وزارة الداخلية تنجز دراسة ميدانية حول ترقية الديمقراطية التشاركية على المستوى المحلي    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 64718 شهيد و 163859 مصاب    تنظيم الطبعة ال27 من الأسبوع الوطني للقرآن الكريم ببومرداس ابتداء من الاثنين المقبل    اختتام معرض التجارة البينية الإفريقية: إشادة بالنجاح الباهر وترسيخ دور الجزائر في تحقيق النهضة الاقتصادية القارية    سوناطراك: حشيشي يبحث بميلانو تعزيز الشراكات مع كبريات شركات الطاقة العالمية    باتنة: افتتاح المهرجان الثقافي الدولي للسينما إمدغاسن في طبعته الخامسة    رسالة أبو تريكة إلى أمّة محمّد    هالاند يسجّل خماسية    شيري الجزائر تراهن على التصدير    هذا جديد جامعة ورقلة    بللو يزور أوقروت    ثعالبي يلتقي ماتسوزو    فرنسا: اعتقال نحو 500 شخص في احتجاجات "لنغلق كل شيء"    وفد برلماني يشارك في ذكرى تأسيس كوريا الشعبية الديمقراطية    الأمين العام الجديد للمحكمة الدستورية يؤدي اليمين القانونية    الجزائر تدعو إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الأممي    جريمة الاحتلال الصهيوني في الدوحة تؤكد أنه عصابات إرهابية    ندوة دولية بجنيف تفضح الانتهاكات المغربية    تعاون جزائري-صيني في البحوث الزراعية    "الحلاقة الشعبية".. خبيرة نفسانية بدون شهادة    استلام دار الصناعة التقليدية بقسنطينة قريبا    حملة لتنظيف المؤسّسات التربوية السبت المقبل    "صنع في الجزائر" يبهر الأفارقة جودة وسعرا    ممتنّون للرئيس تبون.. طبعة الجزائر فاقت التوقّعات    معرض التجارة البينية الإفريقية 2025: الجزائر تفتك حصة الأسد من الصفقات الموقعة    القضاء على إرهابيين اثنين وآخر يسلّم نفسه بأدرار    عزوز عقيل يواصل إشعال الشموع    تكريم مرتقب للفنّانة الرّاحلة حسنة البشارية    معرض التجارة البينية الافريقية: تتويج جناح زامبيا بلقب أفضل جناح خلال التظاهرة    الصين ترغب في تعزيز التعاون مع الجزائر في مجال تسيير الكوارث الطبيعية والمخاطر الكبرى    "أغانٍ خالدة" لشويتن ضمن الأنطولوجيا الإفريقية    كرة اليد (البطولة الأفريقية لأقل من 17 سنة إناث) : الكشف عن البرنامج الكامل للمباريات    تعاون جزائري نيجيري    وفد حماس في قطر ينجو من الاستهداف الصهيوني    الخبير ميريفيروي يؤكّد ضرورة توحيد البيانات    رئاسة الجزائر لمجلس السلم و الأمن الإفريقي: التزام ثابت و مقاربات فعالة لخدمة قضايا القارة    تهديدات بالقتل بسبب الكسكس!    شرطة العفرون تطيح ب3 متورطين    عرض شرفي لمسرحية جديدة حول غزّة    بوغالي يدعو من القاهرة إلى جعل الاتحاد البرلماني العربي منصة لتعزيز التكامل بين الدول الأعضاء    سجود الشُكْر في السيرة النبوية الشريفة    فتاوى : زكاة المال المحجوز لدى البنك    عثمان بن عفان .. ذو النورين    ولاية الجزائر: تنظيم حملة تنظيف تخص المؤسسات التربوية السبت المقبل    تواصل سقوط أمطار رعدية على عدد من ولايات شرق الوطن    إعادة هيكلة مواد ومواقيت ابتداء من هذا الموسم    شراكة جزائرية- نيجيرية في مجال الأدوية ب100 مليون دولار    جمباز: الجزائرية كيليا نمور تشارك في ثلاث محطات كبرى في نهاية 2025    درّاج جزائري يتألق في تونس    التأهّل إلى المونديال يتأجّل    التأهل إلى المونديال يتأجل وبيتكوفيتش يثير الحيرة    قطاع الصيدلة سيشهد توقيع عقود بقيمة 400 مليون دولار    عقود ب400 مليون دولار في الصناعات الصيدلانية    "الخضر" على بعد خطوة من مونديال 2026    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    شراكة بين "صيدال" وشركة "أب في" الأمريكية    الإعلان عن قائمة الوكالات المؤهلة    الإسلام منح المرأة حقوقا وكرامة لم يمنحها أي قانونعبر التاريخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استقدام رجال دين مسحيين عرب لتأطير كنائس المغرب العربي
كاثوليك المغرب العربي يجتمعون اليوم بالجزائر لمراجعة دورها ووجودها

يجتمع في الجزائر، بداية من اليوم، أساقفة الكنائس الكاثوليكية في دول المغرب العربي، في لقاء يدوم 5 أيام، لا يخفي منظموه طابعه الخاص، إذ تكرس أشغاله بالأساس لمراجعة جوهرية لدور وعمل أقدم وأكبر الكنائس المسيحية في المنطقة، بعد أكثر من قرن ونصف على وجودها، في ظل الظروف القانونية والسياسية والاجتماعية الجديدة التي أصبحت تحيط بها، حيث عرفت مؤخرا علاقتها بالحكومات المغاربية وبالمؤسسات الدينية الإسلامية فيها، وأيضا بكنائس ومجموعات مسيحية أخرى، محطات توتر عديدة.
* * ويأخذ الاجتماع القادم اسم ندوة أساقفة شمال أفريقيا، التي تنعقد دوريا في إحدى الدول المغاربية، وتم ترحيل مكان آخر اجتماع انعقد شهر أفريل الماضي، إلى العاصمة المغربية الرباط، بعدما كان مقررا في الجزائر، "بسبب عراقيل الحصول على تأشيرات الدخول إلى الجزائر"، لمسؤولي ‬الديانة ‬الكاثوليكية ‬المدعوين ‬إلى ‬حضور ‬الاجتماع، ‬على ‬حد ‬قول ‬مسؤولي ‬أسقفية ‬الجزائر، ‬في ‬إعلان ‬نشروه ‬على ‬موقعهم ‬على ‬الأنترنت،‮ ‬قبل ‬أن ‬يحذفوه ‬من ‬الموقع ‬لاحقا ‬ويسحبوا ‬اتهاماتهم ‬تلك. ‬
* وتضمن التقرير الختامي الذي توج أشغال اجتماع الرباط السابق، الكثير من الإشارات والملاحظات التي تعكس حالة قلق في أوساط الأساقفة الكاثوليك، عبروا عنها بقولهم إن "الوقت قد حان لإعداد وثيقة تشكل مرجعا أساسيا حول معنى وجود ودور الكنيسة الكاثوليكية في كل دولة (من دول المغرب العربي) بالاعتماد على العمل الذي هو في طريق الإنجاز في عديد الدول، الأمر الذي سيخصص له جزء مهم من اجتماع الجزائر"، لكن التحديات التي تواجهها الكنيسة الكاثوليكية، تتجاوز مشاكلها القانونية، فالكاثوليكية التي كانت إلى نهاية الثمانينيات تهيمن على أكثر من ثلاثة أرباع الكنائس ودور العبادة والمؤسسات الاجتماعية المسيحية في منطقة المغرب العربي، نجد حجمها وتأثيرها اليوم يتراجع كثيرا لصالح مجموعات مسيحية أخرى لا تؤمن بها أصلا، وكلها نقاط يضمها جدول أعمال الأساقفة في اجتماع الجزائر ما بين 29 جانفي و3 فيفري المقبلين.‬
* * تحضير ‬التحول ‬من ‬كنيسة ‬‮"‬عالمية‮"‬ ‬إلى ‬‮"‬محلية‮"‬
* * أولى النقاط المطروحة في "مراجعة دور ووجود الكنيسة الكاثوليكية" في المغرب العربي هو تهيئة شروط تحولها إلى "محلية"، لتتخلى عن وضعها "العالمي" الذي فرضته ظروف الاستقلال وانحسار نشاطها الديني بسبب هجرة المعمرين. وتجسدت الصفة "العالمية" للكنيسة الكاثوليكية حينها بتحولها إلى ما يشبه هيئة إنسانية تقود وتنسق نشاط العشرات من المؤسسات التعليمية والاجتماعية التي ورثتها عن الحقبة الاستعمارية، موجهة خدماتها بالأساس إلى المسلمين، حيث لم يعد يقصدها للعبادة، في الغالب، سوى مقيمين مؤقتين يتغيرون باستمرار، من بعض الفنيين والعمال ‬الأجانب ‬والدبلوماسيين ‬والسياح ‬والطلبة ‬الأفارقة. ‬
* غير أن هذه المعطيات تغيرت خلال العقدين الماضيين، ورأت الكنيسة الكاثوليكية نفسها في طريق التحول إلى كنيسة "محلية"، لعدة أسباب وأهداف، منها التحول النسبي في التركيبة البشرية الجديدة لأتباعها، التي اصطبغت في جزء منها بلون ولغة وثقافة أهل البلد.
* وتشكل التحولات الداخلية الكبيرة والمتسارعة التي تعرفها المجموعات المسيحية الأخرى في دول المغرب العربي، على صغرها وانغلاقها، مصدر قلق وتفكير أكبر للكنيسة الكاثوليكية، زاد في حدته توتر العلاقة مع السلطات والمؤسسة الدينية الإسلامية بسبب النشاط التبشيري الذي يتبرأ منه الكاثوليك وينسبونه صراحة إلى من يصفونهم "مجموعات وكنائس غير معترف بها قانونا، وأشخاصا مجهولين ممولين من الخارج وتحركهم أهداف سياسية". وأصبحت الكنيسة الكاثوليكية تحس بحرج كبير من اتهامات التنصير، وفي الصحافة الجزائرية غالبا ما تنشر صور رموزها، مثل كنيسة ‬‮"‬السيدة ‬الإفريقية‮"‬ ‬أو ‬صورة‮ ‬أسقف ‬كنيسة ‬الجزائر ‬إلى ‬جانب ‬المقالات ‬التي ‬تتحدث ‬عن ‬عمليات ‬التنصير.‬
* كما أن التشريعات الجديدة التي صدرت في الجزائر وتونس والمغرب، فتحت باب التجنيس وسهلت الحصول على رخصة إقامة طويلة أو دائمة، أمام فئات عديدة من الأجانب لم يكن لها الحق في ذلك من قبل. وفي الجزائر مكنت مثل هذه الظروف من تأسيس كنيستين مسيحيتين جديديتن، تضم الأولى نحو1500 ماروني لبناني، والثانية أكثر من500 مصري قبطي. وفتحت عدة سفارات منها اليونانية والبريطانية كنائس صغيرة بداخلها تستقطب مرة في الأسبوع أتباع بعض المذاهب المسيحية التي لا تملك كنيسة معترف بها قانونا في الجزائر، كالأرثوذكسية والإنجيلية. ويضاف كل ذلك إلى ‬الكنيسة ‬البروتستانتية، ‬التي ‬اكتسبت ‬شرعيتها ‬القانونية ‬في ‬الجزائر ‬منذ‮ ‬سنة ‬1972‮ ‬.‬
* * ظهير ‬الحسن ‬الثاني، ‬اتفاقية ‬بورقيبة ‬وقرار ‬بومدين
* * وتختلف الأطر القانونية الذي تنظم نشاط الكنائس الكاثوليكية في دول المغرب العربي، فبينما يخضع نشاطها ووجودها في تونس إلى اتفاقية دولية خاصة مع دولة الفاتيكان، تم توقيعها سنة 1964، تتمتع الكنيسة الكاثوليكية في المملكة المغربية بقانون خاص (ظهير ملكي) أصدره الملك الراحل الحسن الثاني سنة 1983، في حين يلزم القانون الجزائري مسيري شؤون الديانة والكنائس الكاثوليكية، كما هو الأمر في فرنسا، بأن يتأسسوا وينتظموا في شكل جمعية قانونية مرخص لها من طرف وزارة الداخلية، وهو النظام الذي أصبحت الكنيسة الكاثوليكية ملتزمة به منذ سنة 1972، وجاء ذلك في أعقاب صدور قرارات تأميم العشرات من المؤسسات التعليمية التي كانت تسيرها الكنيسة، في إطار توحيد التعليم ومناهج التربية الوطنية. والواقع أن وزارة الداخلية تتغاضى عن تطبيق كثير من المواد الواردة في قانون الجمعيات على الكنيسة، ومنها إلزامها ‬بتجديد ‬مكتب ‬تسييرها ‬دوريا ‬بالانتخاب، ‬وتقديم ‬حصيلة ‬سنوية ‬عن ‬إيراداتها ‬ونفقاتها ‬المالية.‬
* ويبقى القانون الجزائري لممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين، الصادر مطلع 2006، هو الأول من نوعه في المنطقة، ويعكس النص تخوفا جديا للحكومة من أن النشاط التبشيري ليس سوى غطاء لنشاطات مشبوهة أخرى، تحركها أطراف خارجية، ولذلك حصر ممارسة الشعائر الدينية في أماكن ‬العبادة‮ ‬فقط، ‬التي ‬يجب ‬أن ‬تكون ‬مفتوحة ‬للجمهور ‬ويمكن ‬معرفتها ‬من ‬الخارج، ‬و ‬ملزمة ‬باستصدار ‬ترخيص ‬لجمع ‬أو ‬استقبال ‬تبرعات ‬مالية ‬وهبات. ‬
* وأقر القانون عقوبات بالسجن والغرامة ضد من يثبت تورطه في ممارسة نشاط تبشيري. وبعد خمس سنوات عن صدور القانون، لم يحدث أن وقع حبس رجل دين مسيحي أو تغريمه، بتهمة ممارسة نشاط تنصيري، لكن السلطات أصدرت في الجزائر كما في المغرب، عدة قرارات بسحب رخصة الإقامة وترحيل ‬عدة ‬رجال ‬دين. ‬
* وحددت الوثائق المعروضة للمناقشة في اجتماع الجزائر القادم ثلاثة مبادئ اتفق عليها أساقفة الكنائس الكاثوليكية في دول المغرب العربي في التعامل مع هذه النقطة، وهي كما جاءت في نصها "العمل ضمن إطار القوانين التي تنظم حرية العبادة في كل دولة، والعمل بالتنسيق مع الكنائس ‬المسيحية ‬الأخرى ‬‮(‬غير ‬الكاثوليكية‮)‬ ‬المعترف ‬بها ‬في ‬تلك ‬الدول، ‬وأداء ‬المهام ‬الدينية ‬والإنسانية ‬مع ‬المسلمين ‬بعيدا ‬عن ‬فكرة ‬التبشير‮"‬. ‬
* * أساقفة ‬بملامح ‬مستشرقين
* ‬
* ويستكمل الأساقفة في اجتماع الجزائر القادم، بحث نقطة أخرى كانت موضوع نقاش وجدل كبيرين في اجتماع الرباط السابق، هي ما سموه "الطريقة التي تمكنهم من تسهيل استقدام رجال دين مسيحيين من الشرق الأوسط للمشاركة في تنشيط الحياة الدينية للمسيحيين" والمقصود هم رجال دين مسيحيون عرب، حيث زادت في الفترة الأخيرة اتهامات مسؤولي الكنيسة لحكومات دول المنطقة بأنها لا تستجيب، كما يرضيهم، لطلبات سابقة أودعوها لجلب قساوسة ورهبان من لبنان والأردن وفلسطين وسوريا ومصر، وجاءت انتقادات أسقف الجزائر لموقف السلطات الجزائرية من هذه المسألة هي الأكثر وضوحا، ويحظى هذا المطلب باهتمام كبير لدى كاثوليك المغرب العربي، لأنه الحجر الأساسي في مشروع تحويل كنيستهم من "عالمية" إلى "محلية"، حتى يحمل رجال الدين الجدد نفس ثقافة ولغة ولون أهل البلد. وقد بدأ هذا المسار منذ سنوات قليلة مع تعيين أسقفين عربيين ‬على ‬رأس ‬الكنيستين ‬الكاثوليكية ‬في ‬كل ‬تونس ‬والجزائر، ‬الفلسطيني ‬مارون ‬لحام ‬والأردني ‬بدر ‬غالب ‬على ‬التوالي.‬
* وإلى غاية اليوم تتشكل الغالبية الساحقة بين رجال الدين الكاثوليك في دول المغرب العربي من جنسيات أوروبية، وهو تقليد استمر عدة عقود، لكن قراءة في شخصية وتكوين هؤلاء تظهر أنهم، نفسيا وثقافيا، قد يكونون أكثر تأهيلا واستعدادا من رفاقهم القادمين من المشرق العربي، ‬للتواصل ‬مع ‬مواطني ‬وحكومات ‬المغرب، ‬وفهم ‬طريقة ‬تفكيرهم. ‬
* وفي الحالة الجزائرية، ما عدا الوافد الجديد بدر غالب، تمتع كل الأساقفة الكاثوليك الذين أداروا منذ الاستقلال والذين لا زالوا يديرون الكنائس الجهوية الأربعة المعتمدة في البلاد، بثلاث ميزات مشتركة، الأولى أن جميعهم استفاد من دراسات عليا ومعمقة في الأدب العربي والحضارة الإسلامية، و تعلموا ودرسوا الثقافة واللهجة الجزائرية التي ينقطونها بطلاقة. ما يجعلهم أقرب، أكاديميا، إلى كونهم مستشرقين، في أدوات التفكير والتحليل. الميزة الثانية أنهم قضوا فترة طويلة جدا في الخدمة والتسيير ضمن مختلف المراكز والهيئات الكاثوليكية في الجزائر. الميزة الثالثة أن نسبة كبيرة منهم تولت بعد الاستقلال، مناصب ومهام ذات طابع تقني وفني في الإدارة الجزائرية ومؤسسات الدولة، عندما كانت الدولة في حاجة إلى كفاءاتهم المهنية والعلمية. هذا كله يجعلهم مطلعين بشكل دقيق على خصوصيات وطريقة تفكير الجزائريين ‬والمحيط ‬السياسي ‬والاقتصادي ‬والاجتماعي ‬السائد ‬في ‬البلاد، ‬ونفس ‬الأمر ‬ينطبق ‬على ‬أغلب ‬الأساقفة ‬الأوروبيين ‬في ‬بقية ‬دول ‬المغرب. ‬
* * ما ‬وراء ‬تعريب ‬أساقفة ‬وقساوسة ‬دول ‬المغرب؟
* * ولذلك يبدو أن أهدافا مرحلية وبعيدة أخرى هي التي تقف وراء فكرة تعويض الأوروبيين برجال دين عرب، ترتبط بالتحضيرات الجارية لتحويل الكنيسة الكاثوليكية المغاربية إلى كنيسة "وطنية محلية"، وأولها تغيير الفكرة السائدة عنها لدى الشعوب والنخب في المنطقة أنها كنيسة أجنبية لأن مسؤوليها أوروبيون، حتى لو حملوا جنسية البلد بالاكتساب، وثانيا الرغبة في تجاوز عقدة تاريخية أخرى ربطت دوما ما بين الكنيسة الكاثوليكية ومخططات الاستعمار الغربي، إذ لعب مؤسسوها الأوروبيون دورا استعلاميا واستكشافيا هاما لصالح الاستعمار في مرحلته الأولى، كما تبدو الكنيسة الكاثوليكية و كأنها تبحث في هذه المرحلة عن ناطق رسمي باسمها، بلسان وجنسية وثقافة عربية، في شخص رئيس الأساقفة، حتى يكون أكثر تحررا في تبني مواقف وتصريحات علنية تنتقد الحكومات والقوانين المحلية، ويمهد ذلك في مرحلة قادمة لتعيين أساقفة مغاربة ‬يحملون ‬الجنسية ‬الأصلية ‬للبلد ‬الذي ‬يديرون ‬كنيسته.‬
* وتتوقع الكنيسة الكاثوليكية أن تتأثر علاقتها كثيرا في المستقبل مع حكومات وشعوب دول المغرب، نتيجة لأسباب سياسية وأمنية واقتصادية زادت من موجات العداء المتنامية ضد الإسلام في أوروبا، حيث مَهْد ومعقل الكاثوليكية، مع وصول أحزاب وتيارات فكرية متطرفة إلى الحكم، وسط تأييد شعبي متزايد هناك لمنع حمل وإظهار بعض الرموز الإسلامية في الهيئة والملبس والمساجد، الأمر الذي سيجد رد فعل متطرف آخر في دول المغرب، قد يأخذ شكلا شعبيا ورسميا، كما يحدث حاليا في عدة دول عربية في الشرق، وهنا تريد الكنيسة الكاثوليكية استباق الأحداث، بالانتقال ‬من ‬وضع ‬الأجنبي ‬إلى ‬المحلي.‬
* عامل موضوعي آخر يقف وراء التفكير في تعويض رجال الدين الحاليين بآخرين عرب، تمهيدا لتعيين بدلاء مغاربة لهم، هو المصاعب الكبيرة التي تجدها الكنائس الكاثوليكية في تجديد سلك رجال الدين بدم أوروبي، فالأرقام الرسمية التي ينشرها الفاتيكان تتحدث عن تراجع كبير في عدد ‬القساوسة ‬من ‬أصل ‬أوروبي ‬بنسبة ‬سنوية ‬تصل ‬إلى ‬6 ‬بالمائة، ‬في ‬حين ‬زاد ‬عددهم ‬في ‬أفريقيا ‬وآسيا ‬بنسبة ‬25 ‬بالمائة، ‬وفي ‬الجزائر ‬يتراوح ‬سن ‬رجال ‬الدين ‬الأوروبيين ‬في ‬الغالب ‬ما ‬بين ‬65 ‬و80 ‬سنة. ‬
* وهناك هدف لاستقدام رجال دين عرب، يمكن وصفه بالدفاعي، يتعلق بالتحولات الداخلية التي تعرفها المجموعات الدينية المسيحية في دول المغرب العربي، هو مجيء العنصر العربي الشرقي، وتتحدث بعض الأرقام في الجزائر وحدها عن ألفي (2000) مسيحي عربي فقط ما بين اللبنانيين المارونيين ‬والأقباط ‬المصريين، ‬جاءوا ‬في ‬السنوات ‬الأخيرة، ‬والكاثوليكية ‬تريد ‬الاستثمار ‬في ‬هؤلاء ‬حتى ‬لا ‬تفقد ‬أكثر ‬دورها ‬التقليدي ‬كحاضن ‬للحياة ‬الدينية ‬المسيحية ‬في ‬المنطقة، ‬لصالح ‬كنائس ‬أخرى.‬
* * من ‬أين ‬يمول ‬كاثوليك ‬المغرب ‬نشاطاتهم؟
* * يناقش الأساقفة في اجتماع نهاية الشهر نقاطا تتعلق بالتسيير الإداري اليومي للكنيسة ومؤسساتها، ويقول مسؤولو الكنيسة الكاثوليكية في المغرب العربي أنهم يواجهون مصاعب كبيرة في تغطية مصاريفهم ونفقاتهم الأساسية، في الوقت الذي يستفيد خصومهم الإنجيليون والبروتستانت من ‬دعم ‬مالي ‬كبير ‬من ‬الخارج.‬
* من حيث المبدأ لا يلتزم الفاتيكان بمنح أي دعم مالي للكنائس الكاثوليكية، التي تعتمد أساسا على المساعدات والتبرعات التي تأتيها من هيئات وأشخاص ومن أتباعها، وفي حالة كنائس المغرب العربي، والجزائر تحديدا، فهي ترتبط تاريخيا بالكنيسة الفرنسية، التي لعبت دائما دورا هاما في دعمها، كما تتلقى بعض المساعدات المالية من مجمع الكنائس العالمي، إضافة إلى ما تحصل عليه من الاشتراكات والرسوم التي يدفعها لها المنخرطون في المراكز التعليمية والثقافية والخدماتية الأخرى، كما تستفيد من حقوق تأجير بعض العقارات "تبقى جد متواضعة" حسب بدر ‬غالب.‬
* ويذكر مثالا على ذلك، أن محطة البنزين التي توجد في أعالي شارع ديدوش مراد بقلب العاصمة، بنتها السلطات على أرض ملك للكنيسة الكاثوليكية، "تقبض الكنيسة أقل من 30 ألف دينار شهريا مقابل تأجيرها لمدة 99 سنة"، وتبقى نفقات سفريات وتنقلات الأساقفة ومرافقيهم إلى الخارج للمشاركة في ملتقيات واجتماعات عديدة لا تكاد تنقطع طوال العام، فهي في الغالب تتم على حساب المنظمين. وعندما يقارن بدر غالب الكنيسة الكاثوليكية في الجزائر، ودول المغرب العربي، بمثيلاتها العربية في الشرق "فالوضع المالي للشرقية أحسن بكثير ، على اعتبار وجود رجال أعمال و هيئات أخرى عديدة، محسوبة على الطائفة المسيحية الكبيرة العدد، تتبرع بسخاء لصالح الكنيسة"، وكل كنيسة من الكنائس الكاثوليكية الأربع الموجودة في الجزائر، تعمل بشكل مستقل تماما إداريا وماليا، وعلى كل واحدة منها أن تتدبر مصادر تمويلها وتسييرها بنفسها. ‬وفي ‬الجزائر ‬يحصل ‬رجال ‬الدين ‬على ‬شبه ‬رواتب ‬شهرية ‬لتغطية ‬التكاليف ‬المعيشية، ‬يصفها ‬بدر ‬غالب ‬‮"‬بالمتواضعة‮"‬. ‬
Boukhamkham_‬a@yahoo.‬com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.