جرت أمس العملية الانتخابية المتعلقة باختيار رئيس الجمهورية بولاية وهران، في أجواء عادية جدا على مستوى كافة مراكز ومكاتب الانتخاب التي سخّرتها الإدارة المحلية لهذه العملية؛ حيث بلغ عدد المسجلين بها 1038228 ناخبا، موزَّعين على 272 مركزا و2173 مكتبا، وتحت إشراف 12225 عونا من مختلف الإدارات العمومية. وما تجب الإشارة إليه هو الأجواء العادية التي اتسمت بها العملية الانتخابية على مستوى جميع المراكز، التي لم يسجَّل بها أي طعن ولا خرق للقانون المسيّر للعملية الانتخابية التي بلغت فيها نسبة المشاركة عند حدود الساعة الحادية عشرة، 6.67 بالمائة؛ أي بقيام 69298 مسجلا بأداء الواجب الانتخابي في الوقت الذي ارتفعت النسبة في حدود الساعة الثانية زوالا، إلى 22.56 بالمائة، وذلك بقيام 234289 مسجلا بالاقتراع. ومن خلال تجوالنا في العديد من المراكز والمكاتب الموزعة على مستوى الولاية، فإن عملية الانتخاب عرفت إقبالا كبيرا للنساء في الفترة الصباحية على خلاف الرجال، الذين كان توافدهم على نفس المكاتب والمراكز في الفترة المسائية، وهو الأمر الذي فسره العديد من رؤساء المكاتب بكون النساء ملتزمات بتوفير العديد من الأمور خلال الفترة المسائية؛ الأمر الذي يفسر إقبالهن على القيام بالواجب الانتخابي في الصبيحة عكس الرجال، الذين يفضلون التوجه إلى المكاتب الانتخابية في الفترة المسائية بعد القيام بأشغالهم في الفترة الصباحية. ومن هذا المنطلق، يمكن تفسير ظاهرة التوافد الكبير للنساء في الصبيحة والرجال في الفترة المسائية على مكاتب الانتخاب، من خلال تقسيم الأعمال ما بين النساء والرجال في ولاية وهران، حيث عُرفت أكبر نسب مشاركة في الفترة الصباحية، في البلديات النائية، منها بلدية العنصر، التي تقع في الجهة الغربية للولاية، حيث وصلت نسبة المشاركة بها في حدود الساعة الخامسة، إلى 67.12 بالمائة، بينما لم تتعدّ النسبة في بلدية وهران 5 بالمائة في حدود الساعة العاشرة، و17 بالمائة في حدود الساعة الثانية، و35 في المائة في حدود الساعة الخامسة مساء. ما تجدر الإشارة إليه هو الإقبال الكبير المسجل لفئة الشيوخ والعجائز؛ إذ قال الكثيرون إنه لا يمكنهم إلا أن يؤدوا واجبهم الانتخابي، الذي يعبّرون من خلاله على تشبّثهم بمواطنتهم ووطنيتهم؛ كونهم دافعوا عن الجزائر، ومازالوا يدافعون عنها، وهم غير مستعدين للتنازل عن هذا الحق في كل الأحوال والظروف، وهو نفس الأمر الذي عبّر عنه الكثير من الشبان الذين يؤدون واجبهم الانتخابي لأول مرة، مؤكدين أنه من خلال الإدلاء بأصواتهم واختيارهم للرجل الأنسب لقيادة البلاد إلى بر الأمان، يمرّرون رسالة إلى المجتمع الدولي بأن التلاعب بأمن وأمان الجزائر خط أحمر لا يجب التفكير في تجاوزه، متمنين أن يتم العمل في ظل التفاهم والشفافية المطلقة لبناء الجزائر التي يريدها الكل آمنة مزدهرة متطورة راقية بين الأمم. وبالمناسبة، عبّر بعض الناخبين عن اعتزازهم بأداء واجبهم الوطني؛ حيث صرح لنا السيد “محند شريف مستار” في عقده الثامن، التقيناه بمركز التصويت بإكمالية النصر ببلدية السانيا، بأنه لم يفرّط في ممارسة حقه الدستوري منذ 1962 تاريخ استقلال الجزائر، وبعد هذا العمر لم يتوان عن الخروج للتصويت على المترشح الذي يجده مناسبا للدفع بالبلاد نحو المزيد من التقدم، قائلا: “أنا أمارس حقي الدستوري؛ لأن الجزائر بلدي، وليس لنا وطن آخر نلجأ إليه”. مواطن آخر التقيناه بالمركز المختلط لمتوسطة “المستقبل” ببلدية سيد الشحمي، لم تمنعه إعاقته البصرية من أداء واجبه الانتخابي، مرفوقا بأبنائه الثلاثة؛ حيث عبّر لنا عن اعتزازه بممارسة هذا الحق الذي لم يفوّته ولو مرة في حياته بالرغم من أنه ضرير، إلا أنه صمّم على الخروج باكرا مع أبنائه للتصويت، ليكون الأب قدوة لأبنائه؛ يربّيهم على حب الوطن. أما السيدة ربيعة في عقدها السادس، التي وجدناها أمام مدخل مركز التصويت ببلدية السانيا تحمل بيديها بطاقة الانتخاب وبطاقة التعريف في انتظار ابنها ليساعدها للتوجه نحو مكتب الانتخاب، فأكدت لنا أنها دائما في الموعد عندما يتعلق الأمر بالجزائر بلد الشهداء، وقالت: “نحن جيل شهد الاستعمار، فعرف قيمة نعمة الاستقلال والحرية التي ينعم بها جيل ما بعد الاستقلال؛ لهذا فنحن موجودون دائما في الموعد، ولن نخذل وطنا مات دون حريته مليون ونصف مليون شهيد. من جهتها، أكدت السيدة مفيدة بالهواري عضو بالمجلس الشعبي الولائي بوهران، التي التقيناها بمركز التصويت بإكمالية النصر بالسانيا، أن الشعب الجزائري بسيط وفحل عندما يتعلق الأمر بوطنيته التي لا يقبل أن يساوَم عليها. ونتائج الانتخابات الرئاسية هاته سوف تكون صادمة للأطراف التي لا تريد الخير للجزائر وأبنائها، الذين فهموا الدرس جيدا بعد تجربة العشرية السوداء القاسية.