حوالي 42 ألف مسجل للحصول على بطاقة المقاول الذاتي    مشروع "بلدنا" لإنتاج الحليب المجفف: المرحلة الأولى للإنتاج ستبدأ خلال 2026    بطولة العالم للكامبو: الجزائر تحرز أربع ميداليات منها ذهبيتان في اليوم الأول    اسبانيا تعلن حجز أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: حضور لافت في العرض الشرفي الأول للجمهور لفيلم "بن مهيدي"    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية: خطوة نحو تعزيز السيادة الرقمية تحقيقا للاستقلال التكنولوجي    الجزائر العاصمة.. انفجار للغاز بمسكن بحي المالحة يخلف 22 جريحا    معسكر.. انطلاق المسابقة الوطنية الثانية للصيد الرياضي والترفيهي بالقصبة بسد الشرفة    الفريق أول السعيد شنقريحة يترأس أشغال الدورة ال17 للمجلس التوجيهي للمدرسة العليا الحربية    المهرجان الوطني "سيرتا شو" تكريما للفنان عنتر هلال    معسكر : "الأمير عبد القادر…العالم العارف" موضوع ملتقى وطني    من 15 ماي إلى 31 ديسمبر المقبل : الإعلان عن رزنامة المعارض الوطنية للكتاب    اجتماع لتقييم السنة الأولى من الاستثمار المحلي في إنتاج العلامات العالمية في مجال الملابس الجاهزة    حوادث المرور: وفاة 44 شخصا وإصابة 197 آخرين خلال الأسبوع الأخير    جامعة بجاية، نموذج للنجاح    بطولة العالم للكامبو: الجزائر تحرز أربع ميداليات منها ذهبيتان في اليوم الأول    السيد مراد يشرف على افتتاح فعاليات مهرجان الجزائر للرياضات    بحث فرص التعاون بين سونلغاز والوكالة الفرنسية للتنمية    رئيس الجمهورية يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    السفير بن جامع بمجلس الأمن: مجموعة A3+ تعرب عن "انشغالها" إزاء الوضعية السائدة في سوريا    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: فيلم "بنك الأهداف" يفتتح العروض السينمائية لبرنامج "تحيا فلسطين"    انطلاق الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد دربال يتباحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون والشراكة    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    بقيمة تتجاوز أكثر من 3,5 مليار دولار : اتفاقية جزائرية قطرية لإنجاز مشروع لإنتاج الحليب واللحوم بالجنوب    حلم "النهائي" يتبخر: السنافر تحت الصدمة    رئيس أمل سكيكدة لكرة اليد عليوط للنصر: حققنا الهدف وسنواجه الزمالك بنية الفوز    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    نحو إنشاء بوابة إلكترونية لقطاع النقل: الحكومة تدرس تمويل اقتناء السكنات في الجنوب والهضاب    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    معرض "ويب إكسبو" : تطوير تطبيق للتواصل اجتماعي ومنصات للتجارة الإلكترونية    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    بطولة وطنية لنصف الماراطون    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقط بن علي في انتظار التطرف
التونسيون يحتفلون بمرور سنتين على ''ثورة الياسمين''
نشر في الخبر يوم 13 - 01 - 2013

تونس 14 جانفي 2011.. تونس 14 جانفي 2013.. سنتان تمران على لحظة هروب الرئيس السابق زين العابدين بن علي وسقوط ديكتاتورية ''آل بن علي والطرابلسية'' التي حنقت التونسيين على مدى أكثر من عقدين.. سقوط بن علي بفعل الثورة التي أشعلتها النيران التي التهمت جسد البوعزيزي الذي كانت وفاته إيذانا بانطلاق شرارة ثورة حررت الشعب التونسي، قبل أن تهبّ نسماتها على بلدان عدة كمصر وليبيا واليمن وسوريا، هذا النسيم حمل الكثير من الآمال للشعب التونسي بتحقيق أحلامه في الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان وبناء مؤسسات دولة حقيقية، لكن هذه الأحلام واجهت وتواجه على أرض الواقع الكثير من المطبات والإخفاقات، جعلت التونسيين يستيقظون على واقع غير ذلك الذي حلموا به، وعرفت المرحلة الانتقالية الكثير من المشاكل، أزمة اقتصادية خانقة ووعود لم تحقق واستحقاقات سياسية لم تجر، وأكثر من ذلك وهو الأهم، أن تونس أصبحت تواجه خطرا داهما يهدد أمنها القومي، عبر بروز ظاهرة التشدد الديني والإرهاب وظهور بؤر جماعات مسلحة، ما فتئت تتقوى يوما بعد يوم.

تونس ما بعد الثورة
السلفية الجهادية.. الخطر الداهم
يحتفل التونسيون، غدا، بذكرى مرور سنتين على ثورة الياسمين التي شكلت لحظة انطلاق ما أصبح يعرف بالربيع العربي الذي أطاح بأنظمة طالما ساد الاعتقاد بأنها قوية، والحال أن الأحلام الكبيرة التي طالما حلمها التونسيون وهم يتخلصون من نظام مستبد، لم تتحقق بعد مرور السنتين، إذ ما تزال غالبية الشعب ترزح تحت وطأة ظروف أمنية واجتماعية واقتصادية غاية في الصعوبة باتت تهدد البلاد بالإفلاس.
ولعل من بين أهم ما يهدد مستقبل الثورة التونسية خطر التيارات السلفية الجهادية، التي ظهر وجودها عقب ثورة الياسمين، إثر إقدام مجموعات سلفية متطرفة بالعمل على فرض الشريعة بالقوة، الأمر الذي أدى إلى نشوب اشتباكات، غير أن المنعرج الأخطر كان عقب تأكيد الداخلية التونسية إلقاء القبض على مجموعة جهادية تقوم بتجنيد الشباب للانضمام لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي، وقد تأكد الخطر إثر تنفيذ ما يمكن اعتباره أول عملية إرهابية في تونس ما بعد الثورة، حيث قام شباب سلفي بالاعتداء على السفارة الأمريكية في 14 سبتمبر الماضي، ليكتشف التونسيون ومعهم العالم أن المخاوف من الإرهاب المتطرف حقيقة جديدة على الساحة السياسية والأمنية، وقد زاد انتشار السلاح المهرب من ليبيا من حدة المخاوف من خطر الإرهاب، حيث تكررت الاشتباكات على الحدود التونسية الجزائرية بين قوات الأمن وجماعات متطرفة مسلحة، ما أدى إلى مقتل عنصر من الدرك التونسي، فيما تمت مصادرة كميات من الأسلحة والمواد المتفجرة.
وتزامن هذا التهديد الإرهابي فيما بدا للوهلة الأولى أن الطبقة السياسية قادرة على الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار السياسي، ما سمح بالتوصل إلى توافق حول انتخاب مجلس تأسيسي وتشكيل حكومة انتقالية، إلا أن حالة من الجمود أعقبت هذه المرحلة، ليبقى الوضع ساكنا، ما أدى إلى خلق نوع من الاستقطاب السياسي بين من في السلطة وأحزاب المعارضة، مع الإشارة إلى أن المجلس التأسيسي عجز عن صياغة الدستور المنتظر في الآجال المتفق عليها، وبالتالي إطالة فترة المرحلة الانتقالية وتعطيل الانتقال الديمقراطي، إذ لا يمكن إقامة انتخابات رئاسية وبرلمانية، في ظل غياب دستور جديد ينظم الحياة السياسية في البلاد.
في مقابل هذا الاحتقان السياسي، عرفت تونس، خلال السنتين الماضيتين، تدهور الوضع الاقتصادي بشكل جد ملحوظ، ما جعل الغالبية الكادحة في تونس تعبّر عن تذمرها من أداء الحكومة الانتقالية، حيث تكررت مظاهر الاحتجاج في العديد من المناطق بما فيها منطقة سيدي بوزيد التي انطلقت منها الشرارة الأولى للثورة التونسية.
على هذه الخلفية السياسية، زادت حدة التجاذب بين أحزاب السلطة وفي مقدمتها حركة النهضة الإسلامية وأحزاب المعارضة، خاصة بعد تأسيس رئيس الحكومة السابق الباجي القايد السبسي لحزب ''نداء تونس'' وإعلان نيته الترشح لانتخابات الرئاسة مدعوما بجملة من الأحزاب الديمقراطية، الأمر الذي كان بمثابة بداية التصادم بين الحزب الجديد وحركة النهضة الحاكمة. غير أن أهم الاحتجاجات تلك التي شهدتها ولاية سليانة، في نوفمبر الماضي والتي خلّفت أكثر من 300 قتيل، لتكون أولى اشتباكات بين المتظاهرين والقوات النظامية في تونس ما بعد الثورة، وقد طالب المتظاهرون بالعدالة الاجتماعية، فيما اتهموا حكومة حمادي الجبالي بالتقصير وتغليب منطق الحسابات السياسية على التنمية الاقتصادية، في هذا المقام لا بد من التذكير بأن عودة أكثر من نصف مليون تونسي من المقيمين السابقين في ليبيا، ساهم في ارتفاع نسبة البطالة بشكل محسوس، ما دفع الحكومة الحالية للتحذير من خطورة الوضع الاقتصادي بعدما كشفت برقية نشرتها وكالة تونس إفريقيا أن السيولة المتوفرة لدى الخزينة العمومية أقل بكثير من مستحقات أجور الموظفين في القطاع العام، وهو السبب الذي دفع اتحاد الشغل لإعلان إضراب عام، الشهر المنصرم، تنديدا بالأوضاع الاقتصادية المتردية وعجز الحكومة عن إطلاق مبادرة للتنمية. أمام هذا الواقع السياسي، الاقتصادي والاجتماعي، تعود الذكرى الثانية لثورة الياسمين لتجد التونسيين في وضع أقل ما يمكن أن يقال عنه، إنه ليس بأفضل مما كان عليه في عهد الرئيس المخلوع.
عضو المجلس الأورو متوسطي للدفاع عن حقوق الإنسان مفيدة الراضي ل''الخبر''
''النضال مستمر والمعركة المقبلة معركة الدستور ومحاربة التطرف''
ما هي قراءتكم لوضع حقوق الإنسان والحريات في تونس بعد مرور سنتين على الثورة؟
أعتقد أن الجواب ليس بالسهولة التي قد يتوقعها البعض، إذ هناك بعض الإنجازات التي لا يمكن إغفالها من قبيل حرية التعبير التي باتت متاحة بشكل لا يقارن بما كانت عليه في العهد السابق، ويكفي الاستدلال على ذلك بظهور أكثر من مائة حزب سياسي وأكثر من مائتي جمعية وغيرها من الحركات التي باتت تشكل ركيزة المجتمع المدني، لكن على الرغم من ذلك التقارير الميدانية تشير إلى تراجع على أصعدة كثيرة مرتبطة بحقوق الإنسان والحريات الفردية. اليوم وبعد سنتين ما تزال تصلنا معلومات حول تجاوزات من طرف الإدارة العمومية وأعوان الأمن، أكثر ما يخيفنا هو استمرار الحكومة الانتقالية في انتهاج مبدأ اللاعقاب.
على ذكر ما قامت به الحكومة، تم تعيين وزير لحقوق الإنسان، ألا تعتقدون أن ذلك من بين المكاسب؟
المشكلة ليست في تعيين وزارة، المهمّ كيفية تكريس ثقافة وسياسة تضع حدا لتطاول أعوان الدولة على المواطن. وهذا الأهم في نظرنا ولن يتم ذلك إلا من خلال مبدأ محاسبة كل من يسئ للمواطنين مستغلا بذلك منصبه أو صفته الرسمية، ما يحدث اليوم نقيض ما ندعو إليه، إذ نشهد ظهور أطراف تمنح الصفة الرسمية لتبرير تطاولها. وأقصد بالحديث الرابطة الوطنية لحماية الثورة التابعة للحزب الحاكم، النهضة، التي تم منحها الطابع الرسمي ونشهد يوميا على التجاوزات التي تقوم بها دون أن يتم محاسبة أي من أعضائها، كما أن القضاء ما يزال لم يحقق الاستقلالية المنشودة، كلها مؤشرات تبدو مخيفة، خاصة مع صعود جهات تدعو إلى تطبيق منظومة أخلاقية وتسعى لفرضها على المجتمع على أنها المرجعية الوحيدة.
تقصدين التيار السلفي المتطرف الذي يدعو لتطبيق الشريعة؟
أكيد، لم يعد خفيا على أحد أن هناك تيار يستفيد من تساهل النظام معه يسعى لفرض منطقه الأخلاقي. وقد شاهدنا كيف حدث الصدام بين هذا التيار والمدافعين عن الحريات الفردية بكل أبعادها، دون أن تتقدم الحكومة الانتقالية بالفصل والتأكيد على أن مبدأ الحريات وحقوق الإنسان خط أحمر لا يمكن تجاوزه، أعتقد أنه بالنسبة للمدافعين عن حقوق الإنسان، النضال لم ينته بإسقاط نظام بن علي. على العكس بتنا اليوم على قناعة تامة أن النضال أصبح أكثر أهمية، على اعتبار أنه ضد مؤسسات الدولة التي ترفض التخلي عن الممارسات والأساليب الموروثة عن النظام السابق وضد تيار فكري يعتقد أن الثورة أعطته الحق لتفرض منطقه ومرجعيته.
هذا التخوف من التيار السلفي يقودنا لوضعية المرأة، هل تعتقدين أن هناك ما يهدد مكتسبات التونسيات؟
لا يمكن تجزئة حقوق الإنسان والحريات بين أنواع وأقليات، الحريات الفردية وحقوق الإنسان هي مطلب للشعب التونسي الذي قام بالثورة ليحصل على التقدير الذي يستحقه، لا يمكن تقسيم الشعب إلى فئات جزء منها يحظى بالاحترام والآخر تحت الوصاية، مثلما يدعو له التيار الديني المتطرف، لذلك أعتقد أن الرهان الحقيقي يكمن في صياغة الدستور، لا بد أن يضبط هذه المسائل بشكل توافقي دون هيمنة تيار على حساب آخر، على الدستور أن يكون توافقيا وليس في يد الأغلبية التي تفرض منطقها على المجتمع.
الجزائر: حاورتها سامية بلقاضي
القيادي في حركة النهضة التونسية نور الدين العرباوي ل''الخبر''
''نحن بحاجة إلى الخبرة الجزائرية في مواجهة الإرهاب''
الثورة مكنتنا من إجراء أول انتخابات نزيهة وتشكيل حكومة ائتلافية
الجزائر: حاوره مصطفى دالع
أكد القيادي في حركة النهضة التونسية، نور الدين العرباوي، المكلف بالعلاقات مع الأحزاب، أهمية التعاون بين بلدان المغرب العربي لمواجهة ظاهرة الغلوّ في الدين والإرهاب التي تعيشها تونس والاستفادة من التجربة الجزائرية في هذا المجال. وأكد أن الثورة التونسية، بعد عامين من نجاحها، تمكنت من القضاء على الديكتاتورية وتنظيم أول ائتلاف حكومي من أحزاب ذات مشارب فكرية مختلفة، مضيفا أن هذه الحكومة تمكنت خلال عام واحد من رفع نسبة نمو الاقتصاد التونسي بنسبة خمس نقاط ونصف بالمائة، وتوفير 100 ألف منصب شغل.
ماذا حقق الشعب التونسي بعد سنتين من ثورته التي أطاحت بنظام بن علي؟
لقد تجاوزنا عقودا من الديكتاتورية، وكل الأطراف السياسية الآن تخوض هذه التجربة الديمقراطية بشيء من الحسابات السياسية. وخلال هذه الفترة تمكنا من إجراء أول انتخابات نزيهة وحرة لم نعشها منذ عقود، وتمكن الشعب التونسي من تحقيق حلم اختيار حكامه عبر الانتخابات. وهناك مكسب مهم جدا، يتمثل في وجود ائتلاف يحكم البلاد منذ سنة وبمرجعيات فكرية مختلفة. ورغم غياب خبرة سابقة في الائتلاف السياسي، إلا أن الائتلاف الثلاثي مازال متماسكا، رغم حدوث مشكلات من أطراف التحالف.
وهل تنوون توسيع هذا الائتلاف الثلاثي إلى أحزاب أخرى؟
تجربة التحالف دعونا إليها قبل الانتخابات وبعدها ولسنا نحن من اختار أن يكون التحالف ثلاثيا فقط، بل طلبنا من كل القوى السياسية المشاركة لكن البعض اعتذر، ولاتزال حركة النهضة تمدّ أيديها لمن يريد المشاركة.
لكن هناك انتقادات كثيرة لأداء الحكومة التي تقودها النهضة على عدة أصعدة، فكيف تردون على من يتهمونكم بالفشل؟
قدم لي حكومة واحدة في العالم لا تنتقدها المعارضة، وانظر ماذا حدث في الولايات المتحدة الأمريكية التي كاد اقتصادها يقع في الهاوية بسبب خلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين. ففي كل أنحاء العالم، نجد حديثا عن فشل السلطة الحاكمة، وفي تونس هناك حديث عن إخفاقات للحكومة ولكن هناك تضخيم، ونحن لا نخجل من الاعتراف بوجود تقصير.
الثورة التونسية قامت على أساس مطالب اقتصادية واجتماعية بالأساس، فماذا حققتم على هذين الصعيدين؟
لما تسلمت الحكومة مهامها قبل عام كانت نسبة النمو 2 بالمائة، وفي 2012 حققنا نسبة نمو بلغت 5,3 بالمائة حسب مجلس الإحصاء، أي أننا خلال عام واحد تقدمنا ب5,5 نقطة مئوية. كما أمضت الحكومة زيادات في الأجور لم تحدث منذ نصف قرن، استفاد من هذه الزيادة المقدرة بسبعين دينارا تونسيا (35 أورو شهريا لكل عامل) مئات الآلاف من العمال، وهذه الزيادة تمثل أضعاف ما شهدته زيادات في الأجور في العقود الماضية، وهذا رغم الصعوبات المالية التي تواجهها الدولة، ولكن المواطن لا يشعر بتطور الاقتصاد إلا لما تصل نسبة النمو 6 بالمائة على الأقل، وهو الهدف الذي نسعى للوصول إليه. كما استحدثنا، خلال عام، 100 ألف منصب شغل جديد، لكننا لاحظنا ظاهرة غريبة تتمثل في عزوف الشباب التونسي عن العمل في قطاعي الفلاحة والبناء، حيث إن عدد البطالين يبلغ 700 ألف بطال، في حين هناك مناصب عمل شاغرة في قطاعي الفلاحة والبناء ويضطر مستثمرون إلى توظيف عمالة إفريقية في هذه المهن التي لا تجد من يشغلها من الشباب التونسي.
ماذا عن القطاع السياحي والاستثمارات الأجنبية المباشرة ودورهما في توفير مداخيل بالعملة الصعبة؟
سجلنا 80 بالمائة من الليالي تقضى في الفنادق وهي نسبة قريبة مما سجلناه قبل الثورة، وحققنا مداخيل محترمة السنة الماضية من قطاع السياحة. أما الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فهناك نوايا لمستثمرين أجانب. لكن هناك سببين يؤخران تفعيل هذه النوايا، أولهما الاستقرار الأمني والسياسي، والثاني ترسانة القوانين المعطلة لهذه الاستثمارات، ونحن نعمل على توفير هذين الشرطين، من خلال توفير الأمن والتخلص من القوانين المكبلة.
خلال 2012 وقعت اشتباكات مع مجموعات مسلحة، وبرزت ظاهرة التشدد في أحداث عديدة، كيف تعاملتم مع هذا الوضع؟
أنتم في الجزائر أدرى منا بما يعنيه التشدد والعنف والغلوّ في الدين الذي ليس ظاهرة مقتصرة على تونس فقط، بل هي عربية وعالمية، وتونس جزء من هذا العالم وجزء من الوطن العربي الإسلامي، لكننا متفطنون لهذا الخطر ونعمل بجهد وبالتنسيق مع إخوتنا في الجزائر وليبيا، من أجل مواجهة هذا التهديد، لذلك ينبغي أن نوحّد جهود المغرب العربي في هذا الصدد، والاعتماد على التجربة الجزائرية بالنظر إلى خبرتها في هذا المجال.
الإعلامي التونسي المتابع للحركات الإسلامية محمد لطرش ل''الخبر''
''مازال ممكنا معالجة التطرف عبر حوار شامل في تونس''
يشرح الإعلامي التونسي المتابع للحركات الإسلامية في تونس، محمد لطرش، مخاوف التطرف في تونس وظروف وملابسات بروز التيار السلفي في تونس. ويعتقد أن لجم هذا التيار عن الجنوح إلى العنف ما زال ممكنا التعاطي معه بحكمة ومسؤولية بعيدا عن الاستدراج.
كيف تقرأ بروز التطرف والتيار السلفي في تونس في الفترة الأخيرة، خاصة بعد الكشف عن مراكز تدريب للإرهابيين جنوبي تونس؟
بروز التيار السلفي في تونس كان أمر منتظر بعد الثورة، خاصة وأن الشباب السلفي مثلهم مثل بقية التنظيمات السياسية والايديولوجية التي كانت محظورة في تونس، باتوا ينعمون بهامش حرية أكبر من السابق، وأصبح نشاطه العلني لا يحرجهم أمنيا. كما أن توق الشباب السلفي إلى الانعتاق والحرية مفهوم بعد الثورة، ذلك فهم حرموا لعقود من التعبير بما يعتقدونه ويرونه علنا. طبيعيا أن تتحول الحرية إلى انفلاتات في بعض الأحيان في غياب التأطير لهؤلاء الشباب السلفي. أما بخصوص المخاوف المعلنة على المستوى الأمني بعد اكتشاف معاقل التدريب للسلفية الجهادية، فهي مسألة مفهومة حكوميا، خاصة وأن التنظيمات السلفية الجهادية باتت مرتبطة بتنظيمات سلفية متشددة تنشط خارج تونس، هذا بالإضافة إلى الأحداث التي تشهدها مالي بعد سيطرة الشباب السلفي عليها. كما أن الحدود الليبية أصبحت مرتعا لتهريب السلاح بين مختلف هذه التنظيمات عبر استغلال هشاشة الوضع الأمني في المنطقة.
كيف يمكن معالجة تزايد ظاهرة التطرف في تونس، وهل مازال الوقت كافيا لإقناع قادة التيار السافي بالانخراط في العمل السياسي...؟
إمكانية وقف نزيف التطرف في تونس هذا ممكن حاليا إذا ما تم إقرار حوار وطني شامل وتشريك مختلف التيارات السلفية فيه واستدعاء شيوخ وقيادات التيار السلفي في تونس واعتبار المسألة شأن داخلي تونسي لا يقع توظيفه خارجيا، ولا يخضع في تناوله وحلحلته للإملاءات الخارجية والأمريكية تحديدا، والكف عن محاولات استدراج شباب التيار السلفي إلى العنف من قبل بعض التيارات التي تحاول استغلال اندفاع الشباب نحو التديّن في اتجاه صناعة فزاعة منه من جهة، واستفزازهم في كل مرة بقضايا حساسة.
كيف يمكن الحكم على تعاطي الحكومة مع التطرف في ظل محاولات مقصودة لاستدراج السلفيين الى العنف...؟
تعاطي الحكومة التونسية الحالية مع الظاهرة السلفية يقوم على منطق الترهيب والترغيب والمماطلة في بعض الأحيان. فحكومة النهضة حاولت مرارا أن تبرز للقوى السياسية التونسية والدولية، أن التيار السلفي ليس جناحها العسكري وأنها في حل من نهجه وتصوراته، وهو ما يعد قسوة غير مبررة على أبناء هذا التيار. كما أن بعض التيارات المتشددة في اليسار تقوم في بعض الأحيان باستدراج أبناء السلفية إلى العنف لإحراج الحكومة وإرباك عملها، وهو ما يقع فيه التيار السلفي في تونس في نظري في أغلب الأحيان نظرا لتحمس الشباب السلفي، خاصة وأنه عاش عقودا من المحاولات المستمرة في التغريب الديني والقهر وهو ما لم يعد ممكنا حاليا ويخاف الشباب السلفي أن يعاد اضطهادهم، لذلك فهم يرون أن كل أساليب المقاومة مشروعة بالنسبة لهم.
الجزائر: حاوره عثمان لحياني
مؤشرات وكرنولوجيا
n تم تأسيس حوالي 100 حزب سياسي منذ الإطاحة بالنظام السابق.
n الترويكا: وهي الحكومة الانتقالية التي ترأسها حركة النهضة الإسلامية بمشاركة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الرئيس المنصف المرزوقي والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات مصطفى بن جعفر، المجلس التأسيسي.
n 15 جوان: القائد السبسي يعلن تأسيس ''نداء تونس''
n14 سبتمبر: جماعة متطرفة تهاجم مقر السفارة الأمريكية
n نوفمبر: اشتباكات شهدتها منطقة دوار هيشر بمحافظة منوبة بين قوات الأمن وعناصر محسوبة على التيار السلفي المتشدد، سقط خلالها قتيل برصاص الأمن.
n 21 نوفمبر: احتجاجات بولاية سليانة تنديدا بأداء الحكومة.
n 4 ديسمبر: اشتباكات أمام مقر اتحاد الشغل بين نقابيين ومجموعة تابعة ل''لجان حماية الثورة'' الموالية لحزب حركة النهضة.
n 10 ديسمبر: مقتل ضابط بالحرس الوطني بمحافظتي جندوبة والفصرين، وإيقاف سبعة عناصر ينتمون لخلية إرهابية لهم صلات بتنظيم ''القاعدة بالمغرب الإسلامي''.
n 13 ديسمبر: اتحاد الشغل يشن إضرابا عاما.
n 17 ديسمبر: متظاهرون يرشقون المنصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر بالحجارة ويطالبون ب''الرحيل''.
n 29 ديسمبر: انتحار عسكري له علاقة بجماعة متشددة بعد القبض عليه.
n 30 ديسمبر: مقتل امرأة وإصابة زوجها خلال مواجهات مُسلحة بين قوات الأمن وعناصر سلفية متشددة في منطقة دوار هيشر بمحافظة منوبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.