رئيس الجمهورية يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    السفير بن جامع بمجلس الأمن: مجموعة A3+ تعرب عن "انشغالها" إزاء الوضعية السائدة في سوريا    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    محروقات : سوناطراك توقع مذكرة تعاون مع الشركة العمانية أوكيو للاستكشاف والانتاج    انطلاق الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: فيلم "بنك الأهداف" يفتتح العروض السينمائية لبرنامج "تحيا فلسطين"    ورقلة /شهر التراث : إبراز أهمية تثمين التراث المعماري لكل من القصر العتيق ومدينة سدراتة الأثرية    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد دربال يتباحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون والشراكة    الشمول المالي: الجزائر حققت "نتائج مشجعة" في مجال الخدمات المالية والتغطية البنكية    "الأمير عبد القادر...العالم العارف" موضوع ملتقى وطني    وزير النقل يؤكد على وجود برنامج شامل لعصرنة وتطوير شبكات السكك الحديدية    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    حلم "النهائي" يتبخر: السنافر تحت الصدمة    رئيس أمل سكيكدة لكرة اليد عليوط للنصر: حققنا الهدف وسنواجه الزمالك بنية الفوز    رابطة قسنطينة: «لوناب» و «الصاص» بنفس الريتم    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    ميلة: عمليتان لدعم تزويد بوفوح وأولاد بوحامة بالمياه    تجديد 209 كلم من شبكة المياه بالأحياء    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    بقيمة تتجاوز أكثر من 3,5 مليار دولار : اتفاقية جزائرية قطرية لإنجاز مشروع لإنتاج الحليب واللحوم بالجنوب    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    نحو إنشاء بوابة إلكترونية لقطاع النقل: الحكومة تدرس تمويل اقتناء السكنات في الجنوب والهضاب    رئيسة مؤسسة عبد الكريم دالي وهيبة دالي للنصر: الملتقى الدولي الأول للشيخ رد على محاولات سرقة موروثنا الثقافي    قراءة حداثية للقرآن وتكييف زماني للتفاسير: هكذا وظفت جمعية العلماء التعليم المسجدي لتهذيب المجتمع    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    معرض "ويب إكسبو" : تطوير تطبيق للتواصل اجتماعي ومنصات للتجارة الإلكترونية    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    بطولة وطنية لنصف الماراطون    مشروع جزائري قطري ضخم لإنتاج الحليب المجفف    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    ش.بلوزداد يتجاوز إ.الجزائر بركلات الترجيح ويرافق م.الجزائر إلى النهائي    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية.. احترافية ودقة عالية    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    إجراءات استباقية لإنجاح موسم اصطياف 2024    عائلة زروال بسدراتة تطالب بالتحقيق ومحاسبة المتسبب    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    إنجاز ملجأ لخياطة وتركيب شباك الصيادين    ارتفاع رأسمال بورصة الجزائر إلى حدود 4 مليار دولار    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائريون يضخون 360 مليون أورو في الخزينة التونسية
بلد السياحة و المدن القديمة•• قبلة العرسان والمصطافين
نشر في الفجر يوم 18 - 08 - 2009

رقم يعني الكثير في حكم السياسة ويعني أكثر في حكم الاقتصاد، لكنه بالمقابل يطرح أكثر من سؤال حول العوامل التي تدفع الآلاف المؤلفة من الجزائريين الذين ألفت تونس قلوبهم واستهوتهم السياحة فيها إلى الهجرة الصيفية إلى تونس، على الرغم من أن ما تسعه جيجل مثلا لوحدها من الجمال الخلاب والطبيعة المتناسقة لا تسعه تونس بأكملها• المحصلة أن استراتيجية السياحة التي أعدتها الحكومة سقطت في الماء كما سقطت الكثير من الاستراتيجيات الفاشلة• منذ أن بدأت الأزمة الأمنية في الجزائر وحرّم الإرهاب السياحة على الجزائريين، مثلما حرم عليهم العيش الكريم، أصبحت تونس البلد الصغير بوابة سياحية للجزائريين، وقبلة العرسان يقضون فيها أحلى أيام شهر العسل بعد الزواج، ومكانا مفضلا لوكالات السياحة والسفر والشركات والهيئات لتنظيم رحلات منظمة لموظفيها إلى مختلف المدن التونسية•• كنابل والحمامات وطبرقة وسوسة التي تعد المدينة التي تشهد أكبر إقبال من الجزائريين في فصل الصيف، وتعج شوارعها بالجزائريين، ويصعب عليك عد السيارات التي تحمل ترقيم مختلف الولايات الجزائرية، كما لا تغادر الراية الجزائرية أي من شوارع هذه المدينة حيث ترفع على الشقق والفنادق التي يقيم فيها الجزائريون، والذين ازداد عشقهم لمدينة سوسة منذ نهائيات كأس إفريقيا التي جرت في تونس عام 2004 وشهدت فوز الجزائر على المنتخب المصري بهدف ثاني حسمه أشيو، وأقام فيها الجزائريون احتفالات كبيرة أذهلت التونسيين، وهي ذات الاحتفالات التي أعادها الجزائريون قبل أيام بعد فوز الجزائر على الأوروغواي•
الرحيل إلى الجنة الخضراء
شوارع سوسة لا تشعرك مطلقا بالغربة أوالابتعاد عن الجزائر، فالأجواء الجزائرية حاضرة بكل تفاصيلها، خاصة في شارع الكورنيش المقابل لشاطئ أبو جعفر الذي يذكرك بكورنيش وهران أو كورنيش جيجل• هناك تلتقي بالآلاف العائلات الجزائرية التي دفعها ضعف الهياكل السياحية وغياب الأمن ونقص الخدمات، كما قال سهيل الذي يعمل في إحدى مطابع الصحف وكان مرفوقا بزوجته وابنه الصغير إياد ''أنا أقضي عطلتي في تونس كل سنة منذ عام 2001 بسبب الإهمال التي تشهده الجزائر في مجال السياحة واستقطاب السياح، في الجزائر لا أستطيع أن أسير مع زوجتي في ساعة متأخرة من الليل على شط البحر ولا في الشارع، الأمن والأمان والخدمات والصرامة المتوفرة في الفنادق هي التي تدفعني إلى التوجه سنويا إلى سوسة أو الحمامات عوضا عن عنابة أو تيبازة أو غيرها''• وأوضح محدثنا أنه ''دفع في رحلة سياحية إلى سوسة لمدة 10 أيام مبلغ 60 ألف دينار مع إقامة في فندق ثلاثة نجوم، وهو المبلغ الذي لا يسمح لي بقضاء أكثر من أربعة أيام في مصائف الجزائر''•
من جهته يؤكد علي، وهو موظف في إحدى البنوك الجزائرية، جاء رفقة زوجته في زيارة سياحية لتونس استفاد منها من خلال الرحلة التي نظمها البنك لموظفيه واختار لهم تونس لأنها من أجمل الدول العربية وقريبة جدا من الجزائر، وتحسر علي وهو يتصفح إحدى المجلات التونسية والتي تحمل عنوان ''الحمامات'' قائلا ''أنا كثير التحسر على الجزائر التي لا تفعل مثلما تفعل الشقيقة تونس التي عرفت كيف تؤكل الكتف وتعوض فقرها الطبيعي من الذهب الأسود (البترول) وتعوضه بجذب السياحة واستغلال كل شبر من أرضها في شد الزوار من كل حدب وصوب• وبفعل هذه العوامل تحولت تونس منذ سنوات إلى القبلة السياحية الأولى للجزائريين الذين يتمكنون من قضاء عطلة الصيف فيها دون أن تكلفهم الكثير، خصوصا أن الكثيرين يختصرون الطريق إلى تونس عن طريق السيارة مادامت الحدود البرية مفتوحة• فلا يملك المواطن الجزائري سوى أن يتنقل نحو الحدود الجزائرية التونسية عن طريق سيارته الخاصة أو أن يؤجر سيارة أو يختار الباخرة التي خصصت خلال هذا الصيف لرحلات متواصلة من وإلى الجزائر العاصمة• وحسب ما عايناه في العاصمة تونس فإن الجزائريين يختارون كثيرا السفر برا للوصول إلى تونس، لأن السفر غير مكلف عن طريق البر، بالإضافة إلى أنه يمكن من مشاهدة المدن الشرقية للجزائر ومناظرها الخلابة التي تأخذ الناظر وتخطف عقله مرورا بالقالة وبحيرة الطيور، ثم طبرقة ومناظرها الخلابة باتجاه تونس العاصمة•
بين القالة وتونس لا توجد سوى 200 كيلومترا، وهي مسافة قليلة بالنظر إلى المسافة التي تفصل بين القالة والجزائر العاصمة، والتي تتجاوز 600 كيلومترا، لذا فالجزائريون يفضلون السفر إلى تونس وهذا شيء إيجابي بالنسبة للزائر لأنه باستطاعته أن يسافر من الجزائر إلى عنابة، ثم القالة السياحية، ثم من القالة نحو تونس، ويصل إلى هذه الأخيرة في وضح النهار ولكن العديد من الجزائريين الذين التقينا بهم يفضلون السفر ليلا لأنه غير متعب•• ويقول عمار، سائق سيارة أجرة جزائري من مدينة عنابة، أنه يشتغل كثيرا على الخط الرابط بين القالة وتونس العاصمة على مسافة 200 كيلومترا، والتي يمكن أن يختزلها في ثلاث ساعات لولا إجراءات شرطة الحدود•
عبق التاريخ ينبعث من مدينة تونس
تقع مدينة تونس العاصمة في مفترق الطرق البحرية والبرية، حيث تمتاز بالشواطئ الجميلة المنتشرة شمالا وجنوبا، ولكن الشيء الملفت للانتباه أنها مدينة عتيقة احتفظت عبر القرون بكنوز كثيرة، واستطاعت أن تدخل المدنية والتجديد بكل الألوان والأشكال من الباب الواسع• وأهم ما يميز المدينة القديمة، حسبما ذكره لنا أحد موظفي المتاحف في تونس أنها استطاعت أن تحافظ على ما تركته الحضارات القديمة وخاصة الإسلامية منها، حيث ورثت عن العصور الإسلامية القصور الفخمة مثل دار بن عبد الله، ودار حسين، ودار الأصرم، والمساجد الكثيرة كجامع الزيتونة المشهور، والقصبة، والمدرسة السليمانية، والمدرسة الباشية، وزاوية سيدي محرز وزاوية سيدي بن عروس•
كل زائر إلى تونس لا بد أن يمر بباب البحر، وهو باب بني من حجارة رومانية يأخذ الزائر نحو المدينة العتيقة ''السويقة'' أو''القصبة'' حيث يتوغل عبر مسالك ضيقة إلى قلب شوارع تجارية عبارة عن دكاكين متراصة جنبا إلى جنب، تباع فيها كل ما هو تقليدي وكل ما يشد السائح أو الزائر•
وما يلفت للانتباه، وأنت تلج المدينة القديمة الدعوات التي تتهاطل عليك من الباعة يحثون المارة أو بالأحرى الزبائن على الدخول إلى دكاكينهم ودعوتهم لاقتناء أي شيء وبثمن معقول أو إن صح التعبير بثمن يناسب السائح الأجنبي، وغالبا ما يكون السياح عرضة للاحتيال بالنظر إلى الفكرة السائدة لدى المواطنين أن السائح ''جيوبه مملوءة وساخنة جدا جدا جدا، ولا يهمه سوى أن يأخذ معه تذكارا من تونس الخضراء''، هذا ماذكره لنا خالد وهو تاجر تونسي يعرف السياح ويتعامل معهم بكثرة لأنهم في نظر البائع التونسي والتجار والحرفيين فرصة سانحة للكسب الوفير ويمكن جذبهم بشتى الطرق والوسائل لشراء أي شيء فالمهم بالنسبة له هو الربح وبأي ثمن•
ولكن الملاحظة التي يمكن لأي زائر أن يستشفها أن البائع يستعمل حيلة السعر المرتفع ثم يتفاوض من الزبون ليصل السعر إلى أقل بكثير، وهو ما يدفعه إلى شراء المادة المعروضة• لا يمكن أن تدخل المدينة القديمة دون أن تصل إلى أنفك رائحة العطور الفواحة والمتنوعة، وهي روائح كثيرا ما تميز المدن العربية القديمة كدمشق والقاهرة مثلا، والمدن التي يبقى عبق التاريخ لصيقا بها حتى و إن توازيها المدينة الحضرية أو تكون لصيقة بها فلن تغير منها شيئا•
''السويقة'' هي آخر محطة تقود زوار تونس القادمين من شارع ''الرئيس الراحل الحبيب بورفيبة'' وهي عبارة عن خليط من البنايات العربية القديمة، وهي تتناسق مع الأشياء المعروضة للبيع من لوازم تقليدية كالألبسة، والحجارة المنقوشة والصينيات والأواني النحاسية وغيرها من الأشياء التي تزخر بها المدن القديمة والعريقة•
شوارع سوسة لا تشعرك مطلقا بالغربة أوالابتعاد عن الجزائر، فالأجواء الجزائرية حاضرة بكل تفاصيلها، خاصة في شارع الكورنيش المقابل لشاطئ أبو جعفر الذي يذكرك بكورنيش وهران أو كورنيش جيجل• هناك تلتقي بالآلاف العائلات الجزائرية التي دفعها ضعف الهياكل السياحية وغياب الأمن ونقص الخدمات، كما قال سهيل الذي يعمل في إحدى مطابع الصحف وكان مرفوقا بزوجته وابنه الصغير إياد ''أنا أقضي عطلتي في تونس كل سنة منذ عام 2001 بسبب الإهمال التي تشهده الجزائر في مجال السياحة
بين القالة وتونس لا توجد سوى 200 كيلومترا، وهي مسافة قليلة بالنظر إلى المسافة التي تفصل بين القالة والجزائر العاصمة، والتي تتجاوز 600 كيلومترا، لذا فالجزائريون يفضلون السفر إلى تونس وهذا شيء إيجابي بالنسبة للزائر لأنه باستطاعته أن يسافر من الجزائر إلى عنابة، ثم القالة السياحية، ثم من القالة نحو تونس، ويصل إلى هذه الأخيرة في وضح النهار ولكن العديد من الجزائريين الذين التقينا بهم يفضلون السفر ليلا لأنه غير متعب••
وفضلا عن المحلات التجارية التي تبيع الأغراض التقليدية والملابس بمختلف أنواعها والفضة والذهب، يجد الزائر راحته في ارتشاف القهوة التونسية والتركية والشيشة الموجودة في محل راقي، وبطابع تقليدي مبني من الحجارة البنية مزين بكل ما يرتبط بالحضارة العربية الإسلامية، وهو ما يجذب السياح، خصوصا الأجانب منهم يجلسون يتسامرون حول صينية الشاي والقهوة في شكل جماعات جماعات، وكأنهم يمارسون طقوسا لم يعهدوها من قبل أو أرادوا أن يخلعوا ثوب الحضارة الأوروبية ليلبسوا أثوابا عربية محضة، وخاصة تلك الجلسات الحميمية التي كثيرا ما لا يجدونها في بلدانهم تدفعهم لارتشاف قهوة بثمن 3 دنانير تونسية، وهو ما يعادل 300 دينار جزائري•
ومثل ''سامنتا'' وهي هولندية متزوجة برجل تونسي ولكنها تعيش في هولندا، تزور تونس مرة كل سنتين وفي كل مرة تجد نفسها أمام شيء جديد، وهو ما يدفعها لأن لا تمل من زيارتها هي و ابنها ''غابريال''•• ما تفضله سامنتا في تونس، المدينة العتيقة بالعاصمة التونسية وتفضل الشيشة، ''سامنتا'' تتكلم العربية بشكل جيد تعلمتها من زوجها علي وبحكم الزيارات التي قامت بها إلى مختلف الدول العربية• وعندما سألناها هل سبق لها أن زارت الجزائر ردت بالنفي قائلة '' لا لا، ولكن أتمنى أن أزورها فهي أكبر بكثير من تونس ولكن لم تسنح الفرصة بعد''•
تعد تونس من أهم الدول المغاربية التي تجذب سنويا الملايين من السياح الأجانب، في المدينة القديمة أو مدينة العرب كما يحلو للكثيرين تسميتها، وعلى بعد 200 مترا على قلب مدينة تونس العاصمة، تتوزع بنايات كثيرة تعود إلى العهد العثماني وما قبل وإلى العصر تتميز البناءات بشكل لافت للإنتباه، وحتى الزائر لأول مرة لتونس يكتشف لأول وهلة أن المدينة القديمة ما هي إلا عنوان رئيسي في تونس الدولة، باعتبارها مازالت تحتفظ بالتاريخ وبذكريات تونس العريقة•
مدينة تونس تتجدد كل يوم تحتضن كل من يزورها بقوة، وتجذبه إليها دون سابق إنذار، لأنها بكل بساطة تعتمد على ماجادت به الطبيعة من مظاهر و خاصة الخضرة لهذا تسمى بتونس الخضراء، وكذا ما جادت به يد الإنسان من محافظة على كل شيء قديم وترميم كل الآثار التي تركها الإنسان منذ قرون بعيدة• وفي الحقيقة إنها دولة تجد ما تقدمه للزائر و خصوصا الوافدين من مختلف الدول العربية والأوروبية، ولكن ما يلفت الإنتباه هي الخدمات المتوفرة في متناول السياح منذ أن يطأ قدمه المطار إلى مختلف المرافق السياحية المتواجدة في مختلف الولايات التونسية•
النظافة والأمن وخدمة الزبون بإتقان
وعلى عكس شهور وأيام السنة تكون تونس خلال فصل الصيف مكتظة، فهي جاذبة للسياحة وتعتبرها المصدر الرئيسي للأموال، لذا فهي تكون مكتظة عن آخرها في أيام الصيف وخصوصا في الولايات والمناطق الساحلية مثل المرسى وقمرت وجربة و سوسة، فضلا عن مدن مثل الحمامات و سوسة التي تحتضن مهرجانات الموسيقى والغناء للترفيه والترويح في ليالي السواح، بالإضافة إلى مهرجان ''قرطاج'' الدولي بالعاصمة التونسية•
لا تعرف تونس الراحة خلال فصل الصيف ساخنة جدا ولا تعرف الاستراحة، لا في النهار ولا في الليل، لأنها بكل بساطة لأنها قبلة السياح وقبلة الأجانب على وجه الخصوص أولئك الذين يطمحون لاكتشاف دولة مقياسها الأول إنشاءها للعديد من المدن التقليدية مثل ''سيدي بوسعيد'' التي لا تنام طيلة أربع وعشرين ساعة•
يجد زائر تونس نفسه أمام عدة مظاهر أساسية في السياحة، وهي النظافة و الأمن والنقل المنظم سواء سيارات الأجرة أو الحافلات أو الترامواي الذي يأخذك بسرعة من شارع الى شارع دون كلل أو ملل، ودون انتظار طويل• ومن جهة أخرى، ما يشد انتباه السياح الأجانب هو أنهم يتمكنون من تأجير غرف في فنادق أومساكن أوفيلات في أي مدينة تونسية من أجل قضاء العطلة وبأسعار مختلفة، المهم أن السائح في تونس لا يجد مشكلة المبيت والبحث عن مأوى ، حيث وحدهم التونسيون فهموا سر اللعبة وأدركوا أن أهم قاعدة في السياحة توفير الفنادق وفقا للمعايير ومقاييس الجودة المعمول بها دوليا، والتي تليق بالسائح مهما كان طبيعته وحجم مورده المالي•
التونسيون يوفرون للسائح كل شيء عليه أن يدفع المال فقط، في تونس الفنادق تختلف في أسعارها من 24 دينار تونسي لليلة الواحدة ''1800 دينار جزائري'' إلى 200 دينار تونسي ''14000 دينار جزائري'' لكنها تتفق في عوامل النظافة واحترام السائح وحسن الاستقبال، فندق القدس الواقع بالقرب من مدخل المدينة القديمة سعر الغرفة به 30 دينار تونسي''2100 دينار جزائري'' لكنه يقدم خدمات نوعية لا ترقى لها كثير من الفنادق الجزائرية الموجودة على مقربة أمتار من رئاسة الحكومة والبرلمان في العاصمة الجزائرية، يقول سمير العامل بهذا الفندق أن الحكومة التونسية تفرض مراقبة دورية ومشددة على الفنادق من حيث النظافة والترميم والطلاء وتغيير الأفرشة والعمل على توفير الظروف الصحية للمقيمين في الفنادق، مضيفا أن مفتشي وزارة السياحة التونسية يتشددون مع الفنادق التي لا تحترم هذه المعايير•
بالقرب من فندق'' القدس'' يوجد فندق ''المدينة'' سعر الغرفة به لا يتجاوز 45 دينار أي ما يعادل 3100 دينار جزائري، لكنه رائع في طريقة بنائه أضفت عليه النافورة الموجودة بالقرب منه جمالا فياضا يأخذ السائح إلى أعماق الحضارة في تونس القديمة، أطلعتنا عاملة الاستقبال على إحدى الغرف وقالت إن '' النظافة والغرفة الهادئة والديكور الجميل هي العوامل التي تشكل رأس مال الفندق، فليس هناك سائحا يقبل أن يدفع مالا كي يقيم في مكان غير مريح، وأضافت أن التعليمات تشدد على ''ضرورة منح السائح فرصة الاطلاع على الغرفة التى تمنح له وأخذ موافقته قبل ملء استمارة الإقامة وقبض ثمن الغرفة منه''•
في شارع الحبيب بورفيبة توجد مجموعة من الفنادق الراقية المخصصة للوفود الدبلوماسية أوالسواح الرفيعي المستوى، أسعارها مرتفعة لكنها تقدم خدمات راقية أيضا•• فندق الكون إحدى هذه الفنادق فتح أبوابه حديثا سعر الغرفة به 80 دينارا تونسيا أي ما يعادل 6400 دينار جزائري، وبالقرب منه يوجد فندق''البلفدير'' الواقع بالقرب من حديقة التسلية في قلب العاصمة التونسية، سعر الغرفة به ما بين 1000إلى 1200 دينار تونسي، أي ما بين 7000 إلى 9000 دينار جزائري •
على بعد 60 كيلومترا من العاصمة التونسية توجد مدينة ''الحمامات'' تلك المدينة الساحرة التي تجلب إليها أكثر من 2,1 مليون سائح أجنبي سنويا، و بذلك تمكنت من أن تكون المدينة رقم اثنين بعد العاصمة تونس من حيث إقبال السياح، توجد بها مجموعة من الفنادق التي تستقبل السياح خاصة في فصل الصيف، وتشتغل هذه الفنادق بمنطق اقتصاد السوق، حيث أسعارها مع طبيعة الموسم والإقبال في فصل الشتاء تضطر إلى خفض أسعارها بشكل محسوس يصل إلى حدود 30 أو 40 دينار، لكنها ترفع أسعارها في فصل الصيف، حيث يكثر الإقبال على الفنادق من قبل السياح الأجانب خاصة من أوروبا ليصل سعر الغرفة إلى 100 دينار تونسي•
تحرص الفنادق التونسية على توفير عامل الأمن والأمان للمقيمين بها، ويقيم عناصر من الأمن التونسي بلباس مدني بشكل دائم ومستمر أمام هذه الفنادق لمنع أي حركة مشبوهة، فالتونسيون يأكلون من بترول السياحة ولا يريدون لخلل أمني أن يفسد عرس السياحة في تونس•
المولوخية•• مسح الأحذية، الحرقوس، ومشموم الفل
تنتشر في تونس بعض الأعمال الصغيرة بكثرة التي لا تتواجد في الجزائر ك ''مسح الأحذية'' و''الحرقوس'' وبيع ورد المشموم•
وتنتشر حرفة مسح الأحذية في كل مكان، وخصوصا في الشوارع الرئيسية، وهي مهنة نوعا ما مهينة بالنسبة لمحمد ولكنها ''الخبزة''•• كما قال ولا يمكن أن يفعل غيرها بل يجد متعة في مسح الأحذية وبإتقان ويستقطب زبائنه مهما كان بالكلمة الطيبة والابتسامة العريضة التي يستقبل فيها زبائنه• وبالرغم من أنها لا تدر الكثير من المال إلا أن محدثنا بدا مسرورا ما دام يضمن لقمة العيش في الزمن الصعب•
كما تنتشر أيضا في المدن القديمة لتونس مثل سيدي بوسعيد نساء يوشمن الحرقوس على الزبائن في رسومات جميلة، وخصوصا بالنسبة للمقبلات على الزواج أو بالنسبة للفتيات اللواتي يردن التزين به، وثمن الحصة الواحدة من الوشم 3 دنانير تونسية، ولكنه لقي إقبالا كبيرا من الزبائن• وفضلا عن ذلك فباعة ''المشموم'' وهو الورد المصفف بدقة كذلك وجدوا ضالتهم بإقبال الكثير من الزبائن لشرائه، ثمن الباقة الصغيرة الواحدة دينار واحد (70 دينار جزائري )•
طبق المولوخية الشهير من الأطباق التي يتزايد عليها الطلب من طرف السياح في تونس، وهو طبعا طبق لذيذ وثمنه 5 دنانير تونسية، أي ما يعادل 350 دينار جزائري ولكنه طبق كامل الفيتامينات، فضلا عن الكسكسي والهريسة التي لا يوضع طبق إلا وكانت هي سيدة الطبق• وبالنسبة للمطاعم في تونس، تختلف التسميات منها العربية ومنها الأمازيغية، ولكن من أشهر المطاعم التي تجذب السياح في الحمامات المطعم '' البربري'' وهو مطعم كبير يقابل قصبة المدينة القديمة التي تم الحفاظ عليها وعلى طابعها العمراني واستغلت في الإبقاء على الحرف التقليدية حية وممارسة بشكل يومي في الحوانيت الموجودة داخل الحي العتيق أسفل المدينة، وعلى بعد أمتار معدودة من شاطىء البحر•• استغل صاحب المطعم كل المساحة لإقامة مطعم راق بطريقة جميلة تمكن السائح من الاختيار بين الجلوس في الأسفل أوفي الطابق الأول المفتوح أو في السطح•• ويقدم المطعم كل الأطباق التونسية التقليدية ويعرض أطباقا أوروبية أيضا•• كما عمد صاحبه إلى رفع أعلام كل البلدان الاوروبية التي يأتي مهاجروها إلى تونس إضافة الى بعض الدول العربية•
وعلى غرار المطعم البربري تتواجد في تونس أكثر من ألف مطعم يتوزعون في عدة مدن ساحلية ومدن داخلية، ولكنها تقدم أشهى المأكولات المحلية والأجنبية عربية كانت أو أوروبية وأمريكية• وتبقى الشاورما من أكثر المأكولات المطلوبة في تونس، وتنتشر محلاتها بكثرة في مختلف المدن التونسية•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.