عدة رؤساء أفارقة يجددون التأكيد على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير    الألعاب الإفريقية المدرسية الاولى /الجزائر-2025/ : المصارع منذر راهي يهدي أول ميدالية ذهبية للجزائر    عرقاب يستقبل الرئيس المدير العام للشركة السعودية مداد للطاقة-شمال إفريقيا    مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بين الجزائر وإيطاليا    الشركة الجزائرية للتامين وإعادة التامين: تحقيق صافي أرباح بقيمة مليار دج سنة 2024    انطلاق الجامعة الصيفية    تطبيق صارم للمعاملة بالمثل مع فرنسا    دعوة لحلّ لجنة الصداقة المغربية الصهيونية    الاتحاد البرلماني العربي يدين القرار الصهيوني بدعم ما يسمى ب"السيادة" على الضفة الغربية المحتلة    الرئاسة تعزّي وفاة ناصر طير    "عدل" تباشر الرد على طلبات المكتتبين في برنامج "عدل 3"    الاحتلال الصهيوني يهاجم سفينة كسر الحصار المتجهة إلى غزة    رئيس الجمهورية يستقبل سفير تونس في زيارة وداع    وهران : استقبال الفوج الثاني من أبناء الجالية الوطنية المقيمة بالخارج    كان "شاهدا وصانعا ومؤثرا" في تاريخ الصحافة الجزائرية    تعزز الجهود الوطنية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية    الجزائر تشارك في قمة الأمم المتحدة لمتابعة أنظمة الغذاء بأديس أبابا    انطلاق مرحلة تأكيد التسجيلات الأولية لحاملي شهادة البكالوريا الجدد    الجزائر رافعة استراتيجية لتسريع وتيرة الاندماج الاقتصادي القاري    نواب بريطانيون يطالبون بالاعتراف بدولة فلسطين    مشروع السكة الحديدية أم العسل – تندوف: وتيرة إنجاز متسارعة نحو تحقيق الربط المنجمي الكبير    افتتاح الالعاب الافريقية المدرسية (الجزائر 2025): عروض فنية جزائرية وافريقية تزين الحدث    الالعاب الافريقية المدرسية (الجزائر 2025): وفود افريقية تعبر عن ارتياحها لظروف الإقامة والتنظيم الجيد في مستهل الحدث    "بريد الجزائر" تحذر من روابط وهمية تروج لمسابقات كاذبة على مواقع التواصل    يضبط أزيد من 18 كلغ من الكوكايين ويفكك شبكة إجرامية    وزارة الداخلية تدعو الأولياء إلى مراقبة أبنائهم لتفادي حوادث الغرق    تدخلاً للحماية المدنية خلال 24 ساعة: حصيلة ثقيلة لحوادث المرور والغرق    موجة حر ورعود يومي الاحد والاثنين على عدة ولايات من جنوب وشرق البلاد    اختتام مهرجان الأغنية الوهرانية في طبعته ال16: تكريم الفائزين ولمسة عصرية على النغم الأصيل    جثمان المخرج سيد علي فطار يوارى الثرى بالجزائر العاصمة    الجزائر تحتفي بعبقرية تشايكوفسكي في حفل موسيقي عالمي بدار الأوبرا    الخضر يهزمون تونس    بورتس: لا مفر من تحرير فلسطين    إنفانتينو يهنّئ المولودية    وهران: إسدال الستار على مهرجان الموسيقى و الأغنية الوهرانية    هذه الشروط الجديدة للالتحاق بنخبة "الجيش"    استشهاد 1200 مسن نتيجة التجويع خلال الشهرين في غزّة    بديل السكر الشائع قد يسبب تلفا في الدماغ    حملات تحسيسية بالمساحات التجارية في البليدة    حالة تأهب ضد تسمم الأطفال بالمنظفات    سنكون سعداء بتواجد ميسي.. والأمر يعتمد عليه    تحديد موعد لقاءي "المحاربين" ضد بوتسوانا وغينيا    هذا الموعد سيكون بوابة لألعاب أنغولا وأولمبياد داكار    تعزيز آفاق التنمية وإعادة بعث القطاع الحضري    دعوة مفتوحة للمساهمة في مؤلّف جماعي حول يوسف مراحي    فنان بيروت الذي عزف للجزائر أيضًا    21 فيلما روائيا يتنافس على جوائز مهرجان البندقية    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر-2025): برنامج ثقافي وترفيهي وسياحي ثري للوفود الرياضية المشاركة    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    هذه حقوق المسلم على أخيه..    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    استكمال الإطار التنظيمي لتطبيق جهاز الدولة    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    أفشوا السلام بينكم    هذا اثر الصدقة في حياة الفرد والمجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يغوص في كتابه الجديد في أسفار التاريخ وآثاره
فوكوياما يحذر من ردة حضارية
نشر في المساء يوم 29 - 10 - 2012

زار باريس مؤخّرا المفكّر الأميركي من أصل ياباني، فرنسيس فوكوياما، للمساهمة في الاحتفاء بصدور الطبعة الفرنسية من كتابه الجديد «بداية التاريخ»، وفيه يدرس عوامل التحوّل السياسي عبر التاريخ، وتشكّل المؤسسات السياسية الأساسية، أي الدولة وسلطة القانون والحكم المسؤول منذ العصور الأولى حتى نهاية القرن الثامن عشر.
المعروف أنّ فوكوياما هو فيلسوف وعالم اقتصاد وباحث في العلوم السياسية ومحاضر بجامعة ستانفورد بكاليفورنيا، وقد نال شهرة عالمية عن كتابه «نهاية التاريخ» الذي أثار جدلا كبيرا في جميع الأوساط الثقافية والفكرية والسياسية في العالم، ذلك الكتاب الذي كان مقالا بالعنوان نفسه في البداية، نشر بمجلة «ناشيونال أنترست» في صيف العام 1989 عقب سقوط جدار برلين، قبل أن يصدر في طبعته المعمّقة والموسّعة في العام 1992، واصل فيه فوكوياما مناقشة نظرية نهاية التاريخ التي كان هيغل قد طرحها من قبله، إثر انتصار نابليون بونابرت في معركة فيينا عام 1806.
وللتذكير، فإنّ نظريته تلك ترى أنّ سقوط جدار برلين لا يمثّل نهاية الحرب الباردة فحسب، وإنّما أيضا انتصار الديمقراطية كنموذج أساس للحكم، وأنّ ثنائي الديمقراطية السياسية واقتصاد السوق سيكون أفقا لا يمكن تجاوزه، وسيفتح عهدا مباركا من السلم في العالم، خاليا من الحروب والثورات والفتن، وقد كان وقتها قريبا من تنظيرات المحافظين الجدد، حيث عمل في الإدارة الأمريكية في عهدي ريغن وبوش الابن، ثم انسلخ عنهما وعارض غزو العراق، قبل أن يساند الحزب الديمقراطي ويصوّت لأوباما.
في كتابه الجديد، يغوص فوكوياما في أسفار التاريخ وآثاره، ويستدعي أنظمة الحكم التي عرفها الإنسان منذ العصور الأولى، ويبرز ملامحها وخصائصها، ويقتفي تطوّرها عبر العصور، في الصين أوّل من أرسى أسس الدولة المعاصرة، في رأيه، وفي والهند والشرق الأوسط، حيث انبثقت فكرة دولة القانون، وفي أوروبا منذ القدم حتى تبلوُر فكرة الديمقراطية ببزوغ فجر الثورة الفرنسية في نهاية القرن الثامن عشر، ليؤكد أن كل المجتمعات الحديثة في العالم، مع استثناءات قليلة، تخلت عن النظام القبلي العشائري القديم لتُحلّ محلّه نظاما سياسيا قوامه المؤسسات والقانون، ودولة مركزية ترعى مصالح الشعب وتحفظ أمنه وسلامه، وقوانين عامة يستوي أمامها المجتمع بكل فئاته.
ويخلص فوكوياما إلى ضرورة توافر عناصر ثلاثة لا تقوم الديمقراطية إلاّ بها مجتمعة، وهي هيبة الدولة وسلطة القانون ومسؤولية الحاكم أمام الشعب، وفي غياب أحدها يفقد نظام الحكم طبيعته الديمقراطية، ويُخل بالعقد الاجتماعي الذي يربطه بمواطنيه، ويُدخل البلاد في وضع مضطرب قد تكون عواقبه وخيمة، كما نشهد اليوم في أنحاء كثيرة من العالم.
وللدلالة على نتائج الإخلال بعنصر من تلك العناصر، يضرب أمثلة من الواقع السياسي الراهن، عن أفغانستان التي يعجز حكامها عن تطبيق القانون لغياب دولة قوية، وعن روسيا التي تتميز بدولة قوية وبانتخابات ديمقراطية، ولكن حكامها لا يمتثلون لسلطة القانون، وعن سنغافورة التي تملك دولة قوية وتحترم سلطة القانون ولكن مسؤولية حكامها أمام الشعب ضعيفة.
وعلى ضوء تلك العناصر، يستخلص فوكوياما ما يميز بلدا يشهد فوضى عامة كالصومال، عن بلد يعتبره أنجح ديمقراطية في العالم وهو الدانمارك، ويرى أن التحاق الأول بالثاني يمر حتما عبر إحلال توازن كامل بين تلك العناصر. كذا دول الربيع العربي التي انخرطت في مسار الديمقراطية، والتي ينبغي عليها أن تتوخى هي أيضا مسعى مماثلا حتى تبلغ ضالتها.
هذا «الربيع» الذي يعتبره فوكوياما حدثا هاما يدعم نظريته، لأن ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا فنّدت على، حدّ تعبيره، خطأ الرأي الغربي القائل؛ إنّ العرب مختلفون عن بقية شعوب العالم، بدعوى أنّ الثقافة العربية الإسلامية ترغمهم على القبول بالأنظمة الدكتاتورية وأنهم ثقافيا شعوب سلبية لا تمانع الظلم والاستبداد. ويؤكد أن ما نشهده اليوم في تلك البلدان نقطة انطلاق نحو الديمقراطية، لأن المسار الذي اتبعته تلك الثورات شبيهة بثورات الشعوب في أوروبا لإرساء الديمقراطية، خصوصا في إنجلترا، حيث تحدت سلطة الملك وقاومت نفوذه حتى نالت مبتغاها.
ويعترف فوكوياما، في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، أنّ من بين العوامل التي دفعته إلى وضع هذا المصنّف، حرصه على أن يبيّن للغربيين مدى صعوبة إنشاء مؤسسات ديمقراطية، فالانتقال من وضع إلى وضع هو أسهل ما يكون في بدايته، مما يستلزم وقتا أطول وجهدا أكبر في مرحلة لاحقة هو تكوين أحزاب سياسية ومنظومة قضائية وثقافة احترام مبدأ التوافق.
وفي رأيه أن أكبر تحدّ يواجه الديمقراطية الليبيرالية في المنطقة هو صعود الإسلاميين، هو لا يعترض على الدين كدافع للحراك والتمرّد، لأنّ الدين في نظره ظلّ على مرّ التاريخ مصدرا هاما للهوية والتعبئة، ليس في العالم الإسلامي وحده، بل في سائر المجتمعات البشرية حتى الأوروبية منها، وأنّ الحضارة الصينية هي وحدها التي لم تستند قط إلى مرجعية دينية، ولكنه يخشى خطاب التيارات السلفية الراديكالية التي تجهر بعدائها للديمقراطية، ويحذر من ظهور أنظمة تيوقراطية على المنوال الإيراني أو السعودي، تقود المنطقة بأسرها إلى ردة حضارية.
الكتاب يحفل بمعلومات جمة وتحاليل قيمة، ليس حول تاريخ الشعوب والحضارات وأنماط الحكم التي خضعت لها فحسب، بل حتى في المسائل الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية، وهذا ليس بغريب عن عالم موسوعي مثل فوكوياما، وقد شمل مسحا لأبرز المراحل التاريخية، منذ المجتمعات الزراعية في العصر القديم إلى يومنا هذا، وسبرا للراهن في مواقع الثقل السياسي والاقتصادي في العالم، وتنبؤا بزوال النظام الشيوعي في الصين، بطريقة ليس أقلها اتكاء الأجيال الجديدة على وسائل الاتصال الحديثة، على غرار ما حدث ويحدث في بلدان الربيع العربي، لتغيير النظام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.