خالص التعازي إلى فخامتكم وإلى الشعب الروسي الصديق    الولايات المتحدة الأمريكية تولي أهمية بالغة لعلاقاتها مع الجزائر    ضمان اجتماعي: لقاء جزائري-صيني لتعزيز التعاون الثنائي    الرئيس تبون مستشار ترامب : إلتزام قوي لتعزيز العلاقات التجارية والأمنية    تحقيق صافي أرباح بقيمة مليار دج    الوكالة تشرع في الرد على طلبات المكتتبين    إطلاق مشروع لإنتاج قطع غيار المركبات والشاحنات    الجزائر تسعى إلى جعل الجنوب الكبير قطبا زراعيا استراتيجيا    إقامة شراكة اقتصادية جزائرية سعودية متينة    المجلس الوطني الفلسطيني: اعتراض الاحتلال للسفينة "حنظلة"    إستشهاد 12 فلسطينيا في قصف على خانيونس ودير البلح    الاتحاد البرلماني العربي : قرار ضم الضفة والأغوار الفلسطينية انتهاك صارخ للقانون الدولي    حماس تعلق على الخطوة "الشكلية والمخادعة":إنزال مساعدات جوا في غزة خطوة شكلية لتبييض صورة إسرائيل    رغم الاقتراح الأمريكي لوقف إطلاق النار.. استمرار القتال بين كمبوديا وتايلاند    وهران.. استقبال الفوج الثاني من أبناء الجالية الوطنية المقيمة بالخارج    3,4 مليون تلميذ يستفيدون من المنحة المدرسية    شرطة الشلف تسترجع مركبتين محل سرقة    وفاة 8 أشخاص وإصابة 261 آخرين    ترقب استمرار موجة الحر    الجزائر العاصمة.. حملة لمحاربة مواقف السيارات غير الشرعية    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    ثواب الاستغفار ومقدار مضاعفته    من أسماء الله الحسنى.. "الناصر، النصير"    وزير الثقافة والفنون يشدد على "ضرورة بلوغ أعلى درجات الجاهزية" لإنجاح الصالون الدولي للكتاب بالجزائر (سيلا 2025)    بيسط: الشعب الصحراوي سينتصر    مصارعة /الألعاب الإفريقية المدرسية: المنتخب الوطني يحرز 10 ميداليات منها 7 ذهبية في مستهل المنافسة    المولودية تتسلم الدرع    أشبال بوقرة يستأنفون تحضيراتهم للمنافسة القارية    لا يوجد خاسر..الجميع فائزون ولنصنع معا تاريخا جديدا    إنجاز مشاريع تنموية هامة ببلديات بومرداس    المخزن يستخدم الهجرة للضّغط السياسي    عنابة تفتتح العرس بروح الوحدة والانتماء    خطوات استباقية لإنجاح الدخول المدرسي بالعاصمة    870 ألف مكتتب اطلعوا على نتائج دراسة ملفاتهم    هدفنا تكوين فريق تنافسي ومشروعنا واحد    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر 2025): القافلة الأولمبية الجزائرية تحل بعنابة    البطولة العربية للأمم ال 26 لكرة السلة /رجال/ الجولة الثانية: فوز كبير للمنتخب الجزائري على نظيره الاماراتي (99-61)    تحذيرات تُهمَل ومآس تتكرّر    مهرجان الأغنية الوهرانية يسدل ستاره    "المادة" في إقامة لوكارنو السينمائية    مشروع السكة الحديدية أم العسل – تندوف: وتيرة إنجاز متسارعة نحو تحقيق الربط المنجمي الكبير    كان "شاهدا وصانعا ومؤثرا" في تاريخ الصحافة الجزائرية    اختتام مهرجان الأغنية الوهرانية في طبعته ال16: تكريم الفائزين ولمسة عصرية على النغم الأصيل    جثمان المخرج سيد علي فطار يوارى الثرى بالجزائر العاصمة    الجزائر تحتفي بعبقرية تشايكوفسكي في حفل موسيقي عالمي بدار الأوبرا    تعزز الجهود الوطنية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية    الجزائر تشارك في قمة الأمم المتحدة لمتابعة أنظمة الغذاء بأديس أبابا    الجزائر رافعة استراتيجية للاندماج الاقتصادي الإفريقي: معرض التجارة البينية 2025 فرصة لترسيخ الدور الريادي    استشهاد 1200 مسن نتيجة التجويع خلال الشهرين في غزّة    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر-2025): برنامج ثقافي وترفيهي وسياحي ثري للوفود الرياضية المشاركة    افتتاح واعد مُنتظر هذا السبت بسطيف    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    استكمال الإطار التنظيمي لتطبيق جهاز الدولة    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القداسة للقرآن والسنة فقط
نشر في الحوار يوم 30 - 12 - 2017

فتحت المناظرة التي جمعت بين الأستاذين سعيد جاب الخير ولخضر رابحي الباب واسعا لمناقشة مسألة نقد النص الديني، والتي أثير حولها الكثير من اللغط في الآونة الأخيرة، خاصة بعد تصريحات جاب الخير المثيرة للجدل، وحيث سمحت المناظرة لجاب الخير الدفاع عن أفكاره، مؤكدا ان قراءته للنص الديني انطلقت من مبدأ عدم تقديس التاريخ، مؤكدا ان الثابت الوحيد هو القرآن، وأنه لا يرفض السنة النبوية لكنه يؤيد الآراء التي تقول ان هناك أشياء يمكن التراجع عنها. وفي رده على سعيد جاب الخير، وقف الأستاذ لخضر رابحي مدافعا عن النص الديني، مؤكدا قدسية التاريخ الإسلامي بقرآنه وسنته ورجاله الأولين، مضيفا ان الحداثيين لا يدخرون جهدا في الاستهزاء بالدين الإسلامي، وهو ما نفاه جاب الخير الذي اعتبر ان الحداثيين يحترمون جميع الأديان، وأن ما يثار هنا وهناك مجرد زلات لسان لم يكن القصد من ورائها المساس بالدين الإسلامي.
_______________________________
سعيد جاب الخير:
لا قداسة للتاريخ ولا لرجال الإسلام الأوائل
دافع الباحث سعيد جاب الخير عن أطروحاته حول فهم النص الديني، مؤكدا ان قراءته للمسألة الدينية قراءة علمية بعيدة عن القدسية والإيمان به الذي يبقى مسألة شخصية وحميمية متروكة لكل شخص، وأضاف انه يتبنى الموقف القائل لا قدسية للتاريخ، ولا يوجد تاريخ فوق مستوى النقد، ولا قداسة لآراء الجيل الأول للمسلمين، ولا قداسة للمعرفة التي تبقى نسبية، ولا يمكن احتكار المعرفة، مستندا إلى مقولة "لازم المذهب ليس بمذهب" ومدافعا عن نفسه بعد الضجة التي خلفتها مشاركته في إحدى الحصص التلفزيونية قائلا: "لا يحق لأحد ان يستنتج من كلامي أشياء لم أصرح بها".
وعلل أفكاره بكون القراءة التقليدية للنص الديني تركز غالبا على شرح النص واستنباط أحكامه، بينما القراءة العملية تبحث في مظاهر وظروف تشكله وقيمته الإنسانية وأسئلة وحاجات الإنسان، وغالبا المسلمون لا يفرقون بين القرآن والوحي والمصحف، معتبرا أن القرآن الكريم لا يمكنه ان يفهم إلا في نسقه التاريخي واللغوي الذي ظهر فيه، وأضاف ان مسألة تاريخينية النص القرآني والقراءة الحداثية له تسند إلى أمور موجودة في القرآن كظاهرة النسخ.
وأضاف جاب الخير أن بعض الحداثيين يعيبون على النص القرآني انه لم يكن حاسما مع بعض الظواهر، مثلا في مسألة الرق وإلغائها، معتبرا ان القرآن بالنظر إلى سياقه التاريخي هو ما فعل اقسى ما يمكن فعله في تلك المرحلة التاريخية، فمثلا العرب رفضوا مسألة الدية في القرآن استغربوها ورفضوها. وهناك حديث في الكتب الستة يقول ان بعض القبائل دعت إلى اجتماع مع الرسول "صلى الله عليه وسلم" ولم يقبلوها بسهولة، مشيرا إلى ان هناك متغيرات ينبغي مراجعتها وإعادة النظر في قراءتها داخل النص مثل علاقة الدولة بالدين، ووضع المرأة بكل تفاصيله، ومسألة العقوبات، ومسألة الجهاد، وأن تعاد قراءتها داخل النص مع مراجعة مفهوم الكفر ومسألة الردة غير المصرح بها في النص القرآني.
____________________________________
سعيد جاب الخير:
الحداثيون لم يستهزؤوا بالإسلام
استنكر سعيد جاب الخير ظاهرة تكفير الآخر التي طفت على السطح في الآونة الأخيرة، مؤكدا انه ليس من حق احد على الإطلاق ان يتدخل في الشأن الإيماني لأي كان مستشرقا أو غيره، ومتسائلا عن حجة المكفر التي بنى عليها موقفه وما أدراه أن الحداثي لا يؤمن بالنص، مشيرا إلى انه يتحدث من داخل الدائرة الاسلامية ولا احد يملك الحق ليخرجه من الدائرة إلا إذا صرح هو بذلك.
وأشار إلى قضية الصلاة التي قال فيها ان هناك خلافات حولها داخل الإسلام، هناك تنوعات، وقضية الصلاة تحدث عنها محمد محمود طه السوداني، وتصوره تتبناه قطاعات واسعة من القرآنيين، وترى ان الصلاة المقصود بها جوهرها وليس شكلها.
وأضاف ان السنة هناك من يرفضها جملة وتفصيلا. وخاصة صحيح البخاري. الذي قيل بأنه أسطورة. ولا يزال النقاش مفتوحا داخل الإسلام، وليس خارجه، كما كان في البداية بين الخوارج والاشاعرة والمعتزلة، والأغلبية لم يكفروا المعتزلة، اتهموهم بالابتداع ولم يكفروهم، حتى ابن تيمية لم يكفرهم، وأضاف ان الحداثيين يحترمون جميع الديانات، ولا أعتقد ان شخصا حداثيا قد تزل به الألفاظ، لكن انه يقصد ان يستهزأ بدين حتى وان كان ملحدا. وبالنسبة لبورقيبة قال سعيد جاب الخير انه ذكره ليس لمدح مساره السياسي، بل اذكره بأنه قام وأدى خدمات مهمة لبدله في مرحلة من المراحل لأنه كان حاسما في بعض القضايا التي لم نحسم فيها حتى اليوم.

لم أقل إن النبي كان طامعا في خديجة
نفى سعيد جاب الخير انه قال في حصة "بور تي في" ان النبي كان طامعا في خديجة، وقد رفع عنه اخذ على لسانه ما لم يقل، ووأضاف انه لم يصرح بهذا إنما قال ان النبي كان "براغماتيا" وقد ترجمت كلمته الى طمع، وقال انه تعامل مع هذه المسألة ببراغماتية لأنه كان فقيرا. وقال انه يتحدى من يأتيني بتسجيل قلت فيه انه النبي طمع.
________________________________
سعيد جاب الخير:
غلق باب الاجتهاد فتح باب التطرف على مصراعيه
تطرق سعيد جاب الخير إلى الإشكاليات التي يطرحها الاجتهاد الإسلامي اليوم، وفي مقدمتها غلق باب الاجتهاد التي كانت لها نتائج وخيمة عل العقل الإسلامي، منها إغلاق النص وأصبح الاجتهاد ممنوعا منذ القرن الرابع، وهو ما أدخلنا في عصر القمع وأصبحنا نكتفي بشرح النصوص والتعليق عليها، وهذه المسألة أدت مع مرور الزمن إلى اتساع الهوة بين النص وقراءته القديمة وبين الواقع الإنساني وبن احتياجاته وأسئلته، والمسألة الثانية هي حصر العلوم المفيدة في علم الدين.
ولن نذهب بعيدا ومن هنا نجد نصر حامد ابوزيد يحمل الإمام الشافعي غلق باب الاجتهاد، فغلق باب الاجتهاد هو الذي أدى إلى إنتاج بعض الأفكار المتطرف، والبعض بدأ يتحدث عن جاهلية القرن العشرين، وأن هناك جاهليين داخل الإسلام، وهو ما أوصلنا إلى العنف.
وطرح سعيد جاب الخير عدة تساؤلات منها هل آن الأوان لفتح باب الاجتهاد، وهل يمكن ان نجتهد اليوم في قراءة النصوص الدينية بعيدا عن العلوم الحديثة؟ وهل يمكن ان يكتفي الفقيه بسلم الوصول لعلم الأصول في ظل الظروف الراهنة؟
كما تطرق جاب الخير لقضية أمية الرسول صلى الله عليه وسلم، مؤكدا انه خلاف قديم بين المسلمين، وقد اتفقوا على انه كان أميا قبل الوحي وبعده تعلم، والقاضي عياض يقول ان النبي كان أميا قبل الوحي، والموضوع خلافي، ويبقى مفتوحا للنقاش والآيات التي ذكرها كلها نزلت قبل نزول الوحي، وأضاف في حديثه عن السنة النبوية أنها محل نقاش واسع بسبب الإشكاليات التي تطرحها، وقد طرحت عشرات الأحاديث التي رفضها فقهاء كالغزالي القرضاوي وعدد من أئمة الأزهر.
__________________________________
سعيد جاب الخير:
الرسول لم يأت لبناء دولة بل جاء لتبليغ رسالة
عاد سعيد جاب الخير الى بداية الدعوة الاسلامية، معتبرا ان الرسول لم يأت لبناء دولة بل جاء لتبليغ رسالة، حتى ولو كان تطرق للشأن السياسي، إلا انه اشتغل به عرضا، والسيد المسيح عليه السلام لم يشتغل بالسياسة رغم انه قال "أعطوا ما لقيصر قيصر وما لله لله" لكنه كان يجتمع بالناس ويمارس السياسة، وأشار الى ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتعامل بعملة الفرس والروم، وصك العملة مسألة مهمة في ذلك الوقت، وهي مسألة رمزية ولم يكن عنده جيش نظامي حتى نواة لم تكن، وتوفي ولم يترك بعده جيشا نظاميا ولا شرطة، والمسلمون كانوا في حياتهم العادية، وحسب تصوره يرى سعيد جاب الخير أن الخلفاء الراشدين رأوا مصلحة في تأسيس الدولة من بعده حتى لا يتفرق شمل العرب، ولضبط الانفلات، فخوفا ومن باب المصالحة ان تؤسس سلطة سياسية لنظم امر المسلمين، ومنعا للفتنة والردة، وكل المحاولات التي قامت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي تصوري، الدولة كانت اجتهادا من الخلفاء ولم تكن مبنية على أوامر أو توجيهات النص الديني، والدليل ان القرآن الكريم يخاطب النبي بصفة النبوة وليس بصفة الملك أو الإمارة.
___________________________________
المرأة اليوم استقلت ماديا.. سعيد جاب الخير:
قضية القوامة فرضت في مسار تاريخي معين
قال سعيد جاب الخير انه، وبالنسبة لشؤون المرأة، فلقضية القوامة قراءات ترى بأن هذه المسألة معللة مبنية على الاقتصاد والنفقة والمرحلة التاريخية التي ظهر فيها النص كانت مرحلة خاصة بالنسبة للمرأة ولم تكن فيها المرة مستقلة اقتصاديا، وحالة السيدة خديجة كانت حالة خاصة، وغالبا في ذلك الزمان كانت تابعة اقتصاديا لأبيها أو لأخيها او لزوجها، والمجتمع في ذلك الوقت كان مجتمعا قبليا، وحتى القرآن الكريم لم يهمل هذه النقطة.
وانطلاقا من قبلية المجتمع كانت المرأة تابعة ولم يكن ينبغي ان تترك لنفسها، كان يربط واقعها بعائلتها وزوجها. واليوم الظروف تغيرت، المرأة أصبحت مستقلة ماديا، والاستقلالية الاقتصادية للمرأة تفرض نفسها اليوم. وحتى في التشريعات العربية تعتبر ان التعدد مثلا ليس واجبا، بل وضع كمخرج لحالات خاصة يحددها القاضي، والتعدد في ذلك الوقت لم يكن مقصودا لذاته ويستدلون بالقرآن.
_______________________________
لخضر رابحي:
ضبط مفاهيم الحداثة ضروري
أكد الكاتب والناشط الإسلامي الدكتور لخضر رابحي أن مفاهيم الحداثة تحتاج الى ضبط، كونها اتخذت منحنيات أخرى تخص فقط الإساءة ومحاربة الإسلام، وهذا ما يفسر ردود الفعل الراهنة حول النقاشات التي تقام في هذا الإطار على حد تعبيره، رافضا استعمال أنصار هذا التيار لألفاظ غير لائقة، مشددا على احترام كل الشعوب ودياناتهم، معترفا انه يؤمن بتجديد المفاهيم مشترطا ان يتم في إطار السياق المعرفي.
وقول انصار التيار الحداثي بأن الدين حالة من حالات التطور بدأ بالأسطورة الى تعدد الآلهة ثم التوحيد الى العلمانية والعقل العلماني، وكذا الاعتقاد بأن منتهى العمل يكمن في بلوغ السعادة في الدنيا، وما ورد في كتاب "حيرة مسلمة" للتونسية سمية بخصوص حديثها عن الزواج المثلي واستنتاجها من القرآن الكريم انه لم يحرمه، يتطلب حسب لخضر رابحي تحديد وضبط مصطلح الحداثة، مضيفا ان الاختلاف في نوافذ معينة لا يجب ان يؤدي الى الاختلاف في اساس الأمة، مردفا بالقول: "تغيير الرداءة في فهم النص يكون بفهم اشراقات وروائع النص".
أشاد الباحث في الشأن الديني الدكتور لخضر رابحي بمناظرة "الحوار" معتبرا إياها فضاء ثريا يلاقي بين المخالفين في العقيدة، مشددا على ضرورة ان تتضمن مثل هذه المبادرات حوارا جديا خاليا من استعمال الألفاظ السيئة ولغة غير منضبطة ومصطلحات غير محددة، مؤكدا أن الطريقة التي يبنى عليها الحوار لا بد من ضبطها، خاصة فيما يتعلق باللغة والمعارف التي يتم تقديمها حيث لا بد ان تكون دقيقة، مضيفا ان أي حوار لا بد ان ينطلق من تحديد هوية المتحاورين من أجل البحث عن المشتركات قائلا: "لا يمكن ان نتحاور دون تحديد مراجع وهوية طرفي الحوار".
__________________________________
الدكتور لخضر رابحي:
هناك تناقض منهجي واضح في طرح الحداثيين
وفيما يتعلق بأبرز النقاط التي يختلف فيها جذريا مع التيار الحداثي، ذكر الدكتور رابحي مسألة عدم إيمانهم بمصدرية القرآن الكريم بأنه من عند الله، مضيفا ان هناك تناقضا واضحا منهجيا حين يتساءلون حول كتابة القرآن مبكرا، وفي المقابل تأخر كتابة السنة والأحاديث، قائلا إن انتقادهم للأحاديث الواردة في صحيح البخاري، والتي لم يتجاوز عددها 46 حديثا من بين 2602 يطرح التساؤل في أسباب ذكر جماليات اللغة الموجودة في الاحاديث الأخرى التي لم يعلقوا عليها، والتي تقدر نسبتها بحوالي90 بالمئة، مؤكدا انه يتعين ترتب العقول من اجل انصاف النقاشات، فالتطرف لا يصنع أي نجاح للأمة، حسب المتحدث ذاته.
وفي الصدد، دعا رابحي الى مراعاة استقراء الواقع بهدف الاستفادة من روائع الأحاديث، قائلا إنه لا عيب في الرجوع الى الوراء، مؤكدا ان الانطلاق من خلفية أيديولوجية تزييف للوعي في الاعتقاد.
واتفق لخضز رابحي مع سعيد جاب الخير في أن الحديث لا قداسة له، لكن في المقابل لا يجوز التعميم، من منطلق انه ليس منهجا علميا، وأضاف ان كل أمة لها سلبياتها وإيجابياتها، وعليه فإن الأمور تحتاج الى متابعة وفتح حوار جدي لبلوغ رؤيا صحيحة لإصلاح حقيقي مبني على مرجعية خالية من التهكم ينتهي بتحقيق التقارب.
فهم التراث يستدعي فحص العلل
وبخصوص الاجتهاد في قراءة التراث والنصوص الدينية، قال رابحي إن الجيل الحالي مؤمن بالاجتهاد، لكن لا بد من استيعاب المكان والزمان لمناقشة الطرف الآخر بقبول او رفض بعض الأمور على غرار موضوع الجن الذي نجد من يعتقد انه غير موجود من منطلق انه لم يره من قبل، وهذا التصور حسب رابحي خاطئ كون ان فهم التراث يستدعي فحص العلل من خلال الصدق في البحث العلمي والقراءة بنية العلم وليس تصيد السلبيات فقط، موضحا أن الامر يتطلب انصاف وصف التراث عن طريق الفحص مردفا بالقول: "لا يستطيع المجتهدون اصلاح موضوع الامة نهائيا، فالضربات لا تتوقف من كل جهة، لهذا لا بد من الاتفاق على وضع رؤيا وخطوات من موقع الانتماء"، وقال المتحدث ذاته إن انصاف الوصف والفحص للتراث يكون عن طريق قراءة علمية مستوعبة، ولا بد من معرفة المراجع لتحديد قواعد وقوف الأمة لتثبيتها وتوسيعها.
_______________________________
لخضر رابحي:
الإسلام لم يأت بنمط حكم معين في موضوع الحكم والدولة
وفي مسألة بناء الدولة، أكد رابحي أن الدين الإسلامي لم يأت بنمط حكم معين، سواء فيما يتعلق بالخلافة او الإمارة في موضوع الحكم والدولة، وهنا حسبه تكمن عبقرية المنهج كونه قاعدة عالمية يستوعبها كل العالم، موضحا أن المسلمين لهم الحق في إقامة وبناء دولة لها مرجعيتها الإسلامية، وهم مطالبون بالاستناد الى هذه الأخيرة، اما فيما يخص شكل الدولة فالأمر متروك لاجتهادات المسلم، يضيف المتحدث ذاته.

الإسلام ضمن حقوق المرأة وحرياتها
من جهة أخرى، عن قضية الحريات وحقوق المرأةو أفاد رابحي أن النقاش في زمن النبي عليه الصلاة والسلام كان مفتوحا بحرية كبيرة في النقاشو وليس مغلقا كما يريد البعض تصويره، مؤكدا ان النظام التشريعي الإسلامي هو الوحيد الذي حمى المرأة وضمن لها حقوقها.
وبخصوص مسألة ميراث المرأة، أكد ان الموضوع فصل فيه ومحسوم ومضبوطو والأهم تتبع مصدره من القرآن او الحديث ثم متابعة دلالته، مضيفا أن كلا له قناعاته، مبديا رفضه لإدخال الفهم السيء في أمور محسومة في ديننا وتاريخنا، جازما أن التشريع الإسلامي يحتوي على مساحة واسعة فيما يتعلق بحقوق المرأة.

* لا لرفض التعدد المجتمعي
في شأن آخر، أوضح الدكتور لخضر رابحي ان الإسلام لا يرفض التعدد المجتمعي، قائلا: "لا لتشريع المنع المصادم لهذا الامر"، كاشفا أن تعدد الزواج لا يتجاوز 3 بالمائة على مستوى الوطن العربي، متسائلا عن سبب كل هذا القلق، داعيا الى تجنب فهم المجتمع التعددي بمفاهيم غريبة، موضحا أن هذه المواقف تبناها الحدثيون من منطلق خلفيات الرغبة المصادمة الإسلام في محاكمته.
والبحث عن المتشابهات في النص وفك الرموز والدلالات مطلوب حسب ما جاء في كلمة رابحي، لكن انتقاء السلبيات بقصد التسويد وتشويه صورة الإسلام يدل على منطلق أيديولوجي لا يستفاد منه، مشددا على ضرورة إعادة قراءة التراث، مستثنيا القرآن الكريم كونه غير قابل للقياس والتغيير والنقاش.
وأرجع رابحي أسباب اعجاب الحدثيين بأنصار المعتزلة الى امر خرق القرآن الكريم من باب انه منتج تاريخي يجب التعامل معه، وأوضح أنهم يتأسفون لغلقه حين تم جمعه في مصحف، وأعلن عن تحديه في تقديم أي مصطلح حيادي، قائلا إن الانطلاق من الخلفيات والحمولات الايديولوجية يزيد من حدة الانسداد.
تغطية:
هجيرة بن سالم
سهام حواس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.