الذكرى ال63 لتأسيس المحكمة الدستورية التركية : بلحاج يشيد بالعلاقات الجيدة بين المحكمة الدستورية الجزائرية و نظيرتها التركية    توقيع عقدين مع شركة سعودية لتصدير منتجات فلاحية وغذائية جزائرية    عطاف يوقع باسم الحكومة الجزائرية على سجل التعازي إثر وفاة البابا فرنسيس    تدشين معرض بالجزائر العاصمة تكريما للمناضل المناهض للاستعمار وصديق الجزائر اليوغسلافي زدرافكو بيكار    ولاية الجزائر : انطلاق الطبعة الخامسة من حملة التنظيف الكبرى ببلديات العاصمة    الأغواط : الدعوة إلى إنشاء فرق بحث متخصصة في تحقيق ونشر المخطوطات الصوفية    سيدي بلعباس : توعية مرضى السكري بأهمية إتباع نمط حياة صحي    سقوط أمطار الرعدية بعدة ولايات من البلاد يومي الجمعة و السبت    رئيسة المرصد الوطني للمجتمع المدني تستقبل ممثلي عدد من الجمعيات    الرابطة الثانية هواة: نجم بن عكنون لترسيم الصعود, اتحاد الحراش للحفاظ على الصدارة    عبد الحميد بورايو, مسيرة في خدمة التراث الأمازيغي    انتفاضة ريغة: صفحة منسية من سجل المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي    بوجمعة يشرف على تنصيب اللجنة المكلفة بمراجعة أحكام قانون الإجراءات المدنية و الإدارية    رئيس الجمهورية يجدد التزامه بتحسين معيشة المواطنين عبر كافة ربوع الوطن    تصفيات كأس العالم للإناث لأقل من 17 سنة: فتيات الخضر من اجل التدارك ورد الاعتبار    جمباز (كأس العالم): الجزائر حاضرة في موعد القاهرة بخمسة رياضيين    نشطاء أوروبيون يتظاهرون في بروكسل تنديدا بالإبادة الصهيونية في غزة    النرويج تنتقد صمت الدول الغربية تجاه جرائم الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين في غزة    عرض الفيلم الوثائقي "الساورة, كنز طبيعي وثقافي" بالجزائر العاصمة    رئيس الجمهورية ينهي زيارته إلى بشار: مشاريع استراتيجية تعكس إرادة الدولة في تحقيق تنمية متكاملة بالجنوب    معسكر : إبراز أهمية الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة في الحفاظ على التراث الثقافي وتثمينه    غزّة تغرق في الدماء    صندوق النقد يخفض توقعاته    250 شركة أوروبية مهتمة بالاستثمار في الجزائر    الصناعة العسكرية.. آفاق واعدة    دعوة إلى تحصين مهنة الصحافة وتعزيز أدائها    توقيف 38 تاجر مخدرات خلال أسبوع    وزير الثقافة يُعزّي أسرة بادي لالة    عُنف الكرة على طاولة الحكومة    بلمهدي يحثّ على التجنّد    السيد عطاف يستقبل بهلسنكي من قبل الرئيس الفنلندي    معرض أوساكا 2025 : تخصيص مسار بالجناح الوطني لإبراز التراث المادي واللامادي للجزائر    أمطار رعدية ورياح على العديد من ولايات الوطن    المسيلة : حجز أزيد من 17 ألف قرص من المؤثرات العقلية    جهود مستعجلة لإنقاذ خط "ترامواي" قسنطينة    استحضار لبطولات وتضحيات الشهداء الأبرار    جريمة التعذيب في المغرب تتغذّى على الإفلات من العقاب    شركة عالمية تعترف بنقل قطع حربية نحو الكيان الصهيوني عبر المغرب    145 مؤسسة فندقية تدخل الخدمة في 2025    مناقشة تشغيل مصنع إنتاج السيارات    تعليمات لإنجاح العملية وضمان المراقبة الصحية    3آلاف مليار لتهيئة وادي الرغاية    قمة في العاصمة وتحدي البقاء بوهران والشلف    محرز يواصل التألق مع الأهلي ويؤكد جاهزيته لودية السويد    بن زية قد يبقى مع كاراباخ الأذربيجاني لهذا السبب    حج 2025: برمجة فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" وتطبيق "ركب الحجيج"    الكسكسي الجزائري.. ثراء أبهر لجان التحكيم    تجارب محترفة في خدمة المواهب الشابة    "شباب موسكو" يحتفلون بموسيقاهم في عرض مبهر بأوبرا الجزائر    البطولة السعودية : محرز يتوج بجائزة أفضل هدف في الأسبوع    هدّاف بالفطرة..أمين شياخة يخطف الأنظار ويريح بيتكوفيتش    رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية    تحدي "البراسيتامول" خطر قاتل    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤرخة ”رافائيلا برانش” في كتابها ”ممارسات الاحتلال”: فرنسا حولت التعذيب إلى سلاح أساسي لقمع الثورة الجزائرية
نشر في البلاد أون لاين يوم 10 - 03 - 2012

اليمين المتطرف اتهم صاحبة الكتاب ب”تزوير الحقائق والشهادات”
محمد سيف الإسلام بوفلاقة *
يعتبر كتاب ”التعذيب وممارسات الجيش الفرنسي أثناء ثورة التحرير الجزائرية” للباحثة والمؤرخة ”رافائيلا برانش”، أحد أهم الكتب التي سلطت الضوء على أساليب التعذيب المنتهجة من قبل الجيش الفرنسي أثناء ثورة التحرير الجزائرية· وأحدث الكتاب ضجة كبيرة وجدلا واسعا حينما صدرت طبعته الفرنسية عن منشورات ”غاليمار” سنة ,2001 وتعرضت مؤلفته لانتقادات لاذعة· كما شنت حملات شعواء ضدها من قبل اليمين الفرنسي المتطرف، وذهب بعض المؤرخين الفرنسيين إلى اتهامها بالاعتماد على ”أرشيف مزور وشهادات كاذبة هدفها الوحيد الحط من مكانة الجيش الفرنسي”· وصدر الكتاب حديثا في نسخته العربية في طبعة خاصة عن وزارة المجاهدين الجزائرية، وتولى ترجمته إلى اللغة العربية الأستاذ أحمد بن محمد بكلي· ويعتبر هذا العمل مساهمة ثمينة تكشف ممارسات الجيش الاستعماري، وجرائمه المرتكبة في حق الأفراد، والجماعات من أبناء الشعب الجزائري، وله أهمية بالغة فيما يتصل بالمعلومات التي يقدمها عن الانتهاكات والجرائم المرتكبة خلال الفترة الاستعمارية، ويتبدى من توزيع مادته، والمعلومات التي يعرضها أنه يقدم دراسة وافية عن جرائم الجيش الاستعماري الفرنسي· وفي المدخل؛ قدمت المؤلفة لمحة تاريخية عن الممارسات، والقوانين الجائرة التي اعتمدها الفرنسيون منذ احتلال الجزائر سنة .1830 وأشارت إلى أن الفرنسيين أسسوا مجتمعا على قواعد جد جائرة واقعيا، إذ حصل سكان ينتمون إلى خليط بشري على المواطنة الفرنسية التامة، وبقرارات إدارية سخية، بينما أطلق على الآخرين تسمية دينية لا تتلاءم مع الوضع القانوني· وقالت الباحثة إن كتابها هذا لا يتعرض لذكر الجوانب الدولية للصراع، ولذكر منظمة الجيش السري، بل هو أكثر انحصارا، ويقتصر على موضوع محدد هو ”ممارسة التعذيب من قبل الجيش الفرنسي بين نوفمبر 1954 ومارس .”1962 واعتبر التعذيب خلال تلك الفترة وسيلة حرب وعنفا مقصودا، أريد به كسب الحرب· وفي ظل العلاقات غير المتكافئة التي أسستها الأوضاع ”الكولونيالية” فقد وُجد التعذيب ليُعمر طويلا، فهو تعبير مباشر وجسدي عن أوضاع تسودها علاقة قوة اعتبرت عادية في نظر الإعلام· وذكرت ”رافائيلا برانش” أن مكانة التعذيب تطورت طيلة ثمانية أعوام، وقد اتخذ موقعه في أجوائها مع بقية أشكال العنف غير المشروعة، وذلك بفضل التسهيلات التي وفرتها تدابير تشريع استثنائي· وابتداء من سنة 1957؛ ارتبط التعذيب بتصور جديد للحرب، وتحول ليصبح السلاح الأساسي في صراع كان يستهدف السكان الجزائريين بالدرجة الأولى· ولم يحدث وصول ”دي غول” إلى السلطة قطيعة تذكر في تاريخ ممارسة التعذيب، فقد واصل الجنرال ”سالان” ثم الجنرال ”شال” من بعده ترقية أساليب التعذيب والحرب ولم يكن هناك وضع أي حد بين المدنيين والعسكريين، حيث ظل التعذيب يشغل المكانة المركزية في أساليب الحرب·
وفي في المبحث الأول من الكتاب ”الأوجه الجديدة التي اتخذتها الحرب 1954-,”1956 أكدت المؤلفة في رصدها للأوجه الجديدة التي اتخذتها الحرب على أن المصادر تعج بالشهادات على ممارسة التعذيب من قبل مصالح الاستخبارات، وتركت في الأرشيف الكثير من الأدلة المفصلة عن تصرفات بعض ضباط الاستخبار، وهناك الكثير من الروايات التي تم التصريح بها أثناء الحرب، وكشفت عن تلك الممارسات· ولاحظت المؤلفة أن أرشيف القوات البرية لا يستعمل كلمة ”تعذيب”، فتعبير ”عضلي” هو الأكثر انتشارا، والأكثر إيحاء بتعرض الضحية ”للضرب المبرح” منه لأصناف من العنف الأكثر تفننا، وبهذا التعبير تتم المساهمة في التهوين من الأفعال التي يشير إليها، في حين أن عبارة ”التعذيب” تكتسي مظهرا من التنديد لا يرغب الجند في تحمل مسؤولية، كما أن اختيار الكناية يحمل أيضا دلالة على دوام لغة الحرب·
وذكرت ”رافائيلا برانش” أن المختصين في الاستخبارات من درك وضباط يفضلون استعمال نعت ”الضغط”، ورأت المؤلفة أن الترخيص بإطلاق النار فتح الباب واسعا للتجاوزات المشروعة، وأصبح استعمال عبارة ”هارب مقتول” وسيلة عملية لتغطية اغتيالات عشوائية بغطاء المشروعية، فقتل الجزائريين منذ أول نوفمبر 1954 لم يعد جريمة، بل واجبا على الجنود المدعوين إلى محاربتهم·
تحطيم المنظمة السياسية ومهمة مضادة للثورة
تحت عنوان ”إقامة معايير جديدة من 1957 إلى منتصف ماي ”1958؛ استعرضت المؤلفة العهد الجديد للحرب الذي بدأ مع الجنرال ”سالان” ابتداء من شهر ديسمبر ,1956 حيث تم اختيار منهج قمعي شمل الجموع الغفيرة من المدنيين، ولم يعد هناك أي تمييز بين المدنيين، والعسكريين، وقد اتخذت الإجراءات القمعية للجنرال ”سالان” وتيرة متزايدة ابتداء من ,1957 وكانت هناك قناعة مشتركة بين المسؤولين في أعلى المستويات بضرورة مواكبة التطورات الاستراتيجية و”التكتيكية ابتداء من سنة ,1957 واتخذت في هذه المرحلة الهيكلة الإدارية والسياسية للوطنيين الجزائريين مكانة جديدة في الحرب· وكانت أول تعليمة تصدر من مسؤول الناحية العسكرية العاشرة تؤكد للقوات الفرنسية ضرورة تحقيق هدفين؛ إبادة التجمعات العسكرية، وتحطيم الهياكل السياسية لدى الخصم· وفي ظرف شهرين؛ تتابعت خمس تعليمات عامة أخرى تؤكد على النقطتين، ووجه الحاكم المدني المسؤول في الشرق الجزائري في شهر جوان ,1957 تعليمة للعساكر الموجودين في عمالته يذكرهم بالالتزام بالعمل على تحطيم المنظمة السياسية، والإدارية وتم التركيز من قبل القوات على المهمة ”المضادة للثورة”، حيث تسعى الاستراتيجية الجديدة إلى الحضور المتواصل للقوات الفرنسية في كافة التراب· وإلى جانب الأساليب الكلاسيكية التي اتبعتها مصالح الاستخبارات، لم يكن بعض ضباط الاستخبار يترددون في التنكيل والتعذيب الشديد الذي يصل إلى التصفية الجسدية للأشخاص المستنطقين، ومع بداية سنة 1957؛ تحولت العدالة إلى أداة حرب ثورية مضادة في خدمة الجيش، وأكد ”سالان” على ضرورة دفع الجيش إلى تسخير الوسائل المناسبة ذات الطابع الإداري والقضائي بحيث تستجيب النصوص الإدارية والقانونية للحاجيات المعبر عنها من قبل العسكر في الميدان، أو التي تبينت الحاجة إليها عند الممارسة·
جهاز مخابرات خاص بالتعذيب
وعن وسائل الاستنطاق المستخدمة من قبل الجيش الفرنسي؛ تقول المؤلفة ”كانت الوسائل المستعملة عنيفة ضرب، كهرباء، صرخات تهديد بالقتل بواسطة التلويح بمسدس· والهدف الوحيد هو حرمان الرجل من التفكير، حرمانه بكل الوسائل من استعادة لبه”· وخصصت المؤلفة المبحث الثالث من الكتاب للحديث عن المنعطف الذي وقع في ماي ,1958 في التاريخ السياسي الفرنسي، وأشارت إلى أن شؤون الجزائر لم تتسبب في مجرد سقوط الحكومة، بل في حلول نظام جديد· وبعد أن أسهم الجيش في الإسراع بسقوط إحدى الجمهوريات كانت هيمنته ثقيلة على الجمهورية الموالية طيلة الأشهر الأولى، وشجعت قيادة الأركان تطوير هيكل لتنسيق عمل مختلف القوات النظامية التي زج بها في قمع التنظيم السياسي، والإداري، وسمي هذا الهيكل ب”مراكز الاستخبارات والعمل”· وتذكر المؤلفة أن ممارسة التعذيب استعملت ورخص بها في مواطن كثيرة إلى درجة أن الحدود بين الشرعية واللا شرعية تبدو وكأنها قد تم توسيعها· وبفضل سيطرة السلطة العسكرية ابتداء من جوان 1958 تم توسيع المنطقيات التي تتحكم فيها إلى أبعد النقاط الممكنة·


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.