حوالي 42 ألف مسجل للحصول على بطاقة المقاول الذاتي    مشروع "بلدنا" لإنتاج الحليب المجفف: المرحلة الأولى للإنتاج ستبدأ خلال 2026    بطولة العالم للكامبو: الجزائر تحرز أربع ميداليات منها ذهبيتان في اليوم الأول    اسبانيا تعلن حجز أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: حضور لافت في العرض الشرفي الأول للجمهور لفيلم "بن مهيدي"    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية: خطوة نحو تعزيز السيادة الرقمية تحقيقا للاستقلال التكنولوجي    الجزائر العاصمة.. انفجار للغاز بمسكن بحي المالحة يخلف 22 جريحا    معسكر.. انطلاق المسابقة الوطنية الثانية للصيد الرياضي والترفيهي بالقصبة بسد الشرفة    الفريق أول السعيد شنقريحة يترأس أشغال الدورة ال17 للمجلس التوجيهي للمدرسة العليا الحربية    المهرجان الوطني "سيرتا شو" تكريما للفنان عنتر هلال    معسكر : "الأمير عبد القادر…العالم العارف" موضوع ملتقى وطني    من 15 ماي إلى 31 ديسمبر المقبل : الإعلان عن رزنامة المعارض الوطنية للكتاب    اجتماع لتقييم السنة الأولى من الاستثمار المحلي في إنتاج العلامات العالمية في مجال الملابس الجاهزة    حوادث المرور: وفاة 44 شخصا وإصابة 197 آخرين خلال الأسبوع الأخير    جامعة بجاية، نموذج للنجاح    بطولة العالم للكامبو: الجزائر تحرز أربع ميداليات منها ذهبيتان في اليوم الأول    السيد مراد يشرف على افتتاح فعاليات مهرجان الجزائر للرياضات    بحث فرص التعاون بين سونلغاز والوكالة الفرنسية للتنمية    رئيس الجمهورية يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    السفير بن جامع بمجلس الأمن: مجموعة A3+ تعرب عن "انشغالها" إزاء الوضعية السائدة في سوريا    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: فيلم "بنك الأهداف" يفتتح العروض السينمائية لبرنامج "تحيا فلسطين"    انطلاق الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد دربال يتباحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون والشراكة    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    بقيمة تتجاوز أكثر من 3,5 مليار دولار : اتفاقية جزائرية قطرية لإنجاز مشروع لإنتاج الحليب واللحوم بالجنوب    حلم "النهائي" يتبخر: السنافر تحت الصدمة    رئيس أمل سكيكدة لكرة اليد عليوط للنصر: حققنا الهدف وسنواجه الزمالك بنية الفوز    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    نحو إنشاء بوابة إلكترونية لقطاع النقل: الحكومة تدرس تمويل اقتناء السكنات في الجنوب والهضاب    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    معرض "ويب إكسبو" : تطوير تطبيق للتواصل اجتماعي ومنصات للتجارة الإلكترونية    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    بطولة وطنية لنصف الماراطون    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العناد الإثيوبي … وسيناريوهات متوقعة

تعد العلاقات بين مصر وإثيوبيا علاقات ذات خصوصية تقوم على دعائم تاريخية وجغرافية واقتصادية وحيوية آصرة ، ولقد شكلت مياه النيل رابطًا مشتركًا قويًا بين دول المنطقة خاصةً بين مصر و إثيوبيا ، ويبرز النيل أهمية استراتيجية وأمنية كبرى في الحياة المصرية والإثيوبية ، ولعلنا نستطيع ، في ضوء ما سبق ، أن نخلص إلى القول إن ثمة مصلحة مؤكدة لمصر في مياه النيل.
وتتمثل الموارد المائية المتوفرة من مياه النيل في حصة مصر السنوية من تلك المياه ، والتي تبلغ 55,5 مليار م3 مكعب ، حسب نصوص اتفاقية الانتفاع الكامل بمياه النيل المبرمة بين مصر والسودان عام 1959، حيث تعتمد مصر على المخزون في بحيرة ناصر أمام السد العالي ، حيث تقدر سعة التخزين بنحو 164 مليار م3 عند أعلى مناسيب التخزين ، منها 90 مليار م3 للتخزين الحي الذى يمكن مصر من الحصول على حصتها السنوية من مياه النيل ، أما إثيوبيا فهي إحدى دول المنبع وهي دائمًا تدَعي أنها أقل استفادة مقارنةً بمصر والسودان ، وتسعى إلى التهديد بالاستفادة من حصتها دون اعتبار للاتفاقات السابقة والتي تراها غير ملزمة لها.
أما فيما يتعلق بالسدود الإثيوبية وبشكل خاص سد النهضة الذي أعلنت إثيوبيا عن بدء بنائه في مارس 2011، والتكلفة التقديرية لبنائه نحو خمسة عشر مليار دولار بالتجهيزات والتوربيناتبسعة تخزين 74 مليار متر مكعب، وهذه السعة تساوي حصة مصر والسودان معًا بالضبط ، وهذا السد سيحرم مصر من 9 مليارات متر مكعب سنويًا من حصتها، وهذا النقص سيلقي بتأثيراته السلبية على مجالات أخرى كثيرة حيث سينقص إنتاج الكهرباء في مصر بنحو20 % ، وسوف يؤثر على حصة مصر في أثناء ملء الخزان، وبالتالي فإذا قررت إثيوبيا أن تملأ السد دون التوصل إلى طريقة أو آلية الملء خاصةً إذا تم الملء في فترة من 1 – 3 سنوات فمعنى ذلك عدم وصول أي إيرادات مائية إلى كل من مصر والسودان لمدة بسبب خصم هذه المياه من حصة الدولتين.
هذا علمًا بأن إثيوبيا لديها 12 سدًا وتسعى لبناء أربعة سدود أخرى بخلاف سد النهضة ولابد أن نذكر أن كينيا لها تجربة أليمة سابقة مع إثيوبيا، حينما أقامت سد جيب على نهر أومو واقتطعت من حصتها من المياه، وتجاهل العالم استغاثات كينيا مما جعل إثيوبيا تظن أن العالم لن يبالي باستغاثات مصر .
إن العُرف الدولي يؤكد أن الاتفاقيات الدولية التاريخية ملزمة للدولة التي وقعت عليها وأي نقض لهذه الاتفاقيات لا يكون ملزمًا لأحد كما أنه لا يعفي الدولة الناقضة للاتفاقية من واجباتها تجاه الدول الموقعة على الاتفاقية ، وأن أحكام القانون الدولي كلها تؤكد أن مصر لها حق مكتسب في مياه النيل ، ويؤيد ذلك ما أقره معهد القانون الدولي عام 1961 بشأن مبدأ عدم المساس بالحقوق التاريخية المتوارثة في الموارد المائية وأيدته المادة 12 في اتفاقية فيينا للمعاهدات عام 1978 التي نصت على توارث الاتفاقيات الخاصة بالحدود ، مؤكدًا أنه من حق مصر اللجوء إلى المحكمة الدولية في حالة إصرار إثيوبيا على الإضرار بمصالح مصر المائية.
إن الاتفاقيات السابقة والحقوق القانونية قد لا تكفي وحدها للتأكيد على حق مصر كما هو واضح من سلوك إثيوبيا الحالي ، مما يتطلب استراتيجية موحدة تتضمن حزمة من التوجهات ووسائل الضغط الدولي وآليات التعاون والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتقارب السياسي والدعم العسكري في آن واحد لتؤتي ثمارها في تحقيق الأهداف المرجوة.
والتحرك المصري على المستوى الدولي والاقليمي كان قد بدأ بالفعل منذ النصف الثاني من عام 2010 حيث رفضت مصر دراسات الجدوى لهذه السدود لعدم أخذ الآثار السلبية على دولتي المصب في الاعتبار ، وتم ارسال ملاحظات مصر على الآثار السلبية لها إلى سكرتارية مبادرة حوض النيل وإلى حوض النيل الشرقي وإلى البنك الدولي والسوق الأوروبية وإلى المكاتب الاستشارية التي تقوم بتصميم هذه السدود ، والتحرك الإثيوبي بعد وضع حجر أساس سد النهضة كان وما زال قويًا وحقق أهدافه من إشهار دولي للسد والبدء في إنشائه ، وتشجيع للاستثمار الزراعي الدولي في إثيوبيا واستنفار للشعب الإثيوبي وفرض الأمر الواقع على كل من مصر و السودان وبل محاولة استمالة السودان .
إن المفاوضات التي تجرى حاليًا بين الجانبين المصري والإثيوبي وصلت إلى مرحلة حرجة وحساسة؛ بعد رفض إثيوبيا التوقيع على الإتفاق النهائي في واشنطن نهاية الشهر الماضي، وبعد أن وقعت عليه مصر بشكلٍ منفردٍ هذا من جانب، ومن جانب آخر أعلن وزير الري الإثيوبي، إن بلاده ستبدأ في موسم الأمطار القادم في يوليو، بعملية تخزين المياه في السد وستليها اختبار توليد الطاقة في مارس2021.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل هاجم وزير الخارجية الإثيوبي، غيدو أندرجاتشاو، مصر وأمريكا، متهمًا أمريكا بالانحياز لصالح مصر في مفاوضات سد النهضة ، وشدد على أن إثيوبيا تقيم سدًا على أراضيها وتحت سيادتها الكاملة، ولا ينبغي تدخل الولايات المتحدة أو دولة أخرى في تحديد مصلحتها، مبديًا دهشة أديس أبابا من صدور مثل هذا البيان من دولة عظمى.
هذا وقد تلقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالا هاتفيًا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبحثا الجانبان تطورات ملف سد النهضة وقد أعرب الرئيس الأمريكي عن تقديره لقيام مصر بالتوقيع بالأحرف الأولى على الإتفاق الذي أسفرت عنه جولات المفاوضات حول سد النهضة بواشنطن خلال الأشهر الماضية، باعتباره اتفاقًا شاملا وعادلا ومتوازنًا، مؤكدًا أن ذلك يدل على توفرحسن النية والإرادة السياسية الصادقة والبناءة لدى مصر.
إن قيام إثيوبيا بهذه المواقف أثبتت بما لايدع مجالًا للشك أنها دولة ليس لها مصداقية أمام المجتمع الدولي، وأنها تتحدى المجتمع الدولي وهذا الموقف يتيح لمصر إدانتها أمام المجتمع الدولي والعالم أجمعحيث مصر ما زالت ملتزمة بالحل السياسي والتفاوض في هذا الملف سيكون عن طريق وضع المجتمع الدولي أمام مسئولياته.. وهنا تصبح كل الخيارات متاحة أمام مصر للدفاع عن حقوقها المائية.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن وبقوة : ما هي السيناريوهات المتوقعة أمام مصر للخروج من هذه الأزمة؟
هناك ثلاثة سيناريوهات بعد رفض إثيوبيا التوقيع على الإتفاق، السيناريو الأول: هو قبول إثيوبيا لطلبات مصر وأمريكا ومن ثمَ قيامها بالتوقيع على الاتفاق قبل ملء سد النهضة، وهو من الممكن حدوثه في حالة إذا استطاعت مصر تكثيف جهودها من خلال أن تلجأ إلى الأمم المتحدة، لاسيما في ظل وجود الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي، اللذين شهدا على المفاوضات ، كما يجب على الدول العربية مساعدة مصر والوقوف بجانبها من خلال استخدام سلاح استثماراتهم في إثيوبيا، ويجب التواصل مع المنظمات الدولية والدول الكبرى لمنع تمويل أي شيء في إثيوبيا.
السيناريو الثاني: هو أنتتحرك مصر بسرعة عبر التنسيق مع الولايات المتحدة ومن الممكن إدخال أطراف أخرى مثل الصين وروسيا من أجل استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف تشغيل السد.
السيناريو الثالث هو قيام إثيوبيا بملء وتشغيل السد قبل التوقيع على الإتفاق النهائي، وفي هذه الحالة سيستوجب على مصر حق الرد ، وفي هذه الحالة يترك للقيادة السياسية إتخاذ ما تراه حلًا مناسبًا من وجهة نظرها، وذلك يفتح الباب أمام حلول مفتوحة ومتنوعة قد تؤدي إلى تدخل القوات المسلحة المصرية، وهو حق مصر خاصةً أن الأمن المائي المصري هو قضية أمن قومي في المقام الأول والأخير.
وفي النهاية يبقى سؤال هام ومُلِح وهو: هل ستتجاوب كلٍ من إثيوبيا والسودان مع الجهود التى تبذلها مصر، ويمدا معًا يدا العون لكي تكلل هذه الجهود بالنجاح، ويتم التوصل إلى حل يتم التوافق عليه، يُذهب الضرر وتتحقق معه المنفعة والمصلحة للأطراف كافة؟!، ألم يحن الوقت بعد لكي تثبت كلٍ من إثيوبيا والسودان حسن نواياهما، مثلما فعلت مصر؟! سؤال نطرحه، وستجيب عنه الأيام القادمة!!!
مساهمة خاصة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.