يؤكد الناشط السياسي، صالح حجاب، أن الجزائر تمر بفترة غير دستورية بفعل الخروقات المرتكبة على الدستور من طرف السلطة وعليه فإن الحل للأزمة السياسية التي تمر بها البلاد سيكون غير دستوري عبر تحقيق توافق بين مختلف الأطراف. وتحدث الحقوقي، صالح حجاب، المقيم بفرنسا، في هذا الحوار الذي أجراه معه موقع “الشروق أون لاين” عن دور المؤسسة العسكرية وكذا عودة اللواء المتقاعد محمد مدين إلى المشهد السياسي ومصير الحكومة الحالية التي تواجه رفضا شعبيا كبيرا. في ظل تباين رؤى القوى السياسية في البلاد حول ملامح المرحلة الانتقالية، بين من يرى أنه لا مجال للخروج عن الإطار الدستوري وأطراف أخرى تدعو للجوء إلى الحلول السياسية وتعطيل العمل بالدستور. كيف ترون الحل الأنسب لتحقيق مطالب الشعب؟ شخصياً، لا أرى تباين في الرؤى لتجسيد التغيير. هناك الجماعة الحاكمة، التي تريد الإستمرارية بتحريف المرحلة الانتقالية، المتحكمة في مؤسسات صورية للسلطة تم تعيينها بانتخابات مزورة، والتي داست عن الدستور آلاف المرات تتحجج بتشبثها بالمخرج السياسي لأنه يسمح لها بالبقاء في الحكم. لماذا لم ترفض قرار إلغاء الإنتخابات غير الدستوري ؟ هناك الشعب والمناضلين والأحزاب يعلمون أن الدستور الإقصائي المُخاط على مقاس بوتفليقة ومؤسسات السلطة لا يفون بالغرض. وعليه، نحن في حالة غير دستورية تستوجب حل غير دستوري أي حل توافقي دون أن ننسى بعض المحسوبين عن المعارضة، خاصة الذين بلغوا من الكبر عتيا ويريدون حَجَّة سياسية قبل الوفاة، يثمنون حل السُلطة المراوغة كي يلعبوا دور الواجهة القادمة للسلطة. كيف تقيمون الدور الذي لعبته المؤسسة العسكرية منذ انطلاق الحراك الشعبي في 22 فبراير الماضي، وما هو الدور المنوط بها مستقبلا؟ قيادة المؤسسة العسكرية، المحسوبة على الجماعة الحاكمة، تناور كي توهم السُذج أنها أنقذت البلاد من “العصابة” دون إعطائنا أسماء أعضائها، دون توقيفهم لمحاسبتهم ما عدا علي حداد الذي يلعب دور “بومعراف” 2019. هي في الحكم منذ الاستقلال وفق اتفاقيات إيفيان تريد القيام بتغيير مؤقت لرأس النظام فقط في انتظار تعيين من يضمن الخلافة بفضل الانتخابات المزورة التي ستشرف عنها حكومة بدوي. المادة 102، يُطبقها المجلس الدستوري ولا دخل لقيادة الجيش. وكان الأجدر تطبيقها سنة 2013 ورفض ترشح بوتفليقة سنة 2014 أو رفض استلام ملفه الذي سلمه بطريقة غير قانونية رئيس الحملة، زعلان وقبله بلعيز رئيس المجلس الدستوري الصوري. وحتى تطبيق هاته المادة المتأخر، كان من المفروض إعلان شغور المنصب وليس استقالة الرئيس. أما الحديث عن المادتين 8 و9، اللتان تُعتبران روح الدستور، مع ترك المؤسسات غير دستورية وتفعيل مواد الدستور البوتفليقي، فهو قمة العبث والاستخفاف بالشعب. أما قاعدة المؤسسة العسكرية، من أبناء الشعب، ننتظر منهم حماية الشعب إذا ما فقدت الجماعة الحاكمة أعصابها وطلبت من الشرطة/الدرك ردع المتظاهرين. هل تعتقدون أن الحكومة الحالية قادرة على تسيير القطاعات في المرحلة المقبلة في ظل الرفض الشعبي لها، وهل ترون ضرورة لإقالتها؟ لا وألف لا. الحكومة الحالية عينها شقيق الرئيس، سارق الأختام، غير شرعية لن تستطيع تقديم أبسط شيء وهي مرفوضة جملةً وتفصيلاً. إضافة أن قيادتها، بدوي، من الحكومة السابقة ولا يوجد فيها حتى وجه من المعارضة، الهدف من تعيينها قبل إعلان استقالة الرئيس هو إسناد أمر تنظيم المهرجان الانتخابي القادم لحكومة تضمن تزوير الانتخابات وتعيين أحد وجوه السلطة: لعمامرة، تبون، القايد صالح، إلخ. نعم، يجب إقالتها. كيف ترون عودة مدير المخابرات السابق اللواء المتقاعد محمد مدين إلى الواجهة السياسية وهل تعتقد أنه لا يزال يملك تأثيرا في مراكز صناعة القرار في الجزائر؟ رجوع قائد المخابرات السابق، اللواء المتقاعد محمد مدين، ولعبه دور “الفكتور” (ساعي البريد) لصالح سارق الأختام، السعيد بوتفليقة، يؤكد لنا أن المخابرات ابتعدت شكلياً بإتفاق مع السلطة ولم يتم إزاحتها كما أوهمنا السيد الرئيس عندما كان سليط اللسان. ومنه المخابرات، قيادة الجيش، السياسيين الفاسدين التابعين لبوتفليقة وأرباب المال العام المنهوب لا يزالون يشكلون معاً السلطة الحاكمة الفعلية للبلاد. ما تعليقكم حول أسماء الشخصيات المطروحة حاليا للعب دور في المرحلة الانتقالية وأقصد بها الرئيس السابق اليمين زروال والناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي؟ التسيير العبثي للوطن خلق مُشكل ثقة بين الشعب والسلطة وخلق أيضاً انشقاقات جهوية وأيديولوجية بين أبناء الوطن الواحد. وعليه، لن يستطيع تمثيل الحراك شخص واحد وخاصة زروال لأنه قبل الاستقالة المُهينة سنة 1999 وأشرف على انتخابات مُزورة لتعيين بوتفليقة بل ورفض استقبال المترشحين الستة الذين انسحبوا آنذاك. وعليه، يجب ان نقترح هيئة رئاسية، تلعب مؤقتاً دور مؤسسة الرئاسة والبرلمان والمجلس الدستوري، متكونة من عدة شخصيات أمثال: مولود حمروش، أحمد بن بيتور، لخضر بورقعة، جميلة بوحيرد، اليمين زروال، مصطفى بوشاشي، الخ. ونستطيع إضافة هيئة عُقلاء، تلعب دور رئاسة شرفية فقط، تبارك خيار أعضاء الهيئة الرآسية، تتكون من: أحمد طالب الإبراهيمي، علي يحيى عبد النور، رشيد يلس، ملوك بن يوسف، حسين مالطي، الخ. وتعين المؤسسة الرئاسية حكومة كفاءات تسيِّر أمور البلاد وتعمل معها على وضع ميكانيزمات اختيار أعضاء المجلس التأسيسي الذي سيكتب دستور الجمهورية الأولى. بعد التصويت عليه بالقُبول يُحل المجلس التأسيسي وتنظم انتخابات رئاسية. بعد ترسيم الرئيس، تحل الهيئة الرئاسية وهيئة العقلاء. ثم تُنظم انتخابات تشريعية تنبثق عنها حكومة من بين النواب وتُحل حكومة الكفاءات. وبعدها انتخابات محلية….. وتدخل الجزائر في عالم الديمقراطيات الحقيقية.