شرّح، أمس، أساتذة ومختصون موضوع المهام الموكلة للنشاط المدني في المجتمع المحلي بالجزائر في ندوة وطنية إحتضنتها مكتبة “كركب قدور” ببلعربي بسيدي بلعباس، حيث ناقش نخبة من الأساتذة الجامعيين ومن مختلف التخصصات الدور المنوط بالنشاط المدني والعمل الجمعوي في المجتمعات المحلية، بعد جملة التغيرات التي طرأت على المجتمع والتي تتطلب تغيير الرؤى والذهنيات الفردية لإحداث وثبة نوعية في ذاتية الفرد من جهة، وتفعيل مدخلات التنمية المحلية من جهة أخرى. أجمع المتدخلون أن الأزمات الاجتماعية والثقافية التي مر بها المجتمع عبر مراحل طالت في مجملها البنى الفكرية والرمزية، ما أحدث قطيعة حقيقية وتوترات في البرامج التنموية جعلت من مشروع المجتمع المنتج محل ولادة مجهضة، وما زاد من التعقيدات تلك الإستنساخات المنتهجة والمطبقة على المجتمع المحلي دون خضوعها لدراسات دقيقة ممحصة، أو مقارنة تطابقها مع الماهية والوجود الابستيمولوجي والسوسيولوجي للمجتمع المحلي، وهو ما عرقل عجلة التنمية على الصعيدين الاجتماعي والثقافي، في حين تبقى مطارحات المسائل المجتمعية، المبنية أسسها على قواعد العمل الجماعي وأبجديات الحس المشترك، لا يمكن لها تجسيم العلاقات الاجتماعية، دون تمكينها من المنزع المدني، الذي يرتكز على ميكانيزمات، التحضر وتطوير الفكر المجتمعي، هذا وخلص الباحثون إلى القول بأن مبدأ العودة إلى مختبرات الراهن الجزائري بتاريخه ورؤاه المستقبلية أصبح أمرا إلزاميا، لاسيما على ضوء تشريح الجذور البنيوية للمجتمع المحلي، الذي يمثل النواة الرئيسية المحققة لمساعي النهضة بشتى أنواعها ومجالاتها. عرفت الندوة الوطنية تدخلات ثرية ألقاها عديد الأساتذة من مختلف التخصصات بداية بمداخلة الأستاذ هنوس نذير، مختص في علم الاجتماع الحضري من ولاية مستغانم، والتي حملت عنوان إعادة التفكير في المجتمع المدني، الفن والمحلي في الجزائر، ومداخلة الأستاذ عماري مصطفى مختص في علم الاجتماع الديني من ولاية سيدي بلعباس، والذي حاضر حول رهانات العمل الجمعوي في الحقل الديني بالجزائر – حالة الجمعية الدينية المسجدية، في حين تدخلت الأستاذة دناف أسماء وهي مختصة في علم الاجتماع عمل وتنظيم من ولاية تلمسان بمداخلة بعنوان تحديات البيئة المحلية للنشاط المدني في الجزائر، لتختتم الجلسة الأولى بمداخلة للأستاذ بن إبراهيم إبراهيم وهو مختص في الأدب، بمداخلة حول التأثير الثقافي الاسلامي في بناء مجتمع الأنسنة الحضارية- مقاربة مالك بن نبي أنموذجا. أما الجلسة الثانية فقد نشطها الفنان التشكيلي داز فريد رئيس جمعية البصمة للفنون التشكيلية، والذي قدم مداخلة حول ماهية النضال الجمعوي بين المفهوم والممارسة – رؤية مناضل ثقافي، تلتها مداخلة بعنوان رهانات النشاط المدني المشترك ودورها في التأسيس للمواطنة الثقافية المحلية من إلقاء الأستاذ بلعيد الحاج من جامعة تيارت، في حين قدم الأستاذ مالح سيد أحمد وهو مختص في فلسفة الوسيط الثقافي من ولاية وهران مداخلة حول الناشط الجمعوي كوسيط ثقافي في الجزائر، لتختتم الندوة بمحاضرة بعنوان الإطار القانوني للمجتمع المدني في الجزائر، رؤية نقدية من تقديم أستاذ العلوم السياسية من جامعة شلف عربي بومدين.