ولم يأت الخلفاء من قريش إلا باحتجاجهم على الأنصار بحديث »الإمامة في قريش«، وكذا التثريب لم يقلها لأهل المدينة وإنما قالها في فتح مكة حينما سأل قومه ماذا يرونه فاعلا بهم فقالوا »أخ كريم وابن أخ كريم«، فقال مثلما قال يوسف لإخوته »لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم طلقاء«.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.