بتكليف من رئيس الجمهورية, عطاف يشارك بالدوحة في الدورة الثالثة لمنتدى الاقتصاد والتعاون العربي مع دول آسيا الوسطى    الكيان الصهيوني يكثف غاراته على جنوب لبنان    لرفع العراقيل عن شركات النقل واللوجيستيك: إطلاق منصة رقمية لصندوق ترقية الصادرات اليوم    سوناطراك: توقيع بروتوكول تفاهم مع الشركة الأمريكية "إتش جي آر إنيرجي"    قال إن المركزية النقابية ستراجع منهجية عملها مستقبلا: تاقجوت يثمّن إجراءات الرئيس تبون لصالح العمال    عطاف في مكالمة هاتفية مع نظيرته السنغالية: الجزائر تريد مرحلة جديدة في علاقتها مع السنغال    عرقاب يؤكد من إيطاليا: الجزائر ملتزمة بتعزيز دورها كمزود موثوق به للطاقة    حملوه نقل تحياتهم إلى رئيس الجمهورية: العرباوي يلتقي الرئيسين الكيني والموريتاني ورئيس الوزراء الإثيوبي    بتهم ارتكاب جرائم إبادة جماعية    في انتظار ضبط تاريخ نهائي الكأس: تأخير موعد الجولة 25 لبرمجة مواجهتين مؤجلتين    بعد سقوط الكاف في مستنقع الأخطاء    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي    مجلس الأمة يشارك في منتدى حوار الثقافات بأذربيجان    الاحتلال يفشل في تشويه "الأونروا"    سياسة الاحتلال الصهيوني الأخطر في تاريخ الحركة الأسيرة    هكذا يُمهّد الصهاينة لاجتياح رفح..    نظام جديد لتشفير بيانات متابعة طلبات الاستيراد    ترقية التعاون بين "كوصوب" وهيئة قطر لأسواق المال    الشروع في تنفيذ غراسة نموذجية لإنتاج شتلات الأرقان    رابح بيطاط.. مسار مجاهد من التحرير إلى البناء    بهدف القيام بحفريات معمقة لاستكشاف التراث الثقافي للجزائر: مولوجي:منحنا 152 رخصة بحث أثري على المستوى الوطني    تظاهرات مُكثّفة.. وإبراز المكاسب العريقة    هذه الأمور تصيب القلب بالقسوة    بلومي يُشعل الصراع بين أندية الدوري البرتغالي    شباب بلوزداد يستنكر أحداث مباراة مولودية وهران    أنديتنا أظهرت مستوى رفيعا بالموعد القاري في وهران    بن شيخة يغادر العارضة الفنية    مفتشتان من وزارة الريّ بعنابة    "حماس" ترد على مقترح إسرائيل بوقف إطلاق النار 40 يوما    عرض محاور إستراتيجية الجزائر لتعزيز الأمن الغذائي    منتخبو بلدية المحمدية ينهون حالة الانسداد    اتفاق على ضرورة تغيير طريقة سرد المقاومة    إبراز أهمية إعادة تنظيم المخازن بالمتاحف الوطنية    محرز يقود ثورة للإطاحة بمدربه في الأهلي السعودي    الأمن السيبراني : ورشة حول الاستراتيجية الوطنية لأمن الأنظمة المعلوماتية    بن رحمة يُهدي البياسجي اللقب!    لا بديل عن تعزيز الجهود لدعم ومرافقة مشاريع تربية المائيات    الشرطة تواصل مكافحة الإجرام    مصادرة 100 قنطار من أغذية تسمين الدجاج    لا أملك سرا للإبداع    إخماد حريق شب في منزل    الجزائر تتحول إلى مصدّر للأنسولين    استئناف حجز التذاكر للحجاج عبر مطار بأدرار    عنابة: حجز قرابة 30 ألف قرص مهلوس    مهرجان عنابة.. فرصة مثالية لاسترجاع جمهور السينما    الوريدة".. تاريخ عريق يفوح بعبق الأصالة "    موعد عائلي وشباني بألوان الربيع    سنتصدّى لكلّ من يسيء للمرجعية الدينية    هنية يُعبّر عن إكباره للجزائر حكومةً وشعباً    ذِكر الله له فوائد ومنافع عظيمة    الجزائر وفرت الآليات الكفيلة بحماية المسنّين    العالم بعد 200 يوم من العدوان على غزة    دورة تدريبية خاصة بالحج في العاصمة    عون أشرف على العملية من مصنع "نوفونورديسك" ببوفاريك: الجزائر تشرع في تصدير الأنسولين إلى السعودية    تعزيز القدرات والمهارات لفائدة منظومة الحج والعمرة    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بسبب الإدمان، البطالة، ضعف التنشئة الاجتماعية وغياب الوازع الديني
استفحال الجريمة في الوسط الأسري
نشر في المساء يوم 03 - 07 - 2009

عندما يقف الابن العاق أمام القاضي يسأله بلهجة شديدة "علاش ضربت باباك أو يمّاك" فيجيب الابن "ما كنتش في وعيي ما علاباليش كيفاه حتى رفدت يدي عليه".. ويضيف "نطلب منهم يسمحولي" هذا ما نسمعه عادة بالمحاكم الجزائرية في الجرائم التي تقع بالعائلات، ولأن القانون شدد عقوبة الاعتداء على الأصول فقد أزال الصفح عن المتهم حتى وإن تنازل الوالدان عن حقهما، خاصة مع ارتفاع ظاهرة الاعتداء على الأصول التي أصبحت المحاكم اليوم تعج بها، حيث لم تعد تقف عند حد السب أو الشتم، وإنما تعدته إلى الضرب والجرح العمدي المفضي لعاهة مستديمة، وما خفي ولم يصل أروقة المحاكم بحكم الحياء أو الخوف من القيل والقال أعظم.
ظاهرة ضرب الأصول أو ما يسمى بالجريمة في الوسط العائلي لم تعد تنحصر في العائلات الفقيرة أو في الأحياء الشعبية فحسب، وإنما أصبحت ظاهرة تمس كل العائلات الجزائرية بغض النظر عن المستوى المعيشي أو الثقافي، فالأسباب وراء وقوع هذه الجرائم نفسها، كالادمان على المخدرات التي تدفع المدمن إلى طلب المال لشراء السموم، وإذا قوبل طلبه بالرفض يعود رد فعله على الطرف الضعيف الذي رفض منحه المال، وهو الأم في أغلب الأحيان، ويكون رد الفعل السريع والمباشر هو السب والشتم الذي سرعان ما يتحول إلى الضرب والجرح، وينتج عنه عاهة مستديمة تدفع بالأم إلى تقديم شكوى والزج بالابن العاق في السجن عقابا له، لا سيما وأن المحاكم اليوم تقوم بمعالجة مثل هذه القضايا بفرض عقوبات رادعة على المعتدين.
البطالة.. الميراث .. وغياب الوازع الديني
أرجع بعض رجال القانون ارتفاع الجرائم بالوسط الأسري إلى ما عاشته الجزائر خلال العشرية السوداء التي خلّفت آثارا سلبية على الروابط العائلية، حيث أصبح علاج المشاكل التي تقع بين الأسر يتم بالعنف في ظل غياب لغة الحوار، إلى جانب المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.
يقول محمامي "ف.ث" الذي التقه "المساء" بمحكمة حسين داي "العائلات الجزائرية اليوم تعيش اختلالا بين الجانب المادي والروحي، وإلا كيف نفسر إقدام الابن أو البنت على ضرب أحد الوالدين، وعندما نسألهم عن السبب نجد أن هذا الابن أو البنت لا يتواصلان مطلقا مع العائلة، وأن الوقت الذي يمضيانه خارج البيت أكبر، دون الحديث عن انشغال الوالدين بالعمل وعدم متابعة اخبار أولادهم، وهو ما حدث مؤخرا في قضية نظرنا فيها، حيث أقدم شاب في مقتبل العمر على الاعتداء جنسيا على أخته المعاقة في ظل غياب الوالدين عن المنزل، حيث لم تكتشف فعلته حتى لا حظت الأم حمل ابنتها ظاهرا".
ولعل من بين القضايا التي تطرح بشكل كبير أمام المحاكم إلى جانب السب والشتم الموجه للوالدين، والذي أصبح من القضايا العادية -يضيف المتحدث - "فإن قضايا الميراث تتسبب في إحداث الكثير من الجرائم بين العائلات، خاصة في منطقة القبائل، وهو ما حدث مؤخرا، حيث عرضت علينا قضية تمثلت في وفاة والد الأبناء، ولأن الشريعة الإسلامية لا تورث الأحفاد الذين يتوفى والدهم قبل جدهم، لم يتفهم الابناء واعتدوا بالضرب والجرح على جدهم وأعمامهم لأنهم أخبروهم بأنهم لا يملكون نصيبا في ميراث جدهم، ونتج عن ذلك أن تم الزج بهم في السجن، لتضيع بذلك الروابط الأسرية بسبب الجهل بالدين".
أما عن المشاكل الاجتماعية فحدث ولا حرج، حيث أصبحت عنوانا للجرائم التي تقع في الأسر وتنظر فيها المحاكم يوميا، وفي هذا الخصوص يقول المحامي "ج.ع" "عرضت عليّ قضية مؤخرا من طرف كهل متقدم في السن قدم شكوى ضد ابنه الذي اعتدى عليه بالضرب لسبب بسيط، وهو رغبة هذا الاخير في الزواج بالبيت العائلي، ورفض الأب طلبه كون البيت لا يتسع فثار غضب الابن مما جعله يعتدي على والده، ومثل هذه الأمثلة كثيرة، فنجد مثلا إقدام الفتاة على ضرب والدتها لأنها رفضت منحها المال لشراء غرض معين، وعلى العموم ثبت من خلال تجربتنا أن قضايا الاعتداء بالضرب على الوالدين والتي تصل في بعض الأحيان إلى حد اغتصاب الام أو الاخت وإن كانت قليلة، تكون عادة ناتجة عن كون الشاب مدمنا على المخدرات، وبحكم أزمة البطالة فإن المورد الوحيد للمال هو الأب أو الأم، وإذا قوبل بالرفض فإن النتيجة هي التنفيس عن الغضب بالاعتداء على الوالدين، كما يمكن أن يشمل هذا الاعتداء حتى الإخوة والأخوات".
ضعف التنشئة الاجتماعية وراء تفاقم الظاهرة
يرى سمير عيمر أستاذ علم الاجتماع بجامعة بوزريعة أن تفاقم الجريمة بالوسط العائلي هو وضع كان منتظرا بالأسر الجزائرية بسبب ضعف وعدم صحة التنشئة الاجتماعية، وذلك بفعل عدة عوامل أسهمت من بعيد أو من قريب في تغذية الجريمة بين أفراد العائلة، كالانفتاح على الثقافات الغربية التي تقوم على العنف في معالجة الأمور، وتغير العقليات، إلى جانب الابتعاد عن العادات والتقاليد التي كانت متأصلة عند الأجداد، حيث كان الابن لا يقوى على الوقوف أمام والده والحديث إليه بحكم الاحترام الذي كان سائدا بينهما، ولكن اليوم ولسبب تافه نجد هذا الابن يسب ويشتم والده، بل ويذهب إلى أبعد من هذا من خلال الاعتداء إليه بالضرب أو الجرح"، ويضيف "ما دام المتغير الأول وهو التنشئة الاجتماعية غير سوي في الفرد، فإن باقي المتغيرات الأخرى تؤثر سلبا على هذه التنشئة، كالفقر والبطالة وغياب الثقافة الدينية، إلى جانب اندثار العادات والتقاليد، وبالتالي فإن السبب الرئيسي وراء استفحال الإجرام بين أفراد العائلة مرجعه الوالدان اللذان لا يقومان بدورهما كما يجب، لأن التنشئة الاجتماعية لا تعني التربية فقط، وإنما يدخل بها تكريس ثقافة التسامح وحب الوطن واحترام الجار ومساعدة الغير، ولكن ما نلاحظه اليوم مثلا أن الأم تشجع ابنها على رد الاعتداء باعتداء آخر كنوع من الدفاع عن النفس، لذا يقال هذا ما جنا علي أبي وما جنيت على أبي، أي أن الضحية الأولى عند الفشل في تربية الابناء تربية سليمة هم الأولياء".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.