إدوارد سعيد عمدةً لنيويورك    نحو سياسة عربية مختلفة    غنى النفس .. تاج على رؤوس المتعففين    فتاوى : واجب من وقع في الغيبة دون انتباه وإرادة    عبد الرحمان بن عوف .. الغني الشاكر    أمطار رعدية غزيرة اليوم على ولايات الشرق    الولاية ستستفيد من مشاريع منها مصنع للسيارات لعلامة مهمة    مشاريع قيد الانجاز تعكس صورة الجزائر    بسكرة : حجز 5600 مؤثر عقلي نوع بريقابالين    توقيف 6 أشخاص و حجز 176 ألف كبسولة "بريغابالين"    استفتاء تقرير المصير حق قانوني للصحراويين    بوقرّة يستدعي سليماني وبودبّوز    لحيلح وبوجدرة في صورة واحدة!    سعداوي يشارك في انتخاب مدير اليونسكو    مازا في التشكيلة المثالية    جلاوي يستقبل سيناتورين    مناقشة قانون المالية تبدأ اليوم    6 ملايين قنطار بذورا وأسمدة لإنجاح حملة الحرث والبذر    وحدتنا تقوّي سواعدنا لبناء جزائر جديدة منتصرة    شروط صارمة لاستخدام "الدرون" المستأجر بأطقم أجنبية    لا نمانع وجود قوات دولية على حدود غزة    المفوّض الأممي لحقوق الإنسان يدعو إلى اتخاذ تدابير عاجلة    حذار من الذكاء الاصطناعي في المراجعة    تشديد على احترام آجال إنجاز المشاريع التنموية    استلام كلي لبرنامج 350 مخزن للحبوب نهاية 2025    شروط جديدة لتجارب تكافؤ الأدوية    لا وصف للمضادات الحيوية إلا للضرورة القصوى    عبدلي يرفض التجديد مع أونجي والوجهة ألمانية    منصب جديد لمازة يقدم حلولا فنية لبيتكوفيتش    مدرب مرسيليا الفرنسي يتأسف لغياب غويري    خيانة المخزن متجذّرة منذ تاريخ مقاومة الأمير عبد القادر    الرسومات تخفّف من شدّة الكلمات    إقبال كبير على جناح الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية    الشرطة تستقبل 1795 مكالمة خلال شهر    وفاة طفل في حادث مرور    ضبط كيف معالج و2460 قرص مهلوس    حين تتحدث الدُّور عن فكر يتجدّد وإبداع لا يشيخ    قسنطينة.. أزيد من 27 مليون دج حصيلة الدفع الإلكتروني للفواتير خلال 3 أشهر    السودان : "الدعم السريع" تنكل بالمحاصرين بالفاشر وتسبب كارثة    تبسة.. تخصيص 29 ألف جرعة لقاح ضد الإنفلونزا الموسمية    ارتفاع محسوس لإنتاج القطاع العمومي    مشاريع الربط بين السدود.. نحو تعزيز التموين بالمياه    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    أولياء يختارون اللمجة الصّحية لأطفالهم    غزّة بين نتنياهو وترامب    وزير الفلاحة يشرف على افتتاح الطبعة العاشرة    صيدال يعتزم إنجاز وحدات انتاجية    وزير العمل يبحث مع مساعد الرئيس الإيراني سبل تعزيز التعاون الثنائي في مجالي العمل والحماية الاجتماعية    وزير الداخلية يشرف على تنصيب الولاة المنتدبين الجدد لمقاطعات العاصمة    معرض فوتوغرافي في برلين يسلط الضوء على الثقافة والمقاومة الصحراوية    3 آلاف مسكن "عدل" بالرغاية قبل تسليمه    مختصون يدعون الى إعادة النظر في أساليب الكتابة الموجهة للطفل    الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة ينظم ندوة حول الذكاء الاصطناعي وحقوق المؤلف    نحو إطلاق حملة وطنية للتطعيم ضد شلل الأطفال    تيطراوي بن قارة لأوّل مرّة.. وبن ناصر يعود    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    استفسر عن حالته الصحية وجاهزيته للعودة إلى الملاعب.. بيتكوفيتش يطلب مشورة سويسرية حول قندوسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعجب ما جادت به قرائح فقهاء المسلمين!
كرونيك
نشر في الفجر يوم 01 - 09 - 2012

بقدر ما تآمر الإعلام العربي على المرأة العربية، فساهم بإضعافها وإقصائها طوال سنوات طويلة من المشاركة الفعلية في الحياة العامة للمجتمع، بقدر ما نشط، بقصد أو بغير قصد، في نشر مفهوم واحد عن المرأة، وهو تكريس النظرة السلبية لأدوار المرأة تحت ذريعة الفروقات البيولوجية بين الجنسين وتثمين فكرة صلاحها فقط للإنجاب والرعاية الأسرية.
بل قام بأكثر من ذلك عندما سهر على إنتاج برامج تعمل على توجيه كل طاقات المرأة للعناية بنفسها وشكلها من أجل أن تعجب الرجل وتكسب رضا شريكها، واعتبار ذلك أول اهتماماتها إن لم نقل آخر أولوياتها.. بقدر ما أصبح الفقهاء ورجال الفتاوى على الهوى يتنافسون من أجل تجسيد تلك الصور النمطية للمرأة ميدانيا، إن لم أقل، يتنافسون يوميا لتقديم أكثر الفتاوى تطرفا واستنزافا لقدرات المرأة من أجل شيء واحد هو الإبقاء على تسخيرها لغرائز الرجل باسم المحافظة على الأسرة وتقاليد المجتمع أحيانا وباسم الدين أحيانا أخرى.. والحقيقة هي أن هذه الفتاوى إنما تنبع من رغبة الرجال التي تثبت تلبية رغباتهم الجنسية والسلطوية.. وآخر الفتاوى التي أسوقها للتأكيد على ما أقول، هي تلك الفتوى التي جاءنا بها رئيس الجمعية التونسية، الوسطية للتوعية والإصلاح السيد العلمي - تصريح 29 أوت 2012 - على موجات راديو "إكسبراس أ.ف.م"، والتي يقول فيها إن "تعدد الزوجات هو مطلب شعبي لأنه يساهم في إيجاد حلول لعديد المشاكل الاجتماعية والصحية"، حسب تعبيره، وإن "عددا كبيرا من المواطنين والمواطنات يطالبون بالرجوع إلى تعدد الزوجات"، مؤكدا على أنه "يجب أن يعاد طرح هذه المسألة بجدية لأن مسألة تعدد الزوجات هي مسألة شرعية، وإن عدة أمراض تصيب النساء يمكن أن تحمى منها عبر تعدد الزوجات". واستشهد العلمي بمرض سرطان الرحم قائلا "إن البحوث العلمية أثبتت أنه لا يمكن تفاديه إلا بعد 130 يوم من الامتناع عن ممارسة المرأة للعلاقة الجنسية، وبخلاف هذا فالمرأة مهددة بالإصابة بالمرض وبالتالي فإن تمكين هجر الزوج لزوجته من خلال ذهابه إلى أخرى يمكن من الحماية من هذا المرض".. لكنه لم يقل لنا ماذا تفعل المرأة عندما يكون زوجها مريضا في جنسه بالسرطان أو ناقلا لفيروس السيدا..؟
وهي فتوى لا تختلف عن دعوة بعض أئمة مساجد الجزائر التي تدعو الجزائريين إلى التزوج من السوريات اللاجئات في الجزائر بحجة جمالهن والحفاظ عليهن.. وكأن ما تعاني منه المرأة السورية الآن في الجزائر لا يعاني منه الرجل السوري، ومع ذلك لم يقل للجزائريات تزوجن بالسوريين.. لأن السبب الوحيد عند فقهائنا هو تحليل الجنس بالتعددية أو بما ملكت أيمانهم.. فما داموا هم الفقهاء فليحللوا ويحرموا ما أمكنهم من شهوات.. لكن المسؤولية في ذلك إنما تعود للإعلام الذي كان عليه أن يطرح نقاشا في هذه المواضيع الإنسانية ولا ينقل فتاوى من هب ودب وعلى عواهلها دون مناقشة أو تحليل أو تسبيب ديني واجتماعي.. فتاوى في تبرير العنف ضد النساء كثيرة جدا ومتتالية، ضرب وختان وحبس واختطاف واغتصاب، لا تحصى ولا تعد، تقوم وسائل الإعلام مع الأسف على ترويجها ونشرها بحجة الخبر الإعلامي فتضيف خزانا آخر للفضائيات الدينية المتخصصة، التي تفوق أكثر من مائة قناة، معينا آخر لا ينبض من الحقد والتشويه لكيان المرأة الشريك الأساسي في هذا المجتمع والتي بدونه لن تستمر الحياة، متناسين بذلك قوله صلعم "النساء شقائق الرجال".
لقد اعتقدنا بأن انفتاح الفضاء الإعلامي المحلي (العربي)، واندماج القطاع الخاص في مسيرة التنمية الوطنية سيؤدي إلى خلق روح التنافسية، كما تمنينا ضرورة الاستفادة من تأثير تكنولوجيات الإعلام العالمية الحديثة، لما تحمله من إنتاج فكري وعلمي عريق وحديث، في تطوير وسائلنا الإعلامية تلك، لكي تستخدم إمكانياتها الإعلامية بأقصى قدراتها على ترقية واقع المرأة العربية من خلال تغييرها لتلك الصور النمطية والنظرة السلبية لأدوار المرأة التي كثيرا ما استغلت سلبيا تحت ذريعة الفروقات البيولوجية بين الجنسين.. وانتظرنا أن تغير طرق التناول والطرح والتحليل لقضايا المرأة، فتتناولها ككيان إنساني مكتمل، وتعتبرها مواطنة لها حقوق إنسانية وقانونية وعليها واجبات إنسانية وقانونية ككل أفراد المجتمع، كنا نتمنى ذلك ونرنو إليه بعين التفاؤل وما زلنا..؟
لكننا نعتقد أيضا أن تغيير تلك الصورة النمطية للمرأة التي كثيرا ما عولجت كمادة إعلامية أو إعلانية دسمة ومميعة عند أصحاب المنتج التجاري، أو كمادة جنسية مسخرة لعربدة الرجال من أجل المتعة المطلقة أو لاستمرارية النسل البشري وفقط، انطلاقا من معتقدات مجتمعية ودينية مغلوطة، أمر صعب أيضا ويتطلب كثيرا من الوقت ومن الجهد، لأنها صور عمل الإعلام على ترسيخها منذ سنين، واعتمدها كمادة صحفية تنتهي بانتهاء الحدث الإعلاني أو الجنسي، وعليه (فالإعلام الوطني) اليوم، ونتيجة للتحول الديموقراطي والسياسي المطلبي الذي شاركت فيه المرأة بقوة منقطعة النظير، مطلوب منه أن يبذل جهدا مطردا كي يغير اللغة "الخطاب" أيضا وتلك الصور التي استخدمها طويلا، وأن يضاعف الجهد من أجل إلغاء تلك الأنماط التي كرست في الأذهان لفترة طويلة.. بمساهمته بتغيير نظرة المجتمع تلك التي كرسها عن المرأة وعن حقوقها، والبدء بالعمل على استغلال وتطوير مطالب المساواة في المواطنة لكل أفراد الشعب وشعارات الحرية الفردية والعقائدية المرفوعة أثناء الثورات العربية التي اعتنقها الجميع، بمن فيهم السلفيون والمتطرفون ضد النساء.. وترسيخ مبادئ الحداثة التي هي إسهام بشري في تحرير قدرات الإنسان وتسخيرها للكشف عن أسرار الطبيعة، ومحاولة الحد من مخاطرها، والعمل على تطوير هذه القدرات بما يزيد من حرية الأفراد والمجتمعات وبقدرتها على الفعل،لأن الحداثة هي أيضا تحرير للشعوب (حق السيادة والمشاركة السياسية للأفراد وللفئات اقتصاديا وسياسيا وفكريا).. هذا الإطار الذي تندرج فيه قضية المرأة، لأن المفهوم النسائي مرتبط بتحرير النساء كفئة اجتماعية وكأفراد وكفئات اجتماعية بعينها، كما ساهمت في تبلور كيانات وفئات اجتماعية معينة من بينها النساء والأطفال، من خلال وعيها بذاتها وبحقوقها وبإنسانيتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.