حذر الباحث والدكتور في الفلسفة العربية والإسلامية، بوزيد بومدين، من مغبة التخلي عن اللغة العربية، لأنّها تعدّ جزءا أساسيا من مقومات الحفاظ على الهوية الوطنية، وبالتالي - على حد تعبيره - فإنّ أيّ اهتزاز فيها يؤدي إلى تمزق في الاستقرار الأمني والاجتماعي في الجزائر وباقي البلدان العربية. ونوه بومدين، خلال المحاضرة التي قدّمها أول أمس بفندق الأروية الذهبية بالعاصمة، حول “الأمن اللغوي والاستقرار الاجتماعي” ضمن “منبر حوار الأفكار” في إطار احتفاء المجلس الأعلى للغة العربية بيوم اللغة العربية، بحضور وزير الاتصال محمد السعيد، الروائية زهور ونيسي وعثمان سعدي، أنّ الحاجة اليوم تقتضي تعميم العربية واعتمادها بشكل اكبر، باعتبار المتطلبات الحضارية والتنموية الجديدة مثلها مثل الوعي بالصحة، معتبرا أنّ الحاجة المعرفية والإبداع لا يمكن أن تتم إلا في إطار لغة وتفكير موحد، كما بالنسبة للحاجة الأمنية التي تستدعي التوقف على استقرار الهوية التي قد يكون الدين أو اللغة جزء منها، مشيرا إلى أنّ أيّ اهتزاز وخلل بها يؤدي إلى تمزق الهوية، قائلا:”نحن لا ندافع عنها لأسباب تاريخية أو من منطلق القومية وإنمّا لمتطلبات التنمية، كما أنّ أمن اللغة مرتبط بالأمن السياسي والاجتماعي للبلد“، مضيفا:”المعضلة بالنسبة للعرب هي كيف يستطيعون تطوير اللغة في الوسائل الحديثة”. وفي السياق أوضح بوزيد بومدين أنّ منظومة القيم تحتاج إلى تفكير من خلال قوانين تواكب وسائل الإعلام الحديثة والحدود الجديدة ولا تتعلق بتلك الكلاسيكية. وعلى حد قوله فإنّ هذه الحدود يعبر عنها ب”الحدود الدموية”، لأنّ الصراع القادم بين الدول سيكون بين الأديان واللغات وبالتالي سياسات الدول أصبحت الآن بين ثنائية “الهوية والعولمة”. كما دعا في الصدد ذاته الدكتور عثمان سعدي إلى الحفاظ على لسان الضاد بالنظر إلى سيطرة “الفرنسية” على لسان المجتمع والإدارة الجزائرية، وقال:”بعد الثورة جاء صناديد الاستقلال ومهدوا للفرنسية”، مؤكدا أنّ التخلي عن العربية والتشبّث بالفرنسية سيبقينا متخلفين، مستدلا بدراسة مقارنة بين الجزائر والفيتنام التي تمسكّت بلغتها الأصلية وطلقت اللغة الاستعمارية، حيث ساهم في تطور مستوى التنمية والاقتصاد لديها.