الفريق أول السعيد شنقريحة يؤكد: يجب التيقظ والاحتراس و تنفيذ المهام بدقة وصرامة    ممثلا لرئيس الجمهورية: العرباوي يشارك في قمة المؤسسة الدولية للتنمية بكينيا    وزارة التربية تضبط ترتيبات العملية: تعليمات بتسجيل التلاميذ الجدد في المدارس القريبة من الإقامة    بعد الإعلان عن خفْض الفوائد البنكية على قروض الاستثمار: قرارات الحكومة تريح المستثمرين    سونلغاز تفتح أزيد من 550 منصب شغل بولايات الجنوب    لموقفها الداعم لحق الفلسطينيين قولا وفعلا: هنية يعبر عن إجلاله وإكباره للجزائر    حراك الجامعات الأميركية يمتد إلى كندا وأوروبا وآسيا    بعد مسيرة تحكيمية دامت 20 سنة: بوكواسة يودع الملاعب بطريقة خاصة    3 تذاكر ضاعت في نهاية الأسبوع: الثنائي معمري يرفع عدد المتأهلين إلى دورة الأولمبياد    تهيئة عدة شوارع للقضاء على مظاهر الترييف: 110 ملايير لربط 1300 سكن بالكهرباء في الطارف    لحماية سكيكدة من الفيضانات: وزير الري يوافق على تسجيل مشروع سد بوشطاطة    وزيرة التضامن كوثر كريكو: الجزائر وفرت الآليات الكفيلة بحماية المسنين    مختصون يشرحون آليات التدخل ويقترحون حلولا    عون أشرف على العملية من مصنع "نوفونورديسك" ببوفاريك: الجزائر تشرع في تصدير الأنسولين إلى السعودية    اتحاد العاصمة لم يلعب مقابلة أمس    لأول مرة في الجزائر: «اتصالات الجزائر» ترفع سرعة تدفق الانترنت إلى 1 جيغا    اتفاق على استمرار وتوسيع التشاور مع باقي الفصائل الفلسطينية    مساهمة جزائرية كبيرة في البنك الإسلامي للتنمية    الجزائر-قطر..علاقات متميّزة وتوافق حول أمّهات القضايا    دور الجزائر سمح بتحقيق نجاحات دبلوماسية كبيرة لصالح فلسطين    يعيشون وضعية صعبة مع فرقهم: قبل توقف جوان.. 3 لاعبين يثيرون المخاوف في صفوف "الخضر"    مخلفة خسائر في الأرواح والمعدات في صفوف قوات الاحتلال: الجيش الشعبي الصحراوي يستهدف قواعد عسكرية مغربية    مواجهة كل من يسيء للمرجعية الدينية ولثورة نوفمبر    تحدّ آخر يرفعه الرئيس تبون.. وإنجاز تاريخي    القضاء على إرهابي بالناحية العسكرية الأولى بالشلف    بطولة إفريقيا لكرة الطائرة/ سيدات: فوز مشعل بجاية مام آسيك ميموزا الإيفواري    قسنطينة: دخول "قريبا" فندق سيرتا العمومي حيز الخدمة بعد إعادة تهيئته    تعزيز القدرات والمهارات لفائدة منظومة الحج والعمرة    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: انطلاق ورشات تكوينية في مهن السينما لفائدة 70 شابا    برج بوعريريج.. 7 مخازن عملاقة لإنجاح موسم الحصاد    التراث.. ثابت في مكوّنات الهوية الوطنية    الصحراء الغربية: إبراز دور وسائل الإعلام في إنهاء الاستعمار خلال ندوة بالإكوادور    باتنة: إجراء عمليات زرع الكلى بحضور أطباء موريتانيين    الصهاينة يتوحّشون في الضّفة    لحوم الإبل غنية بالألياف والمعادن والفيتامينات    داس عنابة يؤكد: مرافقة قوية لمسنين دار الصفصاف لإدماجهم اجتماعيا وتدعيمهم صحيا    الكرة الطائرة/ بطولة إفريقيا للأندية/سيدات: جمعية بجاية تتغلب على ليتو تايم الكاميروني (3-2)    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 34 ألفا و454 شهيدا    الرئيس يكرّم قضاة متقاعدين    الجزائر الجديدة.. إنجازات ضخمة ومشاريع كبرى    قسنطينة: السيد ديدوش يعاين عديد المشاريع الخاصة بقطاعه    وزير التربية لجمهورية زامبيا يزور جامعة الجزائر 1    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة بالنسبة لمطار أدرار    فلسطين : العدوان الإرهابي على قطاع غزة من أبشع الحروب التي عرفها التاريخ    غرداية : اقتراح عدة معالم تاريخية لتصنيفها تراثا ثقافيا    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    مباشرة إجراءات إنجاز مشروع لإنتاج الحليب المجفف    أكتب لأعيش    شبان "المحاربين" يضيّعون اللقب    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    رياض محرز ينتقد التحكيم ويعترف بتراجع مستواه    إنجاز جداريات تزيينية بوهران    15 ماي آخر أجل لاستقبال الأفلام المرشحة    منظمة الصحة العالمية ترصد إفراطا في استخدام المضادات الحيوية بين مرضى "كوفيد-19"    حج 2024 : استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمليات فدائية جزائرية في عمق سيناء
تحت قصف صهيوني عنيف للمواقع الجزائرية
نشر في الشروق اليومي يوم 07 - 06 - 2008

ضبط جزائريون شاركوا في الحرب منهم اللواء غنايزية في أقصى اليسار واقفا والجنرال المتقاعد مازوزي الثالث جالسا على اليمين
التاريخ بدل المعالم.. لكنه عجز عن محو الذكرى، التغيير مسّ كل شيء.. إلا أنه فشل في طمس الهوية، فهنا حيث كانت هذه الأرض يوما مسرحا للصراع العربي الصهيوني.
*
تمركزت القوات الجزائرية على الضفاف الغربية لقناة السويس، لتقف مباشرة في مواجهة العدو الصهيوني، في خطوط تماس لا يفصلها إلا حاجز مائي ضيق، ومن موقع إلى آخر سجل الجزائريون بطولات دقت أوتادها في الرمال، وضربت جذورها في ذاكرة من عاصرها.
*
التاريخ لا تقتصر مصادره على الشهادات والأراشيف والأوراق القديمة القابعة في أدراج المكاتب، وإذا كان التاريخ منسيا أو مهملا، فأفضل وسيلة للنبش عنه الرجوع إلى مواقعه الميدانية. حقا تلعب الأهواء والزمن بالعقول والألسن، لكن الطبيعة تأبى أن تلفظ تاريخها، ولأني مؤمن بمصداقية ونزاهة الأرض في نقل الأحداث، ذهبت إلى »الجبهة«، ومن موقع إلى موقع على طول قناة السويس أخذت أبحث عن آثار المقاتلين الجزائريين، كانت البطولات فياضة حتى أنطقت الرمال وبعثت شهودا تغنوا ببسالة المقاتل الجزائري.
*
*
القوات الجزائرية تنتشر في أخطر نقاط القتال
*
*
100 كيلومتر تقريبا تفصل مدينة الإسماعيلية عن العاصمة المصرية القاهرة، وهذه المدينة رفقة بورسعيد والسويس، تمثل المدن التي تطل على قناة السويس من جهة الغرب، بينما تقع سيناء على الضفة الشرقية للقناة، وكانت أراضيها وقت الحرب نقاطا وقواعد انتشار القوات المصرية والعربية.
*
جولتنا انطلقت من مدينة الإسماعيلية التي تمركزت فيها معظم القوات الجزائرية عقب عدوان 1967 ، وهذه المدينة غريبة في كل شيء، فهي دائمة التبدل والتغير، حتى أحوالها الجوية لا تستقر، وتشهد أحيانا فصول السنة كلها في يوم واحد، وبين الشمس الحارقة والصقيع اللاسع تتحرك عجلة الزمن بوتيرة متسارعة، تدوس بلا هوادة على كل أشكال الهزيمة والانكسار، ملقية على جانبي الطريق صور الانتصار.
*
ففي كل شارع تنتشر تماثيل الجنود وسلاح العدو المحطم وغنائم النصر، كل شيء يوحي هنا أن شعب مدن المواجهة يرفض قبول فكرة الهزيمة ويلفظ كل ما يذكره بها، الكل هنا يشمئز من ذكرى 67 ، ولا يعتز إلا بحرب العاشر من رمضان 1973 ، وإذا كان هذا هو حال البشر، فإن المعالم والأرض لا تقل شراسة في التعامل مع الأمر.
*
"المعدية رقم 06" التي تربط الإسماعيلية بسيناء عبر قناة السويس من أهم معالم تلك المدينة، وأثناء المعارك حملت الأهمية نفسها وأكثر، ففي هذه المنطقة استشهد الفريق عبد المنعم رياض أثناء تفقده للقوات الجزائرية بعد وصولها والتحامها مع القوات المصرية، وذلك بعد وصول إشارة للعدو تفيد بأن قائد مصري كبير يزور الموقع، ومن نفس المكان انطلقت شرارة العبور الأولى في حرب 1973.
*
وتقع هذه المنطقة على ربوة عالية وتشتمل على مسطح أخضر كبير، وهي من أهم المناطق الاستراتيجية والعسكرية على قناة السويس، ومن هنا يتضح مدى الثقة الكبيرة التي منحت للقوات الجزائرية من قبل القيادات العسكرية المصرية، التي جعلت القوات الجزائرية رفقة نخبة الجيش المصري مسؤولة عن تأمين هذا المكان الاستراتيجي أثناء حرب الاستنزاف وخلال حرب أكتوبر.
*
*
اتهام عبد الناصر بالانحياز للجزائر على حساب مصر
*
*
في حواري مع الفريق صلاح الدين الحديدي مؤلف كتاب "شاهد على حرب 67"، حدد لي الرجل هذه المنطقة، فرسم لي خريطة اهتديت بها إلى الموقع، ورغم أن المكان لا يحمل اليوم أي صورة من الصور العسكرية، بفعل التطور السياحي الذي غمر المكان في السنوات الأخيرة، إلا أن الحديدي الذي شارك في المعارك منذ 1967 وحتى 1973 ، سطر لي خريطة قتالية كشفت الكثير من البطولات الجزائرية في هذا المكان.
*
"الحديدي" يقول إن معظم القوات المدرعة والمشاة والصاعقة الجزائرية تموقعت على الضفاف الغربية للقناة، أي في الخطوط الأمامية مباشرة بناء على رغبة القيادة الجزائرية التي كانت تتعجل الحرب وتتوقع حدوثها في الشهور التي تلت عدوان 67 ، ويضيف الحديدي: »اعترضت القيادة المصرية على مطلب الجزائر المتمثل في وضع قواتها في الخطوط الأمامية والاستراتيجية لسببين، الأول: خوفا على هذه القوات من تعرضها للإبادة بفعل القصف الإسرائيلي المتواصل والشرس للخطوط الأمامية، والثاني الخوف من عجز هذه القوات عن التعامل مع أي موقف طارئ لجهلها بطبيعة المكان وطريقة القتال مع العدو.
*
لكن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر نزل عند رغبة الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، وأعجبه إصرار الجزائر على مواجهة العدو، وأثبتت حرب الاستنزاف أن القوات الجزائرية الغريبة عن الأرض والبعيدة عن تكتيكات الحروب العربية الإسرائيلية مقدرتها في التكيف مع المستجدات والتعامل بحنكة على المستوى العسكري وسرعة اتخاذ القرار، الأمر الذي لاقى اهتماما لافتا في استراتيجيات قيادات القوات المسلحة المصرية«.
*
ويضيف الفريق الحديدي: »نفذت قوات الصاعقة الجزائرية عددا من العمليات النوعية والمؤثرة داخل عمق سيناء منذ إعطاء الزعيم ناصر إشارة انطلاق حرب الاستنزاف، وأذكر أن حالة من السخط وقعت في صفوف الكتائب المقاتلة الجزائرية، بعد توارد الأنباء للجيش بتنفيذ قوات الصاعقة المصرية لعمليات قاتلة في صفوف العدو، وطالبت قيادة هذه القوات القيادة العسكرية المصرية بإشراك المقاتلين الجزائريين في هذه العمليات، ولم يتحقق هذا المطلب إلا بأوامر سياسية مصرية عليا، وكان واضحا أن الزعيم عبد الناصر يلبي كل طلبات الجزائريين، وشاع وقتها بين صفوف القادة العسكريين أن ناصر يغلب عاطفته وصداقته مع بومدين على حساب المصلحة العسكرية المصرية التي تريد تنفيذ هذه العمليات بأقل خسائر ممكنة«.
*
*
عمليات فدائية جزائرية تزلزل "إسرائيل"
*
*
يضيف الفريق الحديدي قائلا: »لكن سرعان ما تبدلت تلك الآراء بعد نجاح مجموعة فدائية جزائرية في تدمير موقع إسرائيلي حصين في منطقة تبة الشجرة التي تقع داخل سيناء على بعد 10 كلم من مدينة الإسماعيلية، وكان هذا الموقع من أصعب النقاط المحصنة وأهمها، وكان الوصول إليه وتدميره أو على الأقل إلحاق الضرر به أمرا ذا أهمية كبيرة للقيادة السياسية التي أرادت إبلاغ إسرائيل بأن يد الجيش المصري طويلة، والقيادة العسكرية التي رأت ضرورة الخلاص من هذا الموقع الخطير.
*
واستمر التخطيط لتلك العملية قرابة الشهرين، وشارك في تنفيذها أكثر من فرع من فروع القوات المسلحة، على رأسها المخابرات الحربية، لكنها اعتمدت بالدرجة الأولى على قوات الصاعقة المحمولة جوا، مدعومة بساتر نيراني من المدفعية متوسطة المدى لتأمين عملية انسحاب المنفذين، وشارك في هذه العملية 25 فدائيا من نخبة القوات الصاعقة المصرية و18 فرد صاعقة رشحتهم القيادة العسكرية الجزائرية، وقبيل بزوغ الفجر وفي جنح الظلام انطلقت طائرتي إبرار حاملة المقاتلين بكامل تجهيزاتهم وألقت بهم على مقربة من الموقع المذكور، وحبست القيادة أنفاسها بجوار أجهزة الاتصالات.
*
ولم تمض 21 دقيقة حتى رجت الانفجارات سماء الصمت ووصل دويها إلى مسامعنا في غرفة القيادة على بعد 15 كم من موقع العملية، أتبعها تبادل كثيف للنيران الرشاشة والقذائف المضادة للدروع، فوجهنا أنظارنا للسماء وجمعينا يردد (يا رب)، وبعد لحظات وصلتنا إشارة من الفدائيين تفيد بنجاح العملية، فركزت المدفعية قصفها للموقع، ونجحت طائرات الإبرار في إعادة جميع الفدائيين سالمين مع وقوع إصابة بسيطة واحدة.
*
وكان لهذه العملية أثر بالغ في معنويات القيادة والجنود، في حين انعكس زلزالها على الداخل الإسرائيلي الذي اتهم قيادته العسكرية بالتقصير والتهاون في التعامل مع الخطر القادم من الحدود الغربية، ومن ضمن آثار العملية أيضا حصول القوات الخاصة الجزائرية على ثقة مصرية مطلقة أعطتها الضوء الأخضر للمشاركة في عشرات العمليات الفدائية الأخرى«.
*
*
لوحة شرف في سيناء تمجد الفدائيين الجزائريين
*
*
*
تصريحات الفريق صلاح الدين تجسدت صحتها حينما وصلت إلى موقع تبة الشجرة في سيناء، فالمكان الذي تحول الآن إلى مزار سياحي عسكري يسجل هذه العملية بكامل تفاصيلها، المنطقة عبارة عن موقعين حصينين متصلين بواسطة أنفاق محصنة، ويشتمل الموقع الأول على مقر القيادة وغرفة العمليات المزودة بالأجهزة المخصصة للاتصال بالوحدات والقيادات الفرعية والقيادة الجنوبية والقيادة العامة، إضافة إلى الأجهزة والمعدات الإلكترونية ومجموعة الوثائق والخرائط.
*
أما الموقع الثاني فقد خصص للعمل الإداري، ويضم مكتبا للقائم وأماكن مبيت للأفراد وصالة للطعام ونقطة طبية ونقطة وقود والمغسلة، ومن بين عدد كبير من السياح الأجانب والمصريين تحركت بمشقة عبر الغرفة طبية وغرف مبيت الجنود الصهاينة، مرورا بحصنين يضمان مركز إدارة العمليات والموقع الإداري وغرفة عرض الغنائم،
*
حتى وصلت إلى مبنى إدارة الآثار التاريخية، الذي يوثق هذه العملية بالرسومات، والتفاصيل، التي رصدت تحرك قوات الصاعقة الجزائرية والمصرية من غرب القناة حتى وصلت للموقع لتنقسم إلى مجموعتين: الأولى أوكلت لها مهمة تفخيخ مستودعات السلاح والذخيرة والقيادة. والثانية، تكفلت بالهجوم على الجنود الصهاينة وقتلهم، وعلى أحد جدران هذا المبنى علقت لوحة شرف تخلد أبطال العملية، وتتحدث عن بطولات حدثت في نفس الموقع مرة أخرى في حرب 1973 ، بعد الاستيلاء عليه بالسلاح الأبيض.
*
*
قصف صهيوني مكثف على المواقع الجزائرية
*
*
غابت الشمس قبل أن أكمل بحثي عن بطولات صنعها الجزائريون على رمال سيناء، لكن شمس أخرى تسطع كل ليلة على مقاهي الإسماعيلية التاريخية والشهيرة، وعلى مقهى محطة مصر بشارع الثلاثين، جلس »شزان« ببذلة عسكرية تغمرها الأوسمة والنياشين، الرجل العجوز ذو الشارب الأبيض الكثيف أحاط به جمع من السياح وأهل المدينة ليروي لهم بطولاته في الحروب العربية الصهيونية.
*
وبكل فخر ونشوة يصف "شزان" عددا من العمليات الفدائية نفذها في حق الصهاينة، وأنه ذبح العديد منهم حتى كانت يداه تتخضب بدمائهم في كل عملية، لأنه حسبه يهوى الاشتباك معهم بالأيدي والإجهاز عليهم بالسلاح الأبيض كلما سنحت له الفرصة، ليثبت في النهاية أن الجندي الصهيوني جبان ولا يقدر على المواجهة، ولا يستطيع الحرب إلا من وراء الآليات الحديثة.
*
"شزان" شخصية شهيرة جدا في الإسماعيلية ويعد أحد معالمها السياحية لأنه وحده يملك الحكايات الشعبية البسيطة المتعلقة بحروب 67 والاستنزاف و73 ، وبعيدا عن تعقيدات الخبراء والمحللين الاستراتيجيين والعسكريين يقدم "شزان" وجبة سهلة الهضم للباحثين عن الحقيقة، خاصة وأن بعض المحطات قارنت بين حكايته وبعض شهادات الخبراء في هذا الشأن فثبت توافقها، رغم أن الرجل لا يجيد القراءة ولا الكتابة.
*
بل إن بعض المحللين يستندون للشهادات التي تتوافق مع روايات "شزان"، حقا مفارقة عجيبة، ولكن لمَ العجب ونحن في مدينة العجب، المهم أنني أنصتّ بعناية لروايات"شزان"، حتى جفّ ريقه، وبمجرد هدوء محيطه توجهت إليه، وسألته عن دور القوات الجزائرية على جبهات القتال بقناة السويس، فاستعجب الرجل قائلا: "لم يسألني أحد هذا السؤال على مدار 35 عاما"، فقلت له: وهل تملك معلومات في هذا الشأن؟
*
فأجاب: عام 67 عرفت أن أعدادا كبيرة من القوات الجزائرية وصلت لمصر للمشاركة في الحرب، لكني لم أشاهدها عن قرب، فقد كان موقعي في الجيش الثالث الميداني في السويس، بينما انخرطت القوات الجزائرية في الجيش الثاني الميداني بالإسماعيلية، لكني أذكر واقعة هامة وقعت أثناء حرب الاستنزاف، حيث كثف الطيران الإسرائيلي قصفه للمواقع الجزائرية بعد تزايد مشاركة الصاعقة الجزائرية في العمليات الفدائية شرق القناة، وكانت القوات الجزائرية ترد بقصف مدفعي مركز يجبر الجيش الإسرائيلي على وقف الغارات، وكانت هذه الأخبار تصلنا أثناء القتال، فتزداد حماستنا خاصة وأن الصفوف الجزائرية لم يسقط بها شهداء، وكانت المواقع ترمم في اليوم الموالي للعدوان مباشرة مما تسبب في زيادة حنق وغضب المخطط الإسرائيلي، أما الأمر الذي أجزم به أن كثير من قطع السلاح التي قاتلنا بها كانت جزائرية، ومتاحف سيناء والإسماعيلية تشهد على ذلك.
*
*
يتبع
*
------------------------------
*
*
تقرأون في الحلقة القادمة
*
*
-دبابات ومقاتلات جزائرية حطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر
*
-عربات ومدافع استخدمتها الجزائر في الحرب
*
-حطام الطائرة الصهيونية التي أسقطتها الدفاعات الجزائرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.