الإنتاج الوطني المرتقب من القمح الصلب سيضمن الاكتفاء الذاتي لسنة 2026    كيف تسوق إسرائيل مظلوميتها؟    جردة المائة يوم في عهد ترامب    تخيل.. عام واحد بلا كهرباء ولا آلات!    "واللَّه يعصمك من الناس"    كيف يقضي المريض الصلوات الكثيرة الفائتة؟    بشارات ربانية عظيمة    المرصد الوطني للمجتمع المدني يعقد دورته العادية السابعة    سعداوي: الإعلان عن نتائج عملية إصلاح مناهج وبرامج الطور الابتدائي قريبا    كرة القدم/الدورة الدولية الودية لأقل من 17 سنة: المنتخب التونسي يتعادل مع نظيره الموريتاني ب(0-0)    وزارة العدل تشرع في دورات تكوينية لفائدة القضاة والموظفين    سايحي يلتقي وزير الصحة العماني بتونس    بسكرة : تخرج 12 دفعة جديدة بالمدرسة العليا للقوات الخاصة    شايب و واضح يشاركان في لقاء من تنظيم قنصلية الجزائر بنيس حول المقاولاتية    79 شهيدا فلسطينيا جراء قصف الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة    وزير التربية الوطنية يعطي إشارة انطلاق امتحان شهادة البكالوريا من ثانوية الإدريسي بالجزائر العاصمة    باتنة: عودة أول فوج من الحجاج عبر مطار الشهيد مصطفى بن بولعيد الدولي    تتويج الفائزين بجائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب "علي معاشي"    بعد تسجيل خروقات في استغلال المصنفات المحمية، الوصاية:    بن جامع : الكيان "يتصرف وكأنّ القانون غير موجود، أو لا ينطبق عليه"    حجز 85 كلغ من الكوكايين بأدرار    مخيمات صيفية لفائدة 2000 طفل من أدرار وتمنراست    انهيار المحور المقاوم وصعود إسرائيل الكبرى"    تحذيرات ودعوات دولية للتعقّل والتهدئة    نشوب حرب شبه اقليمية بالمنطقة غير مستبعد    المواجهة العسكرية العلنية تستمر    ارتفاع أسعار النّفط بسبب التوترات في الشرق الأوسط    شهادة عدم تقاضي معاش عسكري إلزامية لتثبيت فترة الخدمة الوطنية    كهربة وسائل النّقل العمومي والفردي.. والتحوّل الطاقوي واقع    نحو جمع 90 ألف قنطار من الحبوب بالبليدة    مشاريع تجريبية لإنتاج وقود الطيران    الباك.. تجنّد أمني    العرباوي يشرف على إحياء يوم الفنان    ''الفاف" توسّع مهمة اكتشاف المواهب محليا وأوروبيا    نصائح للمقبلين على البكالوريا    نورة علي طلحة تبدع في بانوراما الجمال والهوية    "عائد إلى حيفا" في قالمة    الطاووس يتجول بكبرياء بين ضفتي الألوان والأكوان    منع مواقد الشواء في الغابات لقلة الوعي البيئي    طقوس وولائم تصل درجة البذخ    عمراني يتحسّس نوايا الإدارة قبل التحضير للموسم القادم    لو كنت في إسبانيا لأقالوني منذ أكتوبر    نشر القائمة المؤقتة للوكالات المرخّص لها تنظيم العمرة    الإنتاج الوطني المرتقب من القمح الصلب سيضمن الاكتفاء الذاتي لسنة 2026    الجمعية الوطنية للصيادلة الجزائريين تطلق حملة وطنية للتبرع بالدم    أزيد من 400 أخصائي في المؤتمر الدولي ال38 لجراحة المخ والأعصاب بالعاصمة    بتكليف من رئيس الجمهورية, السيد سايحي يشارك بتونس في أشغال المؤتمر الإقليمي للصحة الواحدة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    حوادث المرور: وفاة 10 أشخاص وإصابة 507 آخرين خلال ال48 ساعة الأخيرة    كرة القدم/الدورة الدولية الودية لأقل من 17 سنة /الجزائر-تونس: المنتخب الوطني يواصل تحضيراته بالبليدة    جنوب افريقيا: المؤتمر الوطني الإفريقي يجدد دعمه الثابت للشعب الصحراوي ويفند مزاعم المغرب    مونديال الأندية ينطلق اليوم    تسليم وثائق التوطين ل 230 مستوردا    الكسكسي في مسابقة دولية    وصول أول رحلة للحجّاج العائدين إلى مطار وهران    تحيين 12 ألف بطاقة "شفاء" منذ بدء العملية    اختبار مفيد رغم الخسارة    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنازة ردّ الاعتبار
نشر في الهداف يوم 02 - 01 - 2016

نشرت : المصدر جريدة الشروق السبت 02 يناير 2016 10:04 في جو جنائزي مهيب، نقل أمس، جثمان فقيد الجزائر البطل حسين آيت أحمد، من بيته السياسي مقر الأفافاس بشارع سويداني بوجمعة نحو مثواه الأخير بجوار أمه بقرية ايث احمد ببلدية ايت يحي دائرة عين الحمان بتيزي وزو.
الساعة كانت تشير إلى السابعة والنصف صباحا، حيث انطلق الموكب الجنائزي الشعبي البسيط مثلما أوصى به الراحل أفراد عائلته، وسط حضور مميز لمناضلي الحزب ومحبي الفقيد، وشهد تخصيص العشرات من الحافلات لنقل محبيه، تجنبا للفوضى والازدحام.. الكل كان في مكانه يتأهب لتوديع جثمان ايت احمد.
.. سيارات الإسعاف والحماية المدنية اصطفت منذ الساعات الباكرة أمام مقر الحزب، فيما اغتنم مناضلو الحزب ومقبرة ايت احمد اللحظات الأخيرة للدعاء له وذكر خصاله ومآثره، قبل أن يحمل جثمانه الطاهر على مركبة صفراء اللون تابعة للحماية المدنية.

بلكور.. العودة إلى الأصل فضيلة
وأبى المشرفون على الجنازة إلا أن يمر الموكب الجنائزي عبر حي بلكور الشعبي، حيث شهد ميلاد المنظمة السرية التي تزعمها الراحل وكانت إحدى أبرز المحطات في حياته، في وقفة رمزية تدل على إحدى
أبرز محطات الفقيد، أين استذكر الموكب نضال ايت احمد في سبيل استعادة الجزائر لاستقلالها..
.. لينطلق بعدها الوفد نحو مدينة يسر ببومرداس، حيث خفف الموكب من سرعته للسماح للمواطنين بإلقاء النظرة الأخيرة عليه، ليواصل المسير نحو بلدية ايت يحيى بدائرة عين الحمام التي غصت منذ الساعات الباكرة بآلاف المشيعين القادمين من مختلف الولايات.
واصطف العشرات من أعوان الدرك والأمن واقفين وقفة إكبار وإجلال على شرف الفقيد لما قدمه في سبيل الوطن ككلّ، حيث لمسنا إجراءات خاصة عبر كل الطرق المؤدية إلى عين الحمام، حيث اصطف العديد من الأعوان في انتظاره، ببلدية يسر اصطف العشرات من المواطنين على قارعة الطريق في انتظار وصول الجثمان قصد الترحم عليه، وعلى مستوى المداخل ببلديتي مقلع والأربعاء ناثي راثن اصطفت المئات من السيارات بعدما قررت السلطات فلق الطريق في وجه المركبات ونقل المئات من المشيعين إلى قرية ايت يحيى، كما خرج العشرات من السكان لتوديع الدا حسين، قبل أن يصل وسط هتافات الجموع الغفيرة الممجدة له وآثاره.
ومنذ الساعات الأولى من صباح الجمعة، شرع المواطنون في التقاطر على دشرة آيت أحمد ببلدية آيت يحيى، وتحديدا على الساحة التي أعدت لاستقبال جثمان حسين أحمد، وما إن حلت السادسة صباحا حتى ضاقت الساحة بالجموع، ما اضطر الكثيرين إلى اللجوء إلى التلال المحيطة، بالموقع حتى يتابعوا المشهد من هناك، ومع مرور الوقت كان الحشد يزداد حتى كسر الطوفان إجراءات التنظيم التي تم اتخاذها سلفا، لتأمين مسار هادئ للجنازة.

مشيعون من مختلف الولايات: "أسا أزكا الافافاس يلا يلا"
واقتصر الحضور الأمني الظاهر، على عناصر الشرطة الذين ارتدوا زي التشريفات، حيث إن التعامل مع الحشد وتسييره، كان مهمة مناضلي الأفافاس، في حين عُلم أن قوات الجيش انتشرت بالمناطق المحيطة بدشرة آيت أحمد، كما كانت تؤمن عن بعد مسار الجنازة.
وفضل بعض المشيعين الذي تسابقوا إلى الأماكن الأولى بين الحضور، تمرير رسائل سياسية والتذكير بالمواقف الثابتة للافافاس ومنطقة القبائل، ومن ذلك أن الحزب لا يزال في صف المعارضة رغم الليونة التي تتعامل بها القيادة الحالية مع النظام، وكانت تسمع هتافات "سي الحسين مازلنا معارضين"، و"الجزائر حرة ديموقراطية"، ومن الهتافات الأخرى التي تم ترديدها كذلك "اسا ازكا الافافاس يلا يلا....اسا ازكا ايت احمد يلا يلا"، أي أن الافافاس وايت احمد لا يزالان حاضرين، والتغني بعراقة جبهة القوى الاشتراكية.
كما لم يسلم النظام من الانتقاد وهذا في هتاف "اولاش السماح اولاش".
وحاول مسؤول فدرالية الافافاس بالولاية "ترطيب" الخواطر، حيث قاطع الحضور لأكثر من مرة عبر مكبر صوت لتذكيرهم بأن الحضور اليوم هو حضور ديني يتعلق بجنازة شخصية وطنية فذة، وليس لقاء حزبيا سياسيا، ودعاهم إلى الابتعاد عن الشعارات السياسية، بالقول "الرجاء، الرجاء، نحن اليوم في جنازة لها قدسيتها، ولسنا هنا لنصفي الحساب مع أي أحد"، واستطاع ذات المسؤول عبر الكلمات التي ألقاها امتصاص الحماسة الزائدة للبعض.
لكن تلك الشعارات عادت إلى الظهور، بمجرد وصول رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، الذي تحول لنهج المعارضة بعد تأسيسه حزب طلائع الحريات، وكان بعض الحضور يهتف في وجهه "حكومة برا...حكومة ديقاج"، ورد عليهم بابتسامة ويده تلوح لهم، لكن عددا من الحضور وجه له التحية، وشوهد بن فليس في نقاشات جانبية لأكثر من مرة مع المشيعين، يذكر فيها خصال الراحل ايت احمد، ويدعوهم إلى الاقتداء بمسيرته، بل وكيفية مواجهة الوضع السياسي الراهن.

السياسة حاضرة في الجنازة.. والحكمة تتغلب
وتوالى حضور بعض السياسيين، مثل المحامي مقران ايت العربي، والأمين العام لحركة الإصلاح الوطني فيلالي غويني، والنهضة محمد ذويبي، ونجل العقيد عميروش عبد الحق بن حمودة، وشخصيات من أحزاب مختلفة.. وفي وقت لاحق وصل رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش، مرفوقا بقيادات الافافاس: محمد نبو وعلي العسكري والحقوقي مصطفى بوشاشي، وبالكاد استطاعوا المرور وسط المئات من المشيعين.
وكممثلين للسلطة، كان الوزير الأول عبد المالك سلال حاضرا، لكن صعب على موكب الدخول وسط المشيعين، فيما تمكن وزير الشؤون الدينية من "اختراق" الجموع، فيما حضر أيضا رئيس المجلس الشعبي الوطني، العربي ولد خليفة.
وانتظر الحضور إلى ما بعد 11 ونصف، حتى وصول سيارة الإسعاف التي تحمل نعش "الدا الحسين"، وحينها بدأت دعوات المشرف على التنظيم وهي أشبه ما تكون بالتوسلات، بضرورة التزام الأماكن وإعطاء الصورة الإيجابية عن المنطقة والحضور، لكن التوسلات، لم تصمد كثيرا مع رغبة كل واحد حاضر في أن يكون أول من يلقي نظرة الوداع على الراحل ايت احمد، ليتحول الفضاء إلى ساحة للتدافع، ولم يجد المنظمون من سبل لرد "الحشد الشعبي" سوى الدعوة مرة أخرى إلى دقيقة صمت على روح الراحل، وضرورة الاقتداء بنهجه السلم الهادئ الذي عرف عنه، لكن لم يكن بمقدور أحد حتى عناصر الشرطة التي اصطفت كدرع بشري، صد الحشود ليختلط الحابل بالنابل، الكل يلوم والكل يدفع.
ولاحتواء حالة الشجون، تم الاستنجاد بالدكتور السعيد بويزري-رئيس المجلس العلمي لتيزي وزو- والذي يعد أحد أعلام المنطقة حاليا الذي أدى صلاتي الجمعة والجنازة، وقبل ذلك اجتهد الدكتور، في حث الجماهير الغفيرة على الهدوء واحترام قدسية الجنازة، والكف عن التدافع، وكان مرة ينجح في ذلك ومرات يفشل.

تدافع من أجل الظفر بالنظرة الأخيرة
وفي تلك الأثناء، وصلت عائلة الراحل إلى جموع المشيعين، في حافلة صغيرة، وألقت نظرة على الجثمان تحت هتافات "ايمازيغن"، ثم غادرت بصعوبة، وشوهد نجله يوغرطة رفقة والدته، وحاول الكثيرون تقديم واجب العزاء، لكن الحالة الصحية للعجوز صعبت ذلك.
واستبق الدكتور بويزري، الجموع لإقامة صلاة الجمعة، وجعل الخطبة كلمة تأبينية في روح الفقيد، وعدد من خصاله: "لقد كان نظيفا..عاش شامخا ومات شامخا.. لقد كان داعيا إلى السلم ولحماية حقوق الإنسان في الداخل والخارج"، وذكر في موضع آخر: "لقد كان رجل دولة داعيا إلى الوحدة"، وخلص الخطيب إلى تذكير الحضور بضرورة الاقتداء برسالة ايت احمد خاصة المحافظة على الوحدة الوطنية.
وبعد الفراغ من الصلاة، حُمل النعش على الأكتاف إلى مثواه الأخير وذلك بقبر والدته، الذي جرى إعادة فتحه في الساعات الأولى لفجر الجمعة، حيث يوجد عند مدخل مقام جده.

أنصار "الماك" يخترقون الطوق الأمني.. والعائلة توقفهم بدرع بشري
حاول عناصر مما يسمى حركة "الماك" الذين تمركزوا بقوة قبالة ضريح الولي الصالح، الشيح محند اولحسين، اختراق الطوق الأمني الذي أقامه منظمو الجنازة، لدى مرور أعضاء المكتب الوطني للأفافاس، مرددين شعارات مناهضة للنظام، وهي الخطوة التي تدخل أبناء عائلة آيت أحمد لاحتوائها بصنعهم درعا بشريا أوقفوا به تدفق عناصر "الماك".. نفس الدرع حموا به المنزل العائلي، حين تبينت صعوبة التحكم في الوضع نظرا لكثرة أنصار الحركة قرب القبر، الموقف الذي تدخلت كذلك النسوة لتهدئته بالزغاريد وترديد "لا إله إلا الله محمد رسول الله".. ومن جهة أخرى، لم تتمكن سيارة الإسعاف التي تقل جثمان المرحوم من المرور إلى موقع الدفن، نظرا للأمواج البشرية التي تدافعت وكأنها تمنع السيارة من الوصول به إلى التراب، الانزلاقات هذه تمكنت العائلة ورغم مصابها الجلل من احتوائها.

موكب جنائزي ضخم يودع "الدا الحسين" ببجاية
ودّعت بجاية أمس، "الدا الحسين"، من خلال تنقل الآلاف من المواطنين إلى قرية آث يحيى بتيزي وزو في موكب جنائزي شعبي ضخم ضم عشرات الحافلات التي نقلت أزيد من 4000 مواطن من الراغبين في حضور لحظات الوداع الأخيرة لآخر آباء الثورة الجزائرية... وكان موعد انطلاق حافلات نقل المشاركين في التأبينية والمسجلين على مستوى عاصمة الولاية في حدود الرابعة من صباح أمس وسط تأطير محكم من قبل مناضلي الأفافاس والمتعاطفين معهم، وكذا ناشطي الحركة الجمعوية بالولاية إلى جانب الحضور القوي لنشطاء حقوق الإنسان، فيما كان انطلاق باقي الحافلات من مختلف المناطق الأخرى بالولاية والتي قارب عددها ال150 حافلة، متفاوتا وفقا للمسافة المقطوعة .
وموازاة مع ذلك قام ممثلو منتدى "فوروم الاشتراكيين" المنشقين عن حزب الأفافاس بالولاية، من جهتهم بتوفير وسائل النقل الخاصة، للمواطنين الراغبين في حضور جنازة "أب الديمقراطية" بالجزائر، في الوقت الذي فضل فيه البعض، استباق الأحداث والتوجه إلى بلدية "آيت يحيى"، بدائرة "عين الحمام" بوسائلهم الخاصة منذ مساء الخميس، أين قضوا الليل هناك، بمركباتهم الخاصة بالرغم من الظروف الطبيعية والبرد الشديد، في انتظار وصول جثمان مؤسس أول حزب معارض بالجزائر. كما شارك في الموكب الجنائزي المهيب ممثلون عن المنتخبين المحليين والمجالس البلدية بمختلف انتماءاتها الحزبية .

الجنرال توفيق يلقي النظرة الأخيرة على آيت أحمد ليلا
اختار الفريق محمد مدين المدعو "الجنرال التوفيق" منتصف ليلة الخميس إلى الجمعة لإلقاء النظرة الأخيرة على روح الفقيد المجاهد حسين أيت أحمد، بمقر الأفافاس بالعاصمة.
وظهر الجنرال توفيق، وهو يرتدي معطفا أسود ونظارات، مفضلا كعادته عدم إثارة انتباه من حوله، وأتت زيارته إلى مقر حزب جبهة القوى الاشتراكية بأعالي العاصمة في حدود الساعة 12 ليلا، مستغلا غياب عدسات الكاميرات ورجال الإعلام وحتى المواطنين الذين قل حضورهم في الأمسية، لكن كل من كان هناك وقف يتكلم بأن الجنرال توفيق في مقر الأفافاس لتعزية عائلة الفقيد وقراءة الفاتحة في حين التقطت بعض الهواتف صورا للرجل وهو يلتحق ويغادر المقر مرفوقا بحرسه الشخصي.

آيت أحمد يجمع فرقاء السياسة بمقرّ الأفافاس
حزن.. بكاء وهتافات ممجدة لروح فقيد الجزائر الزعيم "الدا حسين"، هي آخر اللحظات التي ألقي خلالها الجمع الحاضر من جميع ربوع الوطن، وحتى من الخارج، النظرة الأخيرة على جثمانه الطاهرة، في بيته السياسي بمقر حزب جبهة القوى الاشتراكية بأعالي العاصمة .
أجواء مهيبة، ولحظات مؤثرة، عاشها مقر حزب "الأفافاس"، أول أمس، بشارع جيلالي بوجمعة، أين شهد إلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الزعيم التاريخي "الدا حسين"، وسط أجواء طبعتها الدموع والتأثر البالغ على وجوه الحاضرين المتواجدين بالمئات، والذين لم يسعهم بهو المقر، مذكرين بخصاله ومحاسنه وما قدمه من تضحيات جليلة إبان الثورة وبعد الاستقلال .
نساء ورجال، أطفال وشيوخ، فرادى وجماعات، أبوا إلا أن يحضروا إلى البيت السياسي للراحل، لتودعيه قبل نقله إلى مثواه الأخير بقرية "آيت أحمد" بدائرة عين الحمام .
شخصيات سياسية ووطنية، وحتى أجنبية كزعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، وكذا السفير الفلسطيني، لؤي عيسى، تواجدت إلى غاية ساعات متأخرة من ليلة الخميس بمقر الحزب، وعلامات التأثر والألم بالفاجعة التي حلت بالجزائر تعلوا وجوههم، لفقدانهم أحد أبنائها الأبرار، حيث شهد له جموع الحاضرين بالتضحيات التي قدمها في سبيل الوطن .
ومن بين الشخصيات الوطنية التي حضرت إلى مقر "الأفافاس"، رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس، الذي كان من أوائل الشخصيات المتوافدة للترحم على روح الفقيد، بالإضافة إلى رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش، وسط أجواء غاب عنها عديد الرسميين، عدا والي ولاية الجزائر العاصمة عبد القادر زوخ .
وكان إلقاء النظرة الأخيرة على جثمان فقيد الجزائر الدا حسين، فرصة للجمع بين شخصيات ومسؤولي أحزاب فرقتها السياسة، حيث تزامن وصول زعيمة حزب العمال لويزة حنون، للترحم على جثمانه، مع وصول رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، كما شوهد سعيد سعدي الأمين العام السابق للتجمع الوطني الديموقراطي، بالقرب من الأمين العام الحالي محسن بلعباس.

قالوا في الراحل

محمد ذويبي: نحن في هذا اليوم، نعيش جنازة أحد من أبناء الشعب، كان له نضال قبل الثورة وبعد الثورة، إلى أن توفي وهو يناضل من أجل سيادة الشعب.

فيلالي غوني: الجزائر فقدت رجلا عظيما، دافع عن الديمقراطية والمشروع الوطني الوارد في بيان أول نوفمبر، ونحن نرى في الجنازة اليوم مؤتمرا وطنيا، جمع الجزائريين من مختلف الاتجاهات.

مقران آيت العربي: هي جنازة غير عادية لرجل غير عادي، لأن الزعماء يعيشون كبارا ويموتون كبارا.

علي بن فليس: هذه العائلة والناحية والجهة عريقة ولها تقاليد.. آيت احمد عظيم يرد له الاعتبار.. آيت احمد شاهد على تاريخ جديد من تاريخنا الوطني، وهو من أحد صناع هذا التاريخ لا يمكن أن يقزم وسيبقى عظيما في الذاكرة الوطنية لا يحتاج إلى محام ليدافع عليه.. لقد تفطن للبناء الصحيح للدولة لتقوم الدولة الديموقراطية والاجتماعية وكانت له نظرة ثاقبة.. نحن من عائلته وندعو الله أن يرزقنا وأهله صبرا جميلا.

صالح دبوز: هنالك اليوم إجماع بقيمة الدا حسين، واليوم الراحل يعطينا أملا كبيرا، وحتى يوم جنازته يرشدنا ويقول لنا انه لا يحتاج إلى سلطة تمتدحه، بل يقول لنا أنه ابن الشعب واليوم يعود إلى أمه البيولوجية وأمه الطبيعية.. ونحن في رابطة حقوق الإنسان، نعتقد انه حارب النظام الاستعماري بنفس العزيمة التي حارب بها الدكتاتورية والتسلط، وهذا لا يجب أن ننساه.

عبد الله جاب الله: وفاة الزعيم التاريخي حسين آيت احمد بالفاجعة التي ألمت بالشعب الجزائري، ووفاته تعتبر مصيبة عامة للشعب ككل، وليس لعائلته أو مناضلي حزبه، ولا يجب تناسي نضاله في سبيل تحرير الجزائر وإقرار الديمقراطية.

راشد الغنوشي: آيت احمد من الرجال العظماء ورمز من رموز الثورة في شمال افريقيا والوطن العربي ككل.. هو القدوة لما قدمه من نضال في سبيل تحقيق الديمقراطية.

يوغرطة آيت أحمد: لم أتفاجأ للهبة التضامنية للشعب الجزائري مع العائلة والحضور الغفير في مراسيم تشييع جنارة الراحل.. آيت احمد ولد من رحم الشعب فاحتضنه الشعب، وعلى قيادات الأفافاس السعي إلى نفس النهج الذي سطره الفقيد واقتباس واحترام توجهاته وأفكاره السياسية.

نجل بوضياف ل"الشروق: أرى في رحيل آيت أحمد صورة والدي
قال نجل الراحل محمد بوضياف ل"الشروق"، أن رحيل آيت أحمد ذكرني بوفاة والدي وأرجو أن يتبنى الشعب الجزائري الأفكار والأهداف التي عاش ومات من أجلها فقيدنا اليوم، فالجزائر -يضيف ناصر بوضياف- فقدت إحدى القلاع السلمية والديمقراطية وقال "علاقته مع والدي كانت جد متينة، وبينهما ثقة عمياء منذ أيام الثورة واستمرت حتى بعد الاستقلال وإلى غاية الغدر به"، قائلا "أنه خلال انتخابات 62 والدي كان بالمهجر وترك لحسين آيت أحمد وكالة ينتخب بها نيابة عنه، حتى في حادثة اختطاف الطائرة كانا مقيدي الأيدي معا، علاقتهما تعدت حدود النضال والكفاح، واحتفظ له كبقية الشعب الجزائري بصورة الثوري العظيم والمناضل الفذ، الذي لم ينحن يوما مهما حاصرته الصعاب"، بوفاة آيت أحمد يقول ناصر "فإن لم يع الشعب بخطورة الوضع وضرورة التغيير سنسير نحو الهاوية لا محال، إذ أن فرصة التفاف الشعب حول هذا المصاب الجلل فرصة سانحة للتغيير الحقيقي نحو جزائر ديمقراطية بعد ما أضاع فرصة رحيل المجاهد محمد بوضياف .

لونيس آيت منقلات: سأغني لهذا الرمز
قال الفنان الكبير لونيس آيت منقلات وعيناه مغرورقتان بالدموع أن رحيل "الدا الحسين" خسارة للوطن والجزائريين ككل، وإن لم أكن ذا ميول سياسية، لكني كنت احترم الفقيد كثيرا، كمناضل ورجل صنع لنفسه بمواقفه ومبادئه النبيلة مكانة تبقيه في قلوب الجميع للأبد"، ووعد الفنان المخضرم بتأليف أغنية يتطرق فيها لخصال ومسيرة الرجل المناضل من أيام الثورة إلى دفاعه عن مبادئ وأسس الديمقراطية.

آيت العربي: آيت أحمد.. رحلة نضالية طويلة وشاقة
مقران آيت العربي الذي التقيناه ببيت عائلة آيت أحمد وكان من المعزين الأوائل، قال بدوره ل"الشروق": "حسين آيت أحمد من العظماء الذين أنجبتهم الجزائر من ماسينيسا إلى اليوم، كانت له رحلة نضالية طويلة وشاقة، بدأت في السن السادس عشر وانتهت في التاسعة والثمانين من العمر، وكانت آخر هدية للشعب قراره بأن يدفن في مسقط رأسه بمقبرة شعبية صغيرة لم يسمع بها أحد قبل أيام"، مضيفا أن "الدا الحسين، لقد فارقنا قبل أن يرى الجزائر الديمقراطية التي ناضل من أجلها أكثر من سبعين سنة، ولا شك أن الشباب سيحقق ذلك".

كواليس:
تعرض رئيس فريق شبيبة القبائل، محند شريف حناشي، إلى محاولة اعتداء من طرف بعض "الأنصار"، وهو ما لقي استنكارا وسط الحضور، الذين نهروهم وذكروهم بطبيعة المناسبة، داعين إياهم إلى احترامها.
فضل المحامي، مقران آيت العربي أن يسلك دروبا وعرة وشديدة الانحدار، لما كان بصدد اللحاق بالموكب الجنائزي، لآيت احمد، بدل سلك الطريق المعبدة.
لم تنقطع مكبرات الصوت، عن إطلاق القرآن الكريم طوال الوقت، وبينت حرص المنظمين، على إظهار صورة "الدا الحسين" ابن الزاوية، والمتشبع بالقيم الإسلامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.