أثارت مسألة طلب بعض ضباط الحالة المدنية شهادة عذرية المرأة المتقدمة أمامهم لعقد قرانها مع الزوج الذي اختارته، جدلا كبيرا بين الحقوقيين المشاركين في ندوة جريدة "المجاهد"، حيث احتدم النقاش بين من اعتبروا الأمر تجاوزا لمواد قانون الأسرة الذي يطلب شهادة طبية بخلو الطرفين من أمراض تعيق بناء الزواج، وبين من اعتبر أن ذلك جائز إذا طلب الزوج ذلك. تحولت ندوة جريدة "المجاهد" أمس إلى حلبة تصارعت فيها الأفكار وتناطحت فيها الحجج القانونية بخصوص مسألة قانونية أو عدم قانونية إقدام ضابط الحالة المدنية طلب شهادة عذرية الفتاة المقدمة على عقد قرانها، بينما تنص المادة 7 من قانون الأسرة على اشتراط المشرع على الزوجين المقبلين على عقد القران ضرورة تقديم شهادة طبية لكليهما تثبت أنهما خاليان من كل مرض يعيق بناء الزواج. وأمام الغموض الذي اكتنف الموضوع فقد أصدرت وزارة العدل مرسوما تنفيذيا بتاريخ 11 ماي من السنة الجارية يشرح معنى الشهادة الطبية للمقبلين على الزواج. وفي هذه النقطة بالذات تحدثت الأستاذة آيت زاي التي تنشط أيضا في مجال حقوق الإنسان، عن تجاوز بعض ضباط الحالة المدنية القانون بطلبهم تلك الشهادة بدلا من الشهادة الطبية لكلا الزوجين، وقد عللت الأمر بجهل في بعض الأحيان أو تكييف حسب قناعة الضابط نفسه (قناعة دينية أو اجتماعية) للمادة، وهذا اعتداء على الحريات الشخصية للأشخاص، بل أنه تعدي على القانون الذي لا يطلب أصلا مثل هذه الشهادة. وأخذت المسألة بعدا أعمق حين ذكرت نادية دريدي، رئيسة جمعية للدفاع عن حقوق المرأة، أن جمعيتها استدعيت للتدخل منذ فترة وجيزة بإحدى بلديات غرب البلاد "لإتمام زواج شخصين بالغين" عطله اشتراط ضابط الحالة المدنية تقديم الزوجة شهادة عذرية، واضطرت الجمعية للتدخل لدى المسؤولين المحليين، وأخبر رئيس البلدية الذي أخر الزواج وكان الأمر أشبه ب"الفضيحة" بالنسبة للعروس. ووصفت المحامية آيت زاي التي عملت في وقت ما ضابطا للحالة المدنية، تصرف رئيس البلدية بتجاوز للقانون، بل وطلبت بإنزال العقوبة به، لأنه وبفعل منصبه كالقاضي الأول للبلدية يكون مطلعا على كل قوانين الجمهورية، وقد اطلع بالضرورة على المرسوم المفسر للمادة 7 مكرر من قانون الأسرة والذي يفترض انه رفع كل اللبس على المسألة. أما الرأي المخالف في الموضوع فكان للأستاذ عمار خبابة الذي دافع عن حق ضابط الحالة المدنية طلب شهادة عذرية الزوجة في حال ما طلبها الزوج وذلك بناء على نص المادة 19 من قانون الأسرة التي تقول بحق كل طرف من طرفي عقد الزواج باشتراط ما يراه على الطرف الآخر، وإذا كان من شروط الزوج ان تكون الزوجة عذراء فذلك من حقه وليس مخالفا للقانون عمل بالمبدأ القانوني "العقد شريعة المتعاقدين". وقد شرح الأستاذ، وسط تعالي أصوات القانونيات، أن المرسوم الصادر بتاريخ 11 ماي إنما جاء ليزيل اللبس الكبير الذي اكتنف المادة 7 مكرر، وأن تطبيقها أول الأمر طرح فعلا إشكالا. وبالنسبة لاشتراط الشهادة الطبية لعقد القران، فسر المتدخلون الأمر بقصد المشرع للأمراض المزمنة والخطيرة التي تؤثر على السير الحسن للحياة الزوجية، ويكون المشرع قد قصد مرض "السيدا" بالتحديد. غنية قمراوي: [email protected]