عطاف يستقبل رئيس المجلس الوطني لجمهورية الكونغو    سيدي بلعباس.. رهان على إنجاح الإحصاء العام للفلاحة    زيتوني يبحث مع رئيس مجلس إدارة غرفة قطر تعزيز التعاون الإقتصادي والتجاري    المرصد العربي لحقوق الإنسان: إجتياح جيش الإحتلال الصهيوني لرفح "جريمة بحق الإنسانية"    الأسرى بين جحيم المعتقلات وانبلاج الأمل    كريكو تبرز جهود القطاع في تعزيز المرافقة النفسية لذوي الاحتياجات الخاصة خلال امتحانات نهاية السنة    الصناعات الصيدلانية : الإنتاج المحلي يلبي أزيد من 70 بالمائة من الاحتياجات الوطنية    وزير الصحة يشرف على آخر لقاء لفائدة بعثة حج موسم 2024    وفاة سيزار مينوتي مدرب الأرجنتين المتوج بكأس العالم 1978    الإصابة تبعد لاعب مانشستر يونايتد ماغواير عن الملاعب لمدة 3 أسابيع    سوناريم: خارطة الموارد المنجمية ستكون جاهزة بنهاية 2024    دراجات/طواف الجزائر-2024/: عودة نادي مولودية الجزائر للمشاركة في المنافسة بعد غياب طويل    كرة القدم داخل القاعة-تصنيف الفيفا: البرازيل يحتل صدارة الترتيب عند الرجال والسيدات    حج 1445/2024ه: بلمهدي يدعو أعضاء بعثة الحج إلى التنسيق وتظافر الجهود لإنجاح الموسم    الصحافة كانت مرافقة للثورة في المقاومة والنضال ضد الاستعمار الفرنسي    إصدار خاص بخطاب الرئيس أمام غرفتي البرلمان    المنتجات الجزائرية تعرف رواجا كبيرا في موريتانيا    المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية سيساهم في تعزيز السيادة الرقمية    جيدو/الجائزة الكبرى لدوشانبي: ميدالية برونزية للمصارعة الجزائرية أمينة بلقاضي    التحضيرات متقدّمة جداً حسب وزير السكن    القشابية .. لباس عريق يقاوم رياح العصرنة    ربيقة: الذاكرة الوطنية تمثل أحد أساسيات انشغالات الجزائر الجديدة    ندوة تاريخية إحياءً لرموز الكفاح الوطني    إشادة بلقاء قادة الجزائر وتونس وليبيا    500 موقع للترويج لدعاية المخزن    مولى يُنوّه بنتائج الإصلاحات الاقتصادية    بلمهدي يحثّ على الالتزام بالمرجعية الدينية    الأيام السينمائية الدولية بسطيف : الفيلم الفلسطيني الطويل "معطف حجم كبير" يثير مشاعر الجمهور    وزير الداخلية يبدأ زيارته إلى خنشلة بمعاينة فرع كوسيدار للفلاحة    في دورته التاسعة.. "الفن موروث ثقافي حافظ للذاكرة" شعار الرواق الوطني للفنون التشكيلية    الناخبون في تشاد يدلون بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية    وسط تحذيرات من مجاعة.. الأمم المتحدة تتهم إسرائيل برفض دخول المساعدات لغزة    قدمها الدكتور جليد قادة بالمكتبة الوطنية..ندوة "سؤال العقل والتاريخ" ضمن منتدى الكتاب    بأوبرا الجزائر بوعلام بسايح..المهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السيمفونية من 16 إلى 22 ماي الجاري    وزير الداخلية يشرف على مناورة دولية للحماية المدنية    عنابة: استحداث لجنة لمتابعة تهيئة الواجهة البحرية    في دورة تكوينية للمرشدين الدينيين ضمن بعثة الحج: بلمهدي يدعو للالتزام بالمرجعية الدينية الوطنية    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي    إشادة وعرفان بنصرة الرئيس تبون للقضية الفلسطينية    الجزائر تدفع إلى تجريم الإسلاموفوبيا    ثبات وقوة موقف الرئيس تبون حيال القضية الفلسطينية    يقرّر التكفل بالوضع الصحي للفنانة بهية راشدي    خبراء جزائريون يناقشون "الهندسة المدنية والتنمية المستدامة"    3 شروط من أجل اتفاق شامل ومترابط المراحل    مهنيون في القطاع يطالبون بتوسيع المنشأة البحرية    50 مشاركا في صالون التجارة الإلكترونية بوهران    "الكناري" من أجل مغادرة المنطقة الحمراء    تعريفات حول النقطة.. الألف.. والباء    عمورة في طريقه لمزاملة شايبي في فرانكفورت    دليل جديد على بقاء محرز في الدوري السعودي    غرق طفل بشاطئ النورس    انتشال جثة شاب من داخل بئر    خلاطة إسمنت تقتل عاملا    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



''زنقة العرايس'' بساحة الشهداء تغدو قبلة لكل ''عرائس الجزائر''
نشر في الحوار يوم 10 - 07 - 2010

تحولت الأقواس العتيقة لساحة الشهداء إلى فضاء لممارسة التجارة النسوية ومرادف للأفراح لدرجة أنها أصبحت تسمى ب''زنقة العرايس''. فلا يمكن لأحد أن ينكر بأنها صارت الوجهة المفضلة لمعظم الفتيات المقبلات على الزواج أو الراغبات في شراء الجهاز. فبالنظر للسلع المختلفة المعروضة في تلك المحلات التي تتنوع بين ملابس التصديرة، مستلزمات الحمام والحناء وأغطية وغيرها مما تحتاجه العروس لتزف إلى بيت زوجها بأسعار معقولة وفي متناول الجميع، تتوافد أعداد كبيرة من الزبونات من كل مكان يوميا، حيث يجدن راحتهن في التجول بكل حرية وتوظيف حاستهن في اقتناء ما برع الباعة في تسويقه عبر واجهاتهم.
تعد الخطوبة أجمل مرحلة تمر بها الفتاة في حياتها، وهي تتطلب منها خلال هذه الفترة أن تجهز نفسها بكل ما تحتاجه أوكما يعرف بجهاز العروس. فمن العادات الجزائرية المتوارثة مند قديم الزمان وماتزال سارية المفعول إلى وقتنا هذا أن الفتاة المقبلة على الزواج تقوم باقتناء كل ما يلزمها من ملابس يومية، أثاث منزلي، أغطية وزرابي وهذا حتى لا ينقصها شيء عند زوجها، والأهم من هذا أزياء التصديرة التي سترتديها ليلة زفافها فهي لا تريد أن تفوت أية فرصة في الظفر بلقب العروس الحسناء والأنيقة التي ستحظى باهتمام المدعوين. فبين الفرڤاني، الكراكو والقفطان تختلف التصاميم وتتعدد حسب إمكانيات كل عروس لتقف حائرة في الوجهة التي ستقصدها أوالأسواق ذات الخيار الواسع التي يمكنها أن تجد فيها كل هذه المتطلبات.
ساحة الشهداء. . الوجهة المفضلة لكل العرائس
تنصح النساء في العائلة الواحدة بعضهن البعض مباشرة بعد إعلان الخطوبة لإحدى القريبات بالتوجه إلى ساحة الشهداء، حيث تتوفر أجمل التصاميم وتتنوع الاختيارات من مستلزمات العرائس. فمن الملفت للنظر أنه بمجرد أن تطأ قدماك المكان تلاحظ ذلك الإقبال المتزايد لدرجة أنه لا يبقى متسع للمرور خاصة أيام العطل ونهاية الأسبوع، حيث تتوافد الشابات الباحثات عن أبهى الموديلات المستحدثة والتي دخت السوق الجزائرية عن طريق الاستيراد، فعندما تدخل إلى زنقة العرائس تجد في طريقك سلسلة من المحلات التي تختص ببيع أزياء الفرڤاني والمجبود التي يضفي لونه الذهبي لمعانا وبريقا يزيد من حسن العروس، حيث يتنافس الباعة في جلب الزبونات عبر التخفيض في الأسعار كما يلجأون إلى تقديم هدايا إضافية من اجل الترويج لسلعهم، وهو سلوك ينتهجه معظم الباعة الذين قصدناهم في جولتنا الاستطلاعية، حيث يهرعون إلى الزبونات بمجرد أن تدخلن إلى المحل ليقوموا بعرض السلع الموجودة في محلاتهم، فباستعمال عبارات المجاملة والمزاح، يحاول الباعة كسب ثقة السيدات والشابات واستدراجهن بالكلام المعسول حتى يشترين من ذلك الدكان دون غيره، وهو ما حدث لنا بالفعل. فعندما توجهنا إلى محل للألبسة التقليدية المتواجد تحت أقواس ساحة الشهداء، مع أول خطوة قمنا بها قبل الدخول، لاقانا البائع هناك بابتسامة عريضة وطلب منا التقدم ومشاهدة مختلف الأزياء الموجودة بالداخل، فمن كثرة التصاميم، وقفنا عاجزين عن الاختيار والتفضيل بين نوع وغيره أو بين لون وآخر، فكلها مصنوعة بطريقة متقونة برعت فيها أنامل جزائرية استطاعت أن تنجز من قماش وخيط رفيع تحفا تجعلل العروس في حلة أنيقة يوم زفافها، كما يشهد النشاط التجاري بزنيقة العرائس، بالإضافة إلى أيام الأسبوع ازديادا كبيرا خاصة مع انطلاق موسم الاصطياف، وهي الفترة التي تعرف بكثرة الأفراح والأعراس، حيث تفضل معظم الشابات تحديد موعد الزفاف تزامنا مع عطلة الصيف، وبالتالي فإن هذه الأقواس تتحول إلى مظلة يجتمع تحتها عدد معتبر من الزبونات اللواتي يأتين من كل مكان ويعدن محملات بشتى أصناف اللوازم الضرورية لجهاز العروس.
الكراكو.. جبة الفر قاني والقفطان ما تحتاجه العروس موجود تحت الأقواس
يعتبر ارتداء الأزياء التقليدية أهم شيء ترغب العروس في القيام به يوم زفافها، ولذلك فإنها تتوجه إلى ''زنقة العرايس'' بساحة الشهداء نظرا لكثرة المحلات المتخصصة في ذلك، حيث يصطف الواحد وراء الآخر وكل واحد شاهر سلعه في الواجهة، فعندما ترى التصاميم المعروضة عند الثاني تنسى السابقة التي شاهدتها، فمن الأزياء التي ألفت العرائس ارتداءها في هذا اليوم المميز من حياتها، نجد ''الكراكو''، ''جبة الفرڤاني'' المشهورة في شرق الجزائر وبالتحديد مدينة الجسور المعلقة قسنطينة، ''البدرون العاصمي'' والقفطان، فلا مجال لتجاهل أي منها، ففي هذا المكان نجد أحدث التصاميم والأشكال، وفي جولتنا الاستطلاعية التي قمنا بها، التقينا بالسيدة ''فاطمة'' رفقة ابنتها ''سمية'' المقبلة على الزواج، حيث أخذت تروي لنا أهمية الأزياء التقليدية التي كانت تميز العروس منذ زمان، وخاصة في عهد القصبة العتيقة حيث لم تكن أية شابة مقبلة على الزواج تجرؤ على الخروج من بيت أهلها دون أن ترتدي ''سروال الشلقة'' و''محرمة الفتول'' مع ''الحايك''، حيث يعكس الزي التقليدي أصالة المجتمع الجزائري وعمق تراثه ويرمز إلى المرأة المحافظة على عاداتها وتقاليدها، وبالنسبة إلى قدومها إلى ''زنقة العرايس''، أجابتنا السيدة ''فاطمة'' بأنها منذ أن خطبت ابنتها وهما تأتيان إلى هذا المكان حتى تجهزها بكل ما يلزمها، وبالأخص ملابس التصديرة، حيث أكدت لنا بأنها تفضل أن تحضرها إلى هذه الزنيقة نظرا لكثرة السلع المعروضة بها، وبالنسبة لهما فقد قامتا بشراء زي ''الكراكو'' وذلك مقابل مبلغ 25 ألف دينار بالإضافة إلى الطقم الخاص ببداية التصديرة الذي قدر ثمنه ب 10 آلاف دينار. أما الآنسة ''نوال'' فهي الأخرى شابة لم يبق على دخولها القفص الذهبي إلا حوالي 15 يوما وهي تجد في هذه الزنيقة أفضل مكان يمكن أن تقصده كل فتاة في طريق الزواج، وهي معتادة على التسوق بهذا المكان في عدة مناسبات عائلية رفقة قريباتها اللواتي تزوجن قبلها، كما تضيف أيضا أنها تمكنت بصعوبة من اختيار جبة الفرڤاني المناسبة لها بسبب تنوع الموديلات والتصاميم وقد صنعت في قسنطينة، وهي من نوع ''المجبود'' ودفعت ثمنها حوالي 45 ألف دينار، ولا تجد في الأمر ندامة طالما أن الزي التقليدي لا يمل منه ويلبس في كل الأوقات. وفي محل آخر التقينا ب ''فريال'' رفقة شقيقتها قدمتا خصيصا إلى أن هناك بحثا عن الخيار الواسع ولأنها مخطوبة أيضا وتم مؤخرا تحديد موعد زفافها في نهاية شهر جويلية القادم، فقد جاءت إلى زنيقة العرائس لاستكمال آخر لباس للتصديرة، وتقول في هذا الشأن بأنها معجبة بالأزياء الموجودة في المحلات لدرجة أنها لا تستطيع التفضيل بينها، وفيما يتعلق باللباس الذي جاءت من اجله، صرحت لنا بأنها اقتنت القفطان المغربي لأنها تميل إلى هذا الزي وقد كلفها حوالي 30 ألف دينار.
طبق الحنة.. مستلزمات الحمام لها نصيب من زنيقة العرائس
إلى جانب أزياء التصديرة التي تشكل جزءا هاما من التجارة تحت أقواس زنيقة العرائس بساحة الشهداء، تتوجه العائلات التي ستدق الأفراح أبوابها إلى هذا المكان من أجل اقتناء اللوازم الثانوية التي تعطي للعرس نكهة إضافية لا يكتمل إلا بوجودها. فأثناء تجولك هناك لا شك أنك شاهدت على طاولات الباعة أدوات الاستحمام الخاصة بالعروس، حيث كانت ومازالت كل شابة عشية زفافها تتوجه إلى الحمام رفقة عدد من أقاربها ويشترط أن تكون مجهزة بكل أدوات الاستحمام الخاصة بالعروس وتتمثل في الفوطة، المنشفة، الطاسة وتكون كلها ملفوفة بحاشية من لون وردي. وقد دفعنا الفضول إلى الاستفسار عن أسعارها، حيث وقفنا عند بائع تغطي طاولته كل ما تحتاج إليه العروس عند ذهابها إلى الحمام، ففيما يتعلق بحقيبة معبأة بكل لوازمها فإن ثمنها يصل إلى 1400 دج وهي مزخرفة بشكل جميل، أما سعرها فارغة فيقدر ب 900 دج. وفي حديثنا مع السيدة ''خديجة''، صرحت لنا بأنه من العادات الراسخة في العائلات الجزائرية أن ترفق العروس عند ذهابها إلى الحمام بكل ما يتطلبه ذلك المكان، حيث تقوم باصطحاب والدتها معها ودعوة بعض القريبات غير المتزوجات كفال لهن، وهي تجد في زنيقة العرائس كل هذه الأشياء. أما بالنسبة للوازم الحناء، فهي الأخرى لها حظ من قائمة المبيعات، فتجدها مزينة أوكما يطلق عليها اسم ''الطبق''، فهذا الأخير يعتبر ضروريا عندما يتوجه أهل العريس إلى بيت العروس من أجل ربط الحناء لها، فلا يتم ذلك دونه، حيث يتكون من شموع طويلة مزخرفة، علبة حناء، ماء الزهر، بعض الهدايا التي تقدم للعروس، نقود وطقم من الذهب، عطور ويغلف بقماش جميل وألوان زاهية، وأما بالنسبة لسعره فهو يختلف من محل لآخر ويتراوح بين 4 آلاف و6 آلاف دينار.
عروض تحفيزية لجلب الزبونات
في أغلب المرات التي قصدنا فيها محلات ملابس العرائس بساحة الشهداء، لم يتوان الباعة أبدا في تقديم العروض الترويجية لسلعهم وهذا من أجل استمالة عدد اكبر من الزبونات وتحفيزهن على المزيد من الشراء سواء من حيث التلاعب بالأسعار أو تقديم هدايا رمزية، فالمهم هو أن يصلوا في نهاية الأمر إلى إقناعهن وترك أثر إيجابي في نفسيتهن. فإذا كانت أية فتاة مقبلة على الزواج وترغب في التجهيز، فما عليها سوى التوجه إلى هناك، لتجد الباعة في انتظارها، ولا يعد كلامنا هذا خاليا من أي دليل وإنما مبني على أساس التجربة التي مررنا بها عند قيامنا بهذا الروبورتاج، حيث لاحظنا ذلك التنافس من محل لآخر في منح أحسن العروض. فمثلا في محل للألبسة التقليدية، أخبرنا صاحبه بأنه يمكنه مساعدتنا في سعر ''كراكو'' يقدر ثمنه ب 28 ألف دينار عن طريق دفع المبلغ بالتقسيط وعلى مراحل، بينما في محل آخر أوضح لنا البائع أنه مع شرائنا لطقم لباس العروس الذي تفتتح به التصديرة بسعر 12 ألف دينار، يمكننا الحصول في المقابل ومجانا على حقيبة يد وحذاء، ونفس الأمر حدث لنا في محل للأقمشة، حيث حاول إشعارنا بالارتياح واقتناء القماش الذي يعجبنا كما يمكننا الاستعانة بالخياطة التابعة للمحل وإنجاز مختلف التصاميم التي نرغب بها.
ر. ع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.