إذا أصبحت مادة خصبة في أفواه خصومك للمز والسباب والشتم، فاعلم أن خصمك هذا ممن يقدرك في قرارة نفسه، وممن استيقنت نفسه مزاياك لكن جحدتها نفسه عن النطق والاعتراف ظلما وعدوانا. ماذا يتوجس الغرب عموما من الشرق وحضارته الآفلة منذ زمن، ولماذا الخوف من تركة المريض زمانا الميت أحيانا، ولماذا تهويل قضايا تقع لدينا سرارا، وتحدث لدى الغير مرارا، ولماذا جعلنا القوم نصب أعينهم وكأنهم يرون أننا سنغلبهم على شأن السيادة، وسنبتز منهم صدارتهم في العالم والقيادة؟. يعلم الجم الغفير ماكان من شأن حبيبة التي اعتقلت العام الماضي في حافلة عامة وبحوزتها 25 نسخة من الإنجيل، بتهمة ''ممارسة التنصير بدون ترخيص رسمي''. كما يعلمون ماكان من إحالتها على العدالة، هذه الإحالة -التي حولتها وسائل الإعلام الغربية حينها إلى رمز للاضطهاد الديني بالجزائر- لكن ليس هذا مايهمنا في حديثنا هذا. لكم يتمنى المرء أن يحترم الغرب مقاييس العدالة فوق الجميع، والكل سواسية أمام القانون، والتعامل بنفس المعايير التي يتعاملون بها مع عشرات الأئمة والدعاة في أوربا وأمريكا، الذين أحيلوا على القضاء والذين طردوا من تلكم البلاد، بمختلف الدعاوى الواهية منها والمعقولة، إذ لست أبرء كل هؤلاء من ارتكاب حماقات في بلاد آوتهم وكفلت لهم العيش الهني، وأغدقت عليهم العطاء السخي، ومع ذلك فمن هؤلاء من يزعم أن هذه البلاد دار حرب وأن نساء بني الأصفر سبايا بعد غزوات قادمة، وشقرانها غلمان وخدم، حتى أنهم صدقوا بسلوكهم مع الآخر المثل العربي القائل'' أحشك وتروثني''. لسنا ندري لماذا الخوف من تطبيق العدالة؟، ولماذا تقوم الدنيا ولا تقعد لأن مواطنة أحيلت على القانون، لأنها ضبطت تمارس التنصير بدون ترخيص من سلطات البلد، بينما عهدنا أن إحالة المتهمين على القضاء هو سعي مشكور، في أعرق البلدان ديمقراطية، وحتى في البلدان التي تحبو في هذا الميدان ، متخذة العم سام أسوتها، أو كانت مستقلة بتجربة ذاتية. هل يفسر هذا التخوف بما ينشر في الصحف من أن بعض المنصرين يستقطبون المغتربين من الفقراء والطلاب والمهاجرين الجزائريين غير الشرعيين، ويجندونهم للقيام بأنشطة تنصيرية بعد عودتهم للجزائر. أم هل يفسر ذلك الخوف بما يبلغ المسامع ، وتراه الأبصار والبصائر من أن العشرات يتخذون من بيوتهم غير المرخص بأن ينشط فيها أماكن للتنصير أو التبشير. ما تسليط وسائل الإعلام الغربية، وخاصة الفرنسية، على موضوع حبيبة القديم الجديد، غير استهداف محاصرة الجزائر إعلاميا ثم سياسيا واقتصاديا، ووضعها في خانة البلد الذي يضطهد الأقليات. والحمد لله أن الجزائر دأبت على احترام وصية نبيها حين كان في آخر عهده بالدنيا وأول لقائه بربه، لما أوصى في أحاديث كثيرة،''من ظلم معاهدا أو انتقصه فأنا حجيجه يوم القيامة''، وأننا ممن دأب على احترام الكنائس بل كنا ممن يحمونها منذ اندحار الفرنسيين، واسألوا ''السيدة الإفريقية''، فعندها الخبر اليقين...