توظيف تجربة الجزائر الرّائدة لتوفير الخدمات الأساسية    سحب العقار من المتقاعسين تحفيز للاستثمار الفعلي    "قافلة الصمود" ترجمة لعمق تضامن الجزائر مع فلسطين    صعودنا مستحَق بفضل مجهودات الجميع    "الشلفاوة" يستهدفون نقاط البقاء    جمع 295 شهادة لمجاهدين عايشوا أحداث الثورة    الفنانة التشكيلية نورة علي طلحة تعرض أعمالها بالجزائر العاصمة    الاستفادة من تجربة هيئة الدواء المصرية في مجال التنظيم    وصول أول فوج من الحجاج إلى أرض الوطن    بوغالي يدعو لتوسيع الشراكة الجزائرية - الصينية    كمائن الموت تتواصل ضد الأبرياء بغزّة    قبل أيام من موعد امتحان شهادة البكالوريا..سلطة ضبط السمعي البصري تحذر من المساس بحقوق الأطفال    تعيين سفراء الجزائر بكازاخستان والسلفادور وروسيا    كرة القدم/ مباراة ودية: المنتخب الجزائري ينهزم أمام نظيره السويدي 4-3    المحاربون بوجه مشرف في الشوط الثاني    فرط النشاط وتشتّت الانتباه يجمع الأولياء والمختصين    تقنيات جراحية حديثة لمعالجة أمراض الرجال    النقش على الفضة والنحاس انعكاس لتاريخ المنطقة    الديوان الوطني للتطهير: قرابة 800 تدخل خلال أيام عيد الأضحى لضمان استمرارية الخدمة العمومية    لقاء تنسيقي حول التحضيرات لموسم المخيمات الصيفية    ضبط مواقيت عمل المؤسسات البريدية خلال الصيف    مجلة "آفاق سينمائية" : إبراز دور السينما الجزائرية في فضح الاستعمار الفرنسي    نفذتها "منظمة الجيش السري" للاستعمار الفرنسي:حرق مكتبة الجامعة المركزية عام 1962 جريمة ضد الفكر والإنسانية    تحضيرا لموسم الاصطياف.. مخطط خاص بالرقابة والتموين في 14 ولاية ساحلية    القرار يحض حاملي المشاريع غير الجاهزة.. الشروع في إلغاء مقررات الاستفادة من العقار    تحديد وزن الأمتعة المسموح به للحجاج خلال العودة    حادثة محاولة الانتحار أمام مقر وزارة العدل: إيداع 4 متهمين الحبس المؤقت    مجلة الجيش:الجزائر سترفع كل التحديات داخليا وخارجيا    العدوان الصهيوني: الهجوم على سفينة "مادلين" جزء من الإبادة الجماعية    حيداوي يدعو الجمعيات الشبانية للانفتاح على شراكات محلية ووطنية    مجلس الأمن:البوليساريو تدحض ادعاءات ممثل دولة الاحتلال المغربي    البطل سقط في ميدان الشرف يوم 6 جوان 1958..ولاية باتنة تحيي الذكرى ال 67 لاستشهاد علي النمر    موانئ: اعتماد ميناءين كنموذج أولي لتجريب استراتيجية العصرنة الجديدة    في لقاء مع السفير الصيني.. بوغالي يشيد بالعلاقات الجزائرية-الصينية ويدعو لتوسيع الشراكة    جمع جلود الأضاحي, أداة لدفع عجلة تطوير الصناعة الوطنية للجلود    مجلس الأمة: السيد بوجمعة يبرز أهمية الرقمنة بقطاع العدالة    كرة القدم / بطولة افريقيا للاعبين المحليين 2025 : مجيد بوقرة يقر بصعوبة ضبط التشكيلة النهائية    العروض الوطنية للفيلم السينمائي "محطة عين لحجر" تتواصل عبر عدة ولايات    مؤشرات الاقتصاد الجزائري تتحسّن    بطولات وتضحيات خالدة في الذاكرة الوطنية    البرتغال تُتوّج بدوري الأمم الأوروبية    حجز قرابة 1.5 مليون قرص مهلوس بباتنة    الجزائر تتحصّل على جائزة لبيتم    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 54981 شهيدا و126920 مصابا    تكريس لإرادة سياسية واضحة لحماية "ذاكرة وطن"    ضرورة تفعيل الحسابات وتحميل الملفات قبل 12 جوان    تكرس قيم الاحترافية والوطنية التي تحدو منتسبي القطاع    ورقلة : حجز أزيد من 62 ألف كبسولة من "بريقابالين"    يختطف سفينة "كسر الحصار" على قطاع غزة    تنظيم عودة أول فوج للحجاج الجزائريين إلى أرض الوطن    تتويج سيليا العاطب سفيرةً للثقافة الإفريقية 2025    "التطور الحضاري لمدينة تلمسان" محور يوم دراسي    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    الخضر يضعون اللمسات الأخيرة    توسعة الحرم المكي: انجاز تاريخي لخدمة الحجاج والمعتمرين    ويلٌ لمن خذل غزّة..    هذه أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة    عيد الأضحى المبارك سيكون يوم الجمعة 06 جوان 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قوة ناعمة تمكنت من إيصال صوت القضية الجزائرية إلى العالم‮ ‬
‮ ‬إعلام الثورة‮ ‬يقهر الآلة الدعائية الفرنسية

‭-‬‮ ‬إعلام الثورة بأبسط الإمكانيات‮ ‬يدحض أكاذيب المستعمر دوليا‮ ‬
شكّل الإعلام حلقة هامة من حلقات الثورة الجزائرية عبر مراحلها المختلفة،‮ ‬وذلك من خلال إبراز أهدافها الرامية إلى تحقيق الحرية والاستقلال ودحض أكاذيب المستعمر أمام العالم،‮ ‬بالاعتماد على الوسائل المكتوبة والمسموعة‮ (‬الإذاعة‮) ‬داخل الوطن وخارجه،‮ ‬لنقل الأخبار عما‮ ‬يجري،‮ ‬ورفع معنويات الشعب الجزائري،‮ ‬وحثه على الصبر والمشاركة في‮ ‬هذه الحرب العادلة حتى استرجاع السيادة الوطنية‮. ‬اندلعت الثورة الجزائرية في‮ ‬غرة نوفمبر‮ ‬1954،‮ ‬بكل ما لديها من وسائل بشرية ومعنوية ومادية ودعائية وإعلامية‮ ‬متواضعة،‮ ‬مصوبة لإبلاغ‮ ‬رسالة الثورة إلى الشعب الجزائري‮ ‬أولا،‮ ‬ثم إلى الشعب الفرنسي‮ ‬ثانيا،‮ ‬وإلى الرأي‮ ‬العام‮ ‬الدولي‮ ‬أخيرا‮.‬ ورغم حداثة التجربة النضالية لثوار شباب تسلحوا بروح الإيمان والتضحية وقوة الصبر والشكيمة،‮ ‬إلا أنهم أظهروا براعة كبيرة في‮ ‬تسيير أهداف الثورة داخليا وخارجيا بوسائل بشرية،‮ ‬مادية،‮ ‬دعائية وإعلامية متواضعة‮. ‬وقد شكّل الإعلام إبان حرب التحرير دعما كبيرا لقادة الثورة بالرغم من اعتماده على وسائل بسيطة،‮ ‬كانت في‮ ‬البداية عبارة عن منشورات وبيانات لحزب الشعب الجزائري،‮ ‬حيث كانت مصادر الإعلام الثوري‮ ‬المجلات الصادرة عن الحركة الوطنية،‮ ‬وذلك باستخدام وسائل بسيطة كالآلة الراقنة التي‮ ‬تم استعارتها لنشر بيان أول نوفمبر والنشريات الأخرى التي‮ ‬وزعت بالوطن العربي‮ ‬وأوروبا،‮ ‬للتعريف بالقضية الجزائرية،‮ ‬وفضح جرائم الاستعمار‮.‬ ‭
‬ دحض مغالطات المستعمر
إن الهجمة الإعلامية الشرسة وواسعة النطاق والإمكانيات المادية الضخمة‮ ‬التي‮ ‬جندتها السلطات الاستعمارية الفرنسية للتقليل من أهمية أحداث أول نوفمبر من خلال مختلف أجهزة الإعلام والوسائل الدعائية توضّح لكل متتبع لهذه الأحداث مدى الهلع‮ ‬والخوف والاضطراب وعدم التصديق بحقيقة ما‮ ‬يحدث في‮ ‬هذه البلاد المجاهدة،‮ ‬آنذاك‮. ‬وهكذا،‮ ‬راحت وسائل الإعلام الفرنسية،‮ ‬لاسيما المكتوبة والمسموعة،‮ ‬بمختلف مشاربها واتجاهاتها السياسية الحزبية بدون اختلاف تزرع الشك في‮ ‬نفوس‮ ‬الجزائريين والفرنسيين سواء داخل الجزائر أو في‮ ‬فرنسا نفسها بنعت هذه الأحداث بكل الأوصاف،‮ ‬إلا أن تطورات الأحداث،‮ ‬وتوسيع الضربات المصوبة نحو العدو الفرنسي‮ ‬ومسارعة الجزائريين‮ ‬من مناضلين ومسبلين ومجاهدين إلى الالتحاق بصفوف الثورة المجيدة عبر النداءات في‮ ‬وسائل الإعلام أخلطت الأوراق وجعلت المستعمر‮ ‬يرتبك ويضطرب في‮ ‬كل مكان سواء داخل القطر الجزائري‮ ‬الثائر أو داخل القطر الفرنسي‮ ‬نفسه‮. ‬وكان لهذا الانخراط المتواصل في‮ ‬صفوف جيش التحرير وجبهة التحرير الوطني‮ ‬الدور الهام والرئيسي‮ ‬في‮ ‬تحوّل الصحافة الفرنسية‮ ‬في‮ ‬تحليلاتها ومقالاتها المتعددة تجاه الثورة المباركة وخاصة الصحافة التي‮ ‬يقال عنها المستقلة عن الدوائر الرسمية لتفسر حسب منظورها طبيعة أحداث الجزائر،‮ ‬لاسيما الصحافة الصادرة في‮ ‬المستعمرة الجزائرية،‮ ‬آنذاك‮. ‬والجدير بالذكر أنه لم‮ ‬يكن في‮ ‬وسع الحكومة الفرنسية ولا الصحافة المستقلة‮ ‬بما فيها اليسارية التي‮ ‬تدّعي‮ ‬بالحريات وحقوق الإنسان ومبدأ‮ ‬المساواة،‮ ‬أن تخفي‮ ‬حقيقة ما‮ ‬يجري‮ ‬من أحداث في‮ ‬الجزائر أثناء الثورة التحريرية أو التستر على وقائعها‮. ‬وخاصة بعد أن صار الجانب الاستعماري‮ ‬يتكبّد خسائر في‮ ‬الأرواح وفي‮ ‬المنشآت العسكرية والاقتصادية‮ ‬وممتلكات الكولون الأوروبيين‮. ‬وخوفا من أن تفلت القضية من‮ ‬يد الحكومة الفرنسية وتروّج الأحداث خارج البلاد وتعطى لها تفسيرات عديدة،‮ ‬منها تفسير الانتفاضة العارمة‮ ‬للجزائريين وإرادتهم وعزمهم على نيل الحرية والاستقلال،‮ ‬أصرت هذه الحكومة،‮ ‬عبر وسائلها‮ ‬للإعلام،‮ ‬على الإعلان عن هذه الأحداث بأنها أعمال فردية أو مجموعات صغيرة منعزلة وأن الحكومة جهزت كل قواتها‮ ‬للتصدي‮ ‬لأعمال الشغب هذه وأن الهدوء سيخيم على هذه المناطق المعزولة وستسترجع السلطات الفرنسية الأمن والاستقرار وتتحكم في‮ ‬زمام الأمور‮. ‬وراحت هذه الصحافة ووسائل الإعلام الفرنسية تحاول طمأنة الأوروبيين في‮ ‬الجزائر بأنهم‮ ‬يجب أن‮ ‬يضعوا ثقتهم الكاملة فيما تتخذه السلطات الفرنسية‮ ‬من إجراءات لتهدئة وضمان الأمن والقضاء على هذه الشرذمة‮ ‬المتمردة وهذه العصابات المجرمة من اللصوص وقطاع الطرق ويجب عليهم ضبط النفس لأنها مسألة وقت فقط‮ .‬ ‭
‬ صوت الحق
هكذا كانت الأحوال في‮ ‬بداية الأمر لما اندلعت الثورة‮ ‬المجيدة‮ : ‬لسان حال واحد للإعلام،‮ ‬لسان السلطة الاستعمارية‮ ‬يمرر من خلال الصحافة المحلية المتواجدة‮ ‬في‮ ‬الجزائر سمومها ضد ما كانت تسميهم بالأهالي‮ ‬المتمردين والمسلمين المتواجدين في‮ ‬الجزائر الفرنسية،‮ ‬مع تزييف الحقائق والوقائع أمام الرأي‮ ‬العام الداخلي‮ ‬والخارجي،‮ ‬بل في‮ ‬الكثير من الأحيان،‮ ‬كانت هذه الصحف توزع‮ ‬الحقد وتدعو القراء إلى مقاومة الثوار،‮ ‬بل ازداد دعم الإدارة‮ ‬الفرنسية الرسمية لهذه الصحافة بعد التضييق على الصحافة الفرنسية التي‮ ‬كانت تعادي‮ ‬الوجود الاستعماري،‮ ‬والتي‮ ‬كانت تنظر إلى الأزمة الجزائرية بمنظور موضوعي‮ ‬أو سياسي‮ ‬أو بكل منطقية ومنها الصحافة اليسارية‮ ‬غالبا‮. ‬إلى أن ظهرت صحيفة‮ ‬المجاهد‮ ‬اللسان المركزي‮ ‬لجبهة التحرير الوطني‮ ‬لأول مرة كنشرة للثورة الجزائرية في‮ ‬الشهرالسادس من سنة‮ ‬1956‮ ‬وفي‮ ‬قلب الجزائر‮. ‬وقد صدرت باللغة الفرنسية ثم ترجمت بعد ذلك إلى اللغة العربية‮. ‬وقد جاء في‮ ‬افتتاحية العدد الأول ما‮ ‬يلي‮: ‬ستكون‮ ‬المجاهد‮ ‬،‮ ‬بالإضافة إلى جريدة‮ ‬المقاومة الجزائرية‮ ‬،‮ ‬اللسان الناطق المأذون له أن‮ ‬يتكلم باسم جبهة التحرير الوطني‮ ‬كما سيكون المرآة التي‮ ‬تنعكس فيها نشاطات جيش التحرير الوطني‮ ‬وستتبوأ‮ ‬المجاهد‮ ‬مكانتها‮ ‬لتكون سمع الرأي‮ ‬العام وبصره وصوته ولتزوّد الشعب بالأخبار الحقيقية،‮ ‬فتكون صلة الوصل‮ ‬بينه وبين مجاهدي‮ ‬جيش التحرير الوطني‮ . ‬ومنذ ذلك الحين،‮ ‬بعد صدورها،‮ ‬قامت صحيفة‮ ‬المجاهد‮ ‬بدور فعال وأساسي‮ ‬في‮ ‬إبلاغ‮ ‬الرأي‮ ‬العام الدولي‮ ‬بحقيقة الثورة الجزائرية،‮ ‬وكذا أداة‮ ‬لتعبئة الرأي‮ ‬العام الداخلي‮ ‬وتوجيهه في‮ ‬التقاط المعلومات الحقيقية التي‮ ‬هو في‮ ‬حاجة ماسة إليها قصد تتبع مسارالثورة وجنود جيش التحري‮ ‬الوطني‮ ‬في‮ ‬عملياتهم المتواصلة ضد القوات الاستعمارية،‮ ‬وسرد مراحل المقاومة الباسلة التي‮ ‬يبديها الشعب الجزائري‮.‬ ‭
‬ محطة فارقة
ويرى مؤرخون أن التنظيم العسكري‮ ‬والسياسي‮ ‬الحقيقي‮ ‬والإعلامي‮ ‬خاصة وحتى الدبلوماسي،‮ ‬بدأ بعد انعقاد مؤتمر الصومام في‮ ‬20‮ ‬أوت‮ ‬1956؛ إذ إن المؤتمر أحدث تغييرات جذرية سواء في‮ ‬الميدان السياسي‮ ‬أو العسكري‮ ‬وحتى المخابراتي‮ ‬والاتصالي‮. ‬وكانت وسائل العمل الإعلامي‮ ‬والدعاية للثورة الجزائرية تتمثل في‮ ‬الرد السريع على جميع الأكاذيب،‮ ‬واستنكار أعمال الاستفزاز وتعريف أوامر الجبهة،‮ ‬مستعملة بذلك عدة طرق للعمل الإعلامي،‮ ‬منها توزيع منشورات ومطبوعات كثيرة ومتنوعة في‮ ‬جميع المداشر والقرى المحاصرة من طرف الاستعمار،‮ ‬كما كان الشأن كذلك في‮ ‬المدن بطرق أخرى،‮ ‬سواء عن طريق الصحافة أو الإذاعات العربية الشقيقة والصديقة التي‮ ‬كانت تبث برامج الثورة‮. ‬وهكذا،‮ ‬فقد شكلت مناشير الثورة ووسائل الإعلام رغم بساطتها،‮ ‬أسلوبا راقيا للتأثير السياسي‮ ‬والمعنوي‮ ‬على الجماهير،‮ ‬حيث كانت تنطلق دائما في‮ ‬تحليلاتها وتعليقاتها من مبدأ أن التفاف الجماهير حول الثورة هو الوسيلة الوحيدة لتمكينها من تحقيق النصر،‮ ‬بحيث أصبحت الجماهير مقتنعة بضرورة دحر العدو من أجل النصر أو الاستشهاد‮. ‬ومن هذا الباب،‮ ‬صار الإعلام‮ ‬يلعب دورا حساسا ورئيسا من خلال التصريحات الرسمية التي‮ ‬كان‮ ‬يدلي‮ ‬بها ممثلو الجبهة،‮ ‬آنذاك،‮ ‬إلى جانب الندوات الصحفية التي‮ ‬كانوا‮ ‬يعقدونها في‮ ‬مختلف العواصم الأجنبية‮.‬ ‭
‬ حرب إعلامية مسعورة
وهكذا،‮ ‬تمكنت المقاومة الجزائرية بفضل حربها الإعلامية والدعائية وتوجيهها من قبل القادة السياسيين والدبلوماسيين المحنكين في‮ ‬الداخل والخارج،‮ ‬في‮ ‬ظرف قصير،‮ ‬بالرغم من عملها ونشاطها الشاق والعسير،‮ ‬أن تحقق رواجا وانتشارا كبيرا عبر العالم بفضل كل الوسائل الإعلامية للإتاحة لها بإبلاغ‮ ‬الرأي‮ ‬العام الداخلي‮ ‬والخارجي‮ ‬بما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬الجزائر من حقيقة في‮ ‬الأحداث،‮ ‬بحيث أنه في‮ ‬المقابل،‮ ‬كانت الإدارة الاستعمارية ومن خلال وسائل إعلامها المتعددة وتصريحات‮ ‬قادتها في‮ ‬الداخل والخارج تحاول أن تبرهن للعالم أن الثورة‮ ‬الجزائرية ليست كما‮ ‬يظن البعض ثورة قومية مستندة على حوار وطني،‮ ‬وإنما هي‮ ‬عصيان مدني‮ ‬وتمرد عصابة أشرار مدفوعة من الخارج‮. ‬وزيادة في‮ ‬إيهام الرأي‮ ‬العام وتغليطه‮ ‬وتضليله،‮ ‬توسعت تحليلات الصحف الفرنسية ووسائلها الأخرى للإعلام وخطب المسؤولين هنا وهناك،‮ ‬إلى إلصاق التهم بالخارج مادة مواتية في‮ ‬العملية الإعلامية والدعائية،‮ ‬وذلك قصد جلب التأييد الداخلي‮ ‬والخارجي‮ ‬لمساعي‮ ‬الحكومة الفرنسية المستعمرة لوضع حد لهذه الأحداث‮. ‬إلا أن هذه المغالطات بدأت مع مر الزمن والحرب الإعلامية للمقاومة الجزائرية‮ ‬ينكشف أمرها عندما اعترفت بعض الصحف مثل جريدة‮ ‬لوموند‮ ‬الفرنسية‮.‬ ‭ ‬ أدوار فاعلة
وقد عزز تأسيس وكالة الأنباء الجزائرية سنة‮ ‬1961‮ ‬بتونس،‮ ‬العمل العسكري‮ ‬لجيش التحرير،‮ ‬إذ كانت بمثابة الناطق الرسمي‮ ‬لجميع ما تصدره الثورة من بلاغات أو تصريحات وتوزيعها على مكاتب وكالات الأنباء العالمية‮. ‬أما مكاتب الإعلام الخارجي‮ ‬لجبهة التحرير الوطني،‮ ‬فقد لعبت من جانبها دورا فاعلا في‮ ‬إيصال صدى الثورة،‮ ‬كما هو الشأن لمكتب القاهرة الذي‮ ‬يعد أول المكاتب الإعلامية التي‮ ‬بادرت الجبهة بفتحه عام‮ ‬1955،‮ ‬ليليه فتح مكاتب أخرى للإعلام في‮ ‬باقي‮ ‬الدول العربية،‮ ‬مثل دمشق،‮ ‬بيروت وعمان‮. ‬أما تونس والمغرب،‮ ‬فقد تم افتتاح مكاتب بهما مباشرة بعد استقلالهما‮. ‬وفي‮ ‬مارس‮ ‬1956،‮ ‬افتتحت الجبهة مكتبها الإعلامي‮ ‬بنيويورك،‮ ‬مما ساهم في‮ ‬إعطاء دفع للثورة التحريرية وكان‮ ‬يتميز بأهمية نظرا لقربه من مقر الأمم المتحدة،‮ ‬وفي‮ ‬أفريل وماي‮ ‬من سنة‮ ‬1956،‮ ‬افتتحت مكاتب إعلامية جديدة في‮ ‬كل من جاكرتا،‮ ‬نيودلهي‮ ‬وكراتشي‮. ‬وفي‮ ‬غضون عام‮ ‬1957،‮ ‬فتحت الجبهة مكاتب إعلام جديدة في‮ ‬الدول الاشتراكية مثل؛ براغ،موسكو،‮ ‬بكين وبلغراد،‮ ‬وحتى في‮ ‬أمريكا اللاتينية مثل؛ البرازيل والأرجنتين،‮ ‬في‮ ‬حين لم تبدأ جبهة التحرير الوطني‮ ‬نشاطها الإعلامي‮ ‬في‮ ‬أوروبا،‮ ‬إلا في‮ ‬أوائل عام‮ ‬1958،‮ ‬بفتح مكاتب إعلامية في‮ ‬كل من لندن،‮ ‬استكهولم،‮ ‬روما،‮ ‬بون وجنيف‮. ‬أما في‮ ‬إفريقيا،‮ ‬فقد بدأت الجبهة نشاطها الدعائي‮ ‬فيها بعد مؤتمر أكرا عام‮ ‬1958،‮ ‬بفتح مكاتب بأكرا وكوناكري‮ ‬وباماكو،‮ ‬في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬اكتفت فيه بإرسال بعثات دعائية إلى كينيا وأوغندا‮. ‬وإذا كانت أجهزة إعلام جبهة التحرير الوطني‮ ‬قد ساهمت بشكل كبير في‮ ‬تحضير أرضية الانتقال إلى العمل الخارجي‮ ‬من خلال المرافعة عن القضية العادلة عبر المحافل الدولية،‮ ‬فإنه لا‮ ‬يجب نكران مواقف الدول العربية إزاء الثورة التحريرية،‮ ‬والذي‮ ‬وصل إلى حد تقديم الدعم‮.‬ ‭
‬ صحافة الثورة بعيون الخبراء
وفي‮ ‬هذا الصدد،‮ ‬أثنى الدكتور أحمد حمدي،‮ ‬عميد كلية الإعلام والاتصال،‮ ‬سابقا،‮ ‬على الدور الذي‮ ‬لعبه الإعلام في‮ ‬اندلاع الثورة التحريرية والترويج لها لتحقيق الاستقلال،‮ ‬واسترجاع الحرية التي‮ ‬سلبها المستعمر الفرنسي،‮ ‬الذي‮ ‬استعمل كل الوسائل لوأد الثورة في‮ ‬المهد،‮ ‬مؤكدا على أهمية الإعلام الثوري‮ ‬والدعائي‮ ‬الذي‮ ‬اعتمد إبان الثورة لتوحيد الشعب الجزائري‮ ‬تحت قيادة جبهة التحرير الوطني؛ حيث تمكن هذا الإعلام،‮ ‬رغم الوسائل المحدودة آنذاك،‮ ‬من كشف الحقيقة وتعرية المستعمر وإفشاله،‮ ‬وكسب التأييد الدولي‮ ‬لتحقيق الهدف من الثورة‮. ‬اما الدكتور محمد ختاوي،‮ ‬فتحدث في‮ ‬مقالة تحت عنوان‮ ‬إعلام الثورة الجزائرية‮.. ‬الحرب الأخرى للمقاومة‮ ‬،‮ ‬أنه عندما اندلعت الثورة التحريرية المظفرة في‮ ‬الفاتح من نوفمبر،‮ ‬لم تكن السلطات الاستعمارية تعتقد أن صداها قد‮ ‬يمتد إلى الخارج،‮ ‬وأن هذه الثورة التي‮ ‬احتضنها الشعب ستكون‮ ‬يوما نموذجا للحركات التحررية في‮ ‬العالم،‮ ‬فرغم السرية التي‮ ‬طبعت العمل العسكري‮ ‬في‮ ‬بداية الأمر،‮ ‬إلا أن الإستراتيجية الإعلامية للثوار،‮ ‬نجحت في‮ ‬إسقاط الصورة النمطية لأعتى قوة في‮ ‬العالم،‮ ‬آنذاك،‮ ‬وفضحت عنجهية المستعمر الذي‮ ‬كان‮ ‬يرافع عن مبادئ قامت عليها الثورة الفرنسية،‮ ‬المتمثلة في‮ ‬الحرية والعدالة والمساواة،‮ ‬وهو الذي‮ ‬تفنن منذ أن دخل الجزائر،‮ ‬في‮ ‬ممارسة كافة أشكال التعذيب والتنكيل على الشعب الجزائري‮.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.