شان-2024/ودي: المنتخب الجزائري للمحليين يفوز أمام رواندا (2-0)    الاقتصاد الجزائري بخير.. والقدرة الشرائية تتحسن    رافعات من الجيل الجديد تؤسّس لموانئ"ذكية" بالجزائر    آخر الروتوشات لانطلاق امتحان البكالوريا    إجراءات جديدة لإصدار تأشيرات العمرة الموسم القادم    الجزائر تتوّج بالجائزة الذهبية "اليتيم"    "حماس" تدين جريمة الاحتلال بحق سفينة "مادلين"    المديرية العامة للحماية المدنية تطلق مسابقة توظيف    مجلس الأمة يهنّئ بالجائزة الذهبية "لبيتم"    كنت مستعدا لكسر ساقي من أجل البرتغال    إجماع على استقدام جمال بن شاذلي    خطوة أخرى لتعزيز التنمية بقرى وادي الأبطال    رفع ألفي طن من النفايات    جمع 27 ألف "هيدورة"    "التطور الحضاري لمدينة تلمسان" محور يوم دراسي    عوالم من نور تتجاوز الملموس البائس    تتويج سيليا العاطب سفيرةً للثقافة الإفريقية 2025    مناقشة مشروعي القانونين المتعلقين بمحكمة التنازع والوقاية من المخدرات    12 جوان.. آخر أجل لتفعيل حسابات المكتتبين في "عدل3"    مبادرة حسنة من الحجّاج الجزائريين    برنامج "عدل 3" : ضرورة تفعيل الحسابات وتحميل الملفات قبل 12 جوان    السيد مراد ينوه بتجند مستخدمي الجماعات المحلية خلال أيام عيد الأضحى المبارك    مجموعة "أ3+" بمجلس الأمن : العمليات الانتقالية السياسية السلمية في وسط إفريقيا تمثل "تقدما لافتا" باتجاه المصالحة    مصطفى حيداوي : تقدم ملموس في إعداد المخطط الوطني للشباب وإستراتيجية قطاع الشباب    أشاد بمجهودات أعوان الرقابة.. زيتوني ينوه بحس المسؤولية الذي تحلى به التجار خلال أيام العيد    توقيف 3 مجرمين وحجز قرابة 5ر1 مليون قرص مهلوس بباتنة    عودة أول فوج للحجاج الجزائريين غدا الثلاثاء الى أرض الوطن بعد أداء المناسك في ظروف تنظيمية محكمة    ألعاب القوى/ الملتقى الدولي بإيطاليا: العداء الجزائري سريش عمار يتوج ببرونزية سباق 1500 م    عيد الأضحى: احتفال في أجواء من البهجة والتضامن والتآزر    الملتقى الدولي بموسكو: نسرين عابد تحطم الرقم القياسي الوطني لسباق 800 م لفئة اقل من 20 سنة    "قافلة الصمود" : قرابة 1700 مشارك ينطلقون من تونس لكسر الحصار الصهيوني على قطاع غزة    وهران : الطبعة الأولى لمعرض الجزائر للسكك الحديدية بدءا من الأربعاء    معركة سيدي عبد الرحمان بالشلف : بطولات وتضحيات خالدة في الذاكرة الوطنية    جامعة فرحات عباس بسطيف: 3 باحثين يتحصلون على براءة اختراع في مجال قياس الجرعات الإشعاعية    تنظيم الطبعة الرابعة لصالون الصيدلة "ألفارما" من 26 إلى 28 يونيو بعنابة    وزير الثقافة زهيرَ بللُّو يهنئ الفنانين في يومهم الوطني    حث على تعزيز أداء الخدمة العمومية عبر كامل التراب الوطني    هلاك 9 أشخاص في حوادث المرور    غزة : استشهاد 11 فلسطينيا وإصابة العشرات    الفريق أول شنقريحة يترأس مراسم حفل تقديم التهاني    عملية جمع جلود الأضاحي لسنة 2025 تشهد تقدما ملموسا    الصحفي عبد الرحمن مخلف في ذمة الله    خواطر الكُتاب.. أبعاد لا تنتهي    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    متابعة 50 مشروعا كبيرا لضمان نجاعة الإنفاق    ناصري: كل عام وأنتم بخير    إيمان خليف تغيب عن بطولة العالم للملاكمة    بن جامع يدعو لإسقاط درع الحصانة عن الكيان الصهيوني    أعياد ودماء وخبز    شخصيات سياسية تدعو روتايو إلى الاستقالة    المغير: لمياء بريك كاتبة تتطلع إلى الارتقاء بأدب الطفل    تشييع جثمان المجاهد المرحوم مصطفى بودينة بمقبرة العالية    "وهران : اختتام الطبعة ال11 لمهرجان "القراءة في احتفال    الخضر يبحثون عن التأكيد    توسعة الحرم المكي: انجاز تاريخي لخدمة الحجاج والمعتمرين    ويلٌ لمن خذل غزّة..    هذه أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة    عيد الأضحى المبارك سيكون يوم الجمعة 06 جوان 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس بوتفليقة أمام القمة الثانية عشرة لرؤساء دول وحكومات البلدان المشتركة في تداول اللغة الفرنسية
لابد من إشراك الدول النامية في إصلاح المنظومة الأممية
نشر في المساء يوم 19 - 10 - 2008

ألقى رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، يوم السبت بكيبك (كندا)، كلمة أمام القمة الثانية عشرة لرؤساء دول و حكومات البلدان المشتركة في تداول اللغة الفرنسية، هذا نصها الكامل:
" دولة الوزير الأول لكندا
دولة الوزير الأول لمقاطعة كيبك
أصحاب الفخامة والدولة رؤساء الدول والحكومات
أصحاب المعالي والسعادة
حضرات السيدات والسادة
يروق لي في المستهل أن أعرب عن خالص الشكر لدولة الوزير الأول لكندا ودولة الوزير الأول لكيبك، لتفضلهما بدعوتي للمشاركة في القمة الثانية عشرة لرؤساء دول وحكومات البلدان المشتركة في تداول اللغة الفرنسية. إنها ثالث مرة أتشرف وأسعد فيها بحضور هذه القمة، فبعد بيروت العاصمة العربية وبعد واغادوغو العاصمة الإفريقية، يشكل حضوري معكم اليوم تأكيد تقدير الجزائر لمبادئ المنظمة الدولية للفرنكوفونية وأهدافها ونشاطاتها. هذا وتمثل مشاركتنا في هذه القمة من بين ما تمثله، إكراما للشعب الكندي الذي تربطنا به الكثير من أواصر الصداقة والمودة، ضف إلى ذلك، أننا نلبي الدعوة الكريمة التي تفضل بها الرئيس ساركوزي بتاريخ 20 مارس 2008 بمناسبة اليوم العالمي للفرنكوفونية. إن رهانات هذه القمة تبدو واضحة جلية من خلال الاختيار الصائب للمواضيع المعروضة علينا، فهي قمينة بأن تكون محل مداولات مثمرة، وهذا سواء أتعلق الأمر بالديمقراطية أو بدولة الحق والقانون أو بتصريف الاقتصاد أو بالبيئة أو باللغة الفرنسية.
ولما كنا من بلد نام ينتمي إلى المجموعة الإفريقية والعربية معا، دعوني في هذه المداخلة أركز اهتمامي على المشاكل والتحديات التي تواجهها هاتان المجموعتان وعلى التهديدات التي تحيق بعالمنا، ليس من حيث السلم والأمن فحسب، وإنما كذلك من حيث الاختلالات التي تعتور الاقتصاد العالمي ومن حيث التحديات الإيكولوجية. وسأتناول كذلك مسألة جوهرية مسألة الحوار، بل التحالف بين الثقافات والحضارات وقدرة المنظمة الدولية للفرنكوفونية على الاضطلاع بدور ريادي في هذا المضمار، بالنظر إلى التنوع الثقافي الذي يتميز به أعضاؤها، وبالنظر كذلك إلى استعمال اللغة الفرنسية أداة ووسيطا للاتصال والتقارب.
دولة الوزير الأول لكندا
دولة الوزير الأول لمقاطعة كيبك
أصحاب الفخامة والدولة رؤساء الدول والحكومات
أصحاب المعالي والسعادة
حضرات السيدات والسادة
إن القمم التي تجمع على غرار هذه، بلدانا متنوعة الثقافة والحضارة ومتفاوتة من حيث مستوى التنمية، تتيح الفرصة للنقاش والتخاطب الصريح حول الهموم المشتركة التي يتخبط فيها العالم. فالديمقراطية ودولة الحق والقانون المفهومان المتلازمان، هما بمثابة الشغل الشاغل للجزائر التي حققت منذ استقلالها إنجازات جلية في مجال بناء الدولة العصرية والمجتمع المتفتح على العالم.
إن الخطوات المعتبرة هذه تحملنا بطبيعة الحال على تعزيز دولة الحق والقانون، من خلال ترشيد سيرها مع الحرص على فسح المجال لبروز مجتمع مدني توخيا لترسيخ التجربة الديمقراطية في بلادنا.
لقد باتت الديمقراطية وحقوق الإنسان وممارسة الحريات الأساسية، اليوم، مكاسب يستحيل على الشعب الجزائري التفريط فيها. وهل لنا أن نذكر بأن الجزائر كانت في طليعة البلدان الإفريقية التي امتثلت لآلية التقويم من قبل النظراء المستحدثة في إطار الاتحاد الإفريقي.
أما تصريف الاقتصاد فإنه يشكل موضوعا أساسا لا سيما بالنسبة للبلدان النامية، وهذا من حيث أنه يرهن تحسن المؤشرات الأساسية لاقتصاد كل منها، ومن ثمة مؤشرات التنمية البشرية فيها. لقد باشرت الجزائر منذ سنوات مسار إصلاحات واسع النطاق جدير بتسهيل الانتقال إلى اقتصاد السوق والاندماج ضمن الاقتصاد العالمي.. ولأجل بلوغ هذه الغاية، اختارت الانفتاح على الاستثمارات الأجنبية المباشرة ودعمته بالسعي الدؤوب لتحسين مناخ الأعمال يوما بعد يوم. كما باشرت بلادي برنامجا طموحا لتطوير المنشآت الاقتصادية والاجتماعية الكبرى أشركت فيه إلى جانب الشركات الجزائرية، عددا من المجموعات الدولية من ضمنها مجموعات كندية.
إننا نثمن اللغة الفرنسية من حيث هي أداة ووسيلة للتخاطب والاتصال. ومن هذا المنظور بذلت بلادي الحريصة على الدوام على هويتها الوطنية العربية الأمازيغية، جهودا معتبرة من أجل تكوين المكونين لتعليم الفرنسية ضمن منظومتها التربوية، ومن أجل تمكين شبابها من الانفتاح أكثر على العالم.
دولة الوزير الأول لكندا
دولة الوزير الأول لمقاطعة كيبك
أصحاب الفخامة والدولة رؤساء الدول والحكومات
أصحاب المعالي والسعادة
حضرات السيدات والسادة
ينعقد لقاؤنا هذا في ظروف حبلى بالتهديدات سواء فيما يخص السلم والأمن الدوليين أو فيما يخص العلاقات الاقتصادية الدولية. فالأزمة المالية التي تهز العالم من أخطر الأزمات وأكثرها مبعثا على القلق، تستدعي قرارات عاجلة، بل إعادة صياغة النظام الاقتصادي والمالي العالمي الذي أثبت محدوديته. ولو عدنا بالذاكرة إلى الوراء لوجدنا أنفسنا نتفق في الرأي مع البلدان النامية، حين طالبت قبل سنوات خلت بإقامة نظام اقتصادي عالمي جديد قائم على العدل والتقاسم والإنصاف. فالأزمة التي تعصف بالبلدان الصناعية حاليا تضرب كذلك البلدان النامية التي تتفاقم حدة مشاكلها الاقتصادية الهيكلية مع بروز تهديدات جديدة وصعوبات ترهن مستقبلها.
لقد بات ارتفاع أسعار المواد الغذائية وبوادر النكوص إلى عهد المجاعة الذي شهدته سبعينيات القرن الفارط، انشغالا بالغا في عدد من البلدان.. وإنه لمن المستعجل المبادرة بضبط وتنفيذ استراتيجية عالمية تشاورية في إطار تعاون متجدد ومحكم بين البلدان الصناعية والبلدان النامية من أجل التصدي لأسباب هذا الوضع المأساوي المتمثلة في المضاربة ومنطق السوق المرسلة العنان والإفراط في اللجوء إلى الدعم والجنوح إلى تطوير إنتاج الوقود النباتي.
إن مسألة الأمن الغذائي والتحديات الناجمة عن إشكالية التغيرات المناخية، تمثل قضية حيوية بالنسبة لقاطبة بلدان المعمورة، وأكثر من ذلك بالنسبة للبلدان الأقل نموا، وبالأخص منها بلدان القارة الإفريقية.
لقد بدأنا نشهد تداركا للوعي دوليا فيما يخص البيئة والإلمام بالتحديات التي تطرحها التغيرات المناخية. إن رهانات التنمية المستدامة تستوقفنا جميعا لتغيير سلوكنا في مجالي الإنتاج والاستهلاك.. مع ذلك ينبغي أن يكون هدف النمو الإيكولوجي بلورة للمسار التاريخي الخاص بكل بلد.. وينبغي للبلدان المصنعة أن تقر بمسؤوليتها التاريخية في تدهور الأوضاع البيئية وأن تسهم من ثمة إسهاما ملموسا في الحفاظ على البيئة داخل حدودها وفي البلدان النامية على حد سواء في النطاق الثنائي أو المتعدد الأطراف.
لقد انتهجت الجزائر خيار التنمية المستدامة القائمة على مزيد من الفعالية الطاقوية، لكن كذلك على تطوير الطاقات المتجددة وعلى أخذ البعد البيئي في الحسبان في سائر السياسات العمومية.
من هذا الباب، وفضلا عن التصديق على أهم الأدوات الدولية في الموضوع، عمدت الجزائر إلى إصدار عدد من النصوص التشريعية ذات الصلة بالتنمية المستدامة والحفاظ على المناطق الساحلية والجبلية والتحكم في الطاقة وتسيير النفايات.
وبشأن هذين الملفين الحيويين، قد يكون من المواتي أن تضم هذه القمة صوتها إلى النداء المطالب بإدراج إشكاليات التغير المناخي والأمن الغذائي ضمن جدول الأعمال الخاص بالمناخ، وبتكثيف تجند المجموعة الدولية لصالح تجديد وإنعاش القطاع الفلاحي في العالم ككل وفي البلدان النامية على وجه الخصوص.
ودعوني أعيد إلى الأذهان، أن هناك فضلا عن الأزمة المالية وشبح الأزمة الغذائية والتحديات الإيكولوجية المطروحة، مسألة تذبذب أسعارالمواد الأولية التي تشكل المصدر الأساسي للمداخيل في الدول النامية. إنه ليتعين وجوبا على المجموعة الدولية بالنظر إلى خطر الركود الشامل، أن تصوغ على أساس تحليل مشترك، سياسة لإنعاش الاقتصاد العالمي إنعاشا دائم المفعول، وهذا من حيث أن الاستقرار والأمن في العالم يتوقفان على ذلك.
والحصيلة المرعبة هذه التي تنذر بتباطؤ وتيرة النمو العالمي، ما هي سوى نتيجة للاختلال ولضعف القدرة على الاستشراف على الصعيد العالمي، بفعل غياب الضوابط والتراجع الملاحظ لجهود تطهيرالمحيط الاقتصادي، التطهير الذي ترك لقوانين السوق وحدها.
إن ضرورة العمد إلى مقاربة جديدة في تصريف الاقتصاد على الصعيد العالمي، تفرض نفسها وتأخذ طابعا استعجاليا مؤكدا. إن التصريف هذا لا بد أن يشترك فيه الجميع في إطار منظمة الأمم المتحدة، ذلكم شرط لا مناص منه لضمان انخراط كافة أعضاء المجموعة الدولية، ولتجاوز النظام الجائر المفروض غداة الحرب العالمية الثانية خدمة لمصالح عدد محدود من البلدان.
لا بد من إشراك البلدان النامية على الوجه الأكمل في هذا المسعى الجديد، الذي يتمثل في الإصلاح الشامل الضروري لمنظومة الأمم المتحدة ولفحواها سياسيا واقتصاديا.. وقد تقدمت البلدان غير المنحازة والاتحاد الإفريقي بهذا الشأن، بجملة من الاقتراحات البناءة. ويتعين تفعيل هذا الإصلاح مجددا والبلوغ به مبلغه بما يؤمن تحقيق السلم والاستقرار المنشودين بقوة خلال السنوات الآتية.
وفي هذا السياق، يجدر التأكيد على أن الحفاظ على السلم والاستقرار، كان الهاجس الأكبر والدائم بالنسبة للمنظمة القارية الإفريقية، التي ينبغي الاعتراف لها بأنها خطت خطوات إيجابية في مجال اتقاء النزاعات وإدارتها، وفي مجال التنمية وتعزيز الديمقراطية ودولة الحق والقانون.
كما أن هناك أمورا ما تزال عالقة، ذلك أن بعض النزاعات تظل قائمة تهدد العديد من البلدان. والاتحاد الإفريقي في حاجة إلى المساعدة والدعم لبناء قدراته الخاصة في مجال حفظ السلام، وكذلك في مجال إعادة التأهيل وإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد النزاعات.
وربما كان في جنوح البلدان المتقدمة بقدر أوفى إلى تجسيد قرارات قمة مجموعة الثمانية المنعقدة بمدينة غلن إيغلز، بشأن المساعدات العمومية الموجهة للتنمية وتخفيف المديونية، خطوة أولى باتجاه القضاء على الفقر ورافديه المتمثلين في آفتي الإرهاب والهجرة السرية.
وما للجزائر من بد سوى الانضمام إلى النداء الذي أطلقه قبل بضعة أيام الأمين العام للأمم المتحدة، السيد بان كي مون، داعيا إلى احترام الالتزامات التي تعهدت بها البلدان الصناعية بما يمكن من مراعاة الرزنامة المسطرة لآفاق 2015.
من جهة أخرى، تشكل المبادرة الفرنسية المتمثلة في الاتحاد من أجل المتوسط التي انضمت إليها بلادي، مبعثا على الأمل في تحقيق مثلنا الأعلى المشترك وجعل حوض المتوسط فضاء سلم واستقرار وتقدم يتقاسمه الجميع.
ولئن كان الاتحاد من أجل المتوسط ميالا إلى تحقيق المشاريع الملموسة، فإنه لا يمكن له أن يغض الطرف عن الانشغالات السياسية، ولا بد أن يكون للإسهام في حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني مكان في جدول أعماله. إن البلدان الأعضاء في المنظمة الدولية للفرنكوفونية والكثير منها ينتمي إلى المنطقة المتوسطية، بإمكانها أن تدلي بدلوها في تسوية النزاعات التي تشهدها، والتي قد تتحول في حالة عدم حلها إلى خطر يحيق بالسلم والاستقرار في هذه المنطقة البالغة الحساسية.
دولة الوزير الأول لكندا
دولة الوزير الأول لمقاطعة كيبك
أصحاب الفخامة والدولة رؤساء الدول والحكومات
أصحاب المعالي والسعادة
حضرات السيدات والسادة
ما يزال الإرهاب يطال شتى مناطق العالم، إنه آفة تمارس شرورها يوميا، وليس هناك ما يسوغ لأي أحد أن يعتبر نفسه في مأمن منها ما لم تبادر المجموعة الدولية بالقيام بعمل جماعي حازم وموصول يستند إلى أداة قانونية دولية شاملة.
إن الجزائر ما فتئت تدعو منذ أكثر من عقد من الزمن، إلى إبرام اتفاقية شاملة لمحاربة الإرهاب الدولي، تتضمن تعريفا لا لبس فيه لهذه الآفة، تعريفا يفرق بكل وضوح بين الكفاح المشروع ضد الاحتلال الأجنبي والأعمال التي يقترفها أفراد أو مجموعات إرهابية، ويتحاشى كل خلط يلحق الضرر بحوار الثقافات والحضارات.
والبلدان الأعضاء في المنظمة الدولية للفرنكوفونية تملك بحكم انتماءاتها الحضارية وتنوعها الثقافي، القدرة على التأثير الإيجابي من أجل تحقيق وتعميق الحوار الثقافي الحقيقي الضروري للحفاظ على السلم ودعم التنمية والرفاه في العالم وإفحام دعاة نظرية "صدام الحضارات" التي لا تستند لأي أساس ولا ينجم عنها إلا الثبور والوبال.
إن الحوار الثقافي المقرون بمقاربة تشاورية بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية تتوخى تقليص الفجوة الاقتصادية والاجتماعية، هما الحصن الحصين ضد مشاعر كراهية الأجانب واللاتسامح، وأفضل حافز على إقامة السلم والأمن الدوليين والحفاظ عليهما.
من ثمة وفضلا عن تداول اللغة الفرنسية التي تشكل أداة أساسية للتخاطب والاتصال، فإنه من الثابت أن سعينا إلى تشجيع حوار الثقافات، ينبغي أن يتجاوز المناقشات والمحادثات الرسمية المحصورة ضمن نطاق المؤسسات المتخصصة ليتكفل بالعنصر البشري وبتكوينه.
إن المحور هذا هو أكثر التوجهات الواجبة كي يتسنى فضلا عن إشاعة التفاهم بين مختلف الثقافات، تكوين الموارد البشرية الضرورية كأشد ما تكون الضرورة لكل مجهود تنموي. كما أن التعاون الثقافي والعلمي والتقني ونقل التكنولوجيات والمهارات، تشكل جميعها أرضية حيث يمكن لجهودنا أن تؤتي أكلها وتثمر فيها.
إن المنظمة الدولية للفرنكوفونية التي تتمتع برصيد أكيد من التجربة في مجال التربية، هي بلا ريب أداة أساسية لتعزيز التعاون في هذا المجال الإستراتيجي، بدءا بمحاربة الأمية ووصولا إلى التكوين وتعميق التبادل المدرسي والجامعي.
ولا يسعنا إلا أن نشجع التعاون بين المنظمة الدولية للفرنكوفونية والاتحاد الإفريقي في هذا المضمار الإستراتيجي، منطلقين من التزام هذا الأخير بالعشرية الثانية للتربية في إفريقيا وبتنفيذها. إن المنظمة الدولية للفرنكوفونية التي سجلت نقاطا تحسب لها في مجال التعاون الثقافي والتربوي، كفيلة بتعميق دورها على الصعيد السياسي وبالإدلاء بدلوها في المداولات الدولية. وإنني لعلى يقين من أن جهود الرئيس عبدو ضيوف في هذا الاتجاه وخبرته، كانت وستظل مكتسبات تتيح بلوغ هذه الغاية.
وستبذل الجزائر ما وسعها بذله من أجل مسايرة أهداف المنظمة ونشاطاتها ومناقشاتها. وبغض النظر عن الوضع القانوني الذي يعترف لها به للمشاركة في الأعمال، فإن حضور الجزائر في هذه القمم، دليل على الاهتمام الذي توليه للمنظمة الدولية للفرنكوفونية، التي ترغب في أن تباشر معها تعاونا ملموسا في مجالات الثقافة والتربية والبيئة.
واسمحوا لي مرة أخرى، بأن أعبر بمناسبة هذه الذكرى المئوية الرابعة لنشأة مقاطعة كيبك، عن أخلص التمنيات بالازدهار والرقي للشعب الكندي قاطبة. كما أود أن أتوجه بالشكر إلى مضيفينا وأعني بهما الحكومة الكندية وحكومة مقاطعة كيبك على حسن التنظيم الذي ميز مجريات الأعمال وعلى دفء الاستقبال، وهو ما أسهم إلى حد بعيد في نجاح القمة الثانية عشرة لرؤساء دول وحكومات البلدان المشتركة في تداول اللغة الفرنسية هذه.
هذا، وقبل اختتام كلمتي، دعوني أزجي تحيات الإكبار والاحترام للسيدة الفاضلة ميشال جان الحاكمة العامة لكندا، التي تركت بالجزائر إثر الزيارة الرسمية التي شرفتنا بها في نوفمبر 2006، وقعا طيبا لن يبرح الذاكرة.. ولا بد لي في هذا المقام أن أؤكد أن تلك الزيارة أسهمت في توثيق الصلات بين بلدينا، وذلكم ما يوجب علي أداء فروض الثناء المستحق للسيدة الحاكمة العامة. ستظل ذكرى القمة هذه خالدة بلا شك، بالنظر إلى المواضيع التي تناولتها والقرارات التي اتخذتها.. إنها تؤرخ لبداية مرحلة جديدة في تاريخ المنظمة الدولية للفرنكوفونية بصفتها طرفا فاعلا له من التأثير ما له على الساحة الدولية.
أشكركم على كرم الإصغاء، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.