محفوظ بحرية فنانة من ولاية سعيدة مختصة في عرائس القراقوز ، فبالرغم من المشاكل التي تعرفها هذه المهنة، إلا أنها لا زالت متمسكة بها، تركت مقاعد الدراسة في سن مبكر و والتحقت بكلية عالم المسرح والقراقوز ، على أمل شقّ طريقها الفني والمهني بكل نجاح، وبهدف تفجير أحلامها وأحلام الأطفال الذين لمست فيهم انبهارهم بالعرائس الملونة وبأزيائها المختلفة، ،كما كشفت في هذا اللقاء عن العلاقة الوطيدة بين الطفل والدمية إلى درجة أن هذا الأخير يعتبرها إنسانا ويتبادل معها الحوارات ، خاصة عندما تقوم الفنانة بتحريكها بطريقة احترافية .. محفوظ بحرية التي قضت أكثر من 25 سنة من حياتها في هذا العالم الساحر لم تفكر يوما في التخلي عما تحبه، بل بالعكس عملت على تطويره وتوسيعه ، وساهمت في تكوين العديد من الشباب الراغب في ولوج هذا الفن بعدد من ولايات الوطن ، رغم انعدام الإمكانيات المادية الخاصة بعالم القراقوز كنقص المناطق المسرحية والديكورات و الماكياج والإكسسوارات و المؤثرات الصوتية والضوئية والأزياء إلى غير ذلك من الخصائص التي تتحد من أجل تكامل العرض المسرحي..محفوظ حورية تعاني اليوم من أزمة خانقة بعد توقف النشاط الفني بسبب كورونا، و تطالب مسؤولي الثقافة بإعادة النظر في قانون الفنان، كما تدعو الفنانين إلى الالتفاف حول بعضهم ، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في عالم الفن والمسرح و القراقوز ... - كيف كانت البداية الفنية لبحرية محفوظ ؟ ^ بدايتي الفنية كانت سنة 1993 مع عالم مسرح الهواة، حيث نجح مجموعة من شباب مدينة سعيدة في تركيب بدار الثقافة " سيراط بومدين " فرقة مسرحية سرعان ما تحولت إلى "جمعية أهل المسرح"، بما أن الممارسة المسرحية كانت قليلة ، فضلنا تقديم نشاطات ترفيهية للأطفال وهذا مساء أيام الاثنين والخميس ، حيث كان الطلب كبيرا، وكانت هناك رغبة كبيرة من قبل الأطفال لمشاهدة مثل هذه العروض ، هكذا كانت الانطلاقة مع فن " الماريونات" ، وهو ما دفع بي إلى المشاركة في الأيام التكوينية التي أشرف عليها الأستاذ مجهري الحبيب ، كنا في بداية التربص 30 مرشحا، ليتم اختيار 6 أشخاص من بينهم ، والآن أنا الوحيدة التي بقيت في عالم القراقوز بولاية سعيدة. - حدثينا عن مشاركاتك الوطنية والدولية ؟ ^ في الحقيقة ليست لي أية مشاركات دولية ، فكلها وطنية، وبالمناسبة أشكر الديوان الوطني للثقافة والإعلام الذي كان دوما يطلب خدماتي، ما منحني دفعا معنويا قويا في تقديم الأحسن، حيث كنت أقدم دوما عروضا جديدة، إضافة إلى هذا،ساهمت في عدة أيام تكوينية بدار الثقافة لولايات بجاية والمدية وجيجل وسعيدة، والنتيجة كما ترون وكأنني لم أقم بأي شيء، كل هذا الجهد اضمحل وذاب، لأن عالم الماريونات في الجزائر يكاد ينعدم، وإن وُجد فهو قليل جدا، ورغم قلته لا يحظى بأية أهمية من قبل السلطات الوصية، ولا من مديريات الثقافة ، عكس جيراننا في تونس الذين فتحوا معهدا خاصا بتكوين الفنانين في " الماريونات "، كما سخروا لهم ميزانية خاصة.. - يعني أن حياتك كلها تدور حول عالم الماريونات ؟ ^ نعم.. ، حياتي المهنية كلها تتمحور حول فن " الماريونات" ، اليوم بلغت مستوى محترما في صناعة دمى القراقوز، وبإمكانياتي الخاصة ، ليس هذا فقط وإنما دخلت عالم صناعة الدمى الكبرى المتحركة والخاصة بالكبار مثل "الكلون ، " و الماسكوط" ... " لكن للأسف مع ظهور وباء كورونا توقف النشاط كليا ، وهذا منذ 10 أشهر، فأنا بدون دخل ولي عائلة أعيلها ، بالمناسبة أشكر والي الولاية سيف الإسلام الذي منحني سنة 2013 ورشة رغم صغرها، إلا أنها ساعدتني على إنجاز العديد من" الماريونات" ... - من خلال تخصصك في المجال، كيف ترين واقع فن العرائس في الجزائر ؟ ^ يجب أن نصارح بعضنا ونقول أن مستقبل الماريونات في الجزائر إن بقي على هذه الأوضاع وعلى هذا الحال، فلا مستقبل للمسرح وأقل من ذلك للماريونات ولا لأي شيء، لذا يجب على المسؤولين وبسرعة إعادة النظر جذريا في قانون الفنان وحقوقه وهنا أحمل كذلك المسؤولية إلى الفنانين الذين لم يتحركوا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حيث لا زالوا يعيشون في سياسة الاتكال وانتظار الفرج، أنا مثلا خائفة من مصير الفنانين لأنهم فقدوا الأمل حتى في الحياة، فما بالك في الثقافة، فمثلا لما نتحدث عن 30 ألف دينار جزائري التي منحتها الدولة للفنانين، سلمت لنا على ثلاثة مراحل ، اليوم للأسف يُطلب منا كي نستفيد منها التسجيل في "كازنوس"، ودفع 32 ألف د ج كمستحقات السنة الضريبية ، من أين لنا ذلك ؟ ونحن نعيش بطالة ، أخيرا يجب تطهير الثقافة من الدخلاء الذين يبحثون عن الكسب السهل بكل الطرق ودون تقديم أي مقابل . - في الأخير ؟ ^ ما أقوله في الأخير ..، يجب إنقاذ الثقافة وفي أقرب وقت ممكن ، ولن يتأتى هذا إلا إذا تم إعادة جدولة العمل ووقوف الفنانين والتفافهم حول مع بعضهم البعض، فمثلا هنا في سعيدة بطاقة الفنان لم تسلم لنا منذ 5 سنوات .