وزير الاتصال يدعو إلى التحلي بالمسؤولية والنزاهة في الممارسة الإعلامية    وفاة المجاهد هواري محمد المدعو "العميشي"    معركة سوق أهراس الكبرى: ملحمة الصمود والبطولة في وادي الشوك    رفع الأثقال/بطولة إفريقيا: ثلاث ميداليات ذهبية ليحيى مامون أمينة    عيد الأضحى: وصول باخرة محملة ب 13 ألف رأس غنم من إسبانيا إلى ميناء وهران    اليوم الوطني للمسنين: برامج فعالة لتعزيز التكفل بهذه الفئة وحمايتها    الجمباز الفني/كأس العالم: تأهل ثلاثة جزائريين للنهائي    عطاف يشارك في مراسم جنازة البابا فرنسيس    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51495 شهيدا و117524 جريحا    أكسبو 2025: جناح الجزائر يحتضن أسبوع الابتكار المشترك للثقافات من أجل المستقبل    انطلاق أشغال الندوة الوطنية حول "تقييم التحول الرقمي في قطاع التربية الوطنية"    الأونروا: أطفال غزة يتضورون جوعا    تصفيات كأس العالم للإناث لأقل من 17 سنة/الجزائر-نيجيريا (0-0): مسار جد مشرف لفتيات الخضر    حج: انطلاق عملية الحجز الالكتروني بفنادق بمكة المكرمة ابتداء من اليوم السبت    إطلاق عملية رقابية وطنية حول النشاطات الطبية وشبه الطبية    ملك النرويج يتسلم أوراق اعتماد سفير فلسطين    مقتل مسؤول سامي في هيئة الأركان العامة    موجة ثانية من الأمطار في 8 ولايات    المرأة تزاحم الرجل في أسواق مواد البناء    بالذكرى ال63 لتأسيس المحكمة الدستورية التركية، بلحاج:    ملتزمون بتحسين معيشة الجزائريين    مزيان يدعو إلى الارتقاء بالمحتوى واعتماد لغة إعلامية هادئة    مخططات جديدة لتنمية المناطق الحدودية الغربية    مداخيل الخزينة ترتفع ب 17 بالمائة في 2024    15 بلدا عربيا حاضرا في موعد ألعاب القوى بوهران    الدبلوماسية الجزائرية أعادت بناء الثقة مع الشركاء الدوليين    اجتماع لجنة تحضير معرض التجارة البينية الإفريقية    إبراهيم مازة يستعد للانضمام إلى بايرن ليفركوزن    رئيسة مرصد المجتمع المدني تستقبل ممثلي الجمعيات    الكسكسي غذاء صحي متكامل صديق الرياضيين والرجيم    60 طفلًا من 5 ولايات في احتفالية بقسنطينة    وكالات سياحية وصفحات فايسبوكية تطلق عروضا ترويجية    الجزائر وبراغ تعزّزان التعاون السينمائي    ختام سيمفوني على أوتار النمسا وإيطاليا    لابدّ من قراءة الآخر لمجابهة الثقافة الغربية وهيمنتها    متابعة التحضيرات لإحياء اليوم الوطني للذاكرة    المجلس الشعبي الوطني : تدشين معرض تكريما لصديق الجزائر اليوغسلافي زدرافكو بيكار    الذكرى ال63 لتأسيس المحكمة الدستورية التركية : بلحاج يشيد بالعلاقات الجيدة بين المحكمة الدستورية الجزائرية ونظيرتها التركية    رئيس الجمهورية يدشن ويعاين مشاريع استراتيجية ببشار : "ممنوع علينا رهن السيادة الوطنية.. "    توقيع عقدين مع شركة سعودية لتصدير منتجات فلاحية وغذائية جزائرية    الأغواط : الدعوة إلى إنشاء فرق بحث متخصصة في تحقيق ونشر المخطوطات الصوفية    سيدي بلعباس : توعية مرضى السكري بأهمية إتباع نمط حياة صحي    عبد الحميد بورايو, مسيرة في خدمة التراث الأمازيغي    انتفاضة ريغة: صفحة منسية من سجل المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي    وزير الثقافة يُعزّي أسرة بادي لالة    250 شركة أوروبية مهتمة بالاستثمار في الجزائر    الصناعة العسكرية.. آفاق واعدة    بلمهدي يحثّ على التجنّد    قمة في العاصمة وتحدي البقاء بوهران والشلف    حج 2025: برمجة فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" وتطبيق "ركب الحجيج"    هدّاف بالفطرة..أمين شياخة يخطف الأنظار ويريح بيتكوفيتش    البطولة السعودية : محرز يتوج بجائزة أفضل هدف في الأسبوع    رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



3.5 ملايير دولار.. خسائر الجزائر في التحكيم الدولي
نشر في الهداف يوم 04 - 01 - 2015

"الشروق" تفتح ملفيّ سوناطراك والجوية الجزائرية كنموذج للقضايا الخاسرة خسرت الجزائر خلال السنوات العشر الأخيرة، ما قيمته 3.5 ملايير دولار، في قضايا لجأ فيها الشركاء إلى التحكيم الدولي، وقالت مصادر تحدثت إليها "الشروق"، أن غالبية القضايا التي ترفع إلى التحكيم تكون خاسرة حتى قبل رفعها، كون الطرف المحلي لا يحترم بنود العقد المبرم، ويتعامل على أساس أنه صاحب الحق دائما والمسير ومالك المؤسسة لا أنه شريك يجب أن يحترم الطرف الثاني.


وعلى الرغم من أن لاتفاقية التحكيم أهمية قصوى، إذ تعدّ الحجر الأساس للخصومة التحكيمية، حيث تبنى المشرع الجزائري صورتين لاتفاقيات التحكيم لكي يمنح للخصوم حق اللجوء إلى التحكيم، إذا ثار نزاع بينهما سواء كان سابقا أم لاحقا على الاتفاق، كما حاول المشرع تحديد مضمون اتفاقيات التحكيم بغرض منع الخصوم من التهرب من التزاماتهم، غير أن المؤسسات الوطنية نادرا ما تلجأ إلى التحكيم الدولي أو تكون هي المطلوبة والطرف المتنازع معه المرفوعة ضده قضايا.
ولعل آخر قضية فضحت تعامل بعض المؤسسات الوطنية بصيغة وعرت "لامبالاتها" في تطبيق القانون، ما عُرف بقضية قربوعة التي انتهت بحجز طائرة الخطوط الجوية الجزائرية في العاصمة البلجيكية بروكسل، بعد تعمد مسؤولي الشركة عدم دفع الدين المستحق عليهم لصاحب الدعوى الذي اعتبر في تصريح ل"الشروق" أنه تعرض للظلم ورفض الخضوع لذلك فحرك دعوى ضد الشركة، بعد أن حاول أكثر من مرة تسوية القضية وديا، ما جعل الطرف الجزائري يقع في حرج لما تعرضت له الشركة من "إهانة"، ويدفع بالمقابل 2 مليون دولار كان بالإمكان دفعها، لأنها في الأصل مستحقة للطرف الثاني ولا تملك فيها الشركة "فلسا" واحدا، لأن المبلغ هو في الأساس ضمان يرد لصاحبه قانونيا وشرعا ومنطقيا.

بوعبد الله: هذه خلفيات "خسارة" قضية قربوعة
وتؤكد تصريحات المسؤولين على إدارة الشركة، تعاملهم غير المسؤول مع قضايا تصنف في خانة "قضايا الدولة"، إذ يؤكد عبد الوحيد بوعبد الله الرئيس المدير العام السابق لشركة الخطوط الجوية الجزائرية ل"الشروق" أنه ولدى اتصال الطرف الثاني به لتسوية الوضعية وديا أخبره بأن لا تفاهم معه وأنه بإمكانه اللجوء إلى العدالة، وكأن الأمر يتعلق بملكية خاصة يديرها كما يحلو له، هذا من دون الحديث على قضية المقر الجديد للخطوط الجوية الجزائرية الذي يوجد حاليا على مستوى العدالة ولم تتحرك الأشغال به رغم الاتفاق مع الطرف المكلف بالإنجاز، بسبب خصومة قانونية، إذ رفضت غرفة التحكيم للغرفة التجارية الدولية بجنيف الدعوى المرفوعة من قبل الجوية الجزائرية ضد الشركة الكندية "أس أم الدولية للبناء"، بخصوص المقر، بعد أن قررت الجوية فسخ العقد مع الشركة من جانب واحد، وأصدرت المحكمة قرارها القاضي بفرض بقاء الشركة، فضلا عن رفض طلب الجوية الجزائرية تعيين خبير، مع إعطاء الحق للشركة الجزائرية بالمعاينة من قبل خبرة خاصة لتحديد تكلفة إعادة بعث المشروع، وحضور ممثل على الأقل من الشركة الدولية الكندية، وهو الرفض الثالث من نوعه والأول على المستوى الدولي، بعد إيداع الجوية الجزائرية لطلب إجراء تحفظي ضد الشركة الكندية لعدم وفائها بالتزاماتها، حسب رأي الشركة الجزائرية، وتسجيل تأخر في انجاز مشروع المقر الرئيسي للشركة، إلا أن طلب الجوية الجزائرية قوبل بالرفض في مجلس قضاء الجزائر ومحكمة الاستئناف، ليم نقل القضية بعدها إلى غرف التحكيم للغرفة التجارية الدولية بجنيف التي أصدرت قرارا بالرفض أيضا بتاريخ 17 سبتمبر 2014.
وقامت الجوية الجزائرية باسترجاع الضمانات البنكية من البنك الوطني الكندي "بي أن سي"، بقيمة 16 مليون أورو، في وقت رفعت الشركة الكندية دعوى قضائية دولية تطالب فيها بتعويض قيمته 20 مليون أورو بسبب ما اعتبرته تقاعسا في دفع أقساط الشركة ومستحقاتها المتعلقة بالأجزاء المنجزة من المشروع.

سوناطراك في مواجهة "ايدسون" الإيطالية و"بي أش آل" الإسبانية
من جهتها، خاضت الشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك عدة قضايا تحكيم دولي، بينما كان الاتفاق الودي مصير عدة قضايا خلافية مع شركائها، واللافت أن الطرف الجزائري خسر عدة قضايا للتحكيم الدولي خصوصا مع الإيطاليين والأمريكان، ما يطرح التساؤلات حول طريقة تسيير الملف من طرف أكبر شركة وطنية والتي كانت في أكثر مرة ملزمة على دفع أموال إضافية للأجانب.
وتبرز قضية التحكيم الدولي التي خسرتها سوناطراك مع شركة إديسون الإيطالية في صدارة القضايا التي خسرها الطرف الجزائري في التحكيم الدولي، بخصوص أسعار الغاز الطبيعي، حيث قضى التحكيم الدولي لصالح الطرف الإيطالي الذي استفاد من عائدات مالية قدرها 300 مليون أورو دون احتساب الضرائب عام 2013.
ولجأ مجمع "بي.أش.أل" الإسباني للمنشآت هو الآخر لحل التحكيم الدولي ضد شركة سوناطراك لدى الغرفة الدولية بباريس نهاية عام 2012، وهذا على خلفية جزء غير مدفوع من أشغال إضافية وتحسينات بمركز الاتفاقيات بوهران، على حد زعم المجمع، حيث طالب بمبلغ قدره 269 مليون أورو، 199 مليون أورو كمخلفات تراكمية للفوائد، ودين أصلي للأشغال يقدر ب70 مليون أورو، واللافت أن المجمع الإسباني رفض جملة وتفصيلا خيار الحل الودي.
وفي سياق تجنب التحكيم الدولي، سعت سوناطراك إلى عدم خوض المعترك مجددا مع الأطراف الإسبانية وتوصلت إلى اتفاق ودي لتعديل أسعار الغاز الطبيعي الذي تتحصل عليه شركات اسبانية عاملة بالجزائر.
وقبلت الشركة الوطنية للمحروقات بحل ودي مع شركة النفط الأمريكية أناداركو وشركة ميرسك، ولكن هذا الحل الودي لم يكن من دون مقابل، حيث دفعت ما قيمته 4 .4 ملايير دولار لأناداركو وقرابة مليار دولار لميرسك، وتم بموجبه إعادة بعث مشاريع الشركتين في الحقول النفطية بالجنوب الجزائري.
وبالمقابل، فقد خرجت سوناطراك منتصرة في قضية تحكيم دولي ضد مجمع غاز ناتورال الإسباني بخصوص أسعار الغاز الجزائري المسوق في اسبانيا، وهي القضية التي عمرت لقرابة 4 سنوات من 2007 إلى نهاية 2010 تقريبا، حيث قضت غرفة التحكيم الدولية بباريس بأن يدفع الطرف الإسباني لما قيمته 1.5 مليار أورو لسوناطراك.

الرئيس المدير العام الأسبق لسوناطراك عبد المجيد عطار ل "الشروق":
هذه أسباب لجوء الشركات الأجنبية إلى التحكيم الدولي كخيار تسوية
يعتقد الرئيس المدير العام الأسبق لشركة سوناطراك، ووزير الموارد المائية مطلع الألفية، عبد المجيد عطار، أن التحكيم الدولي قضية معقدة، مشيرا إلى أنه لم يشهد خلال عهده ولم يسير أي قضية تحكيم دولي خاسرة.
وأكد على أن الجزائر كان لها دوما إمكانية التسوية عن طريق الحل التوافقي مع الخصوم، موضحا أن هذا الحل كان سيقلص من الخسائر المالية للجزائر.
وفي تصريح ل "الشروق" بخصوص قضايا التحكيم الدولي للجزائر ضد أجانب، قال عبد المجيد عطار بأنه من الصعب الإجابة عن مسألة التحكيم الدولي، لأنه من الضروري معرفة خلفية التحكيم وملفاته بشكل معمق ودقيق، وخاصة تسيير الملف لدى الطرف الجزائري.

قضية الوكالة الوطنية للسدود مع الإيطاليين
وبحسب عطار، فإنه يتذكر قضية لتحكيم دولي بادرت بها مؤسسة إيطالية ضد الوكالة الوطنية للسدود "ANB"، في عام 2003، حيث تم إسناد الملف والتكفل به وتسييره من طرف محام جزائري متخصص في هذا المجال. وقال، في هذا الصدد: "بعد سنوات عديدة، وبفضل متابعة ممتازة من طرف المحامي للملف، ربحت الوكالة الوطنية للسدود قضيتها ضد الشركة الإيطالية.
الخصم الأجنبي هو من يلجأ إلى التحكيم الدولي والحل في المحامي الجزائري
ومما تجدر الإشارة إليه، حسب عطار، أنه يجب عدم القول إن الجانب الجزائر قد ضمن دوما الفوز في قضية التحكيم الدولي، لأن كل شيء متوقف بالدرجة الأولى على الأسباب التي قام على أساسها التحكيم الدولي، ويأتي في مرتبة ثانية تسيير الملف ومتابعته من طرف المحامين المتخصصين. وذكر في هذا السياق: "المحامون الجزائريون المتخصصون في المجال قليلون لكن فعاليتهم كبيرة".
وأكد عطار أنه وحسب المعلومات المتوفرة فإن جل قضايا التحكيم الدولي كانت المؤسسات الأجنبية التي تعمل بشراكة مع نظيرتها الجزائرية، هي التي بادرت باللجوء إلى التحكيم الدولي، أي إن الشكوى إلى الهيئات الدولية كانت دوما تأتي من الشركاء الأجانب، مضيفا أن هذه القاعدة تنطبق على الأقل على قطاعي المحروقات والري.
ويشرح عطار ثلاثة أسباب كانت غالبا هي السبب وراء لجوء الشركات الأجنبية بالجزائر إلى حل التحكيم الدولي، وأوضح أنه خلال سنوات التسعينات كانت الشركات الأجنبية تتحجج بالأسباب الأمنية وغياب التغطية الأمنية اللازمة.
وتلجأ شركات أخرى إلى التحكيم الدولي اعتقادا منها أن فسخ عقدها كان بطريقة تعسفية من طرف السلطات الجزائرية، حسب عطار، بينما تختار أخرى طريقة التسوية هذه نظرا إلى اعتقادها أن الكلفة المالية للصفقة أو العقد، أقل بكثير مما تنفقه على المشروع على أرض الواقع، ولذلك تلجأ إلى التحكيم الدولي من أجل التخلص من العقد الذي وقعت عليه بالجزائر.

عضو غرفة التحكيم الدولية بباريس محمد شملول ل "الشروق":
20 قضية تلاحق شركات جزائرية أمام التحكيم الدولي
يرى المحامي وعضو غرفة التحكيم الدولية بباريس، محمد شملول، أن المشكل الكبير في الجزائر، هو أن الشركات تلجا إلى التحكيم الدولي أو إلى قرارات العدالة، كحل نهائي، وتحول الحل الودي من قاعدة إلى استثناء لأن الحل الودي صار يعتبر بمثابة خطإ في التسيير.
وأكد شملول، في تصريح ل "الشروق"، أنه من النادر حاليا أن تجد من يوافق على الحل الودي، لأنه يعتبر كخطإ في التسيير وما يترتب عليه من مسؤولية، موضحا أن الحل الودي الذي من المفروض أن يكون هو القاعدة العامة، صار هو الاستثناء حاليا، بل إنه صار استثناء جد نادر وهو ما دفع ببروز قضايا تحكيم دولية متعددة، وكما يقول المثل "اتفاق سيئ أحسن من دعوى جيدة".
وبحسب محدثنا، فإن بروز قضايا التحكيم الدولي، يعود أيضا إلى برنامج الاستثمار الكبير في الجزائر، الذي أتى بالعديد من المشاريع، معتبرا أن نسبة القضايا المحالة على التحكيم الدولي تبقى جد عادية، لأنه من بين 200 أو 300 عقد، تجد 7 أو 8 قضايا وصلت إلى التحكيم الدولي. وهذا أمر عادي. وحاليا يتواجد نحو 20 قضية تحكيم دولي تخص الجزائر.
الحل الودي تحول من قاعدة عامة إلى استثناء نادر
وأشار المحامي شملول والمستشار القانوني السابق لسوناطراك أن النزاعات عادة تدور حول شكاوى الشركاء الذين لا يتم دفع مستحقاتهم، والتي تدفع عادة بتأخر لا يمكن تصوره يصل حتى إلى عام ونصف، ويبقى طيلة هذه المدة يدفع التكاليف من حسابه، بينما العقد الممضى عليه ينص على أن يتم دفع الأموال في أجل أقصاه 30 أو 60 يوما، وأن العقد ينص على دفع الفوائد ولا يتم ذلك، والقانون الجزائري يمنح الحق في الحصول على الفوائد، وعليه يكون اللجوء إلى التحكيم الدولي في الجزائر غالبا من طرف الشركات الأجنبية.
ويتطرق عضو غرفة التحكيم الدولية بباريس إلى مشكل تطبيق النصوص القانونية في الجزائر الذي يبقى أكبر مشكل يدفع بالإطراف إلى أن تلجأ إلى التحكيم الدولي، وهذا رغم أن الجزائر تتوفر على أحسن النصوص القانونية لكن المشكل يبقى في تطبيقها.
وأوضح شملول أنه عكس ما يشاع، ونظرا إلى سرية الملفات، فإن عديد الشركات الجزائرية، وعلى اختلاف قطاع نشاطها، ربحت قضايا تحكيم دولي مع أجانب لكن لم يتم الإعلان عنها نظرا إلى سريتها.

نقيب المحامين عبد المجيد سيليني ل"الشروق":
"نوايا مبيتة لتحطيم المؤسسات الوطنية بدفعها للتحكيم"
حمل نقيب المحامين، عبد المجيد سيليني، المؤسسات الوطنية مسؤولية خسارة القضايا المطروحة في التحكيم الدولي، بسبب تعاملها بعقلية "السلطة" و"مالك الشيء" لا الشريك الذي يملك الحقوق والواجبات ذاتها، فضلا عن ارتكابها أخطاء في إبرام الصفقات لعدم معرفتها بالقانون وكذا عدم استعانتها بخبراء قانونيين في اتخاذ القرارات، مستنتجا من جملة خبراته في المرافعة بهذه القضايا وجود نية مبيتة لتحطيم المؤسسات الوطنية بدفوع خاسرة إلى التحكيم الدولي.

برأيكم، ما هو سبب خسارة المؤسسات الوطنية للقضايا المطروحة أمام العدالة الدولية، هل ل"قصر" في تكوين المحامين الجزائريين أو ل"براعة" المحامين الأجانب؟
مرد الأمر ليس في المحامين الجزائريين المكلفين بالدفاع على مصالح المؤسسات الجزائرية التي تعرض قضايا أمام الغرفة الدولية للتحكيم، لأنه وفي غالب الأحيان تكلف مكاتب محامين خاصة في باب وقوع مقرها بأوروبا في مكاتب فرنسيين بدون التعامل مع المحامين الجزائريين.

وما السبب في ذلك؟
غالبا ما تستصغر المؤسسات الأجنبية كفاءات المحامي الجزائري.

ماذا عن الأستاذ علي هارون الذي كلف بمتابعة قضية الجوية الجزائرية، لكنه فشل في إدارتها من البداية؟
مكتب محاماة علي هارون معترف به دوليا.. ومؤسساتنا تُبرم صفقاتها دون استشارة المحامين
علي هارون لا أظن أنه ذو كفاءة محدودة في التحكيم الدولي، بل هو معترف به دوليا وهو محام بارز حتى من حيث مساهماته في المجال، وأعتقد أنه لإعطاء رأي صائب لابد من الإطلاع على المعطيات والجوانب الموضوعية الحقيقية والإجرائية من حيث الملف في حد ذاته، حتى نستطيع أن نحكم إن كان الموقف أو الإجراء صائبا أو غير صائب، مع أنني غير مخول للحكم في كفاءة زميل من الزملاء، ولكن يمكنني الإدلاء بشهادة فيما أعرف عنه من حيث تركيبة مكتبه وكفاءته، فهو من المحامين المعترف بهم دوليا في هذا المجال، بل بالعكس كلما كان معينا كحكم في قضية ما يرتاح الذين معهم، غير أنه وفي بعض الأحيان لاحظت أنا شخصيا أن مؤسساتنا تخطئ في الصفقات التي تبرمها مع المتعامل الأجنبي دون التحري أو أخذ الاحتياطات باللجوء قبل أي تصرف للرأي أو النصيحة القانونية للمحامين بعكس ما هو عليه في المؤسسات الأجنبية.

يعني أن مكمن الخطأ في المؤسسات الوطنية؟
فيما عرفته في بعض القضايا، مؤسساتنا تتعامل ليس كأنها طرف متعاقد، بل تتصرف كسلطة وكأنها صاحبة القرار، متناسية أنه في الصفقات يترتب عليها التزامات وواجبات وحقوق غالبا تكون متساوية مع الطرف الثاني أو الشريك، ولعل من باب الاحتياط أنه من الأولى بالنسبة للمؤسسات أنها عندما تبرم صفقات أو اتفاقيات شراكة من الأحسن أن تكون مصحوبة بمحامين ذوي اختصاص، وهم موجودون ومتوفرون، حتى تكون الصفقات أو الاتفاقيات محمية بمقتضيات وبنود تحمي المصالح الوطنية أو المؤسسة وتجعلها في منآى عن تغلب المتعامل الأجنبي عليها، لكن هذه الثقافة غائبة عن مؤسساتنا وبالتالي تصبح وضعياتها، أضعف بالنسبة للمتعامل الأجنبي.

هل بحوزتكم أرقاما عن القضايا التي تم اللجوء فيها إلى التحكيم الدولي اعتمادا على المحامين الجزائريين؟
الأرقام موجودة على مستوى الغرف، ثم أن الثقافة مغيبة لدى المؤسسات الوطنية وبالتالي القضية غالبا ما ترفع من قبل الطرف الثاني.

ماذا عن القضايا التي رافعتم أنتم فيها؟
هناك قضية رافعت فيها وكسبتها على حساب مؤسسة وطنية، وقد حاولنا على مستوى المكتب بشتى الوسائل للوصول إلى حل ودي، لكن الطرف الجزائري أرغم الطرف الأجنبي على اللجوء إلى التحكيم الدولي واضطرت المؤسسة الوطنية -رفض ذكر اسمها- لدفع تعويض بقيمة 11 مليون دولار، وكان بإمكانها لو التزمت قانونيا ربح ملايير الدولارات وليس الملايين.

يعني أنها ثقافة اللامبالاة و"ركوب الراس"؟
في رأيي هناك نيات لتحطيم مؤسسات، ودوافع الذهاب إلى التحكيم الدولي ليست الدوافع الحقيقية.

وماذا تقولون على بيع المحامين الجزائريين القضايا المسلمة لهم للمؤسسات الأجنبية المتنازع معها مقابل أضعاف ما تمنحه المؤسسة الوطنية؟
مستحيل.. بالعكس، نحن كنا دائما ندافع عن الوطن، وحدث أن رافعنا لمؤسسات أجنبية أقنعناها بالحل الودي، نحن أخذنا بحس الدفاع على مصلحة البلاد، ووقع فيه صلح يخدم مصلحة البلاد والمؤسسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.