لقد اهتم الإسلام ببر الوالدين والإحسان إليهما والعناية بهما، وهو بذلك يسبق النظم المستحدثة في الغرب، حيث جاء بأوامر صريحة تلزم المؤمن ببر والديه وطاعتهما، وقرن الله برهما بالأمر بعبادته في كثير من الآيات، وجاء ذكر الإحسان إلى الوالدين بعد توحيده عز وجل لبيان قدرهما وعظم حقهما ووجوب برهما . وبر الوالدين هو الإحسان إليهما وطاعتهما وفعل الخيرات لهما، وقد جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعدلها منزلة، فجعل برهما والإحسان إليهما والعمل على رضاهما فرض عظيم، وذكره بعد الأمر بعبادته، فقال جل شأنه: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا} الإسراء، ويحكي لنا النبي صلى الله عليه وسلم قصة ثلاثة رجال اضطروا إلى أن يبيتوا ليلتهم في غار، فانحدرت صخرة من الجبل، فسدت عليهم باب الغار، فأخذ كل واحد منهم يدعو الله ويتوسل إليه بأحسن الأعمال التي عملها في الدنيا، حتى يفرج الله عنهم ما هم فيه، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت أحضر لهما اللبن كل ليلة ليشربا قبل أن يشرب أحد من أولادي، وتأخرت عنهما ذات ليلة، فوجدتُهما نائمين، فكرهت أن أوقظهما أو أعطي أحدًا من أولادي قبلهما، فظللت واقفا -وقدح اللبن في يدي- أنتظر استيقاظهما حتى طلع الفجر، وأولادي يبكون من شدة الجوع عند قدمي حتى استيقظ والدي وشربا اللبن، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، وخرج الثلاثة من الغار”. بر الوالدين بعد موتهما إن المسلم يبر والديه في حياتهما ويبرهما بعد موتهما، بأن يدعو لهما بالرحمة والمغفرة وينفذ عهدهما ويكرم أصدقاءهما، ويحكي أن رجلا من بني سلمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به من بعد موتهما؟ قال: (نعم. الصلاة عليهما (الدعاء)، والاستغفار لهما وإيفاء بعهودهما من بعد موتهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما) ابن ماجة، وحث الله كل مسلم على الإكثار من الدعاء لوالديه في معظم الأوقات، فقال: {ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب} إبراهيم، وقال: {رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنًا وللمؤمنين والمؤمنات} نوح. فضل بر الوالدين بر الوالدين له فضل عظيم وأجر كبير عند الله سبحانه،
