صناعة السيارات : تمديد التسجيل في حملة تجنيد الكفاءات إلى غاية 21 أوت    امتلاك الذهب 2025..الجزائر في المركز الثالث عربيا بحصة 173.6 طن    القمة الإفريقية للمياه:جنوب افريقيا تجدد موقفها الثابت لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير    غضب عربي وسلامي من تصريحات رئيس وزراء الكيان الصهيوني.. 31 دولة بينها الجزائر تدين وهم "إسرائيل الكبرى"    تلمسان.. مساعي حثيثة لتحسين التزود بالمياه وترشيد استهلاكها    حرائق الغابات: وزارة الداخلية تدعوإلى التحلي بالوعي واتباع التعليمات الوقائية    حادث سقوط حافلة بوادي الحراش: سلطة ضبط السمعي البصري تقرر توقيف اربع مؤسسات استغلال خدمة الاتصال السمعي البصري    السلام في الشرق الأوسط مرهون بوقف إبادة الشعب الفلسطيني    فاجعة وادي الحراش أدمت القلوب    251 شهيد جراء المجاعة في قطاع غزة    ترامب يدعو إلى اتفاق سلام لاحتواء الأزمة الأوكرانية    رئيسة البعثة الأممية تستعرض جهود الوصول لانتخابات تحظى بالقبول    المنتخب الوطني يحل بنيروبي تحسّبا لمواجهة النيجر    وزيرة الرقمنة تزور المصابين بمستشفى زميرلي    تسريع وتيرة تجسيد الخط الاختراقي الجزائر- تمنراست    سحب الحافلات المتهالكة من الحظيرة الوطنية    دعم المراقبة الوبائية للملاريا المستوردة بالولايات الحدودية    شروط صارمة لضمان إقامة لائقة للحجّاج الجزائريين    انتقادات هولندية لزروقي قبل تربص "الخضر"    حادث سقوط حافلة بوادي الحراش : وفد عن المجلس الشعبي الوطني يزور المصابين بمستشفى زميرلي    الأمم المتحدة ترحب ب "الحوار البناء" خلال قمة ترامب وبوتين بألاسكا    ليبيا: رئيسة البعثة الأممية تستعرض الجهود الرامية للوصول إلى انتخابات تحظى بقبول كافة الأطراف    حمامات العرائس بين عبق الماضي وفخامة الحاضر    141 محطة اتصالات لتغطية "مناطق الظل" والشواطئ    حادث سقوط حافلة بوادي الحراش: سايحي يقف على الوضعية الصحية للمصابين    سهرات متنوعة تُمتع العائلات    بوزيد يخلد فانون في طابع بريدي جديد    فوز "متشردة ميتافيزيقية" لنعيمة شام لبي    سكك الحديدية : التصريح بالمنفعة العامة لإنجاز شطرين من الخط الجزائر العاصمة-تامنغست    شرط واحد يقرب بنفيكا البرتغالي من ضم عمورة    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    تحسيس آلاف الأطفال في المخيمات الصيفية    تكثيف الرقابة في الأسواق    مدن مغربية تنتفض..    مهنيون يُعبّرون عن ارتياحهم لقرار الرئيس    هذا موعد مسابقة بريد الجزائر    زيد الخير يلتقي المصلح    هذا جديد مسابقة مساعدي التمريض    بوقرة: هدفنا التتويج    الخضر يتعثّرون.. ولا بديل عن هزم النيجر    رئيس المجلس الاسلامي الأعلى يجري بالقاهرة محادثات مع أمين عام الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة    تكثيف العمل الرقابي الميداني لضمان الاستقرار في الاسواق    وضع استراتيجية تعليمية لرفع وعي الشباب بتاريخهم    بوابة نحو عصر رقمي جديد أم عبء صحي صامت..؟    مشاريع واعدة للربط بالألياف البصرية ومحطات الهاتف النقال    توطيد التعاون الجزائري المصري للتصدّي للفتاوى المتطرّفة    فتح باب التسجيل للوكالات السياحية في حجّ 2026    كأس العالم لكرة اليد أقل من 19 سنة: الجزائر تفوز على الاوروغواي (32-27) و تحتل المركز 27    رئيس المجلس الاسلامي الأعلى يجري بالقاهرة محادثات مع أمين عام الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة    كرة القدم/ "شان-2024" /المؤجلة إلى 2025 /المجموعة الثالثة/: الحكم الكاميروني عبدو ميفير يدير مباراة الجزائر-غينيا    كرة القدم/ملتقى حكام النخبة: اختتام فعاليات ملتقى ما قبل انطلاق الموسم الكروي لفائدة حكام النخبة    المخرج التلفزيوني والسينمائي نور الدين بن عمر في ذمة الله    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    إسدال الستار على الطبعة ال13 من المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية بقالمة    متى تكون أفريقيا للأفارقة..؟!    طبعة رابعة استثنائية للمعرض الإفريقي للتجارة البينية 2025    وطّار يعود هذا الأسبوع    هل الرئيس ترامب صانع سلام؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة نوفمبر أسقطت أسطورة الإمبراطورية الفرنسية
أبعاد إنسانية دحضت القيم المزيفة
نشر في المساء يوم 30 - 10 - 2013

تبقى الثورة الجزائرية من أعظم الثورات التي شهدها العالم، وهو ما يجعلها نموذجا يحتذى لكل حركات التحرر في البلدان النامية، ليس لكونها مجرد نضال من أجل إخراج المستعمر بل لأنها تحمل في طياتها أبعادا إنسانية أذكت القرائح والملكات لمحبي العيش في حرية وكرامة واحترام الذات البشرية، لتصبح بذلك مثالا للإنسانية عبر المراحل التاريخية.
لم تحطم الثورة الجزائرية أسطورة الإمبراطورية الفرنسية فحسب، بل أسقطت معها قناع المدعين بأحقيتهم في إعلاء القيم الإنسانية التي جاءت بها الثورة الفرنسية، غير أن هذه القيم اندثرت مع الممارسات الإجرامية للمستعمر الذي لم يتوان منذ أن وطأت أقدامه أرض الجزائر في التفنن في تقتيل وتعذيب الجزائريين، فكان أن أعطى بذلك درسا في خرق المواثيق الإنسانية التي لم تكن سوى نموذج لهمجية مازال يدونها التاريخ ومرجعا للحملات الاستعمارية بوجهيها الحديث والقديم.
ولا نبالغ إذا قلنا إن الثورة التحريرية المظفرة تصنف ضمن أفعال الطبيعة البشرية وجزء من الطبيعة الكونية ككل في اتجاه التغيير باعتباره أساس حركة الوجود ومساره ومبتغاه، ونحو قلب الأوضاع بالنسبة للحراك الثوري في سياق جدلية الصراع التاريخي الدائم بين قوى النزوع نحو إحقاق الحق والعدل في النفس وفي المجتمع وفي الكون وبين قوى التوجه إلى إبطال هذه المسلمات.
ومن هنا كانت الثورة الجزائرية جزءا من الحراك الطبيعي الإنساني والاجتماعي انطلقت عندما توفرت شروطها ووسائلها من أجل إحداث البناء الجديد بعد تحطيم البناء القديم وإبعاد ردمه وبقاياه في وقت قصير أو طويل، وقد نجحت العملية بعد توافر وتضافر كافة الجهود وحشد جميع الطاقات وتعبئة كل القوى الثورية في المجتمع.
ولا مجال للشك في أن الشعب الجزائري كان بحق صانع المعجزة، ذلك لأنه يملك الإيمان بالله وحب الوطن والأرض والعرض. ويملك من المعرفة والأخلاق والآداب الكثير، كما انه بتوجهاته السياسية والوطنية وبنشأته على حب الله والوطن والدين الإسلامي وحبه للحرية والكرامة والعزة
وبغضه للعبودية والاستعمار، استطاع أن يلتف حول ثواره وثورته ويهزم أكبر قوة عسكرية استعمارية مدعومة بقوة الحلف الأطلسي.
فقد استطاع الشعب الجزائري وهو يرزح تحت نير الاستعمار بكفاءاته الدينية الإيمانية والفكرية والسياسية والتنظيمية أن يفرض إرادته الحرة المستقلة في الواقع وفي الحياة عامة، وفي مواجهة الاستعمار، ونجح أيضا في إذكاء فتيل حرب بين طرفين ليس بينهما تكافؤ، طرف مظلوم مقهور مغلوب على أمره، يملك وسائل دفاع بدائية محدودة وضعيفة، لكنه قوي العزيمة والإرادة، وطرف ظالم قاهر مستعمر مستبد، استعمل كل أشكال القمع وأصناف الاستبداد وأنواع الظلم المادي والمعنوي، من تشريد وتجويع وتعذيب وتقتيل مع تفنن في أساليب القتل والتنكيل بالجثث وامتهان والإخلال بالقيم الخلقية والدينية وارتكاب جرائم يندى لها جبين البشرية.
كما أن الحكمة من انتصار الثورة الجزائرية المباركة على الجيش الاستعماري وعلى الحلف الأطلسي المدجج بالحديد والنار وبالعملاء في داخل الجزائر وخارجها، تكمن في ارتباط الهبة الثورية الشعبية الجزائرية في منطلقها وفي مسارها وفي أهدافها بقيم ودلالات تمثل سننا كونية وضرورات حضارية نهضوية.
كل ذلك يشكل حتميات تاريخية، فهي سنن ثابتة في الثقافة العربية الممتدة في الماضي البعيد وراسخة في الشعور الديني الإسلامي العميق، وتتمثل أبرز هذه الدلالات والمعاني في معنى الحرية وقيمة العدل ودلالة الحق وغيرها من المعاني النبيلة والمثل العليا مثل الخير والمحبة والمساواة والتسامح والتعاون والتضامن والحوار وغيره.
هي دلالات ومعان قامت عليها كل نهضة في اتجاه التقدم والرقي والازدهار، وكل حضارة عرفها تاريخ الإنسان، وكل ثورة في وجه الظلم والفساد والاستبداد، مسعاها الحق والعدل والحرية، فالثورة في وجه الفساد وفرض العدل والخير للجميع تمثل قمة الحضارة وأوجها، والثورة الجزائرية في منطلقها وفي مساراتها وفي مبتغاها ومنتهاها بلغت قمة النهضة وأوج التحضر، فصارت نموذجا يقتدى.
وإذا كان الحراك الاستعماري الفرنسي على أرض الجزائر على حساب حق شعبها منذ الاحتلال حتى الاستقلال مدمرا للعقول، عابثا بحقوق الناس في الحرية والكرامة والعدالة والتنمية، يكيل بمكيالين، غير آبه بأحداث التاريخ ولا متعظ بعبر الماضي، فإن الفطرة أبت إلا أن ترد الحق لأهله بانتصار ثورة الضعفاء على قوى الشر والغدر والخيانة.
لقد اتسم التواجد الفرنسي بالجزائر باحتلال الأرض وانتهاك العرض ونهب المال والثروة وتشويه التاريخ والماضي، غير أن ذلك زاد في إصرار الجزائر على العمل والنضال والكفاح في اتجاهات عدة وبوسائل وبأساليب عدة، فكان للجزائر أن استردت ما أرادت بالقوة ما أخذه منها بالقوة.
ويتضح مما سبق أن العدل الذي يعد بعدا من أبعاد الثورة يشكل ضرورة طبيعية وهو ما دفع إلى رفع التحدي والظلم من خلال اتخاذ كل ما يسمح بترسيخ القيم الإنسانية وغرسها في النفوس لما أخل المستعمر الفرنسي منذ أن وطئت أقدامه أرض الجزائر بمعاني الخير والحق والعدل، مستمسكا بكل ما هو لا إنساني بغيض وإجرامي، فتوالت جرائمه وتراكمت، مما شجع على التئام شروط العمل الثوري وأسباب الإقلاع الحضاري، فكان موعد الأمة الجزائرية مع النهضة والحضارة والتاريخ، إلى أن طلع فجر التحرر وبزغت شمس الحرية التي عمت سماء أرض الجزائر برمتها.
إن المعجزة التي صنعتها الثورة الجزائرية هي قبل كل شيء معجزة تاريخية سياسية وعسكرية بكل المقاييس لكنها حملت في الوقت ذاته أبعادا إنسانية عظيمة سبقت الاجتهادات الراهنة التي تعكف على وضع تصورات لمجتمعات مثالية في احترام حقوق الإنسان والدفاع عن الكرامة الإنسانية، فهذه المعجزة انتهت ببناء دولة لها ثقلها على الصعيد الإقليمي، في الوقت الذي شب فيه الشعب الجزائري في نهضته الثورية على المنهج القويم والسلاح الفعال والوعي الراشد والوسائل الناجعة، من تعاون وتضامن واتحاد فأصاب الهدف في المظهر والجوهر، كون المشروع النهضوي الثوري استمد روحه من القيم الجزائرية وخصوصياتها الجغرافية والثقافية والتاريخية، فالنهضة الثورية هي تلك الوثبة القوية والهبة الواعية بذاتها والتي تتخذ من المقاومة والكفاح والصمود سبيلا ومن سنن الكون مطية نحو المنشود من الآمال والتطلعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.