الاتحاد الأوروبي: خطة الاستيطان الصهيونية الجديدة تشكل انتهاكا للقانون الدولي    منظمة التعاون الإسلامي تدين موافقة الاحتلال الصهيوني على بناء 3400 وحدة استيطانية جديدة    تركيا تندد بخطة الاستيطان الصهيونية وتقول إنها انتهاك للقانون الدولي    المخرج التلفزيوني والسينمائي نور الدين بن عمر في ذمة الله    محكمة بئر مراد رايس: إيداع 7 متهمين الحبس المؤقت بجنحة النصب واستعمال لقب متصل بمهنة منظمة قانونا    زيد الخير يعقد بالقاهرة جلسة علمية مع أمين الفتوى بدار الافتاء المصرية    تنس/ كأس ديفيس /المجموعة الثالثة - منطقة إفريقيا/ : فوز الجزائر على زيمبابوي (3-0)    فرنسا: باحثون وأكاديميون وناشطون يوجهون رسالة مفتوحة ضد التصريحات العنصرية لنويل لونوار    صناعة السيارات: تمديد التسجيل في حملة تجنيد الكفاءات إلى غاية 21 اغسطس    الباور ليفتينغ لذوي الاحتياجات الخاصة: أربعة جزائريين في كأس العالم 2025 بسانتياغو    المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء: السيدان بلمهدي وزيد الخير يزوران مقر مشيخة الأزهر    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    المجاهد علي طلالة يوارى الثرى ببلدية "حمادية" بتيارت    إدراج الصحافة الإلكترونية كآلية للإشهار: مهنيو ونقابات القطاع يعبرون عن ارتياحهم لقرار رئيس الجمهورية    الحملة التحسيسية للوقاية من حوادث المرور تتواصل عبر مختلف ولايات الوطن    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني    الشلف أمن الولاية : تضع حدا لنشاط اشخاص يحترفون السرقة    وفاة 3 أشخاص وجرح 287 آخرين    طبعة رابعة استثنائية للمعرض الإفريقي للتجارة البينية 2025    إسدال الستار على الطبعة ال13 من المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية بقالمة    متى تكون أفريقيا للأفارقة..؟!    بولتون، أمن و استقرار إفريقيا وأوروبا على المحك    شان-2024 : المنتخب الوطني يجري الحصة ما قبل الاخيرة له قبل لقاء غينيا    المطالبة باعتقال مسؤولين عسكريين صهاينة    عرض مذهل لمبابي    هذا موعد الدخول الجامعي    جهود متواصلة لمكافحة الإرهاب والإجرام    وطّار يعود هذا الأسبوع    هل الرئيس ترامب صانع سلام؟!    هكذا حوّل الصهاينة غزّة إلى مدينة للموت    بن شيخة مدربا جديدا للاتحاد    زيد الخير يترأس بالقاهرة جلسة علمية    والي تيبازة يدعو إلى استكمال العمليات المسجلة    تمكين الشباب ليكون محرّك التنمية في إفريقيا    ممتنّون للجزائر والرئيس تبون دعم القضايا العادلة    دعم الجزائر للقضية الصحراوية مبدأ ثابت    معرض التجارة البينية الإفريقية, محطة استراتيجية لتحقيق التكامل العربي-الإفريقي    برنامج طبي هام في جراحة الحروق    حصيلة إيجابية لتجارة المقايضة بإيليزي    إقبال كبير على حديقة التسلية والترفيه    مسجد "صالح باي".. حارس ذاكرة عنابة    استثمار في صحافة الطفل    تتويج 53 طفلًا حافظا لكتاب الله    بولبينة سعيد ببدايته القوية مع نادي الدحيل القطري    دورفال أمام مستقبل غامض قبل غلق الميركاتو    تحذير برتغالي لبنفيكا من التعاقد مع محمد عمورة    ثوانٍ تحسم قضايا.. "نقرة على منصة رقمية" تختصر المسافة بين المواطن والقضاء    منصة لتنمية الخيال وترسيخ القيم    رحلة طفل يحوّل فقدان البصر إلى قوة وإلهام    هذه البيوع محرمة نهى عنها الإسلام    موجة زكام حادّة تضرب الأسر في عزّ الصيف    يجب وضع ضوابط شرعية لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي    تحسيس حول ترشيد استهلاك الطاقة    حملة توعوية حول الاستخدام السيئ للأنترنيت    القانون المنظم للنشاطات المنجمية يعزز سيادتنا الاقتصادية    قويدري يستقبل وفداً نقابياً    شبكة استعجالات طبية جديدة بقسنطينة    تطهير قائمة موزّعي الأدوية لضبط السوق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللهُمَّ إنَّكَ تعلمُ حُبَّنَا للسودانِ فلا تُخَيِّبْ فراستَنَا فيه
نشر في أخبار اليوم يوم 31 - 08 - 2020


بقلم: الدكتور مصطفى يوسف اللداوي*
حَبَسَ السودانُ أنفاسَنا وَوَتَّرَ أعصابَنا وضاعفَ قَلقُنا عليه نبضَ قلوبِنا وأشغلنا خشيةً عليه وخوفاً من موقفه إذ شدتنا إليه الزيارة المشبوهة والمبعوث الخبيث التي قام بها وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو الذي أسرع الخطى إلى السودان بعد طول انقطاع وشديد خصومة وخشونة معاملة وقسوة عقاب وظلم حصار وكثير تهديد ولئيم تآمر وكله أمل أن يستغل حاجة السودان وضعفه وأن يساومه على اقتصاده واستقراره ويبتزه في فاقته وفقره وسلمه وأمنه وحاضره ومستقبله ويرغمه على الاعتراف بالكيان الصهيوني وتطبيع العلاقات معه وقد وصل إليه من الأرض المحتلة بصورة مباشرةً ليسبق الاعتراف بالتطبيع والسلام بالعلاقات والمصالحة بالملاحة والخطوط المباشرة.
صدم السودان وزير الخارجية الأمريكي ولطمه على وجهه وفاجأ الجميع بموقفه الذي كان يتوقع نقيضه إذ خيب رئيس حكومته الانتقالية أمله ورد طلبه ورفض أمره وأعلن بدبلوماسية سودانية مقبولة أنه لا يقايض رفع العقوبات المفروضة على بلاده وإزالة اسمه من قوائم الإرهاب بالاعتراف بالكيان الصهيوني وتطبيع العلاقات معه وأصر على فصل الملفات وعدم ربطها ببعضها وأكد له أن حكومته الانتقالية غير مخولة دستورياً بالنظر في هذه المسألة التي يتطلب البت فيها حكومة مستقرة ومنتخبة ديمقراطياً وهو ما لا يمكن الخوض فيه قبل الانتهاء من المرحلة الانتقالية والاتفاق على الدستور الجديد وإجراء انتخابات حرة نزيهة تقود إلى تشكيل حكومة مدنية منتخبة تعبر عن إرادة الشعب وتتحدث باسمه.
هل أن هذا الرد الذي جاء على لسان رئيس الحكومة السودانية الانتقالية لرئيس الدبلوماسية الأمريكية ولرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي كان ينتظر بشغف كبير ويمني نفسه بخبر سار يعبر عن حقيقة الموقف السوداني ويترجم حقيقة سياسته الجديدة تجاه الكيان الصهيوني والقضايا العربية المختلفة خاصةً بعد أن التقى رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان مع رئيس الحكومة الاسرائيلية في أوغندا واتفقا على فتح الأجواء السودانية أمام الطيران وحركة الملاحة الإسرائيلية وهو ما تم بالفعل بعد ذلك رغم محاولات الإنكار الواهية والتصريحات النافية الضعيفة.
ينتاب الكثير من المراهنين على السودان الجديد الشك من صدقية موقفهم ويشعرون بقلق شديد أن ما تم إعلانه يخالف كثيراً ما يتم في السر والخفاء خاصةً أن لقاءً منفرداً قد جمع البرهان مع بومبيو حيث أبدى رئيس المجلس الانتقالي مرونةً في الموقف واستجابةً إلى المطلب وميلاً واضحاً نحو دولة الإمارات العربية المتحدة التي لها دور كبير في رسم السياسة السودانية الجديدة وإعادة تنظيم وهيكلة أجهزتها الرسمية الأمنية والسياسة والإدارية على أمل الوفاء بوعود قد قطعت وتنفيذ مشاريع قد أقرت والتعهد بتسهيل حصول السودان على استثمارات وقروض وهبات دولية والعمل على إقناع الإدارة الأمريكية لتغيير سياستها التي اتبعتها مع السودان خلال العقود الثلاثة الماضية.
ندرك أن السودان قد تغير وتبدل وأنه لم يعد هو سودان اللاءات العربية الثلاثة العتيدة ولا سودان الحركة الإسلامية أو القومية العربية ولا خرطوم الثوابت والمبادئ ولا السودان الحر القرار والمستقل الإرادة بل غدا سودان المحاور والأفلاك ورهين السياسات والإملاءات وتبع الأقوياء والأثرياء وسودان المصالح والمنافع والحرية والتغيير الذي يهتم بشؤونه ويسعى لتحسين أوضاعه والخروج من أزماته والنهوض بشعبه والتخلص من مشاكله والانعتاق من ربقة العقوبات وهوان القوائم السوداء وإنهاء نزاعاته من الجيران وضبط الحدود معهم فضلاً عن ضرورة التوصل إلى اتفاق مرض مع أثيوبيا ومصر حول سد النهضة.
وندرك أن السودان يعيش ضائقةً اقتصادية كبرى ويعاني من حصار خانق ويشكو من سوء السمعة ويتعرض لضغوطات كبيرة لتسليم قادة النظام السابق ومطلوبٌ منه تسوية ملفات تفجيرات نيروبي ودار السلامة والمدمرة الأمريكية يو أس اس كول والتعويض عن ضحايا الانفجارات الثلاثة سواء كانوا من الجنسية الأمريكية أو غيرها فضلاً عن تقديم ملفات أمنية كاملة عن أنشطة القاعدة وعلاقات أسامة بن لادن القديمة والتسهيلات التي كانت معطاة لقوى المقاومة الفلسطينية وتحديداً لحركتي حماس والجهاد الإسلامي وعلاقات السودان السابقة مع الجمهورية الإسلامية في إيران وأنشطته الأمنية والعسكرية مع الحرس الإيراني ومقراته ومستودعاته ومخازنه ومصانعه القديمة وممراته التي كان يسلكها والوسائل التي كان يستخدمها في تهريب السلاح وتزويد المقاومة الفلسطينية بها.
سيكون السودان إن خنع وركع واستسلم وخضع للإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني ملزماً بدفع فاتورة كبيرة مفتوحة لا تنتهي والالتزام بتعهدات مهينة والقيام بمهام قذرة والاستمرار في أعمال السخرة وحروب المرتزقة وسيجد نفسه غارقاً في المستنقع الأمريكي الذي سيجرده من كل شئ وسيجبره على القيام بكل ما هو غريب ومستنكر مما كان يرفضه السودان ويعارضه ومما يأباه شعبه الحر وأهله الكرام.
فلا يظنن أحدٌ من رعيل السودان الجديد أن استقلاله في الاعتراف بإسرائيل وأن استقراره بتطبيع العلاقات معها وأن انتعاش اقتصاده بالتبادل التجاري معها فهذا لعمري لا يكون أبداً مع الكيان الصهيوني مغتصب الأرض ومحتل البلاد ومشرد الشعب وقاتل الأبناء الحالم بالتوسع والآمل بالتمدد والمتطلع إلى غير اليهود عبيداً له واجراء عنده.
فهل يدرك السودانيون المنزلق الخطر الذي يقودونه إليه والمصير المجهول الذي يدفعونه إليه أم تراهم يقفون ويفكرون ويتدبرون ويدركون أن كرامتهم هي في التمسك بثوابت آبائهم وموروث أجدادهم وأن عزتهم هي في الحفاظ على قيمهم والإيمان بقرآنهم وتصديق كلام ربهم عز وجل ولتجدن أشد الناس عداوةً للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا وعهدنا بالسودان الذي يحب أنه عربي الوجه والقلب مسلمٌ في عقيدته ربانيٌ في مبادئه سيدٌ في نفسه حرٌ في رأيه أصيلٌ في موقفه ذاك هو السودان الذي نعرف ونحب فلا يخيبن أبناؤه الجدد بخطيئتهم أمالنا ولا يذهبوا بهم رجاءنا ولا يحزنوا بالتطبيع والاعتراف قلوبنا ويفجعوا نفوسنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.