المادة 51 من مشروع الدستور ستحرم الجزائر من كفاءات عالمية يرى الدكتور احمد بن نعمان أن مزدوجي الجنسية في الجزائر معظمهم ضحايا الخيانات للوطن من طرف ابائهم الحركى الذين راهنوا على مستقبل فرنسا في الجزائر الفرنسية فخسروا الرهان غير ان المادة 51 من مشروع الدستور الجديد ستكون بمثابة حق يراد به باطل لأنها ستحرم البلاد من الخبرات والكفاءات الجزائرية والمشهود لها عالميا بذلك وبنزاهتها مؤكدا ان التخابر مع الخارج لا يحتاج لجنسية مزدوجة فالجاسوس تكفيه بطاقة الإقامة وجنسية البلد الذي كلفه بالمهمة وان واضعوا هذه المادة فصلوها على مقاس الخطة التي رسمها الجنرال ديغول قبل زوال وجوده العسكري الظاهر من ادارة الجزائر. شدد الباحث في القضايا الاستيراتيجية والحضارية في حوار مع اخبار اليوم ان الخوف ممن يشغلون مناصب حساسة في الدولة ويحملون شهادة المجاهدين المزورة اليوم ويعمولن على حماية مصالح الدول الاجنبية على حساب الوطن لأن العبرة ليست في الأوراق بل بالسلوك والانتماء للهوية. * متى بدأت ظاهرة إزدواج الجنسية في الجزائر؟ بدأت مسألة الجنسية مع الغزو الصليبي للجزائر سنة 1830 ولكنها كانت تربطها فرنسا دائما بتخلي الأهالي العرب المسلمين عن الإسلام لتعطيهم كامل الحقوق مثل بقية الغزاة القادمين من كل اقطار العالم (غير المسلم) ولكن الأجداد رفضوا علف الجنسية الفرنسية وتمسكوا بشرف الهوية العربية الإسلامية في كل مناطق الوطن دون استثناء حتى وضعت الحرب الصغرى أوزارها سنة 1962 فقد كان التجنس بالمعنى الفرنسي هذا هو الردة عن الإسلام وقد حرمها ابن باديس وقال حينذاك من تجنس تنجس وخرج عن الملة وافتى بتحريم الصلاة على المرتدين كما حرم دفنهم في مقابر المسلمين. ولولا تمسك الشعب الجزائري بتلك الهوية الوطنية لكانت الجزائرغرناطة فرنسية والى الابد فمن اجلها كانت كل الثورات الجزائرية... من عبد القادر إلى بن بولعيد ومن فاطمة نسومر إلى الحداد وبلقاسم كريم وظل هذا وضعهم كما قلت حتى سنة 1962. * ما هي الأسباب والعوامل التي تسببت في ظهور مزدوجي الجنسية؟ بعد توقف الجهاد المسلح سنة 1962 اختلفت الأسباب والدواعي وزال المانع الأول الحائل دون اخذ المواطن الجزائري الجنسية المزدوجة بسبب العلاقات الاجتماعية لأبناء الحركى وعائلاتهم الضحية البريئة في بعض الاحيان.. وهذا هو سبب ظهور مشكلة ازدواج الجنسية وهي في رأيي خطأ منذ البداية (وهذا ليس موضوعنا الآن) لكن هذه الظاهرة ازدادت انتشارا منذ وقف المسار الانتخابي سنة 1992. * هل تعتقد ان مزدوجي الجنسية عملاء أم ضحايا التاريخ؟ معظمهم ضحايا الخيانات للوطن من طرف آبائهم الذين راهنوا على مستقبل فرنسا في الجزائر الفرنسية فخسروا الرهان في الجولة الأولى من سنوات الاستقلال في عهد الرئيس بن بلة إلى انقلاب 19 جوان 1965 ثم رجحت الكفة لصالحهم حتى الآن مرورا بوقف المسار الانتخابي سنة 1992 من بقايا شعب نوفمبر 1954 وشعب تقرير المصير على الاستقلال التام عن فرنسا في 3 جويلية 1962 الذي فازت فيه ارادة الشعب الجزائري ب97.5 بالمائة ضد الاحتلال الفرنسي. ولو صوت الشعب يومها بالأغلبية على بقاء الاحتلال (و كان حر في ذلك) لكنا اليوم كلنا فرنسيين واعضاء في الاتحاد الاوروبي مثل ساركوزي (المجري) وفالس (الكتلاني) وبلادور (التركي) ومكاشرة (السوقهراسي) وفالو بلقسام (المغربية). * ما هو التأثير السياسي والإداري والثقافي على هذه الفئات من الاستقلال إلى اليوم؟ هناك تأثير كبير من الناحية السياسية والادارية وخاصة الثقافية لهذه الازدواجية على الواقع المحلي (الوطني) الذي جعل بعض المدن الجزائرية كأنها ضواحي للمدن الفرنسية الكبرى كباريس وليون ومارسيليا وتولوز.. وإذا وجدت اي اتفاق قد ابرم بين الادارة الجزائريةوفرنسا منذ 1962 فانك ستجد الرابح الاكبر في الصفقة أو الاتفاقية هو الطرف الوطني الفرنسي (صفقة مصنع رونو وصفقات مجمع توتال وشركات تكرير مياه الشرب أو تسيير المطار الدولي وميترو الجزائر...) وليس الطرف الجزائري بالجنسية الورقية والفرنسي اللسان والشعور والهوية والملة الدينية المزدوجة احيانا للمواطن بين الظاهر والباطن. * هل للصراع بين المعربين الوطنيين والمفرنسين فرونكوفيل دور في ذلك؟ المسألة في الجزائر الثورية الجهادية هي مسألة وطنية وخيانة أو بين الوطني والبطني وليست بين المعرب والمفرنس بل هي بين نوفمبر العروبي الإسلامي الجهادي حتى النخاع والمرفوض من الخونة هذا البيان النوفمبري مكتوب باللغة الفرنسية لسانا والروح الوطنية العربية الإسلامية الباديسية شعورا ووجدانا علما ان كل كتاب البيان والذين استشهدوا من اجل تطبيقه كانوا يحملون في جيوبهم جنسيات فرنسية وبطاقات النضال في حزب الشعب الجزائري مفجر الثورة (و ليس الشعوب الجزائرية) مكتوب عليها شعار ابن باديس الوطني والهوياتي المعروف (الجزائر وطني الإسلام ديني والعربية لغتي) ولولا تلك الوطنية وذلك الإسلام والعربية لكانت الجزائر اليوم غرناطة فرنسية بامتياز كما قلت قبل حين وبكل المقاييس العلمية والتاريخية هذا شطر من الاجابة عن سؤالك فيما يخص الجزائر قبل سنة 1962 اما بعد هذا التاريخ فالفرز اصبح بين النوفمبري لسانا ودينا والديسمبري لسانا ودينا ايضا فالنوفمبري مع اللغة العربية والهوية الوطنية والخائن لأمانة الشهداء هو مع اللغة الفرنسية وضد الجزائر النوفمبرية حتى ولو كان ينتحل الكتابة بالعربية كأبي لهب في مكةالمكرمة وعبد الله بن سلول في المدينةالمنورة. فالصراع في الجزائر اليوم هو بين ابناء باديس وابناء باريس وبين الخيانة والوطنية وليس بين الفرنسية والعربية أو البربرية والعربية. فالمسألة كلها هنا هي عدم تطبيق الدستور شاهد الزور منذ سنة 1963 حتى الآن في مسألة السيادة الوطنية والوحدة... ولا وحدة وطنية دون وحدة لغوية ولا سيادة وطنية دون سيادة لغوية (مثل فرنسا الوطنية على ارضها الفرنسية) وبعض الادارات الجزائرية الفرنسية على ارضها العربية. * هل أنت مع أو ضد المادة 51 من مشروع الدستور الجديد التي تمنع مزدوجي الجنسية من تقلد المناصب السامية في الدولة؟ رأيي بصفة عامة دون الدخول في التفصيل بالنسبة لهذه المادة فهي حقٌ يراد به باطل وذلك لسد الطريق ومنع العديد من الكفاءات الوطنية العالية المشهود لها عالميا بالخبرة والنزاهة التي نفتها الخيانة والرداءة من الوطن تماما مثل القاعدة الاقتصادية المعروفة العملة السيئة تطرد العملة الجيدة من السوق وذلك منذ بداية الاستحلال الدوغولي سنة 1962 وقد تدعمت بشكل سافر وفاضح في العشرية السوداء التي بدأت بوقف المسار الانتخابي 1992 ولم تنته إلى حد الآن ولن تنتهي الا بعد استقلال الجزائر الحقيقي والكامل كما اراده الشهداء في بيانهم المذكور آنفا وليس كما ارادها الخفراء مزدوجي الهوية والانتماء الذين وضعوا هذه المادة المفصلة على مقاسهم في الدستور الجديد وذلك لاتمام مهمتهم التي خططها لهم وكلفهم بتنفيذها الجنرال دوغول قبل زوال وجوده العسكري الظاهر من ادارة الجزائر. ان ابن باديس وبن بولعيد وبن مهيدي وبن خدة وبلقاسم وكل هؤلاء القادة الكبار في الحركة الوطنية والثورة النوفمبرية كانت لديهم الجنسية الورقية الفرنسية المفروضة عليهم في المعاملات الادارية... لكن العبرة كما علمنا الإسلام هي في القلوب والعقول العربية والفرنسية وليست في الاوراق والجنسية التي تمنح وتمنع مثلما هو واقع في فرنسا حاليا بالنسبة لقانون نزع الجنسية كعقاب لبعض مواطنيهم اما الشعور بالهوية الوطنية الباديسية فهي تفرض بسلوك الشخص وايمانه ولا تمنع عنه بأية قوة قانونية أو عمومية ولو في قلب باريس (...) كما ان الجنسية الجزائرية الأحادية لا تمنع الخيانة حتى لدى قادة وابناء قادة كبار في الثورة الجزائرية... ولا داعي لذكر الاسماء... فالعبرة دائما بالخواتم لكل البشر ما عدا المصطفى المعصوم (صلى الله عليه وسلم). * هل تعتقد ان الجزائر ستتصدى للعملاء بتفعيل المادة 51 مكرر؟ المخاوف من الجواسيس والحجاج وبعض الزعماء والمناضلين الذي يأكلون الغلة ويسبون الملة وهم ممن وضعهم القدر الانقلابي والخياني والتزويري في مناصب هامة وحساسة في مختلف اجهزة الدولة ومستوياتها وهم لا يملكون الا جنسية واحدة في الظاهر على الأقل وربما بعضهم يملك شهادة النضال المزورة بالشكارة في الوزارة والرئاسة والسفارة والادارة... فالعبرة هي بالسلوك وليس بالاوراق كما اسلفت في الاجابة على السؤال السابق. وهل فعلا مسألة الاستخبارات والولاءات السياسية للخارج هي من دفعت الدولة لاستحداث هذه المادة؟ الجواب عن هذا السؤال في جزء كبير منه متضمن في جوابي عن سؤال سابق الا انني اضيف لك هنا ملاحظة وهي أن كل كبار الجواسيس في العالم (والاحصائيات موجودة) ليس عندهم إلا جنسية واحدة (بلد الاقامة أو بلد التكليف بمهمة) وربما تجدينه من ابناء وطنيين كبار وعائلات ثورية نبيلة ومقاومة معروفة في تاريخ اوطانهم... ان الخيانة والجريمة والأمانة والوطنية والفضيلة والرذيلة مورثة خلفا عن سلف في الجينات البشرية من سلالة جدنا الأول النبي آدم (عليه السلام) الهابلية (نسبة لابنه الضحية المسالم هابيل) والقابلية (نسبة إلى ابنه الحسود الخائن القاتل قابيل...) وهكذا إلى قيام الساعة في كل زمان ومكان وعلى اختلاف القارات والثورات والاوطان...و الجزائر واحدة منهم وليست استثناء. وإذا كان من المطلوب ان يلد الصغار عظاما فمن غير المعقول ولا المقبول ان يلد العظام اقزاما ولكن الواقع يثبت لنا ذلك مع الآسف الشديد ويقول لنا بفصيح العبارة انه: لا يوجد استقلال دائم ولا احتلال دائم ولكن توجد خيانة (جوسسة) مستمرة وجهاد قائم.