الأوروبيون يتنافسون على الاحتفاء بإسرائيل، فبعد معرض باريس للكتاب الذي كانت فيه إسرائيل ضيف شرف جاء الدور على الإيطاليين الذين اختاروا الدولة العبرية ضيف شرف في معرض تورينو للكتاب الذي سيفتتح غدا من طرف رئيس الجمهورية الإيطالي. إسرائيل التي تقتل المدنيين وتبيد الشعب الفلسطيني ببطء عن طريق الحصار والعمليات العسكرية التي تطال الجميع دون استثناء هي ضيف الشرف المحبب بالنسبة للمنافقين الذين حملوا إرث أسلافهم الفاشيين والنازيين الذين أبادوا أعدادا كبيرة من اليهود قبل أن يرسلوا البقية إلى فلسطين لإنشاء هذا المسخ الذي يسمى إسرائيل، وكل الاعتراضات التي سجلها بعض المثقفين هنا وهناك ضد هذا الاختيار الشاذ والمنحاز سياسيا قوبلت بصرخات استهجان من قبل تيارات سياسية متباينة تصر على اعتبار انتقاد سياسة إسرائيل معاداة للسامية وحقدا على اليهود. بعد أيام قليلة سيحتفل الأوروبيون، الذين ارتكبوا جرائم الإبادة ضد اليهود، بقيام دولة إسرائيل على جثث الفلسطينيين والعرب، وتأتي الاحتفالات هذه السنة في أجواء حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني دون أن يجرؤ أحد من الأوروبيين على الاعتراض، بل إن التخلص من عقدة الذنب أصبح يمر حتما عبر دعم كل الأعمال الوحشية التي ترتكبها إسرائيل، حتى أن الإبادة أصبحت مصطلحا لا يجوز استعماله إلا على ما جرى على اليهود في أوروبا. إن الرد الذي يجب أن يقدمه العرب والمسلمون على هذا الموقف الأوروبي المنحاز إلى إسرائيل هو تسليط مزيد من الضوء على مسؤولية أوروبا على مأساة اليهود والفلسطينيين أيضا، وعليهم أن يشرحوا لأبنائهم أولا، قبل طرق أبواب أوروبا وأمريكا الموصدة أبدا، كيف أن الحركة الصهيونية امتطت دماء اليهود من أجل تجسيد مشروعها العنصري في فلسطين، بل علينا أن نعيد قراءة تاريخ العالم بعيون بعض اليهود المنصفين الذين يناضلون اليوم من أجل زوال هذا السرطان الذي اسمه إسرائيل.