يتوجه حوالي سبعة ملايين ناخب مالي اليوم مجددا إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد، على أمل طي صفحة أزمة سياسية وعسكرية مستمرة منذ أكثر من عام ونصف العام وأغرقت البلاد في فوضى عارمة. ويأتي تنظيم الدور الثاني من الرئاسيات في مالي بعد أسبوعين من دور أول كان عرف منافسة 27 مرشحا، وبمشاركة قياسية بلغت نسبة 48 بالمائة، وفاز فيه مرشحان اثنان وهما إبراهيم بوبكر كايتا وسومايلا سيسي.وعلى غرار الجولة الأولى، فإن جولة الإعادة تتم بحضور المئات من المراقبين المحليين والدوليين، إضافة إلى نشر تعزيزات أمنية مشددة من القوات المالية والقبعات الزرق، إضافة إلى قوات الجيش الفرنسي التي لا تزال منتشرة في مالي.ويعتبر المرشحان اللذان تمكنا من اجتياز الدور الأول شخصيتين مخضرمتين في السياسية بمالي، خاصة وأنهما تقلدا مناصب وزارية مختلفة، حيث سبق وأن شغل إبراهيم كايتا منصب رئيس الوزراء، بينما تولى منافسة سومايلا سيسي منصب وزير المالية، إضافة إلى أنه كان مسؤولا سابقا في الاتحاد الاقتصادي والمالي لدول غرب إفريقيا. وكان المرشحان عبرا في ختام حملة انتخابية قصيرة وباهتة انتهت أول أمس، عن ثقتهما بالفوز في هذه الانتخابات، لكنهما حذرا من أعمال تزوير يمكن أن تشوب الاقتراع. وهو ما جعل سومايلا سيسي يطالب باتخاذ "إجراءات ملموسة" للحيلولة دون "وقوع التزوير"، الذي قال إنه شاب الجولة الأولى. ومنطقيا يبدو كايتا الأوفر حظا للفوز بهذه الرئاسيات، بعد أن تمكن من الحصول على المرتبة الأولى في الدور الأول وبفارق 20 نقطة على ملاحقه سومايلا سيسي، إضافة إلى كونه تحصل على دعم 22 مرشحا من بين 25 الذين لم يسعفهم الحظ في تجاوز الجولة الأولى. ولكن رغم ذلك، تبقى حظوظ سومايلا سيسي قائمة، وهو الذي يعول على حوالي 400 ألف ورقة انتخابية تم إلغائها في الدور الذي جرى في 28 جويلية الماضي. ومهما كان الرئيس المنتخب، فإن مهمته لن تكون بالسهلة ومالي تمر بأسوأ أزمة في تاريخها المعاصر مست مختلف جوانب الحياة، مما سيكون لزاما على الرئيس المنتخب مواجهة مجموعة من التحديات أبرزها الأمنية، في ظل بقاء فلول الجماعات المسلحة التي سبق واحتلت شمال مالي قبل أن تدحرها القوات الفرنسية، لكن ذلك ليس كافيا للتطهير كامل المنطقة من بقايا المسلحين. أما التحدي الآخر الذي ينتظر الرئيس الجديد، هو كيفية النهوض باقتصاد بلد منهار كليا زاده ضعفا تفشّي ظاهرتي البطالة والفساد.