قبيل بدء شهر رمضان، اتّخذت الجزائر سلسلة من التدابير الوقائية لمواجهة التضخم المتزايد والذي ضرب كل دول العالم منذ جائحة كورونا، حيث يشهد هذا الشهر زيادة في الطلب على السلع الأساسية واسعة الاستهلاك ممّا يؤدي في بعض الأحيان الى ارتفاع الأسعار. تضمّنت هذه التدابير جهوداً مكثفة لمراقبة وضبط الأسواق وردع المضاربين، بالإضافة إلى توفير السلع ذات الطلب المتزايد خلال شهر رمضان، إلى جانب اتخاذ قرارات اقتصادية مهمة موجهة لتخفيف العبء عن المواطنين ودعمهم في مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة، بما في ذلك قرارات رفع الأجور الأخيرة مع بداية العام 2024 والتي مسّت أكثر من 2 مليون موظف في مختلف القطاعات وكذلك مئات الآلاف من المتقاعدين. وفي عام 2023، سجّلت الجزائر نمواً اقتصادياً بلغت نسبته 4.2 ٪، وسجل الميزان التجاري فائضاً بلغ 14.4 مليار دولار. وبلغت احتياطيات النقد الأجنبي للبلاد أكثر من 73 مليار دولار، مقارنة ب 61 مليار دولار في نهاية عام 2022، ممّا يعكس ارتفاعاً ملحوظاً وتحول معظم الإشارات الحمراء الى خضراء بالرغم من أن السياق الدولي ما زال يشهد حالة من عدم الاستقرار نتيجة الأزمة الأوكرانية والارتفاع في أسعار العديد المواد الاساسية لاسيما الغذائية منها. وتستهدف الجزائر تحقيق نمو اقتصادي 4.4 بالمئة في 2024 و4.6 بالمئة في 2025. استقرار متوازن ونسبي يشير العديد من الخبراء الاقتصاديين، إلى أنّ الوضع الاقتصادي في الجزائر سيظل مستقرًا على الأمدين القريب والمتوسط على الرغم من الظروف الحالية التي يشهدها العالم، خاصة بعد الأزمة الناجمة عن جائحة "كوفيد-19" والتوترات في أماكن مختلفة من العالم. ووصل مستوى التضخم في العديد من دول العالم إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، مثلما حدث في تركيا حيث وصل إلى 80 في المئة، بالإضافة إلى المستويات المرتفعة في كل من أوروبا وأمريكا، وتسعى الجزائر خلال شهر رمضان الحالي إلى تكثيف المراقبة وتوفير السلع عالية الاستهلاك لتجنب أي أوضاع غير مرغوب فيها متعلقة بنقص المعروض، واللجوء الى الاستيراد إن اقتضت الضرورة لضمان استقرار السوق خاصة في شعبة اللحوم الحمراء، والتي يزيد الإقبال عليها في شهر رمضان بشكل كبير. ترشيد الاستهلاك أمر ضروري بالنسبة لتوافر السلع الأساسية التي يرتفع الطلب عليها خلال شهر رمضان، يرى الخبير الاقتصادي مصطفى بوحاتم في تصريح ل "الشعب"، أنّه من المتوقع أن تظل هذه السلع متاحة كالمعتاد خاصة وأنّ 80٪ من الاستهلاك الغذائي للجزائريين انتاج محلي، ولكن قد تشهد الأسعار ارتفاعاً بسيطا بسبب الطلب المتزايد خلال هذا الشهر، وهو أمر عادي يحدث في كل الأسواق. ويؤكّد بوحاتم أيضاً على أهمية ترشيد الاستهلاك من قِبل المواطنين، حيث يمكن أن يكون الطلب المفرط وغير الضروري سبباً في زيادة الأسعار. لذلك، يجب على الجميع السعي للتوازن في استهلاكهم وتقليل الهدر، حيث يساهم ذلك في الحفاظ على استقرار الأسعار وتوفير السلع للجميع بأسعار معقولة. آفاق واعدة للاقتصاد الوطني في الأمد القريب توقّع البنك الإفريقي للتنمية في آخر تقرير له نمو اقتصاد الجزائر بنسبة 4.2 في المئة خلال العام الحالي، وهو توقّع يتماشى مع توقعات سابقة لصندوق النقد الدولي. وقد أكّدت هذه التوقعات أن آفاق الاقتصاد الجزائري في القصير الأجل "إيجابية بشكل عام"، ويتميز بنمو قوي وتضخم أكثر اعتدالا خلال عام 2024. ويُشير التّوقع العام إلى أنّ رمضان 2024 سيمر في ظروف جيدة من عدة نواحي لاسيما وأن جميع المؤشرات الاقتصادية في الجزائر تفاؤلية، لاسيما مع التحسن الطفيف في الأجور وتراجع معدلات التضخم، والمراقبة الصارمة للسلع الاساسية لتفادي المضاربة.