خرج أحمد المسماري الناطق باسم اللواء المتقاعد، خليفة حفتر عن صمته ليطعن في اتفاق وقف إطلاق النار المتوصل إليه بين حكومة الوفاق الوطني وبرلمان طبرق الجمعة الماضي، واصفا إياه بمجرد "تهويل إعلامي" جعلت منه سلطات طرابلس غطاء لتحضير عملية عسكرية كبيرة على مدينة سيرت. ويعد هذا أول موقف يبديه جناح خليفة حفتر، خمسة أيام منذ إعلان فايز السراج وعقيلة صالح في بيانين منفصلين التزامهما بوقف لإطلاق النار والدعوة إلى انتخابات عامة ورئاسية بعد المصادقة على دستور جديد للبلاد. ووصف أحمد المسماري، في تصريح له ليلة الأحد إلى الاثنين، الاتفاق بين سلطات العاصمة طرابلس ومدينة طبرق بأنه مجرد "تسويق إعلامي لا غير، كون حقيقة الواقع الميداني على أرض المعركة غير ذلك تماما، مستدلا في ذلك ببيانات وخرائط عسكرية في محيط مدينة سيرت التي تشهد تعزيزات عسكرية من طرف المتحاربين. وأضاف أن قوات حكومة الوفاق الوطني "تعتزم مهاجمة وحداتنا في سيرت وقاعدة الجفرة الجوية إلى الجنوب منها، بنية الوصول إلى منطقة الهلال النفطي في أقصى شمال شرق البلاد حيث توجد أهم مرافئ النفط الليبية. وذهب المسماري إلى حد القول إن قيادة الجيش الوطني الليبي لاحظت خلال اليومين الأخيرين تحركات لسفن وفرقاطات تركية تتقدم باتجاه شواطئ مدينة سيرت حيث حذر بأن وحداته لن تتوانى لحظة في الرد على أي عمل معادي". ويكون المسؤول العسكري في الجيش الوطني الليبي الذي يقوده اللواء خليفة حفتر عن موقف هذا الأخير من اتفاق وقف إطلاق النار من دون ذكر اسمه بما يعزز التساؤلات حول مكانته في الترتيبات التي قد تعرفها ليبيا على طريق إنهاء الحرب بين الإخوة الأعداء فيها. كما أن تصريحات المسماري ومواقفه المعلنة سارت إلى نقيض موقف رئيس برلمان طبرق، عقيلة صالح المحسوب على اللواء المتقاعد بما يعطي الاعتقاد أيضا أنه تبنى موقفا مغايرا لمواقفه بعد تغليبه للغة العقل بموافقته على وضع حد للغة السلاح تمهيدا لإعادة المفاوضات السياسية. ولكن أحمد المسماري لم يبد أي موقف تجاه عقيلة صالح سواء بالإيجاب أو بالسلب بنية الإبقاء على حبل التواصل معه كون برلمان طبرق شكل على مدار سنوات الحرب في ليبيا، الغطاء السياسي لكل العمليات العسكرية التي شنتها قوات الجيش الوطني الليبي الموجود مقره بمدينة بنغازي في أقصى شرق البلاد. وهو الأمر الذي جعله يركز انتقاداته على مضمون، بيان حكومة الوفاق الذي قال إن صياغته تمت في أنقرة وعكس موقف تركيا من الوضع في ليبيا بدون الإشارة إلى بيان رئيس برلمان عقيلة صالح، رغبة منه في عدم إثارة الحزازات التي قد تؤدي إلى قطع العلاقة بين خليفة حفتر وعقيلة صالح الذي يبقى الغطاء السياسي لمواقفه. وجاءت الخرجة الإعلامية لأحمد المسماري لتعيد طرح التساؤلات حول مصير، خليفة حفتر في سياق التطورات الحاصلة وخاصة بعد تأييد مصر وروسيا، أكبر الداعمين له، لاتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما أعطى الاعتقاد أنه لم يعد في حسابات القاهرة وموسكو وتأكيد على أن ورقة الحل العسكري التي تبناها اللواء المتقاعد لم تعد مطروحة لاقتناع الجميع بتبعاتها الكارثية. والمؤكد أن الموقف الأمريكي الأخير حول ليبيا كان له ثقله على الدفع إلى هذه التطورات "المتفائلة" على طريق حلحلة وضع وصل إلى مأزق حقيقي وسط احتمالات متزايدة لوصول أطراف معادلة الحرب إلى أرضية توافقية تسمح بإنهاء حالة الحرب عبر تبني خيار تنظيم انتخابات عامة ورئاسية، قال رئيس حكومة الوفاق فايز السراج إنها ستجرى شهر مارس من العام القادم في حال سارت الأمور وفق الترتيبات الموضوعة لها.