أكّد وزير المجاهدين وذوي الحقوق، عبد المالك تاشريفت، مساء اليوم الخميس بولاية معسكر، أن الأمير عبد القادر استطاع خلال سنوات قليلة أن يؤسس واحدًا من أكثر الأنظمة السياسية والإدارية والعسكرية تقدّمًا في عصره، وذلك بفضل رؤيته العميقة في بناء دولة قائمة على الشورى واحترام الحقوق. جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها الوزير في زيارته لموقع شجرة الدردارة ببلدية غريس، رفقة وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة، في إطار مراسم الاحتفال بالذكرى ال193 للمبايعة الأولى للأمير عبد القادر، التي نظمت تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون. وأشار السيد تاشريفت إلى أن استحضار شخصية الأمير عبد القادر "ليس مجرد احتفاء تاريخي عابر، بل إحياء لوهج قائد جمع بين الحكمة والبصيرة، وبين السيف والقلم، وبين الروحانية ورجاحة السياسة". وأضاف أن الأمير، مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، لم يكن قائدًا للجزائر في القرن ال19 فحسب، بل قائدًا عالميًا سابقًا لعصره ورمزًا للأخوّة والتعايش ونبل الإنسان. وأكد الوزير أن الوفاء لمسيرة الأمير عبد القادر "سلوك دولة وضمانة أمة"، يتجلى في حماية الذاكرة الوطنية، وتنوير الأجيال بتاريخ رجال صنعوا مجد الجزائر، وفي مواصلة البناء والتنمية التي ينجزها الجزائريون اليوم بعزيمة راسخة. وأبرز الأبعاد المتعددة لشخصية الأمير، باعتباره عالمًا بالدين، متمكنًا من ثقافة عصره، خبيرًا بالسياسة والدبلوماسية، وقائدًا عاش بتواضع وزهد. من جهتها، ثمنت وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة الجهود التنظيمية الكبيرة التي قامت بها سلطات ولاية معسكر لإنجاح مراسم هذه الذكرى، وأعلنت عن إطلاق الطبعة الأولى لمسابقة "أحسن زي تقليدي" ابتداءً من السنة المقبلة بولاية معسكر، في مبادرة تهدف إلى تثمين تراث الأمير عبد القادر وإبراز الهوية الثقافية الجزائرية. كما شملت مراسم الاحتفال غرس شجرة من نوع الدردارة قرب المعلم التاريخي الذي شهد البيعة الأولى للأمير، بالإضافة إلى وضع حيّز الخدمة لمشاريع إعادة تهيئة مسجد المبايعة بمدينة معسكر وزمالة الأمير عبد القادر ببلدية سيدي قادة، فضلًا عن زيارة دار قيادة الأمير بعاصمة الولاية. وشهدت المناسبة أيضًا إعطاء إشارة انطلاق الأيام الوطنية للحكواتي بساحة "العيش معًا بسلام"، إلى جانب افتتاح معارض سلطت الضوء على التاريخ البطولي للأمير وسيرته الذاتية، بمشاركة مؤسسات متعددة تحت وصاية وزارة الثقافة والفنون. واختُتمت الفعاليات، التي حضرها ولاة غليزان وسعيدة وتيارت وعين تموشنت ومستغانم وعدد من المنتخبين، بزيارة الوفد الوزاري إلى زاوية سيدي محيي الدين ببلدية القيطنة، مسقط رأس الأمير عبد القادر، حيث اطلع المسؤولان على الأنشطة الدينية والتعليمية بالزاوية، وأشرفا على تكريم عدد من الطلبة المقيمين بها.