العدوان الصهيوني: استشهاد 70 فلسطينيا وإصابة العشرات منذ فجر اليوم    الصحراء الغربية : الإعلام الإسباني يفضح زيف الادعاءات المغربية و يؤكد الطابع الاستعماري للاحتلال    موجة حر وأمطار وزوابع رملية يومي الاحد والاثنين على عدة ولايات من الوطن    السيد ناصري يستقبل سفير جمهورية كوت ديفوار بالجزائر    سفير مملكة السويد بالجزائر يشيد بمستوى العلاقات "الممتازة" بين البلدين    المغرب: مقررة أممية تنضم إلى الحملة الدولية المطالبة بإطلاق سراح ناصر الزفزافي    البنك الوطني الجزائري: تسجيل ناتج صافي يفوق 48 مليار دج سنة 2024    أوبك+ : الجزائر وسبع دول أخرى تقرر زيادة في إنتاج النفط ب 547 ألف برميل يوميا ابتداء من سبتمبر المقبل    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر2025)/الفروسية: المنتخب الوطني يحصد 5 ميداليات منها 4 ذهبية    كرة القدم/البطولة الإفريقية للمحليين-2024 : المنتخب الوطني يجري أول حصة تدريبية بكمبالا    شايب سفيان يشيد بمساهمة كفاءات الجالية في الجامعة الصيفية بعين تموشنت    وزير النقل يكشف عن قرب تدعيم الرحلات الجوية الداخلية وإنشاء شركة وطنية جديدة    طلبة جزائريون يتألقون في المسابقة الجامعية العالمية للرياضيات ببلغاريا    مشاريع تنموية جديدة تعيد الأمل لسكان بلدية مروانة بباتنة    ورشة إفريقية عبر التحاضر المرئي لتعزيز ملفات ترشيح التراث العالمي    الألعاب الإفريقية المدرسية /الجزائر2025/ : الجزائر حاضرة في أربعة اختصاصات في اليوم الثامن للدورة    اليوم الوطني للجيش : رابطة مقدسة مع الشعب وعقيدة دفاعية راسخة    الجزائر تنضم إلى شبكة نظام الدفع والتسوية الإفريقي الموحد    معاينة مكثفة لمدى التزام التجار بمعايير النظافة والصحة    تترجم نجاح سياسة الدولة في مجال إعادة التربية والتأهيل    الجزائر تنضم إلى نظام الدّفع والتسوية الإفريقي الموحد    ناصري وبوغالي يهنئان المنتخب الوطني لكرة السلة    وفاة 13 أشخاصا و إصابة 503 آخرين بجروح    اليونيسف : أطفال غزة يحتاجون إيقافاً مستداماً لإطلاق النار    وزارة الثقافة والفنون تنظم ورشة تكوينية دولية حول التراث العالمي بالاشتراك مع صندوق التراث العالمي الإفريقي    الجزائر تعود إلى مصاف الكبار في قطاع الطاقة    شباك موحد خاص ب"قرض الرفيق"    سلسلة توثيقية تفضح الشركات متعددة الجنسيات في نهب ثروات الصحراويين    تصعيد الضغط على المخزن يتواصل    "فنار" عنابة.. الحارس الملازم لمكانه منذ قرن ونصف القرن    كأس افريقيا للمحليين : أشبال بوقرة بأوغندا للمنافسة على اللقب القاري    التقشف ضرورة.. الفاف يهدد وقرارات تاريخية منتظرة    اختتام التظاهرة الثقافية بانوراما مسرح بومرداس..تقديم 55 عرضًا مسرحيًا على مدار أسبوع كامل    سحب فوري للترخيص ومنع الوكالات من تنظيم العمرة في هذه الحالات    عمار طاطاي مربي الأفاعي والتماسيح يُبهر زوار "نوميديا لاند"    تكريم المتفوقين في شهادتي "البيام" و"الباك"    المحامي سعيد موهوب... المعاق الذي يرافع من أجل الأصحاء    المنتخب الوطني يتوج باللقب العربي    الجلفة تنزل بزخمها ضيفة على عروس الشرق عنابة    أمواج دوّاس تعرض "الفتنة القرمزية"    سؤال واحد أعادني إلى رسم تراث منطقة القبائل    شركة إسمنت عين التوتة تْشيد بنتائج النوابغ    تصعيد الضغط على المخزن    بوغالي يتمنّى مزيداً من النجاحات    فنلندا تستعد للاعتراف بفلسطين    ضبط 600 قرص مهلوس بالسوقر    تجارة : تكثيف الرقابة على المواد الغذائية وشروط السلامة الصحية عبر الوطن    إبداعات تشكيلية تضيء جدران المتحف الوطني للفنون الجميلة    دعم التعاون بين الجزائر وزيمبابوي في صناعة الأدوية    تمديد أجل إيداع وثائق استيراد وسائل التجهيز والتسيير إلى غاية 15 أغسطس الجاري    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    جعل ولاية تمنراست قطبا طبيا بامتياز    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراركة يبيعون «الآلة العجيبة» للجزائريين ب30 مليونا لعلاج كل الأمراض
نشر في النهار الجديد يوم 25 - 01 - 2017

غسيل دماغ ممنهج.. بيعوا ذهبكم فالصحة ليس لها ثمن شبكة الاحتيال اتخذت من فيلا في برج الكيفان مقرا لبيع الوهم وترويج «الخرافات» فرقة من مفتشي وزارة الصحة اخترقت شبكة المحتالين بعدما انتحلت صفة مرضى مغرّر بهم مفتشو وزارة الصحة: «المركز يحتال على المرضى وليس لديه أي ترخيص من مصالحنا»
«الاستعداد للشفاء، بالشفاء إن شاء الله، في وين جاد بإذن الله، أضحك أضحك باش تبرا، ساعف ساعف باش تبرا، ما تتغيبش باش تبرا، إصبر إصبر باش تبرا، على الأعراض باش تبرا، بالشفاء إن شاء الله في وين جاد بإذن الله..» هي شعارات اتّخذتها شركة «هيلث أند هيلث» ممثلة في وكيلها الحصري في الجزائر بشركة «وين جاد» التي تقوم بتقديم خدمات التدليك الحرارية بحجر الجاد، وكل الحصص التجريبية تقدم بالمجان، تسبقها جلسات غسيل مخ بأتم معنى الكلمة، لدفع المرضى الذين يبحثون عن أية وسيلة للشفاء من المرض الذي يعانون منه، بإيعاز من أطبائهم الذين يوجّهونهم إلى المركز لتلقي العلاج، ودفعهم إلى بيع ما لديهم لتجميع 30 مليونا مقابل شراء آلة الموت البطيء بالإشعاعات تحت الحمراء .
مهزلة زعبيط تتكرّر في جهاز «وين جاد»
وعلى ما يبدو فإن سلسلة المتاجرة بالمرضى، خاصة المصابين بالسكري، أصبحت عادة حميدة للمتحايلين والمتاجرين بصحة المرضى، الذين لم يجدوا من يردعهم عن مثل هذه الممارسات، والتي تكون نتيجتها وفاة المريض أو تعرضه لتعقيدات صحية حادة، كما كان الحال مع المكمل الغذائي «رحمة ربي»، ليأتي جهاز شركة «وين جاد»، ويواصل ما بدأه سابقه، حيث تسعى هذه الأخيرة لاستنزاف جيوب الفقراء حتى لو كلفهم ذلك بيع كل ما لديهم، بحجة أن الصحة ليس لها ثمن. «النهار» تلقت معلومات عن وجود شركة مغربية تنشط منذ شهرين في فيلا تتوفر على مستودع مزود بأكثر من آلة ببلدية برج الكيفان في العاصمة، إذ تقدم جلسات تدليك بالمجان، وتشفي من كل الأمراض، وعملا بمبدأ تقصي صحة الخبر من عدمه، اتصلت «النهار» بالقائمين على المركز من أجل تلقي استفسارات حول ما يقدّمه من خدمات، وكانت الإجابة صادمة، عندما أكد لنا ممثلها أن أجهزتهم تشفي من كل الأمراض بما فيها السكري والسرطان، والغريب هو أنه عندما عبرنا له عن رغبتنا في شراء 3 آلات، لم يتردد في دعوتنا إلى تجريبها مجانا، شريطة الانتظار ساعة أو ساعتين. في اليوم الموالي، قصدنا مقر الشركة لتجريب الآلة شخصيا، وبمجرد وصولنا، لمحنا عن بعد عشرات النّسوة والرجال مصطفين أمام المركز، في انتظار دورهم، ومن هنا بدأت المهمة التي اضطرتنا للتعرض إلى الأشعة تحت الحمراء لمدة 30 دقيقة، وتحمل الأعراض الجانبية الرهيبة التي تعرضنا لها. كانت الساعة تشير إلى قرابة العاشرة صباحا، وكان لابد من انتظار ساعتين ونصف من أجل الدخول، كون العلاج بالمجان يستهوي الجزائريين بشكل كبير حتى ولو كان على حساب صحتهم.
شيوخ طاعنون في السن، معاقون، مصابات بالعقم، السكري، السرطان وغيرها من المرضى، الذين ورغم الأحوال الجوية المتقلبة والمطر، لم يترددوا في الدخول في طوابير طويلة أمام باب المركز من أجل الاستفادة من الحصة، ويجب التواجد مثنى وليس فرادى، لأسباب لم يحددها القائمون عليه. توغلنا وسط الحشد، وشرعنا في تبادل أطراف الحديث مع المريضات اللواتي كن متواجدات هناك منذ ساعات الصباح الأولى.
12 جلسة لعلاج حصى الكلى
من بين الحالات التي التقت بها «النهار»، تلك التي تخص مريضة من القبة، كانت تعاني من وجود الحصى في الكلى منذ سنوات، ولم تتمكن من التخلص منها، رغم توفرر المستشفيات على تقنيات حديثة في علاجها، على غرار الليزر الطبي، إلا أنها قالت: «تلقيت 12 جلسة مجانية، وأشعر بتحسن كبير منذ ذلك الحين، وسأواصل إلى غاية بلوغ 7 أشهر من العلاج للتخلص منها ومن الأمراض التي أعاني منها نهائيا».
ورغم محاولاتنا البائسة لإقناعها بأن العلاج عند الطبيب أحسن وأضمن، إلا أنها رفضت رفضا قاطعا ذلك الخيار، ووصلت إلى درجة القول: الطبّة ما يعرفوش».
الأطباء يوجّهون المرضى لعلاج السّكري والانزلاق الغضروفي !
حالة أخرى التقينا بها كانت عكس سابقتها تماما، تخص عجوزا طاعنة في السن، كانت تعاني من العديد الأمراض المزمنة التي نغصت عليها عيشتها، حيث قامت طبيبتها المعالجة بتوجيهها إلى المركز من أجل تلقي جلسات التدليك الحراري مجانا لتحسين وضعها الصحي، وعند استفسارنا عن سبب لجوئها إليه كان ردها: «الأحسن أن أحاول، فإذا لم ينجح العلاج لن يضرني»، والأسوأ في سلسلة الاستجوابات التي قمنا بها، كانت تخص الحالة الأخيرة التي أكدت لنا تعافي قريبتها من العقم، وانتظارها لمولود جديد بعد 8 أشهر. بعد ساعات من الانتظار وتبادل أطراف الحديث، جاء دورنا للدخول إلى قاعة الانتظار، وهناك اغتنمنا فرصة وجود عجوز طاعنة في السن لوحدها لمرافقتها، والدخول إلى مركز «العجب والمعجزات»، وهنا وجدنا صفّين، واحد على اليمين للنساء، والأيسر للرجال، وشهادات معلّقة في كافة أرجاء المكان، على أساس أنها شهادات من منظمة الصحة العالمية.
حجر الجاد العجيب والأشعة تحت الحمراء لعلاج كل الأمراض
بمجرد الدخول إلى القاعة تشرع فتاة في مقتبل العمر، في القيام بما يشبه غسيل المخ لمدة 25 دقيقة، تقدّم من خلالها شركة «أش أش» الصينية آلة التدليك السحرية التي تعالج كل أنواع السقم، مع شرح مميزات الجهاز، وكيفية قيام حجر الجاد الكريم الذي يدخل في تركيبتها من علاج حالات كانت ميؤوس منها من قبل أطباء في الصين، وكيف قامت الشركة ممثلة في وكيلها «وين جاد» بتوفيرها في الجزائر بعد أن حققت أجهزتها التي تعمل بالإضافة إلى الأحجار الكريمة، بنظام الأشعة تحت الحمراء والحرارة بدرجة 60 درجة مئوية، نجاحا باهرا في 60 دولة عبر العالم، وعلاج السرطان شريطة أن يكون في مراحله الأولى، واستخدام الأجهزة بشكل يومي لمدة 4 أشهر كأقل تقدير، أو ما يعادل 120 حصة متتالية. وخلال العرض الترويجي الأول، تقوم الفتاة بالاستعانة بشهادات المرضى، وكيف تماثلوا إلى الشفاء على غرار السيد «ع.م» الذي توقف عن العلاج في مستشفى بن عكنون، وأصبح يمشي بشكل عادي بعد أن كان يعاني من صعوبة كبيرة في ذلك. وفي ذلك الحين، تغتنم الفتاة الفرصة، لتدعو المرضى الذين كان أغلبهم من الشيوخ والنساء إلى تجريب الآلة العجيبة والتمتع بجلسة علاج للتخلص من كل العلل.
كلّما ظهرت الأعراض الجانبية كلما تحقق الشفاء !
وفي السياق ذاته، تقوم صاحبة الترويج ل«آلة المعجزات»، بتوضيح الأعراض الجانبية التي قد يكون المريض عرضة لها، والمتمعن في الشعارات التي يردّدها المرضى آليا، خلال الجلسة الترويجية قبل دخول قاعات العلاج، يلاحظ أنها برمجة عصبية مسبقة لهم، حيث يجهزّونهم نفسيا في حال وقوعهم ضحية لأعراض جانبية في خطوة استباقية.
ففي حال ما شعر المريض بالدوخة، بعد تسليط الجهاز على الطحال مرفقا بالتعب، فهنا المريض يعاني من الطحال ويتماثل للشفاء، أمّا في حال ما تقيأ سائلا أخضر فهو يعاني من المرّارة، وفي حال ما كان لون السّائل بنيا، فهذا يعني أنه يعاني من الكبد، ويتعين عليه مراقبة لون بوله، فكلما تغير دلّ ذلك على أن صحته في تحسن، والأدهى في ذلك هو أن الشعور بالاختناق والضيق في التنفس يؤكد قطعيا على معاناة الشخص من داء القلب، أما الإمساك أو الإسهال، فهي علامة التماثل للعلاج من القولون العصبي، وكل ما يخص المصران. وقبل الولوج إلى قاعة تجريب الأجهزة العجيبة، يردّد المرضى شعارات غريبة تجهزهم لتحمل الأعراض الجانبية التي سيكونون عرضة لها، إذ يرددون مع رفع الإبهام: «الاستعداد للشفاء، بالشفاء إن شاء الله، في وين جاد بإذن الله، إضحك إضحك باش تبرا، ساعف ساعف باش تبرا، ما تتغيبش باش تبرا، إصبر إصبر باش تبرا، على الأعراض باش تبرا، بالشفاء إن شاء في وين جاد بإذن الله..»، وهو دليل قاطع على أن ما يقوم به المركز علاج تحت غطاء الترويج للسلع التي يسعى لبيعها، حيث يستخدم المريض للدعاية مقابل الاستفادة من جلسات تدليك بالمجان.
بيعوا ذهبكم.. صحّتكم ليس لها ثمن !
بعد انتهاء جلسة الغسيل الأولى، تأتي فتاة أخرى لتقوم بعرض إشهاري جديد وتقول: «لسنا جمعية خيرية، وإنما شركة تجارية، لماذا تكلفون أنفسكم عناء الانتظار تحت المطر وفي البرد الشديد، في الوقت الذي يمكنكم اقتناء الجهاز في المنزل وتوفير كل العناء». تصمت الفتاة لبرهة وتواصل: «اشتر الآلة وتخلص من طول الانتظار والبقاء لساعات في البرد، غرضنا ليس الإشهار، لأنه لو كان كذلك لقمنا بكراء قاعة عرض والبيع مباشرة، ولكن ثقتنا في إمكانيات الآلات التي نبيعها وقدرتها على شفاء كل الأمراض، تدفعنا لتقديم جلسات مجانية لاكتشافها وفقا لاستراتيجية شركتنا.» وخلال ذلك، يعلّق البعض من المرضى بأن كل ما تقوله الفتاة صحيح، لتسألهم: «من منكم لا يملك جهاز بلازما، من منكم لا يملك ثلاجة أو كليماتيزو أو غسالة، بما أنكم تستطيعون شراء كل هذه الأجهزة، بإمكانكم شراء آلتنا من دون أن تكونوا مجبرين، فالشراء لمن يملك المال فقط، أعرف نساء يبيعون مجوهراتهم وذهبهم من أجل العلاج، كما هو الحال للدواء الذي حتى لو كان يباع في تل أبيب لكنتم اشتريتموه».
جهاز ب 30 مليونا للزوالية و35 مليونا لVIP
ومن المفارقات العجيبة التي وقفت عليها «النهار» أثناء تواجدها داخل المركز، هي قوة الإقناع التي تملكها الفتاة لدرجة اعتقادنا أنها طبيبة، حيث واصلت دعايتها قائلة: «نعمل بمبدأ مجانية التجريب، وإن اشتريتم فيجب أن يكون ذلك عن قناعة، لأن أموالكم لن تذهب هباء منثورا، فالصحة إذا راحت ما توليش، أشروا حاجة تاع فايدة ما تندموش عليها». وأردفت قائلة: «الجهاز الكلاسيكي يقدر ثمنه ب 30 مليون سنتيم، أما جهاز ال VIP، فثمنه 35 مليون سنتيم لأنه مصنوع من الألومنيوم، كونه أكثر تطورا، كما أن منتجاتنا كانت موجهة في وقت سابق للأغنياء فقط، والآن يمكن للجميع شراؤه، من منا لا يملك 30 مليونا؟».
مركز موازي بثلاثة تجهيزات مقابل 500 دينار
والعجيب والغريب في المسألة، هو التهافت الكبير لمرضى آخرين لاقتناء الأجهزة رغم تكلفتها الكبيرة المقدرة ب 300 ألف دينار، حيث قامت سيدة تلقت العلاج في المركز بشراء 3 أجهزة تدليك حرارية، وتجهيز غرفة في منزلها لاستقبال الزبائن الذين يستفيدون من الجلسة مقابل 500 دينار، والتي شرعت في العمل أمس، في الشارع المحادي للمركز، والأغرب هو أن من قام بالترويج لها هي عاملة في المركز، والتي كشفت لمريضة كانت متواجدة في الخارج عن الصفقة التي قامت بها. والأدهى هو أن أكثر الزبائن الذين يقتنون الأجهزة المعجزة قادمون من ولايات الجنوب، بالإضافة إلى ولايات عنابة ووهران وتلمسان، إذ قام مؤخرا مريض من الجنوب بشراء 6 أجهزة بقيمة 180 مليون سنتيم.
«وين جاد المغرب»: «استخدام الجهاز 20 مرّة يشفي من السكري»
اتصلت «النهار» بالشركة المسوّقة في الدار البيضاء المغربية، حيث أكدت لنا ممثلتها أن الجهاز يشفي من السكري في ظرف 20 جلسة، وزودتنا برقم ممثلها في الجزائر من أجل اقتنائها وتجريبها. إلا أنه وفقا لما ورد في مواقع مغربية، تبين أن هناك أشخاصا لقوا مصرعهم بسبب تعرضهم إلى إشعاعات فاقت قدرة جسمهم على تحملها، حيث كانوا ضحية سرطانات جديدة توغلت في أجسامهم عبر الأشعة تحت الحمراء التي تتسرب إلى جسم الإنسان الباحث عن التعافي من كل الأمراض. ورغم كل محاولاتنا للوصول إلى الشركة الأم «هيلث أند هيلث»، إلا أننا لم تمكن من إيجاد أثر لها.
جهاز «وين جاد» ممنوع في الولايات المتحدة منذ 2008
رغم أن الشركة في الجزائر تزعم أن منتجاتها مروجة في الولايات المتحدة، إلا أنها في الحقيقة ممنوعة من ذلك تماما، إذ تنشط باسم تجاري آخر. وتم رصد نفس المخالفات المسجلة في الجزائر من قبل المحققين في ولاية واشنطن عام 2008، حيث ألزمت حينها الشركة على تصحيح وضعها من خلال جملة من الشروط، وأهمها التوقف عن الإعلان والترويج لأجهزتها باعتبارها علاجا لكل الأمراض ووضع لافتات كبيرة فى أماكن بارزة من فروعها، توضح فيها أنها تقدم المساج فقط، كما ألزمت الشركة بتعويض أي مستهلك اشترى أجهزتها باعتبارها أجهزة معالجة لأمراض بعينها.
مفتشو وزارة الصحة: «المركز يحتال على المرضى وليس لديه أي ترخيص»
من جهتها، اتصلت «النهار» بوزارة الصحة، من أجل الاستفسار حول كيفية نشاط هذه الشركة التي تروّج للعلاج النهائي من السرطان والعقم وغيرها من الأمراض، والتي يقصدها المرضى بتوجيه من أطبائهم، وهنا قامت الوزارة بتعيين أطباء مفتشين، رافقتهم «النهار» إلى المركز، حيث صدموا لهول ما سمعوه، وتأكدوا من صحة المعلومات التي قدمتها «النهار» لوزارة الصحة وكيفية تجاوب المرضى بشكل كبير مع الوهم الذي يروجون له، لاسيما وأن الآلة تمكن من علاج كل الأمراض أيا كانت. دخل المفتشون على أساس أنهم مرضى ومصابون بداء السكري، وينوون شراء أكثر من جهاز، وهنا شرع ممثل الشركة المغربي في تقديم الشهادات التي يحوزها المركز على أساس أنها من منظمة الصحة العالمية.
كما تأكدوا من أن نشاطه غير موافق للمعايير، إذ أنه من خلال الدردشة التي قاموا بها مع المسؤول، تبين أن لديه رخصة لترويج لأجهزته وبيعها في الجزائر، باعتبارها أجهزة تدليك حراري، لا يحتاج استخدامها إلى استشارة طبيب، إلا أنه ما يحدث في المركز هو تسويق لجهاز يشفي من كل الأمراض التي تفرض وجود رخصة مسبقة من وزارة الصحة، إلا أنه يتم التلاعب والترويج بأنه مركز للاسترخاء. ومن جملة التجاوزات التي وقف عليها المفتشون، كيفية زعم القائمين على قدرة أجهزتهم على علاج السّرطان في مراحله الأولى، بل والتخلص من داء السكري نهائيا رغم أنه مرض مزمن، وذلك في ظرف 4 أشهر فقط. كما أن المركز لم يتوفر على لافتات تحذر الحوامل من استخدام الجهاز، ومرضى القلب الذين أجروا عمليات لتركيب دعامات، والذي يمكن أن تكون نتائجه وخيمة، خاصة وأن الأمر متعلق بالصحة العمومية. ومن جملة الغرائب التي وقفوا عليها، كيف يتم تعريض المرضى للأشعة تحت الحمراء لنصف ساعة يوميا لأكثر من شهرين، وهي إشعاعات خطيرة قد تكلف المريض تعقيدات لا يحمد عقباها، مؤكدين أن التعرض لها من المفروض أن يكون مرة في الشهر كأقصى تقدير.

وفي السّياق ذاته، أكد المفتشون أن الاحتيال الذي يمارسه مركز «وين جاد» تمثل في حديثه عن حجرة «الجاد» التي تعالج كل شيء، مشيرين إلى أن ما يقوم به هو تبرير عمله على أساس أنه بيع لتلك الآلات، إلا أنه يقوم بالتسويق لها على أساس أنها تشفي من كل مرض بما فيها استرجاع الشباب. ومن التجاوزات التي لاحظها القائمون على المركز أثناء تواجدهم هناك، هو أنه في حال ما إذا قام المريض بتقديم دفعة مالية مسبقة لشراء أجهزتهم بالتقسيط، تكون له الأولوية في الاستفادة من جلسات العلاج المجانية في انتظار تسديد الدفعات كاملة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.