لستُ بأي حال من الأحوال من أولائك الذين يطربون لخطاب خشبي ملأ أسماعنا منذ الاستقلال ولا يزال..عن ثورة عظيمة..عن شعب عظيم..عن دولة عظيمة..عن أمة عظيمة..إلخ..إلخ..إلخ.. أدرك تماما مقدار النفاق الذي تُشحن به الكلمات والعبارات ليفقر المعنى وتتردّى الدلالة.. باسم الثورة وباسم الشعب وباسم الأمة تم تحريف أشياء كثيرة والانحراف عن قيم رائعة واكتشف الناس أن الثروة قرين الثورة وأن غيفارا مات وحده وبعده لا أحد..! كان نموذجا رديئا ذاك الذي رسّخ "دولة" ناهبة ومنهوبة، فمن جهة ينهب أعوانها الدولة ذاتها وكذلك يفعل أغلب الناس، كلّ بطريقته فينهب الدولة كلما سنحت الفرصة.. تعدّدت أشكال النهب ومستوياته في جميع القطاعات، وتحول معظم الناس إلى "لصوص" يتحيّنون الفرصة والمناسبة للسطو على الدولة.. أدرك الناس أن عذرية الدولة "المعنوية" استبيحت عندما برّر بومدين الفساد عندما قال: "اللّي يخدم في العسل يلحس صباعو"..! أما الذي استباح الدولة ماديا ومعنويا فكان الفيس المنحل، الذي لم تميّز قياداته بين نظام الحكم والدولة فراح كل شيء إلى الوادي.. اليوم، لم يبق عماد ولا إرم ذات العماد.. لم يبق شيء إلاّ ذرته الرياح، وبدل إنشاء الدولة بحثنا عن استعادة هيبتها فلا عادت الهيبة ولا الدولة، ونكتفي الآن ببرامج تنموية فاقدة لأي روح أو تصوّر حضاري بديل.. لستُ مولعا بالخطاب البائس الذي يسوّق إلى الناس فيصفهم بصفات ليست فيهم فيفرحون ويهلّلون..ويقينا لسنا شعبا عظيما حينما يمنحنا الربّ خيراته ونعمه فتتحوّل إلى نقم لا قبل لنا بها.. فسدت المضغة تماما، فعندما يسقط المطر وتجد المواشي ما تأكل يرتفع سعرها قبل العيد..وتنخفض أسعار المواد الاستهلاكية في البورصة العالمية ولا تنخفض عندنا..وينهار سعر الأورو ولا ينهار عندنا.. V فسدت المضغة في هذا البلد، إلى درجة أن كل شيء يطيح في العالم غير هنا ما يطيحش.. كلها مؤشرات قوية على أن الإنسان عندنا طاح مادام كل شيء هنا ما يطيحش..! لسنا شعبا عظيما ولن نكون كذلك.. [email protected]