قبل أيام من موعد امتحان شهادة البكالوريا..سلطة ضبط السمعي البصري تحذر من المساس بحقوق الأطفال    تحضيرا لموسم الاصطياف.. مخطط خاص بالرقابة والتموين في 14 ولاية ساحلية    القرار يحض حاملي المشاريع غير الجاهزة.. الشروع في إلغاء مقررات الاستفادة من العقار    بريد الجزائر: تعديل مواقيت العمل بشمال وجنوب الوطن    في سابقة تاريخية..ترامب يرسل المارينز لاحتواء احتجاجات لوس أنجلوس    كرة القدم/ مباراة ودية: المنتخب الجزائري ينهزم أمام نظيره السويدي 4-3    الديوان الوطني للتطهير: قرابة 800 تدخل خلال أيام عيد الأضحى لضمان استمرارية الخدمة العمومية    مجلة "آفاق سينمائية" : إبراز دور السينما الجزائرية في فضح الاستعمار الفرنسي    نفذتها "منظمة الجيش السري" للاستعمار الفرنسي:حرق مكتبة الجامعة المركزية عام 1962 جريمة ضد الفكر والإنسانية    وزير الشؤون الدينية والأوقاف:التعاون المثمر بين مكونات البعثة وراء نجاح موسم الحج    مجلس الأمن:البوليساريو تدحض ادعاءات ممثل دولة الاحتلال المغربي    البطل سقط في ميدان الشرف يوم 6 جوان 1958..ولاية باتنة تحيي الذكرى ال 67 لاستشهاد علي النمر    مجلة الجيش:الجزائر سترفع كل التحديات داخليا وخارجيا    حيداوي يدعو الجمعيات الشبانية للانفتاح على شراكات محلية ووطنية    موانئ: اعتماد ميناءين كنموذج أولي لتجريب استراتيجية العصرنة الجديدة    حادثة محاولة الانتحار أمام مقر وزارة العدل: إيداع 4 متهمين الحبس المؤقت    طاقة ومناجم: بحث افاق التعاون بين المؤسسات الجزائرية و "ميتسوبيشي باور أيرو" اليابانية    في لقاء مع السفير الصيني.. بوغالي يشيد بالعلاقات الجزائرية-الصينية ويدعو لتوسيع الشراكة    العدوان الصهيوني: الهجوم على سفينة "مادلين" جزء من الإبادة الجماعية    جمع جلود الأضاحي, أداة لدفع عجلة تطوير الصناعة الوطنية للجلود    الفنانة التشكيلية نورة علي طلحة تعرض أعمالها بالجزائر العاصمة    اتفاقية تعاون علمي بين جامعة "بلحاج بوشعيب" لعين تموشنت وجامعة هيوستن الأمريكية    كرة القدم / بطولة افريقيا للاعبين المحليين 2025 : مجيد بوقرة يقر بصعوبة ضبط التشكيلة النهائية    العروض الوطنية للفيلم السينمائي "محطة عين لحجر" تتواصل عبر عدة ولايات    مجلس الأمة: السيد بوجمعة يبرز أهمية الرقمنة بقطاع العدالة    مؤشرات الاقتصاد الجزائري تتحسّن    البرتغال تُتوّج بدوري الأمم الأوروبية    حجز قرابة 1.5 مليون قرص مهلوس بباتنة    بطولات وتضحيات خالدة في الذاكرة الوطنية    الجزائر تتحصّل على جائزة لبيتم    الحجّاج يؤدون طواف الوداع    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 54981 شهيدا و126920 مصابا    فلسطين : مستوطنون صهاينة يقتحمون المسجد الأقصى المبارك    ورقلة : حجز أزيد من 62 ألف كبسولة من "بريقابالين"    تكريس لإرادة سياسية واضحة لحماية "ذاكرة وطن"    يختطف سفينة "كسر الحصار" على قطاع غزة    ضرورة تفعيل الحسابات وتحميل الملفات قبل 12 جوان    تكرس قيم الاحترافية والوطنية التي تحدو منتسبي القطاع    تنظيم عودة أول فوج للحجاج الجزائريين إلى أرض الوطن    آخر الروتوشات لانطلاق امتحان البكالوريا    640 ألف مليار لاقتصاد أقوى ومعيشة أحسن    اللجنة المنظمة تطلق اليوم الموقع الرسمي للحدث    المديرية العامة للحماية المدنية تطلق مسابقة توظيف    خطوة أخرى لتعزيز التنمية بقرى وادي الأبطال    "التطور الحضاري لمدينة تلمسان" محور يوم دراسي    تتويج سيليا العاطب سفيرةً للثقافة الإفريقية 2025    استشراف لمستقبل الفن والتكنولوجيا    رفع ألفي طن من النفايات    جمع 27 ألف "هيدورة"    مجلس الأمة يهنّئ بالجائزة الذهبية "لبيتم"    إجماع على استقدام جمال بن شاذلي    مبادرة حسنة من الحجّاج الجزائريين    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    الخضر يضعون اللمسات الأخيرة    توسعة الحرم المكي: انجاز تاريخي لخدمة الحجاج والمعتمرين    ويلٌ لمن خذل غزّة..    هذه أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة    عيد الأضحى المبارك سيكون يوم الجمعة 06 جوان 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المدارس العليا للأساتذة بين الواقع والآفاق
نشر في صوت الأحرار يوم 03 - 03 - 2014

المدارس العليا للأساتذة هي مؤسسات جامعية تقع تحت وصاية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتضطلع بمهمة تكوين المكونين لصالح قطاع التربية، بناء على عقد مبرم بينهما. وهي تماثل ما يسمى بكليات التربية في بعض البلدان الأخرى، نسبة إلى القطاع الذي تكوّن لصالحه، مثلما هو في كليات الطب، الزراعة، البترول، الإعلام وغيرها من الكليات التى يتطابق محتوى التكوين فيها مع ميدان معين من ميادين الشغل، وعليه تتطابق تسمياتها مع تلك الميادين.
على العموم فإن المدارس العليا للأساتذة هي مؤسسات جامعية تتمتع بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي وتتوفر على مجلس إداري ومجلس علمي ومجلس مديرية ويسيرها مدير يعّين بمرسوم، أي يسري عليها ما يسري على بقية مؤسسات التعليم العالي.
وكانت أولى هذه المدارس في الجزائر هي المدرسة العليا للأساتذة بالقبة التي تأسست سنة 1964 بموجب المرسوم رقم 13464 الصادر بتاريخ 24 أفريل 1964 وأسندت لها مهمة تكوين أساتذة التعليم الثانوي. و بموجب القرار الوزاري المشترك رقم 24 جويلية 1999 أضيف لها مهمة تكوين أساتذة التعليم المتوسط و بذلك أصبحت مكلفة بمهمة تكوين المكونين في الطورين الثانوي و المتوسط في التخصصات العلمية بالإضافة إلى الموسيقى. وبالإضافة إلى ذلك فإن المدرسة تتوفر على فروع الماجستير والدكتوراه، كما أنها تتوفر على العديد من مخابر البحث العلمي سواء التطبيقي منه أو الأساسي.
و يوجد حاليا 05 مدارس عليا للأساتذة وهي: مدرسة القبة، بوزريعة، قسنطينة، سكيكدة وأخيرا مدرسة الأغواط، تظطلع في مجملها بتكوين المكونين في الملامح الثلاثة، )ملمح أستاذ التعليم الثانوي، ملمح أستاذ التعليم المتوسط وملمح معلم إبتدائي( لصالح وزارة التربية.
والملفت للإنتباه أن عدد المتخرجين من هذه المدارس العليا في جوان 2013 مثلا يقدر بحوالي 3000 متخرج من كل التخصصات، في حين تم فتح أكثر من 15000 منصب مالي من طرف وزارة التربية الوطنية للتوظيف الخارجي، و هو ما يؤكد النقص الفادح في نسبة المتخرجين بالنظر الى حاجة القطاع المستخدم إلى ذالك أو بالمفهوم الاقتصادي نقص العرض بالنسبة للطلب وهذا رغم تزايد الطلب عليها ممن تتوفر فيهم شروط الالتحاق، من حملة البكالوريا الجدد وبتقدير، حسب المنشور الوزاري.
إن هذا الإختلال بين حاجة وزارة التربية، مع مطلع كل موسم دراسي، من الأساتذة في كل مراحل التعليم مقارنة بتعداد المتخرجين من هذه المدارس، كان هو الدافع لإلقاء الضوء على هذا الموضوع، بهدف لفت إنتباه من يهمهم الأمر، خاصة في قطاعي التربية والتعليم العالي لمعالجة هذا الموضوع بالشكل المطلوب .
خصوصية التكوين بالمدارس العليا للأساتذة
يتميز التكوين في هذه المدارس بأنه تكوين علمي و تربوي و ميداني في نفس الوقت , يتلاءم مع رسالة المتخرج. و يوضع محتوى هذا التكوين من طرف قطاع التعليم العالي و البحث العلمي بالتنسيق مع قطاع التربية، فمثلا في تكوين أساتذة الرياضيات أو الفيزياء أو البيولوجيا أو الأدب العربي يوضع المحتوى المطلوب في هاته التخصصات، انطلاقا مما هو مدرّس في بقية الجامعات، لضمان البعد الجامعي في التكوين، وفي ذات الوقت يراعى مضمون التكوين في المرحلة المستهدفة من التعليم في قطاع التربية. وفي التكوين التربوي يتلقى الطالب بعض المواد ذات الصلة بالتعليم والتعلم مثل علم النفس التربوي و التشريع المدرسي و التعليمية العامة والخاصة.
وبالنسبة للتعليمية Didactique فهي تهتم بالتعليم و التعلم وتعني بصورة عامة ذلك النسيج من المعرفة الذي يجمع بين علم و فن التعليم والذي يمثِّل منطقة التقاطع بين التعليم والتربية ويهتم بتطوير التعليم و تحسينه، وهي من جهة أخرى تمثل النشاط الحاصل أو العلاقات الناشئة بين المعلم والمتعلم والمادة العلمية فيما يسمى بالمثلث التعليمي Triangle didactique حيث يقوم المعلم بدور الموجه كما يقوم المتعلم بالمشاركة الفعالة في إنجاز هذا النشاط، وعليه تسمى هذه العملية بالعملية التعليمية - التعلمية.
وتشمل التعليمية العديد من المعارف مثل المقاربات التعليمية, تكنولوجيا التعليم بما فيها تكنولوجيا المعلومات والإتصال في التربية TICE والتقويم بأنواعه، كما أنها تتطلب العديد من المعارف مثل الإيبيستيمولوجيا Epistémologie أو نظرية المعرفة كما تسمى و التي تبحث في أصل المعرفة وتكوينها ومناهجها و صحتها .
وعن الفرق بين التعليمية العامة و الخاصة والتي تسمى بتعليمية المواد فإنه يمكن القول بأن الأولى تعالج القضايا المشتركة بين جميع المواد الدراسية، دون تمييز مادة بعينها, في حين تهتم التعليمية الخاصة بالمسائل المتعلقة بمادة دراسية معينة مثل الرياضات و الفيزياء و البيولوجيا وتركّز على النشاط التعليمي داخل القسم بمراعاة خصوصية المادة الدراسية من حيث طبيعتها و منهجها مثلا، حيث تختلف تعليمية البيولوجيا عن تعليمية الرياضات و هذه عن تعليمية الفيزياء وهكذا فلكل تخصص تعليميته كما تراعى مرحلة التعليم ونوع النشاط كأن يكون نظري أو تطبيقي حيث ان لكل نوع من النشاط تعليميته، مما يعني ان التعليمية الخاصة تهتم بالجانب التطبيقي في التعليم .
وتعزيزا للتكوين العلمي و التربوي للطالب الأستاذ، فإنه يتلقى نشاطات أخرى ميدانية يقوم فيها بنفسه بالتدريب على ممارسة, التعليم فيما يسمى بالتربصات الميدانية، وذلك بالتنسيق مع مفتشي المواد في المرحلة المعنية. وفي هذا النشاط الذي يكون في سنة التخرج، يتدرب الطالب على تحضير الدروس وينغمس في العملية التعليمية بالحضور والملاحظة والمشاركة ثم ينتقل إلى ممارسة العملية بنفسه فيما يسمى بالتربصات المغلقة. و تعتبر هذه التربصات وحدة من وحدات التكوين تحسب للطالب إلى جانب وحدات التكوين في مساره الجامعي كما هو الحال في مذكرة التخرج التي يتدرب فيها الطلبة على مناهج البحث العلمي وإنجاز المذكرات و الرسائل الجامعية.
وبناء على هذا التكوين المتميز الذي يتلقاه الطالب الأستاذ فإن خريجي المدارس العليا الأساتذة يتمتعون بالكفاءة العلمية و المهنية المطلوبتين لأداء رسالة التعليم النبيلة.
وعلى أي حال فإن خريجي المدارس العليا للأساتذة يمثلون العمود الفقري بالنسبة لميدان التربية و التعليم على مدى يقارب نصف قرن من الزمن أي منذ السنوات الأولى للاستقلال. وما منهم إلا له مقام معلوم في هذا الميدان، فسواء كان مكوّنا أو مشرفا عن التكوين فهو بلبل صدّاح يغرّد بلسان عربي مبين، في موقع ما من فضاء جزائر الاستقلال الرحب، لزرع بذور المعرفة العلمية الهادفة التي لا تلبث أن تصبح أشجارا يانعة تؤتي بإذن ربها، ثمارا مختلفا ألوانه، كل حين.
شبكة المدارس العليا للأساتذة بين المد و الجر
كما ذكرنا توجد حاليا أربعة مدارس عليا للأساتذة موزعة كما يلي : القبة، بوزريعة، قسنطينة، سكيكدة تخرج منها في جوان 2013 ما يقارب 3000 مكونا و منذ سنتين تدعمت الشبكة بمدرسة عليا في الأغواط لم تتخرج منها لحد الآن أي دفعة، نظرا لحداثتها.
والجدير بالملاحظة أنه في ثمانينيات القرن الماضي كانت بعض الولايات مثل ورقلة، سعيدة، مستغانم، جيجل ووهران تتوفر على مدارس عليا للأساتذة، لم يعد لها وجود في الوقت الحاضر، رغم ما كانت تقدمه للولايات المذكورة والمناطق المجاورة، من خدمات في مجال التكوين خاصة بالنسبة لمرحلة التعليم الثانوي العام والتقني على حد سواء، ويبقى التساؤل مطروحا حول سر تغييبها. وقد يقول قائل أنها حولت إلى جامعات، وهو كلام لا يبرر هذا التغييب لأن المدارس الحالية توجد في ولايات بها جامعات وهو أمر عادي .
ضرورة توسيع شبكة
المدارس العليا للأساتذة
لا يختلف إثنان في أن كل ولايات الوطن، مع بداية كل موسم جامعي، تحتاج إلى توظيف الآلاف من المكونين في مختلف أطوار التعليم بدليل توظيف حوالي 15000 مكوّن عن طريق مسابقات التوظيف الخارجي كل ذلك مقابل وهذا مقابل حوالي 3000 متخرج في كل التخصصات ومن مجموع المدارس العليا للأساتذة الحالية و من هنا يتضح جليا أن الحاجة ماسة إلى العدد الهائل من خريجي المدارس العليا للأساتذة لتغطية حاجة سوق العمل في كل نواحي الوطن.
وعلى هذا الأساس فان توسيع شبكة هذه المدارس يصبح أمرا ضروريا و في كل نواحي الوطن بحسب الحاجة إليها من الأساتذة في مختلف أطوار و تخصصات التربية الوطنية، و كذلك لتحقيق رغبة أكبر عدد ممكن الراغبين في الالتحاق بها، خاصة و أنهم من حاملي شهادات الباكالوريا و بتقدير حسب المنشور الوزاري الذي يصدر كل سنة بخصوص التسجيل في الجامعات بالإضافة إلى تخفيف العبء عن الطلبة القادمين من ولايات بعيدة جدا خاصة الطالبات منهم اللاتي قد يكون هذا البعد سببا في حرمانهم من تحقيق هذه الرغبة. وبالنسبة للتأطير فإنه يمكن الاستعانة بمؤسسات التعليم العالي المتوفرة في كل ولاية، و أكثر من ذلك يمكن الاستعانة بها في بداية الأمر حتى بالنسبة للهياكل و التجهيز إلى أن تستقل المدرسة بنفسها.
ومن جهة أخرى فإنه من الأفيد جعل التسجيل في بعض التخصصات وطنيا، وفق خطة علمية مدروسة، بهدف ضمان التواصل بين الطلبة الأساتذة في مختلف مناطق الوطن و تقوية اللحمة الوطنية التي نعتبر أن الجيش الوطني الشعبي و الجامعات هما القطاعان اللذان يعملان على تحقيقها، كون أفرادهما يتوزعون في كل أنحاء الوطن وبعيدا عن منطقة المولد في معظم الأحيان ، و هو ما يساهم في ربط علاقات الأخوة والصداقة والمصاهرة، مما يدعم اللحمة الوطنية و يغرس المحبة بين أفراد المجتمع و يعزز أواصره.
ولابد أن نشير هنا إلى الدور المهم الذي كانت تقوم به المعاهد التكنولوجية في تكوين أساتذة التعليم المتوسط والمعلمين، وقد اختفت على أساس أن المدارس العليا للأساتذة تتكفل بهذا التكوين، وهو ما يؤكد ضرورة توسيع شبكة هذه المدارس. وفي حالة تعذر ذلك فإن العودة إلى هذه المعاهد يصبح أمرا ضروريا لتغطية حاجة وزارة التربية من أساتذة الطور الأساسي. والأفيد في هذه الحالة أن يكون التأطير من طرف أساتذة التعليم العالي، ضمانا للبعد الجامعي في التكوين.
التكوين المتواصل في المدارس العليا للأساتذة
بالإضافة إلى التكوين الأولي الخاص بالطلبة الأساتذة في الملامح الثلاث فإنه بإمكان المدارس العليا للأساتذة أن تساهم في التكوين المتواصل و هو التكوين أثناء الخدمة، سواء كان ذلك لصالح وزارة التربية أو لغيرها من القطاعات.
وفي هذا الإطار أذكر تجربة قمنا بها في المدرسة العليا للأساتذة بالقبة في ثمانينيات القرن الماضي أيام كان السيد برارحي عبد الحق وزيرا للتعليم العالي و البحث العلمي والسيد خروبي محمد الشريف وزيرا للتربية الوطنية و السيدة ليلى الطيب كاتبة الدولة للتعليم الثانوي ، وفي إحدى جلسات اللجنة الوطنية المشتركة للوزارتين، لوحظ تأكيد هؤلاء الوزراء على ضرورة التنسيق بين الوزارتين خاصة بالنسبة للمدرسة العليا للأساتذة التي تعتبر حلقة الوصل بينهما، باعتبارها مؤسسة جامعية تكون لصالح قطاع التربية الوطنية .
وبناء على ذلك، كلفني السيد مدير المدرسة العليا للأساتذة آنذاك مصطفاي عبد الحفيظ رحمه الله بمهمة الإشراف على التربصات الميدانية الخاصة بالطلبة في الثانويات يضاف إليها مهمة رسكلة أساتذة التعليم الثانوي خاصة في الثانويات التطبيقية، التي تستقبل طلابنا المتربصين. و تعتبر هذه الأخيرة مبادرة قامت بها المدرسة العليا بالتنسيق مع مديرية التكوين بوزارة التربية بهدف تدعيم التكوين المتواصل لأساتذة التعليم الثانوي.
وقد انطلقنا في مباشرة هذه العملية أنا و السيد صالحي علي الذي كان يشغل منصب مفتش التعليم الثانوي في العلوم الطبيعية آنذاك حيث كنا نزور طلابنا المتربصين بالثانويات لتشجيعهم و أذكر أننا قد دعونا مرة المدير نفسه لثانوية الثعالبية 2 لحضور درس تلقيه باللغة العربية إحدى طالباتنا من فرع البيولوجيا باللغة الفرنسية و قد أعجب بها كثيرا. أما عن الرسكلة فقد نظمنا عدة ملتقيات تكوينية بتأطير أساتذة جامعيين لصالح التعليم الثانوي في المواضيع التي كانوا يقترحونها بأنفسهم.
وسواء في هذه المهمة أو مهمة التبريز والتكوين المستمر التي كلفت بها فيما بعد بالمدرسة فإني أسجل التسهيلات والتشجيع الذي لقيناه سواء من طرف إدارة المدرسة العليا للأساتذة أو مديرية التكوين بوزارة التربية أو من طرف مديري المؤسسات التي كانت تحتضن هذه الملتقيات مثل المرحوم عيسى بوضياف مدير ثانوية عبان رمضان بالحراش، و المرحوم محمد لحضيري مدير المعهد التكنولوجي بالبويرة، والسيد جودي السعيد مدير المعهد التكنولوجي بالحراش، و غيرهم كثير في الولايات التي نظمنا بها ملتقيات مثل الجزائر البليدة، بومرداس، باتنة، البويرة وتمنراست بثانوية الشيخ أمود وهو آخر الملتقيات و كان عام .2003
كما نسجل استجابة كاملة من طرف الأساتذة الجامعيين الذين دعوناهم لتأطير هاته النشاطات مثل المرحوم الأستاذ الدكتور عياد غازي من جامعة باب الزوار و الدكاترة كاملي عبد الكريم و فاتن بشيري وهني بشير و بوزكريا نصر الدين من المدرسة العليا للأساتذة وغيرهم ممن لا يتسع المقام لذكرهم.
وعليه فإني أقدّر أن إضافة هذا التكوين إلى المدارس العليا للأساتذة سيلقى استجابة واسعة من طرف أساتذة الثانوي المتوسط والإبتدائي باعتبارهم المستفدين من هذا التكوين وعلى أساس الحاجة إلى تجديد و تحسين المعلومات الذي أصبح ملحا بحكم الإنفجار المعرفي الهائل الذي يشهده العالم في مختلف التخصصات و الذي يفرض علينا مسايرته، سواء في مرحلة التكوين الأولي أو في التكوين أثناء الخدمة.
ولعله من المفيد أن يعتبر هذا التكوين كتربص قصير المدى يعامل فيه الأستاذ المستفيد من التربص كأنه في مهمة علمية تكوينية حيث يتقاضى فيها منحة التربص من القطاع المستخدم وتمنح له شهادة تكوين من القطاع المكون تحسب له في الترقية إلى الرتبة الأعلى (أستاذ رئيسي، أستاذ مكون، أستاذ مبرز) ومن هنا فإن هذا التكوين يكون مهما للأستاذ والوزارة معا على أساس أنه يساهم في رفع مستوى التأطير ويساعد الأستاذ على الترقيه من رتبة الى أخرى وهو ما يضمن استقرار الكفاءات ذات المستوى العالي في نفس القطاع وهو مكسب مهم يحققه هذا الأخير.
ضرورة إنشاء مجلس أعلى للتربية و التعليم
إن اهتمام الدولة الجزائرية بالتربية والتعليم أمر لا يخفى على أحد فمؤسسات التعليم العالي أصبحت تفوق التسعين مؤسسة تغطي كل ولايات القطر أما عن مؤسسات التربية والتكوين فحدث ولا حرج يضاف إليها مؤسسات قطاع التعليم و التكوين المهنيين.
و إذا كانت الوزارات الثلاث المذكورة هي المسؤولة عن التكوين في كل مراحله فإن هناك شبكة أخرى من مؤسسات التكوين تقع تحت وصاية وزارة أخرى مثل: الشؤون الدينية، الصحة، الفلاحة، والأشغال العمومية، تشترط المرحلة الثانوية أو الإكمالية أو البكالوريا ليتم فيها التكوين وفق برنامج مهني تضعه الوصاية يتلاءم مع سوق العمل الخاص بتلك القطاعات وقد يتطلب ذلك مصادقة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إذا كان الأمر يتعلق بمعاهد عليا، يضاف إلى كل ذلك المؤسسات الخاصة في مختلف تخصصات و مراحل التكوين.
وبناء على هذا الزخم من أنواع التكوين و توزعه على العدد الهائل من القطاعات فإن وجود هيئة عليا، مجلس أعلى للتربية والتعليم مثلا، تقع تحت وصاية رئاسة الجمهورية تهتم بتجسيد سياسة الدولة في هذا المجال يصبح أمرا ضروريا لضمان الإشراف والتنسيق والمتابعة والتقويم، تجنبا للخلط و التداخل و الاختلال و تعزيزا لدور الهيئة التشريعية و القطاعات التنفيذية في مجال التربية و التكوين.
و على أي حال فإن الاهتمام بالتكوين من كل جوانبه و مراحله و أنواعه هو الضامن لتكوين الفرد ذي الكفاءة العالية والباحث المتميز الذي يجسد التنمية المستدامة الحقيقية وهو الكفيل بتحقيق الجودة الشاملة التي هي العنصر الأساس في التنمية والتطوير في كل المجالات
.
¯ أستاذ في البيولوجيا
بالمدرسة العليا للأساتذة القبة -الجزائر
rouinasmaï[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.